بحث متقدم
الزيارة
9256
محدثة عن: 2007/12/22
خلاصة السؤال
ما المراد من العصمة؟ و هل هی ممکنة لکل الناس؟
السؤال
الرجاء بیان مفهوم العصمة، و إیضاح إن کان غیر الأئمة المعصومین (ع) من سائر الناس یمکنهم أن یرتقوا إلى مرتبة العصمة؟
الجواب الإجمالي

کل من یمتلک امتیاز العصمة یسمى فی المعاجم العقائدیة (معصوم)؛ و المعصوم هو الشخص الذی یمتنع- لطفاً من الله به- عن کل لون من ألوان التلوث بالذنوب و عمل القبیح و غیر المحمود، و هو البعید عن أصغر الاشتباهات و المنزه عن السهو. و هذه الحالة لیست من جهة الجبر و سلب الاختیار و إنما هی توأم إمکانیة الاختیار و القدرة على ارتکاب الذنوب و الاشتباهات.

و السبب فی کون الإنسان قادراً على الإتیان بالاشتباهات و الذنوب إلاّ أنه یبقى بعیداً عنها، یعزى إلى توفر عدة عوامل فی شخص المعصوم: العلم الحقیقی بواقعیة الأعمال الصالحة و الطالحة، تأیید و توفیق خاص من الله سبحانه، التأیید بروح القدس (الروح المقدس المطهر الذی یصاحب وجود المعصوم على الدوام و... .

لا یوجد معصوم فی العالم غیر الأنبیاء، و الأربعة عشر معصوماً الذین صرح بهم الإسلام، و ذلک أنه لا وجود لدلیل یثبت أن الآخرین على صلة و مؤیدین (بروح القدس).

و من المهم جداً و اللازم التوجه إلى المسألة التالیة: إن عدم ثبوت العصمة للأشخاص العظماء لا یعنی أنهم یرتکبون الذنوب من أمثال: (أبوالفضل العباس)، (أبو طالب) والد الإمام علی (ع)، (أمهات الأئمة المعصومین المطهرات)، (علی الأکبر)، و هؤلاء العظماء أعلى من مرتبة العدالة و أقل من مرتبة (العصمة).

ففی الثقافة الاسلامیة هناک ثلاث مراتب لتقییم الشخصیات الإنسانیة الموسومة بالإیجابیة.

1ـ العدالة: و تطلق على من یمتلک روحاً مقدامة و نشاطا دائما فی دائرة عمل الواجبات و ترک المحرمات.

و فی هذه المرتبة یکفی صرف القیام بالواجب و ترک المحرم إضافة إلى اجتناب الکبائر و عدم الإصرار على الصغائر، و هذه الشرائط تکفی لأن ینعت صاحبها بصفة (العدالة).

2ـ مرتبة العظمة: و هی مرتبة تفوق (العدالة) و تتمثل فیمن له روح نورانیة متألقة ترتقی به إلى مصاف (عباد الله الصالحین).

3ـ العصمة: و هی صفة المنزه عن أصغر ذنب أو خطأ أو اشتباه، بل و حتى التفکیر و توهم الذنب و الخطأ، و من لوازم هذه المرتبة ـ کما فی العدید من الروایات ـ الاستفادة من روح القدس.

الجواب التفصيلي

نلتقی فی ثقافتنا الإسلامیة بثلاثة موازین لتقییم الشخصیات الإنسانیة فی دائرة التقییم الإیجابی:

1ـ العدالة: یطلق فی الإسلام اسم (العادل) على کل من یربی نفسه على التوقف و الإحجام مقابل الذنوب و المعاصی و عدم تجاوز الخطوط الحمراء التی رسمتها الشریعة الإسلامیة، إضافة إلى المبادرة إلى أداء الطاعات و الاندفاع باتجاهها، و مثل هذا الشخص حریص على الحفاظ على طهارته و عدم تلوث أطرافه بالذنوب، کما أنه على درجة ممتازة بالنسبة إلى معرفة و مراعاة الأوامر الإلهیة و المبادرة إلى تطبیقها. و هذه المرتبة تمثل الحد الأدنى للصالحین، و أن الإرادة الإلهیة متعلقة فی أن یصل الجمیع الى هذه المرتبة.

و بلوغ هذه الدرجة یتحقق من خلال ترک الذنوب الکبیرة و عدم الإصرار على الصغائر. و لا یلزم فی هذه المرتبة عدم التفکیر بالذنب و تخیله و توهمه.

