بحث متقدم
الزيارة
5379
محدثة عن: 2011/06/24
خلاصة السؤال
مع أن معنی السجود هو وضع الجبهة علی الأرض، فما هو المراد من السجود علی الذقن الذی ورد فی القرآن؟ و هل یجوز التبرّک ببول و غائط و بصاق النبی (ص)؟ و هل یوجد دلیل علی ذلک؟
السؤال
السلام علیکم و رحمة الله و برکاته. السؤال الأول: الآیة 107 من سورة الاسراء "قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذینَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا یُتْلى‏ عَلَیْهِمْ یَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً" لماذا لأذقان و السجود علی الجبهة؟
السؤال الثانی: و هل یوجد علاقة بین هذه الآیة الشریفة و السجود علی الذقن عند وجود جرح أو ما شابه فی الجبهة کما قال الفقهاء؟
السؤال الثالث: هناک عدد من المواقع المسیحیة تطعن بالإسلام و نبی الإسلام (ص) و تحت عنوان التبرّک بالرسول: قالوا کان المسلمون فی عصر الرسول یتبرّکون بعرق الرسول و أکل بصاق الرسول و شرب بول و غائط الرسول و أکل نخامة الرسول و... و کل ذلک مسند بأحادیث من کتاب البخاری و کتب سنیة أخری. ما ردّکم الکریم؟
الجواب الإجمالي

أما الفرع الأول من السؤال فکما بیّن علماء الإمامیة، من أن السجود علی الذقن لا یجوز إلا فی حال الضرورة، و هذه الآیة ناظرة إلی الشرائع و الأدیان السابقة، و قد نسخ حکمها فی الإسلام فی حال الاختیار، إضافة إلی أن بعض المفسّرین قالوا: لا یوجد فی الآیة منافاة بینها و بین السجود علی الجبهة، بل تشملها، و الذقن ذکر فی الآیة لأنه أقرب مکان إلی الأرض حین السجود.

أما جواب الفرع الثانی من السؤال، فلابد من ذکر مسألة ضروریة قبل الجواب و هی فی عقیدتنا (الشیعة الإمامیة) أن المعصومین (ع) بعیدون و مبرؤون من کل صفة قبیحة و منفرة، فلذلک لو نُسبت لهم فی بعض الکتب مثل هذه الأوصاف، فنحن نرفضها و لا تکون مورد قبول عندنا. بالإضافة إلی انه لا یوجد فی مصادر الإمامیة أی دلیل علی ان الناس کانوا یتبرّکون ببول أو غائط الرسول (ص)، و علی فرض وجوده فی مصادر أهل السنة، فلا یکون مقبولاً عندنا.

أما التبرّک بعرقة فبما إنه معطّر فلا إشکال فی ذلک،لأنه لا یدعو للنفور.

الجواب التفصيلي

فیما یخص الفرع الأول من السؤال نذکر عدة نکات مهمة:

1- لقد جوّز علماء الدین الشیعة السجود علی الذقن حال الضرورة و من الأدلة علی ذلک روایة فی الکافی: سُئل أبو عبد الله (ع): عمن بجبهته علة لا یقدر السجود علیها؟ قال: یضع ذقنة علی الأرض إن الله عزّ و جل و یقول: "و یخرّون للأذقان سجدا".[1] العلامة المجلسی یقول بعد نقل هذه الروایة: فی الأدیان السابقة کانوا یسجدون علی الأذقان، أما فی دیننا فلا یجوز ذلک إلا فی حال الضرورة.[2]

2- یقول العلامة المجلسی فی تفسیر هذه الآیة: عن إبن عباس و قتادة: و إنّما خُصّ الذقن لأن من سجد کان أقرب شیءٍ منه إلی الأرض ذقنة.[3] لذا فالسجود علی الذقن یشمل السجود علی الجبهة أیضاً.

أما فیما یخص جواب الفرع الثانی من السؤال، لا یوجد فی کتب الإمامیة ما یدل علی جواز شرب بول الرسول (ص) أو أکل غائطه. بل إن الروایات تؤکّد علی أنه (ع) کان أکثر من غیره اهتماماً برعایة المسائل الأخلاقیة بحیث لا یُمکن أن یری أحداً منه هذه الامور لذلک کان (ص) إذا أراد قضاء الحاجة فی السفر یبتعد عن الناس و یختفی عن أنظارهم حتی لا یراه أحد.[4] إضافة إلی ان من صفات الأنبیاء أن بولهم و غائطهم لا یُری حیث ان الله سبحانه یأمر الأرض بابتلاعه.[5]

أما التبرّک بعرقة أو بماء فمه فلا إشکال فیه، و ذلک لأنها کما ذُکر عنها (معطّرة و طیّبة الریح و طاهرة و...) فلا تدعو الی النفور من قبل الطرف المقابل، حتی یعتبر هذا العمل ضعفاً للمسلمین أو له (ص).

و من الروایات الدالة علی هذه المسألة:

1- مسند الإمام أحمد بن حنبل روی بسنده عن أنس بن مالک قال: دخل علینا النبی (ص) فنام عندنا فعرق و جاءت أمی بقارودة تسلت العرق فیها فاستیقظ النبی (ص) فقال: یا أم سلیم ما هذا الذی تصنعین؟ قالت: هذا عرقک نجعله فی طیبنا و هو أطیب من الطیب.[6]

2- تاریخ بغداد روی بسنده عن عائشة قالت: کان النبی (ص) إذا دخل الغائط دخلت علی أثره فلا أری شیئاً فذکرت ذلک له فقال: یا عائشة أما علمت أن أجسادنا نبتت علی أرواح أهل الجنة؟ فما خرج منا من شیء ابتلعته الأرض (أقول) و فی روایة ذکرها القندوزی فی ینابیعه قال: "بُنیت أجسادها من أرواح الجنة".[7]

و الروایات فی هذا المجال کثیرة نکتفی بهذا القدر منها.



[1]  الکلینی، محمد بن یعقوب، الکافی، ج3، ص334، ح6، دار الکتب الإسلامیة، طهران، 1365 ق.

[2]  المجلسی الأول، محمد تقی، روضة المتقین فی شرح من لا یحضره الفقیه، ج2، ص181، المؤسسة الثقافیة الإسلامیة للکوشانبور، قم، 1406 ق.

[3]  المجلسی، محمد باقر، بحار الأنوار، ج82، ص125، مؤسسة الوفاء، لبنان، 1404 ق.

[4]  التمیمی المغربی، نعمان بن محمد، دعائم الإسلام، ج1، ص104، دار المعارف، مصر، 1385 ق.

[5]  الصدوق، محمد بن علی، من لا یحضره الفقیه، ج4، ص418، إنتشارات جامعة المدرسین، قم، 1413 ق.

[6]  الفیروز آبادی، السید مرتضى، فضائل الخمسة من الصحاح الستة، ج1، ص19، المکتبة الاسلامیة، طهران، 1392ق.

[7] نفس المصدر.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280302 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258903 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129708 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115833 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89601 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61150 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60423 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57402 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51776 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47754 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...