Please Wait
6102
کل العبادات و منها الصلاة و الصوم و الحج لها آثار فردیة و اجتماعیة کثیرة. فمن أفضل آثار الصلاة هو التقرب إلى الله و النهی عن الفحشاء و المنکر. و کذلک الصوم له آثار کثیرة، من قبیل صحة الجسم و إثارة شعور المواساة و التقوى. و کذلک إن أدى الإنسان مناسک الحج أی هذا السفر الروحانی و المعنوی مع مراعاة آدابه و شروطه و اهتم بأبعاده الباطنیة و المعنویة مضافا إلى اهتمامه بآدابه و مناسکه الظاهریة، عند ذلک سیترک الحج فی الإنسان آثاراً مبارکة و عمیقة قد تبقى فی وجود الإنسان إلى آخر عمره. إن التزین بزینة العبودیة و صفاتها و تمثل صفة التسلیم و العبودیة أمام الله سبحانه و تعالى فی وجود الإنسان و مرافقته و مواکبته مع قافلة أنبیاء الله العظام و خاصة أولیاء الله و عباده الصالحین فی تلک الأراضی المقدسة فی مکة و المدینة و تلک المواقف العظیمة فی عرفات و المشعر و منى و ارتداء تلک الخلعة البیضاء النی تذکر الإنسان بخلعة الموت، کل ذلک یترک آثارا عمیقة فی وجود الإنسان. أما لو کانت أعمالنا خالیة من آثارها الخاصة بها و ما کان لها تأثیر على سلوکنا و أخلاقنا فیجب أن نفتش عن سبب هذا النقص فی أعمالنا و نیاتنا و نبادر فی رفع هذه العوامل.
إن تأثیر الأعمال و العبادات فی أخلاق الإنسان و سلوکه، مرتبط کاملا بالخلفیات الروحیة و المعنویة لأداء العبادات و حفظ جمیع آدابها و شروطها. فإن لم تؤثر عباداتنا فی أخلاقنا و سلوکنا، فیجب أن نفتش عن سبب هذا النقص فی أعمالنا و نیاتنا و نبادر فی رفع هذه العوامل. لکن على أی حال إن لهذه الفرائض آثاراً و نتائج عدیدة على الفرد و المجتمع یقر بها أی إنسان منصف.
آثار الصلاة
و إن کانت الصلاة الکاملة لها آثار عمیقة على روح الإنسان و شخصیته و کل ما ابتعدنا عن هذه الصلاة تنقص آثارها بالطبع، لکن هنا یطرح السؤال التالی: إن ترک الإنسان المذنب و الفاقد للنیة الخالصة صلاته فهل سیتحسن حال هذا الإنسان؟ هل سیصفو و یتنور قلبه؟ لا شک فی أن الصلاة لها آثارها فی هذا الإنسان الفاسد و المذنب أیضا؛ تأثیراً بحسب حاله، بحیث لو تترک هذه الصلاة، لکثرت و توسعت ذنوبه و فساده؛ یعنی یتجلى أثر الصلاة الذی هو النهی عن الفحشاء و المنکر [1] فی هذا الإنسان بشکل خفیف و ضئیل و یمنعه بحسبه عن التورط الأکثر فی المفاسد و السیئات. وهل هناک منصف یمکنه أن ینکر مثل هذه الآثار الواضحة؟!
روِی أَنَّ فتى من الانصارِ کان یُصلِّی الصَّلَاةَ مع رسول اللَّهِ (ص) و یرتکِب الفواحشَ فوُصفَ ذلک لرسُولِ اللَّهِ (ص) فقال: إِنَّ صلاتهُ تنْهَاهُ یوْماً ما فلمْ یلْبَثْ أَنْ تَابَ. [2]
و هنا نطرح السؤال الثانی: إن الإنسان الذی هو تارک للصلاة و له نیة صافیة و قلب طاهر، لو کان من المصلین العابدین و من اهل الدعاء و التوسل و المناجاة مع الله سبحانه، أما کان قلبه أکثر نقاءً وطهارة؟ أما کان قلبه أکثر نورا و صفاء؟
إن تأثیر الصلاة فی أی أحد تابع لمدى معرفته وعلمه وإخلاصه فی نیته وحضور قلبه وغیر ذلک من الشروط والآداب التی یراعیها. وبما أن هذه الأمور تختلف من فرد إلى فرد فتختلف صلوات الناس وآثارها أیضا ولکن على أی حال لا تخلو أی صلاة من أثر حتى لو اختلفت مدى هذه الآثار بشکل کامل. [3]
آثار الصوم
لقد أحصیت آثار و فوائد روحیة و جسمیة و اجتماعیة کثیرة للصوم [4] نشیر إلى بعضها:
1ـ إن الصوم یلطف روح الإنسان و یشد من عزمه و إرادته و یصلح عرائزه. [5]
2ـ من أهداف الصوم تحقیق المساواة بین الفقیر و الغنی، لیشعر الناس بالجوع و یذکروا الفقراء و المساکین و یؤدوا حقوقهم.