2ـ العظمة: الشخص الذی یبلغ مرتبة العظمة هو الذی یتجاوز مرتبة (العدالة) و ینظم إلى زمرة (عباد الله الصالحین) و عباد الله الخالصین المطهرین بالطهارة التامة، و هؤلاء یمتلکون روحاً نورانیة متألقة، لیست بعیدة عن مواطن الذنوب و حسب، و إنما تجتنب کل ما من شأنه أن یکدر الروح و یسلبها صفوها و نقاءها، و قد تتعدد العبارات التی تشیر إلى هذه المرتبة و من جملتها: (الورع)، (الزهد)، (تالی تلو العصمة)، (درجة قریبة من العصمة) و صلب الإیمان و نافذ البصیرة.

و الجدیر بالذکر أن هذه المرتبة أقل من العصمة و أعلى من العدالة و قد عبرنا عنها (بالعظمة) و لهذه المرتبة عرض عریض کما هو الحال بالنسبة إلى العصمة و ما تنطوی علیه من مراتب و درجات و أن الإنسان کلما اقترب درجة من الله تعالى کلما کان له نصیب أکبر من الولایة التکوینیة، و قدرته على التصرف فی عالم الکائنات، و علیه فلیس جمیع أولیاء الله على درجة واحدة.

و لکن لیس کل من سار على الطریق یصل إلى هذه المرتبة، لأن المیزان و المقیاس فی الوصول إلى هذه المرتبة التمتع بـ (النور) و الابتعاد عن (الظلمة) و إن کان التعبیر عن هذین المادتین فی خطاب القرآن و أهل البیت (ع) بألفاظ أخرى مثل (الحسنة) أو (الحسنات) و (السیئة) أو (السیئات) کما أنها تنعکس فی ما لا نهایة له من المفاهیم و المعانی المتداخلة بعضها فی بعض.

و لذلک فان إطلاق بعض الصفات و التسمیات على الأشخاص من قبیل (العبد الصالح) و (صاحب نور الروح) و (صاحب الروح النورانی) تبقى من صلاحیات صاحب النور (الله) و الأنوار المحضة (الأنبیاء و الأئمة المعصومون علیهم السلام).

النتیجة:

إن مرتبة العظمة أعلى من العدالة، لأن ترک الذنوب الکبیرة و عدم الإصرار على الذنوب الصغیرة کافٍ فی تحقق العدالة، و لکن (عباد الله الصالحین) یتمتعون بدرجة أعلى من الزهد و الورع، حیث جعلوا من کامل وجودهم مستحقاً و مؤهلاً للاتصاف بوصف (العبد الصالح) فالشخص العظیم الجلیل یتمتع بنورانیة روحیة خاصة، و ذلک لأن عقله الکامل و روحه العالیة أبعداه عن دائرة الظلمات لتبقى کل حرکته و تمام نشاطه و فعالیته فی دائرة أعمال الخیر و العبادة و الصالحات.

و هذه النوارنیة الخاصة ثمرة المعرفة العالیة، الإیمان الخالص، العمل الصالح، الطینة الطاهرة، و قبل الجمیع عنایات و ألطاف الولی المطلق (الله) و أولیائه على الإطلاق (المعصومون علیهم السلام).

و هذا (النور) یمثل التجسید الکامل لحقیقة الأشخاص، کما أن (الظلمة) تمثل الجانب الخفی لواقعیة بعض الأشخاص.

و لکن عباد الله الصالحون لا یتمتعون بالاستفادة من روح القدس مع کل ما هم علیه من الصلاح و الخیر، و إن روح القدس (روح عظیم) و مطهر و أنه لیس ملکاً من الملائکة، و لم یکن لیجتمع مع أحد من المتقدمین إلاّ رسول الله (ص)، کما أنه یقف إلى جانب الأئمة المعصومین (ع) و یسندهم.

و خلاصة الکلام الآتی:

أ ـ مهما سما البعض فی مرتبته إلا أنه قاصر عن تناول مقام العصمة الملکوتی، لأن العصمة تحتاج إلى أمور و ارتباطات و حالات لم یتوفر حدها الأعلى إلاّ فی أربعة عشر معصوماً (ع) و لکن کیف و لماذا؟ هذا ما نتناوله فی سیاق المقال فلنتابع.

ب ـ إن بعض الشخصیات من قبیل أبی الفضل العباس، و السیدة المعصومة و السیدة زینب، و السیدة رقیة، و أبی طالب، و السیدة خدیجة، و فاطمة بنت أسد (والدة أمیر المؤمنین) و علی الأکبر، و غیرهم من الأشخاص من هذا المستوى، لیسوا من المعصومین، و لکنهم جمیعاً فی مرتبة (العظمة) التی تعتبر محلاً خاصاً لأولیاء الله.

