بحث متقدم
الزيارة
5830
محدثة عن: 2010/07/20
خلاصة السؤال
لماذا یسمح القرآن بضرب النساء؟
السؤال
لماذا یسمح القرآن بضرب النساء؟
الجواب الإجمالي

قد یتصوّر الإنسان فی بادئ الأمر أن التکتیک الثالث الذی وصى به القرآن بعد الموعظة و الهجر، أراد أن یفتح الباب للرجل لیفرض قوته على المرأة و یجبرها على الاستسلام بشتّى وسائل الضرب و اللکم و اللطم و الوکز، لکن لیس کذلک. إن تمادت المرأة فی تمردها و إعراضها عن مسؤولیاتها و استمرت فی لجاجها و شدتها فی مخالفة القانون، و لم تنفع النصائح معها و لا الهجر و الإعراض عنها و لم یبق سبیل إلا الشدّة، فعندئذ لا یبقى بد لتحریضها على العمل بمسؤولیاتها و تعهداتها إلا الخشونة و الشدة. فهنا سمح الإسلام باستخدام التکتیک الثالث لتحریضهن على القیام بتکالیفهن.  

الجواب التفصيلي

هناک آیة فی القرآن تقول: "فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَیْبِ بِما حَفِظَ اللَّهُ وَ اللاَّتی‏ تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَ اهْجُرُوهُنَّ فِی الْمَضاجِعِ وَ اضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَکُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَیْهِنَّ سَبیلاً إِنَّ اللَّهَ کانَ عَلِیًّا کَبیرا"[1] هنا قد یطرح إشکال: هل یجوّز الإسلام ضرب النساء؟ إذا لاحظنا معنى الآیة و الروایات التی وردت فی تبیینها و لاحظنا شرحها فی الکتب الفقهیة و کذلک بعد التعرف على ما یقوله علماء النفس فی هذا العصر، فسوف لا یکون الجواب عن هذا الإشکال معقداً للغایة.

لیس الهدف من "الضرب" هو فرض القوة و تحطیم جسم المرأة النحیف و قوامها اللطیف.

قد یتصوّر الإنسان فی بادئ الأمر أن التکتیک الثالث الذی وصّى به القرآن بعد الموعظة و الهجر، أراد من خلاله أن یفتح الباب للرجل لیفرض قوته على المرأة و یجبرها على الاستسلام بشتّى وسائل الضرب و اللکم و اللطم و الوکز، لکن الأمر لیس کذلک.

من البدیهی أن الضرب له مراتب. من الصفعة الخفیفة التی لا توجع و لا تؤلم، إلى الضرب الذی یعجز الإنسان عن أی حرکة و یسلب منه کل شیء سوى الحیاة، کل هذا یعد ضرباً. نعم، إذا سبب الضرب أن یقف قلب المضروب عن نبضه، فعندئذ لا یسمى ضرباً بل قتلاً!

المسألة المهمة هی أنه من الذی یعین حدود الضرب؟ هل یحق للرجل أن یحدد مستوى الضرب بنفسه و یأتی على المرأة النحیفة المظلومة التی یعتبرها الإسلام ریحانة الخلقة و الزهرة العطرة لبستان الوجود، و یهجم علیها بکل ما یملکه من سیاط وعصی و لکم و وکز و صفع وصفق فیترکها ضعیفة ذابلة و کئیبة حزینة؟!

ثم متى جاز الضرب و ما هو المراد منه و ما هی کیفیته؟ و من الذی یجب أن یعیّن حدوده؟ الزوج أو جهة أخرى؟

وجوب إطاعة المرأة للرجل و"قنوتها" بتعبیر القرآن، خاص فی المسائل الجنسیة فحسب. إذن لا یحق للزوج أن یجبرها على الکنس و الغسل و الطبخ. هذه مسائل لا بد من أن تحل بالصفاء و المعاونة و التفاهم و الإیثار المتقابل بین المرأة و الرجل. بل لا یحق للرجل أن یعاتب زوجه فی هذه الأمور فضلا عن أن یفرض هواه علیها بالتفرعن و الضرب و الجرح.

یجب أن یعرف الرجل بأنه لم یأت لبیته بأمة أو خادمة، بل إنه أتى بزوج و شریکة و زمیلة و عون إلى بیته و لا ینبغی أن یطالبها إلا "القنوت" و"الحفظ".

فتبین أن هذه التکتیکات الثلاثة خاصة بنشوز المرأة و ترکها للقنوت فحسب و لا علاقة لها بالأمور الأخرى التی یقمن بها النساء فی البیت صفاء و فضلا و عونا منهن.[2]

إن تمادت المرأة فی تمردها و إعراضها عن مسؤولیاتها و استمرت فی لجاجها و شدتها فی مخالفة القانون، و لم تنفع النصائح و لا الهجر و الإعراض عنها و لم یبق سبیل إلا الشدة، فعندئذ لا یبقى بد لتحریضها على العمل بمسؤولیاتها و تعهداتها (مثل حفظ عرض الرجل و ماء وجهه وأمواله) إلا الخشونة و الشدة. فهنا سمح الإسلام باستخدام التکتیک الثالث لتحریضهن على القیام بتکالیفهن.

إنّ التّنبیه الجسدی المسموح به هنا یجب أن یکون خفیفا، و أن یکون الضرب ضربا غیر مبرح، أی لا یبلغ الکسر و الجرح، بل و لا الضرب البالغ حد السواد کما هو مقرر فی الکتب الفقهیة.[3] حتى جاء تفسیر "الضرب" على لسان الإمام (علیه السلام) فی بعض الروایات: بأنه الضرب بالسواک.[4] فالهدف من التأدیب الجسدی هو الحفاظ على الروابط الزوجیة و العلاقة الحمیمة فی العائلة.

من جانب آخر قد تکون الآیة الشریفة بصدد معالجة مرض خاص. إنّ علماء التحلیل النفسی- الیوم- یرون أن بعض النساء یعانین من حالة نفسیة هی «المازوخیة» التی تقتضی أن ترتاح المرأة لضربها و أن هذه الحالة قد تشتد فی المرأة إلى درجة تحس باللّذة و السکون و الرضا إذا ضربت ضربا طفیفا.[5] نحن لا نجزم فی نسبة هذه النظریة إلى القرآن، کما أن البعض لا یوافق هذه النظریة.[6]


[1]. النساء: 34.

[2]. إقتباسا من کتاب خانواده در قرآن، دکتر احمد بهشتی، ص111. 

[3]. الأمثل فی تفسیر کتاب الله المنزل، ج3، ص220. مدرسة الامام علی بن ابی طالب، قم، الطبعة الاولى.

[4]. تفسیر نورالثقلین، ج1، ص 478.

[5]. الأمثل فی تفسیر کتاب الله المنزل، ج3، ص220.   

[6]. خانواده در قرآن، ص111 وما بعدها.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280329 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258942 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129731 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115915 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89625 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61176 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60456 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57420 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51840 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    47778 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...