بحث متقدم
الزيارة
5260
محدثة عن: 2011/03/03
خلاصة السؤال
هل یعد مسلما من آمن بالله و الرسول (ص) و القرآن الکریم، إلا أنه لم یتخذ أی موقف تجاه ما وقع بعد النبی (ص)؟
السؤال
أرجوا أن تجیبوا عن هذا السؤال و لکم الشکر الجزیل:
کان الله عالما بمستوى تفکیر و عقیدة الناس بعد وفاة الرسول الأعظم، و لهذا أبلغ أن محمداً (ص) خاتم النبیین. هنا إذا آمن إنسان بمقتضى فهمه و استنباطه من القرآن الذی بین یدیه بوحدة الله سبحانه و نبوة الأنبیاء و الآیات الإلهیة و ملائکة السماء و المعاد و حاول أن یطبق ما جاء فی القرآن من الأمر بالصلاة و الزکاة و الخیرات و… و عاش حیاة الأخیار و الصلحاء و تاب إلى الله عما قد ارتکبه من ظلم و آثام و عوّض عنها بالعمل الصالح و اتخذ کلام الله فصل الخطاب فی حیاته، إلا أنه لم یبال بعقائد أصحاب الرسول بعد وفاته و ما وقع بینهم من حروب و صلح و شجار و کلام متناقض و نزاعات! فعلى أساس صریح آیات القرآن، هل هذا الإنسان قد أسلم لأمر الله أم لا؟ و هل یحسب فی عداد من أشیر إلیهم فی آیات 60 إلى 63 من سورة مریم و الآیات المشابهة لها أم لا؟
أرجوا أن تجیبونی بإجابة صریحة موجزة. إن کان جوابکم النفی بمعنى أن الله قد کلف هؤلاء المؤمنین بتکلیف آخر فاذکروا مصدره القرآنی.
الجواب الإجمالي
لایوجد جواب الجمالی لهذا السؤال، النقر الجواب التفصیلی.
الجواب التفصيلي

بالنسبة إلى سؤالکم نقول: إن عمل أناس بما علموا و خطوا خطاهم فی سبیل معرفة الحق بما وسعهم، لکنهم لم یخرجوا بنتیجة عامة وقطعیة فی جمیع المسائل الخلافیة، فلا شک فی أنه سوف لا تهمل أعمالهم الصالحة بلا ثواب و سوف تشملهم رحمة الله الواسعة.

إن مطالعة جواب 7202 (الموقع: 5788) قد یزیح کثیرا من قلقکم فی هذا الشأن. لکن لابد من الإشارة إلى هذه القضیة و هی أن المسلم المسؤول لا یستطیع أن یتملص من أعباء التحقیق بذریعة أنی قد نصبت کتاب الله دلیلا لفعلی و لا دخل لی بسائر الأمور. لإن:

1ـ صحیح أن القرآن قد نزل من أجل فهم و هدایة کافة الناس، و للجمیع أن یستفیضوا من معارفه و علومه بحسب استیعابهم، لکن هناک مسائل و قضایا دقیقة تفسیریة تحتاج إلى مراجعة ذوی الاختصاص. [1]

لم تذکر کل الجزئیات و التفاصیل کعدد رکعات الصلاة فی القرآن حتى یتأتى الاستغناء عن باقی مصادر الإسلام و على رأسها أحادیث العترة و أهل بیت النبوة (ص) حیث أشار النبی إلیهم فی حدیث الثقلین کأحد المصادر المهمة لمعرفة تعالیم الإسلام. [2]

3ـ من تعالیم القرآن الکریم هو التحقیق و السؤال من الآخرین فی ما نجهله و لا نعلم به. [3]

إذن لا یمکن أن یکون الإنسان ملتزما بأحکام القرآن، و من جهة أخرى یمتنع عن التحقیق و التفکیر فی مجهولات یرتکز علیها دین المسلم و عقیدته.

4ـ من خلال الآیات 59 و ما بعدها من سورة مریم التی أشرت إلیها فی سؤالک، [4] نکتشف أن أصحاب أنبیاء بنی إسرائیل قد انقسموا إلى فئتین؛ واحدة أتباع الشهوات و الأخرى الصالحون. و واضح أن أیّ إنسان فی ذلک الزمان، إن یدع التحقیق و تطبیق مصادیق الخلاف على تعالیم الأنبیاء، قد یقع فی فخ الفئة الأولى بأسالیبها و تبریراتها المطلیة بظواهر الدین و بالتالی ینحرف عن الصراط المستقیم.

و لم یعدم هذا الاحتمال الآن و لا نستطیع أن نرسم صورة دقیقة عن معتقداتنا من دون دراسة الخلافات الموجودة.

5ـ لا یخفى أن أحد أولى الأسباب فی ظهور هذه الخلافات المؤسفة التی حدثت بعد حیاة الرسول (ص)، هو موقف بعض الصحابة فی منع النبی (ص) عن کتابة وصیته حیث قالوا: "حسبنا کتاب الله!" [5]

إن قبول هذا الاستدلال حرم المسلمین من الاستفادة الکاملة من سنة النبی (ص) و من سنة باقی الأئمة.

و لا ینبغی أن نکرر هذا الخطأ مرة أخرى!

و فی الختام نقول: ان عنوان المسلم یصدق على الانسان بمجرد نطقه بالشهادتین، و تجری علیه الاحکام الظاهریة للاسلام من قبیل الطهارة و احترام دمه و ماله و عرضه و.... و اما اهماله لقضیة النزاع فان کان مجرد الاهمال التاریخی للقضیة لایرید الخوض فی القضایا التاریخیة فهذا لایضر باسلامه و لا یضر بتشیعه ان کان قد اتخد من اهل البیت (ع) مرجعا له بعد الرسول (ص) و حجة على العباد و ذلک لانه لم یقل احد من الفقهاء او الائمة بوجود قراءة التاریخ و الخوض فی قضایا النزاع و الخصام بین الصحابة؛ و ان کان قد اهمل هذا الامر (مرجعیة اهل البیت) ایضا فیصدق علیه عنوان المسلم و لکن لایصدق علیه عنوان الشیعی.



[1] راجع فی ه ذا الخصوص   سؤال 5144 (الموقع: 5370) .

[2] " انی تارک فیکم الثقلین کتاب الله و عترتی..."، وهذه الروایة مما اتفق علیها جمیع الفرق الإسلامیة. راجع: سؤال 6921 (الموقع: 7359) .

[3] نحل، 43؛ انبیاء، 7؛ حجرات، 6؛ نجم، 28 و ... .

[4] "فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَ اتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ یَلْقَوْنَ غَیًّا. إِلاَّ مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ...".

[5] صحیح البخاری، ج 5، ص 138-137، دار الفکر، بیروت، 1401 هـ ق.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280274 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258855 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129655 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115714 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89578 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61080 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60391 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57383 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51662 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47726 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...