شواهد عظمة مقام هؤلاء العظماء:

تثبت العصمة عن طریق الدلیل إضافة إلى ادعاء الشخص المعصوم، و إن أولیاء الله فی مرتبة (العظمة) لم یدعوا مقام العصمة مطلقاً، کما أنه لا وجود لدلیل یثبت أنهم یتمتعون بـ (روح العصمة المقدسة) و لکن المتوفر لدینا من الأدلة المتعددة التی تثبت عظمة کل واحد من هؤلاء العظماء، نذکر بعضاً منها:

أبو طالب (ع):

جاء فی الحدیث: «عن أمیر المؤمنین (ع) أنه کان جالساً فی الرحبة و الناس من حوله، فقام إلیه رجل فقال: یا أمیر المؤمنین إنک بالمکان الذی أنزلک الله و أبوک معذب فی النار؟ فقال: مه، فض الله فاک، و الذی بعث محمداً بالحق نبیاً لو شفع أبی فی کل مذنب على وجه الأرض لشفعه الله فیهم، أبی معذب فی النار و ابنه قسیم الجنة و النار؟ و الذی بعث محمداً بالحق، إن نور أبی طالب لیطفئ أنوار الخلائق إلاّ خمسة أنوار: نور محمد و نور فاطمة و نور الحسن و الحسین و نور ولده من الأئمة، ألا إن نوره من نورنا، خلقه الله من قبل خلق آدم بألفی عام».[1]

خدیجة (ع):

یقول رسول الله (ص) لدى عودته من سفره فی معراجه: «قلت لجبرائیل: هل لک من حاجة؟ قال: حاجتی هی: أن تقرأ على خدیجة منی و من الله السلام..».[2]

یقول رسول الله (ص) فی تفسیر الآیة فی قوله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِیمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِینَ»، و من المصطفین: علی و الحسن و الحسین و حمزة و جعفر و فاطمة و خدیجة».[3]و معلوم أن سلام الله لا ینزل إلاّ على شخص یتمتع (بسلم و تسلیم کامل).

فاطمة بنت أسد والدة أمیر المؤمنین (ع).

یقول العالم الکبیر و المحدث البارع الحاج الشیخ عباس القمی ـ مؤلف مفاتیح الجنان و المؤلفات القیمة الأخرى ـ بخصوص عظمة هذه السیدة الفاضلة: إن مقام و مرتبة هذه السیدة و عظمة درجتها و رضا خالقها عنها تعرف من حادثة ولادتها لأمیر المؤمنین (ع) فی الکعبة، کما أنها من السابقین إلى الإسلام، حیث تحتل المرتبة الحادیة عشرة فی اعتناقها الإسلام و إعلانها ذلک، و قد کان الرسول یعظمها و یکرمها و یدیم امتداحها و الثناء علیها، و کان یخاطبها یا أماه.

و قد ورد فیما یرویه الرواة أن النبی (ص) بکاها بمرارة حین وفاتها و بادر إلى لفها و تکفینها بقمیصه الخاص، و صلى على جنازتها و کبر علیها أربعین تکبیرة، و تولى إنزالها فی قبرها بنفسه لتبدأ سفرها إلى الآخرة بمبارکة النبی...).[4]

و قد قال الرسول (ص) فی وصفها: «إنها من أفضل خلق الله، و کانت أفضل من أسدى إلی الجمیل و الإحسان بعد أبی طالب..».[5]

3ـ و المرتبة الثالثة من مراتب زنة الشخصیات و تقییمها فی النظام الإسلامی هی مرتبة (العصمة) التی نشرع بتوضیحها و بیان خصوصیاتها.

یطلق فی المعاجم العقائدیة على من یمتلک مرتبة العصمة اسم المعصوم و المعصوم هو الشخص الذی یمتنع ـ بلطف الله ـ من ارتکاب أی ذنب و یبتعد عن التلوث بأوضار الخطایا و یتنزه عن کل أشکال القبیح و غیر المحمود من الفعال، و لکن لیس من باب الجبر و القهر و إنما یکون ذلک مع القدرة على الفعل. یقول الإمام جعفر بن محمد الصادق فی هذا الخصوص:

المعصوم؛ هو الممتنع بالله من جمیع المحارم، و قد قال الله تبارک و تعالى: «وَ مَنْ یَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِیَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِیمٍ».[6]

و المسألة المهمة؛ إن العلم و العصمة على درجة کبیرة من التقارب، لأن منشأ العصمة الأساسی إلى حد ما العلم و المعرفة، فالإنسان الذی یکون على علم و اطلاع کامل بطبیعة شیءٍ ما لابد و أن یکون واقفاً على آثاره و معطیاته و یتخذ الموقف المناسب منها بنفسه فی جانبی الترک و الإیتاء.

