بحث متقدم
الزيارة
6922
محدثة عن: 2009/06/15
خلاصة السؤال
هل ان الآیة الکریمة (فما استمتعتم به منهن فآتوهن اجورهن فریضة) تدل علی الزواج المؤقت؟ و لماذا لم یستعمل فعل الأمر فی هذه الآیة؟
السؤال
هل ان الآیة الکریمة (فما استمتعتم به منهن فآتوهن اجورهن فریضة) تدل علی الزواج المؤقت؟ و لماذا لم یأمر الله نبیّه بهذا الأمر فی الزواج الموقت و لم یستعمل فی هذه الآیة من سورة النساء فعل الأمر حین بیان حکم الإستمتاع؟
الجواب الإجمالي

المراد بالاستمتاع فی الآیة الکریمة (فما استمتعتم به منهن فآتوهن اجورهن فریضة) هو المقاربة و کسب اللذّة، و بناء علیه فمعنی هذه الجملة: إذا تلذّذتم بالنساء فادفعوا الیهن مهرهن. و أصحابنا من الإمامیة و جماعة من الصحابة و التابعین یقولون ان المقصود هو الزواج الموقت. و أورد مسلم بن الحجاج فی روایة صحیحة عن عطاء انه قال:"قدم جابر بن عبد الله معتمراً فجئناه فی منزله فسأله القوم عن أشیاء ثم ذکروا المتعة فقال: استمتعنا علی عهد رسول الله(ص) و أبی بکر و عمر.

و لهذا نری ان کبار الصحابة و التابعین و فریق کبیر من المفسّرین من أهل السنة و جمیع مفسّری مدرسة أهل البیت(ع) فهموا جمیعاً حکم الزواج الموقت من الآیة المذکورة. و الآیة هی بصدد ذکر النساء التی یجوز الزواج بهن و لیست فی مقام الأمر بالزواج الموقت أو الدائم، و الزواج أساساً سواء الموقت أو الدائم هو أمر مستحب فی نفسه و لیس واجباً.[i] و علیه فلا موجب لاستعمال فعل الأمر فی هذه المسألة.

إذن نقول فی جواب القسم الثانی من السؤال ان الدلالة الأولیة للأمر هی الوجوب و لکن لم یدّع أحد ان المتعة واجبة لکی یحتاج الی ایراد فعل الأمر.



[i] الفاضل اللنکرانی، محمد، تفصیل الشریعة فی شرح تحریر الوسیلة، تحقیق و نشر مرکز فقة الأئمة الأطهار(,9، کتاب النکاح، ص7.

الجواب التفصيلي

یقول علماء اللغة ان المقصود بالاستمتاع هو المقاربة و کسب اللّذة و علیه فمعنی الآیة: إذا تلذّذتم بالنساء فادفعوا الیهن مهرهن.

یقول ابن عباس و السدّی و ابن سعید و جماعة من التابعین و أصحابنا الإمامیة: ان المراد هو الزواج الموقت. و هذا الأمر واضح لان الاستمتاع و التمتع و ان کان بالأصل هو بمعنی الانتفاع و کسب اللذّة و لکنه فی عرف الشرع یختص بهذا العقد و خصوصاً إذا اُضیف الی (النساء).

و علیه فمعنی هذه الجملة هو (إذا عقدتم علیهن بعقد المتعة فادفعوا الیهن اجورهن) و قد نقل عن جماعة من الصحابة و منهم ابی بن کعب و عبد الله بن عباس و عبد الله بن مسعود بأنهم قرأوا "فما استمتعتم به منهن الی أجل مسمی فآتوهن اجورهن" أی إذا اردتم ان تتمتّعوا بهن الی مدة معیّنة فادفعوا الیهن اجورهن. و هذا صریح فی الزواج الموقت.

و من هنا نری ان کبار الصحابة و التابعین مثل ابن عباس و هو العالم و المفسّر الإسلامی المعروف و أبی بن کعب و جابر بن عبد الله و عمران بن حصین و سعید بن جبیر و مجاهد و قتادة و السدّی و فریق کبیر من مفسری أهل السنة و جمیع مفسری مدرسة أهل البیت(ع) فهموا جمیعهم حکم الزواج الموقت من الآیة المذکورة. حتی ان الفخر الرازی مع اشتهاره فی الاشکال علی القضایا المتعلّقة بالشیعة، یقول بعد بحث مفصّل حول الآیة:" لا کلام لنا فی دلالة هذه الآیة علی حکم جواز المتعة، و لکننا نقول بأن هذا الحکم قد نسخ بعد فترة".[1]

و اما القسم الثانی من السؤال و هو انه لماذا لم یأمر الله نبیّه فی قضیة الزواج الموقت بهذا الأمر و لم یستعمل فی تلک الآیة من سورة النساء فعل الأمر عند بیان حکم الاستمتاع؟ فینبغی ان نقول: ان الدلالة الأوّلیة للأمر هی علی الوجوب لکن و لم یدّع أحد ان المتعة واجبة.[2]

و بناء علی هذا فان الآیة کانت بصدد ذکر النساء التی یجوز الزواج بهن و لیست فی بیان ایجاب الزواج علی أحد سواء الزواج الموقت أم الدائم، و الزواج أساساً سواء الموقت أم الدائم هو أمر مستحب فی نفسه و لیس واجباً.[3] و علیه فلا موجب لاستعمال فعل الأمر فی هذه المسألة. و من جانب آخر فان الأحکام هی لجمیع الناس و لیست للنبی(ص) فقط، إذن فحیث ان الآیة بصدد بیان حکم الهی فحتی لو کان الخطاب موجّهاً الی النبی(ص) فهی تشمل أیضاً عموم الناس أیضاً و لیست مختصّة به.



[1] مکارم الشیرازی، ناصر، تفسیر الأمثل، ج3، ص336، دار الکتب الإسلامیة، طهران1374، الطبعة الاولی.

[2] ینبغی التذکیر بأن کثیراً من الأحکام التی لا یشک أحد بوجوبها، الا إنها لم ترد بصیغة الأمر، مثل وجوب الصوم حیث یقول تعالی"یا أیها الذین آمنوا کتب علیکم الصیام کما کتب علی الذین من قبلکم لعلّکم تتّقون" و وجوب الحج حیث یقول الله تعالی "فیه آیات بیّنات مقام إبراهیم و من دخله کان آمنا و لله علی الناس حج البیت من استطاع الیه سبیلا".

[3] الفاضل اللنکرانی، محمد، تفصیل الشریعة فی شرح تحریر الوسیلة، تحقیق و نشر مرکز فقة الأئمة الأطهار,9، کتاب النکاح، ص7.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279356 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    256902 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128056 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    112873 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88917 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59624 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59354 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56810 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49382 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47110 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...