3ـ إن للصوم آثاراً صحیة کثیرة تؤدی إلى سلامة الجسم و صحته. [6] الکسی سوفورین (العالم الروسی) یعتبر الصیام طریقاً لعلاج الکثیر من الأمراض مثل فقر الدم و ضعف الأمعاء و داء المفاصل و النقرس و أمراض العین و السکر و أمراض الکلى و الکبد. [7]
4ـ طبقا للإحصائیات الرسمیة یقل عدد الجرائم و الذنوب فی شهر رمضان إلى حد کبیر.
آثار الحج:
إن أدى الإنسان مناسک الحج أی هذا السفر الروحانی و المعنوی مع مراعاة آدابه و شروطه و اهتم بأبعاده الباطنیة و المعنویة مضافا إلى اهتمامه بآدابه و مناسکه الظاهریة، عند ذلک سیترک الحج فی الإنسان آثارا مبارکة و عمیقة قد تبقى فی وجود الإنسان إلى آخر عمره. إن التزین بزینة العبودیة و صفاتها و تمثل صفة التسلیم و العبودیة أمام الله سبحانه و تعالى فی وجود الإنسان و مرافقته و مواکبته مع قافلة أنبیاء الله العظام و خاصة أولیاء الله و عباده الصالحین فی هذه الأراضی المقدسة فی مکة و المدینة و تلک المواقف العظیمة فی عرفات و المشعر و منى و ارتداء تلک الخلعة البیضاء النی تذکر الإنسان بخلعة الموت و مغادرة الدنیا، و الطواف حول بیت الله و مرکز التوحید، و التآلف و الاتحاد مع عباد الله المطیعین الذین جردوا أنفسهم من کل زینة و تعلق، کل ذلک یدفع الحاجّ إلى تحول عمیق و جذری. و کذلک آثاره الاجتماعیة کثیرة جدا. إن اجتماع الملایین من المسلمین فی زمن واحد و مکان خاص مثل مکة المکرمة یمثل اتحاد العالم الإسلامی و قدرته.
مع کل الآثار و الفوائد التی ذکرتها النصوص الدینیة للعبادات، أما لو کانت أعمالنا خالیة من آثارها الخاصة بها و ما کان لها تأثیر على سلوکنا و أخلاقنا فیجب أن نفتش عن سبب هذا النقص فی أعمالنا و نیاتنا و نبادر فی رفع هذه العوامل. کما اذا رأینا أن صلاتنا لا تنهانا عن الفحشاء و المنکر و لا تقربنا إلى الله، یجب أن نعلم بأن هذه الصلاة لا تحتوی على شروط و مواصفات الصلاة الکاملة و لیس لها إلا قالب العبادة و ظاهرها، و بالتالی تفقد الآثار الحقیقیة للعبادة أی التقرب إلى الله و الابتعاد عن المنکرات، و هکذا الأمر فی سائر العبادات.
[1] عنکبوت، 49.
[2] بحار الأنوار، ج79، ص198.
[3] لرؤیة الآثار الأخرى للصلاة راجع سؤال 5394 (الموقع: 5664) (معنى الصلاة وآثارها)
[4] راجع ال کلینی، أصول الکافی، ج 4، ص 62، باب فضل الصوم و الصائم، دار الکتب الاسلامیة، قم، 1365.
[5] یقول القرآن: "کتب علیکم الصیام ...، لعلکم تتقون. (البقرة، 183).
[6] المجلسی، محمد باقر، بحار الأنوار، ج 59، ص 267، موسسة الوفاء، بیروت، 1404.
[7] اقتباسا من برنامج پرسمان (قرص کامبوتری یحتوی على عدد کبیر من الاجابات).