السر فی انحصار العصمة:

و فی السؤال: لماذا یحدد المعصومون بأربعة عشر شخصاً، و لم ینل غیرهم من الأفراد مقام العصمة؟.

المسألة الأولى: لابد من أن یکون الجواب ضمن دائرة تعیین و تشخیص إرادة الله و حکمته و تقدیره، لأن مثل هذا الاختیار متعلق بشکل کامل بالإرادة و المصلحة الإلهیة، و هذه الإرادة و المصلحة مرتبطة (بالحکمة) و (العلة).

ما یستفاد من مجموع النصوص الدینیة أن حیاة الإنسان لیست مقتصرة على فترة وجوده فی هذه الحیاة الدنیا و طبیعتها المادیة، و إن خلق الروح سابق لخلق الجسد[7]. و من هنا فإن اتخاذنا القرار و إقدامنا و انعکاسات ماضینا و کذلک (علم الله) بمستقبل کل فرد من أفراد الإنسان و من منهم یسلک طریق الهدى و من یعرض و ینأى بجانبه، کل هذه العوامل تظافرت و کونت موجبات استحقاق و نیل البعض للمراتب المشرفة و الامتیازات الخاصة (العصمة و العلم و النبوة و الإمامة و الوحی).

و للتوضیح الأکثر دقة نتوجه إلى مقطع من مقاطع دعاء الندبة حیث جاء فیه: "اللهم لک الحمد على ما جرى به قضاؤک فی أولیائک الذین استخلصتهم لنفسک و دینک إذ اخترت لهم جزیل ما عندک من النعیم المقیم، الذی لا زوال له و لا اضمحلال بعد أن شرطت علیهم الزهد فی درجات هذه الدنیا الدنیة، و زخرفها و زبرجها، فشرطوا لک ذلک و علمت منهم الوفاء به، فقبلتهم و قربتهم و قدمت لهم الذکر العلی و الثناء الجلی، و أهبطت علیهم ملائکتک و کرمتهم بوحیک و رفدتهم بعلمک و جعلتهم الذریعة إلیک و الوسیلة إلى رضوانک...".

و عند التدبر فی مقاطع هذا الدعاء الشریف نتوصل إلى أن أفراد الإنسان شاهدون ساحة الامتحان و الاختبار فی العوالم المتقدمة على هذا العالم، و على أساس ذلک أنهم علموا (أن قدرهم فی الإحسان) و أن (لا یستبدلوا عظمتهم و ارتباطهم بالله بالدنیا) و أنهم کانوا یراقبون هذا العرض و یشاهدون تفاصیله، و لکن القلیل منهم من أدرک هذا السباق و قبل شرائط العرض و توجه إلى الالتزام بمقررات هذا المیدان و رعایتها، إضافة إلى أن الله یعلم أن هؤلاء فقط سوف یفون بعهودهم و یحبسون أنفسهم علیها، و لذلک کان نصیبهم أن أفاض علیهم أفضل أنواع النعم و أهداهم أحسن ألوان الإثابة و العطاء و من جملة ذلک: التقرب إلى الله، الذکر العلی المقام المحمود، نزول الملائکة علیهم، تلقی الوحی و العلم الخاص، اعتبارهم وسائل لنیل الآخرین الجنة، إنهم طرق الوصول إلى الله ...، و بهذه الکیفیة صار بعضهم أنبیاء و بعضهم أئمة، و بعضهم بلغ مرتبة العصمة، و فی کل مرتبة من هذه المراتب تندرج العدید من الدرجات المتفاوتة کلٌ حسب استحقاقه و استعداده.

