بحث متقدم
الزيارة
5634
محدثة عن: 2012/05/05
خلاصة السؤال
هل یصح اطلاق لقب ( ولي أمر المسلمین) علی قادة المجتمع الاسلامي؟
السؤال
یدعي البعض ان استعمال لقب (ولي أمر المسلمین) و اطلاقه علی قادة المجتمع الاسلامي لیس صحیحاً، و أن هذا اللقب و طبقاً للآیة ( اطیعوا الله و اطیعوا الرسول و اولي الأمر منکم) یختص بالأئمة الاطهار (ع). فهل یمکنکم ایضاح ذلک؟.
الجواب الإجمالي

تدل الآیة المذکورة في السؤال علی ان الولایة علی اموال و نفوس الناس هي من شؤون ربوبیة الله، و انها تکون مشروعة بنصب الله و إذنه فقط، و کما نعتقد فان هذه السلطة الشرعیة و القانونیة قد جعلت للنبي الاکرم (ص) و الائمة المعصومین (ع) واحداً بعد الآخر، و لکن في عصر غیبة الامام المهدي (عج) و انطلاقا من الادلة العقلیة الکثیرة و الروایات المستفيضة التي وردت عن الائمة المعصومین (ع) فان الفقیه الجامع للشروط یکون له منصب الولایة و قیادة المجتمع الاسلامی، و قد نصب في قبل الامام بالنصب العام.

و من هنا  فان لقب (ولی أمر المسلمین) مأخوذ من أحد الالقاب الحقیقیة للمجتهد الجامع للشروط الذي نصب من قبل الائمة المعصومین (ع) في عصر غیبة الامام المعصوم (ع) لقیادة و ادارة الامور السیاسیة و الاقتصادیة و الاجتماعیة في المجتمع.

الجواب التفصيلي

قبل التعرض للجواب من الضروري التعرف علی هذه الملاحظة و هي أنه في النظام السیاسي في الاسلام و العلاقة المتقابلة بین الامة و القیادة لم یرد نهي في الروایات عن استعمال مطلق العناوین و الالقاب، بل نجد نوعین من الالقاب والعناوین:

النوع الاول: العناوین و الالقاب المقبولة و المتخذة من التعالیم الدینیة و المتداولة في سیرة اعلام الدین ایضا.

و النوع الثانی هو العناوین التي ورد النهي الاکید عن استعمالها بسبب اثارها السلبیة علی الفرد و المجتمع اوبسبب اختصاصها بالمعصومین.[1]

ان بعض الالفاظ مثل (العظمی) تستعمل في مراجع التقلید فيقال: (آیة الله العظمی) و هي تشیر الی نوع من الاحترام المعنوی للعالم، و هو ما ورد التأکید علیه في السنة الاسلامیة[2]، فقد ورد في روایة عن أمیر المؤمنین علي (ع) قوله:( من وقر عالماً فقد وقر ربّه)[3].

وکذلک فان لقب (ولی أمر المسلمین) له مستند دیني وهو مأخوذ من القرآن الکریم و أحادیث الائمة المعصومین (ع)، و ذلک لان الولایة علی أموال الناس و نفوسهم من شؤون ربوبیة الله، و أنها تکون مشروعة بنصب الله و اذنه فقط، وکما نعتقد فان هذه السلطة الشرعیة و القانونیة قد جعلت للنبی الاکرم (ص) و الائمة المعصومین (ع) واحداً بعد الآخر[4]، حیث ورد في القرآن الکریم قوله تعالی: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا أَطيعُوا اللَّهَ وَ أَطيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأمر مِنْكُم‏[5]). و کلمة (أولی الأمر) تعني أصحاب الرأی و النظر في المجتمع البشری، و هم الذین نصبوا من قبل الله تعالی[6]. و المقصود من ذلک أفراد من الامة معصومون في أقوالهم و أفعالهم و تکون طاعتهم واجبة بنفس معنی وجوب اطاعة الله و رسوله[7]. و لکن في عصر غیبة الحجة بن الحسن العسکری(عج) و علی أساس أدلة عقلیة عدیدة و روایات کثیرة وردت عن الائمة المعصومین (ع)، فان الفقیه الجامع للشروط یکون له منصب الولایة و قیادة المجتمع الاسلامي، و قد نصب من قبل الامام المهدی(عج) بالنصب العام[8].

وحیث ان الولی الفقیه منصوب من قبل الامام المعصوم (ع) في عصر الغیبة، فتکون طاعته في الواقع طاعة لاولی الأمر ( الائمة المعصومین).

والنتیجة: ان لقب (ولی أمر المسلمین) هو من الالقاب الحقیقیة للمجتهد الجامع للشروط الذی نصب من قبل الائمة المعصومین (ع) في عصر غیبة الامام المعصوم (ع) لقیادة و ادارة الامور السیاسیة و الاقتصادیة و الاجتماعیة في المجتمع. و لیس الولی الفقیه هو الذي وضع لنفسه لقب الولایة و النیابة عن الائمة المعصومین(ع).

 


[1] وذلک مثل: کنیة أمیر المؤمنین وسید الوصیین، للامام علی(ع). ( ألقاب الامام علی(ع) وتعلیم النبی(ص) لها)، السؤال: 16667.

[2] لاحظ: (اطلاق آیة الله العظمی علی الائمة والمراجع) السؤال: 13653( الموقع:13427).

[3] التمیمی الآمدی، عبد الواحد بن محمد، غرر الحکم ودرر الکلم، ص47، منشورات  مکتب الاعلام الاسلامی، قم، 1366ش.

[4] لاحظ: مواضیع: انحصار الامامة فی نسل النبی) السؤال 5168 (الموقع: 5828)، أدلة الاعتقاد بالامامة والائمة)، السؤال: 1362 (الموقع: 2709).

[5] النساء: 59.

[6] الحسینی الهمدانی، السید محمد حسین، تحقیق البهبودی، محمد باقر، الانوار اللامعة، ج4، ص93، منشورات لطفی، طهران، الطبعة الاولی، 1404ق.

[7] الطباطبائی، السید محمد حسین، المیزان فی تفسیر القرآن، ج4، ص398، مکتب النشر الاسلامی، قم، الطبعة الخامسة، 1417ق، ولاحظ: أدلة الاعتقاد بالامام والامامة، السؤال: 1362( الموقع: 2709).

[8] لاحظ: العلاقة بین ولایة الفقیه وولایة النبی والائمة)، السؤال: 15363 (15089).

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279429 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257214 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128130 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113226 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88984 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59826 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59539 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56849 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49717 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47157 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...