بحث متقدم
الزيارة
6457
محدثة عن: 2008/01/31
خلاصة السؤال
کیف نرجع إلى العدم؟
السؤال
کیف نرجع إلى العدم؟
الجواب الإجمالي

ماذا تقصدون (بالرجوع إلى العدم)؟ هل المراد الرجوع إلى حالة ما قبل الولادة؟ کما یقول البعض: یا لیتنی لم أولد. من الطبیعی أنه لایوجد سبیل إلى الرجوع للماضی، لأن الزمان یمر و لا تخضع حرکته إلى میولنا و إرادتنا فلا یتوقف و لا یعود إلى الوراء. إذن فالرجوع إلى العدم بهذا المعنى غیر ممکن، و أما إذا کان المراد بالرجوع إلى العدم، الموت فلابد من الالتفات إلى أن الموت لیس عدماً، و إنما تحول من حالة إلى حالة أخرى، و انتقال من عالم إلى عالم آخر.

و حقیقة الأمر أن تبنی هذا الفکر یکشف أن الموت فی واقعه نحو من أنحاء الحرکة و التکامل، و معنى ذلک أن صیرورة الإنسان و بلوغه إلى حد الآدمیة یمر بعدة مراحل أولها مرحلة الجماد ثم النبات ثم الحیوان، و فی واقع الحال فإن کل انتقال من مرحلة إلى أخرى تصاحبه عملیة موت،[1] و بذلک نتوصل إلى نتیجة محصلها أن الموت الذی نواجهه الآن لا ینتهی بنا إلى الفناء و العدم، و إنما ینقلنا إلى مرحلة أعلى و یحلق بنا إلى عالم الملائکة.

و کذلک فإن الفلاسفة لا یرون الحیاة بعد الموت عودة من العدم و یعتقدون أن (إعادة المعدوم بعینه) محال و ممتنع.[2] و کل من یعتقد أن ما یحصل یوم القیامة و المعاد من قبیل إعادة المعدوم فإنه واقع فی الخطأ و الاشتباه، و ذلک لأن الشیء لا یعدم بالموت أولاً: و إنما یعتبر الموت نوع استکمال، أو انفصال للروح عن البدن، و أن الروح التی تشکل حقیقة الإنسان الواقعیة تستمر فی حیاتها، بل تزداد قدرتها و إمکاناتها بشکل أکبر مما کانت علیه فی تدبیر البدن، و ثانیاً: فإن القیامة و المعاد لا تعنی العودة من الفناء و العدم، بل تعنى العودة و الرجوع، و المراد بهذه العودة الرجوع إلى الله سبحانه، و لیس العودة من العدم إلى الوجود.

إذن لابد من القول على وجه الخلاصة: إن العودة إلى العدم لا معنى لها و لا یوجد أی سبیل إلیها.[3]



[1] ینبغی الالتفات الی ان هذا الموت وفقا لمدرسة صدرالمتالهین یعنی اللبس بعد اللبس لا الخلع بعد اللبس.

[2] من أجل الاطلاع على أدلة الفلاسفة ینظر: نهایة الحکمة، العلامة الطباطبائی، ص22-25.

[3] طرح هذا البحث فی الفلسفة، و هل أن الموجود یعدم؟ و إذا قلنا أنه لا یمکن أن یعدم أی موجود، فهل هذا یستلزم القول بالأزلیة و الأبدیة بالنسبة إلى الأشیاء أم لا؟ و قد استدل لهذا القول بطریقین: طریق تجریبی تبناه لافاوزیه، و طریق فلسفی. و للاطلاع بشکل أوسع أنظر: أصول الفلسفة، ج 3، العلامة الطباطبائی، تقدیم و تعلیق، الأستاذ المطهری، ص111-121؛ نهایة الحکمة، العلامة الطباطبائی، ص326.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280300 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258899 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129701 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115823 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89600 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61143 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60417 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57401 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51759 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47752 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...