و لکن ما ینبغی علمه هو أن مرتبة نبی الإسلام محمد بن عبد الله (ص) و أهل بیته الطاهرین (ع) هی الأعلى و الأفضل من بین جمیع هذه المراتب و المقامات، و لکن کیف و لماذا؟. و هذا ما یجیب عنه الإمام علی بن موسى الرضا (ع) حیث یقول: « إن الله عز و جل أیدنا بروح منه مقدسة مطهرة لیست بملک لم تکن مع أحد ممن مضى إلا مع رسول الله (ص) و هو مع الأئمة منا تسددهم و توفقهم و هو عمود من نور بیننا و بین الله عز و جل ».[8]

المسألة الثانیة: ما یقدره الله من زیادة أو نقصان یرتبط بمیزان الحاجة الواقعی الذی خلق الوجود على أساسه، فکما أن وجود أذنین اثنین و لسان واحد و یدین اثنین حاکٍ عن کفایة هذا المقدار، فإن وجود أربعة عشر معصوماً حاکٍ عن کفایة هذا المقدار من المعصومین فی الدین الإسلامی، و إن ذلک یبین عدم احتیاج الأمة و سائر المخلوقات إلى أکثر من أربعة عشر معصوماً (ع)، و حیث تم الاکتفاء بهذا العدد فلم تمهد الأسباب و العوامل التی تؤدی إلى العصمة عند الآخرین و من العوامل الموجدة لظاهرة العصمة وجود روح القدس الذی أشرنا إلیها مراراً، و هذا توضیح بخصوصه:

یعتقد الشیعة أن الله سبحانه یؤید عباده المخلصین بروح القدس الذی یحفظهم بواسطته من الوقوع فی الخطأ و الاشتباه و الزلل و الغفلة، یقول الإمام الصادق (ع): «و إن رسول الله (ص) کان مسدداً موفقاً مؤیداً بروح القدس لا یزل و لا یخطئ فی شیء مما یسوس به الخلق».[9]

إضافة إلى ذلک فقد جاء فی روایات الأئمة الأطهار (ع) أن عصمة الإمام لا تختص بزمان إمامته، و إنما یتمتع الإمام بالعصمة حتى خارج زمان إمامته، یقول الإمام الباقر (ع): «فبروح القدس ـ یا جابر ـ عرفوا ما تحت العرش إلى ما تحت الثرى».[10] و یقول فی حدیث آخر أیضاً: «و روح القدس ثابت یرى به ما فی شرق الأرض و غربها و برها و بحرها.[11] و هذا الحدیث یحکی قدرة الإمام الخارقة للعادة و تصرفه فی عالم المخلوقات (التکوینی) و ذلک بإذن الله الذی وضع هذه القدرة تحت اختیار الإمام، و من هنا یعلم أن العلاقة وثیقة بین العلم و القدرة.[12]



[1] بحار الأنوار، ج 35، ص110.

[2] بحار الأنوار، ج 16، ص 7.

[3] المصدر نفسه، ج 37، ص 63.

[4] سفینة البحار، ج7، ص 122، ط اسوه.

[5] بحار الأنوار، ج 35، ص 79. 

[6] معانی الأخبار، ص 132.

[7] انظر: ترخان، قاسم، خلقت ارواح قبل از اجسام.

[8] بحار الأنوار، ج 25، ص 48.

[9] الکافی، ج1، ص266، دار الکتب.

[10] الکافی ج1، ص 272.

[11] بحار الأنوار، ج 25، ص 58.

[12] بیابانی، محمد، معرفة الإمام، ص73.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

  • ما هی فلسفة الخطابات القرآنیة المذکٌرة؟
    7012 علوم القرآن 2008/06/21
    1- لا یمکننا ان نعتبر الخطابات القرآنیة ذکوریة، الاّ اذا اثبتنا أن الروح الحاکمة علی الالفاظ و الخطابات مستندة إلی الجنس و أثبتنا محوریة الرجال، و الحال انه یستفاد من آیات متعددة من القرآن، ان الخطاب القرآنی الغالب هو (محوریة الانسان): (فاطر، 15، النحل، 97، آل عمران، ...
  • ما حکم نفقة الزوجة بعد تغییر الجنس؟
    6026 الحقوق والاحکام 2009/03/01
    یری الإسلام أن توفیر مصرف الأسرة و منه نفقة الزوجة یقع علی عهدة الزوج و لیس للمرأة أی مسؤولیة فی ذلک و بالطبع فان شرط وجوب النفقة أمران: 1. کون الزواج دائماً 2. التمکین (و عدم نشوز الزوجة).و من الطبیعی أنه بعد تغییر الجنس لأحد الزوجین فإنه یزول ...
  • هل یمکن اطلاق وصف ابن الله على السید المسیح (ع) من باب التشبیه فقط؟
    5855 الکلام القدیم 2012/03/03
    اولا: لفظ "ابن الله" لا تنصرف الا الى الابن و الاب الواقعیین، خلافا للالفاظ الاخرى من قبیل: ید اله، و خلیل الله و... و من الثابت استحالة استعمال لفظة الاب و الابن فی الله سبحانه حقیقة، و یعد منافیا لبساطة الذات الالهیة. و ثانیا: على فرض اطلاقه بنحو التشبیه ...
  • هل أن سؤال الامام (ع) من النبی الاکرم(ص) ینافی شمولیة علم الامام و سعته؟ و ما هی حدود علم الامام عند الشیعة؟
    8538 الکلام القدیم 2009/07/14
    لایوجد اختلاف بین المسلمین فی ضرورة علم الامام، و انما الاختلاف فی کم و کیف هذا العلم. و ان القدر المتیقن الذی تؤمن به الشیعة فی علم الامام هو ضرورة ان یعلم الامام جمیع العلوم التی لها صلة بمقام الامامة و سعادة البشریة و هدایتها، کذلک لابد ان یکون الامام ...
  • هل یجور إطعام المجنون لحوماً مشکوکة التذکیة؟ و هل تجوز غیبة المجنون؟ و هل تجوز السخریة منه؟ و هل یجوز ممازحته بشکل یثیر غضبه و....؟
    4451 گوناگون 2015/06/22
    جواب الاسئلة المطروحة و بحسب الترتیب المذکور بالنحو التالی: 1. لا یجوز إطعام المجانین اللحوم المشکوکة التذکیة عند أکثر الفقهاء و مراجع التقلید. فیما ذهب البعض منهم إلى جواز ذلک بشرط عدم الضرر.[1] 2. ذهب أکثر الفقهاء إلى استثناء غیبة المجنون من المحرمات، إلا ...
  • هل یمکن إفتراض ثبوت أکثر من وجود أبدی سرمدی؟
    6088 الکلام القدیم 2011/10/29
    موجودات العالم- غیر الله تعالى- محتاجة الى الله تعالى - بالاضافة الى وجودها الاولی- فی بقائها أیضاً و استمرار الحیاة.و قد ثبت فی التوحید الواحدی أنه لا یوجد موجود مستقل و غنی و هو العلة لتمام الموجودات الامکانیة الا الله تعالى؛ و ذلک لانه طبقا لقانون العلیة و استحالة الدور ...
  • هل الاکل و الشرب سهواً حال الصیام الواجب او المستحب مبطل للصیام؟
    6207 الحقوق والاحکام 2010/08/11
    لایوجد جواب الجمالی لهذا السؤال، النقر الجواب التفصیلی. ...
  • ما هو سبب تعدد عناوین و أوصاف القرآن؟
    6363 التفسیر 2012/07/19
    لقد ذکر للقرآن أوصاف و عناوین متعددة و کل من هذه الأسماء و الصفات تشیر إلى أحد الأبعاد و السعة الوجودیة لهذه المعجزة الأبدیة لخاتم الأنبیاء (ص)؛ من قبیل صفة مجید فی قوله تعالى (والقرآن المجید) حیث إنها تحکی عن مجد و عظمة القرآن الخاصة لدى ...
  • ما هي العوامل التي تجعل الانسان غافلا عن ذکر الله؟
    5134 گناه و رذائل اخلاقی 2020/10/10
    من المواضيع التي یبحث عنها في علم الأخلاق، موضوع "الغفلة". لقد تناول علماء الأخلاق، في آثارهم وكتبهم، هذا الموضوع بالتفصيل. ومن الفصول التي نوقشت في هذا الشأن هي أسباب وعوامل ایجاد الغفلة في الإنسان.الغفلة كما ورد في تعريفها؛ اختفاء الشيء من الذهن بعد الانتباه إليه: «الْغَفْلَةُ ...
  • هل التوسل یؤدّی الی الضلال و هل یوجد عندنا دلیل علی التوسل؟
    7345 الکلام القدیم 2011/09/13
    التوسل لیس فقط غیر مؤدٍ للضلالة فحسب، بل هو طریق و وسیلة للقرب الإلهی. و إن شفاء الإمام الرضا (ع) للمریض لیس هو الدلیل الأصلی علی صحة التوسل بل هو من المؤیدات الجیدة علی ذلک. طبعاً غیر ما سنبینه من الأدلة العقلیة و النقلیة. فنظام العالم قائمٌ علی أساس العلة ...

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    281661 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    262431 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    130624 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    119541 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    90521 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    62262 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    62090 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    58050 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    53793 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    50222 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...