بحث متقدم
الزيارة
6140
محدثة عن: 2010/08/17
خلاصة السؤال
لماذا یفقد أداء بعض الفرائض کالصلاة و الصوم و الحج و غیرها آثاره الملموسة؟
السؤال
لماذا یفقد أداء بعض الفرائض کالصلاة و الصوم و الحج و غیرها آثاره الملموسة؟
الجواب الإجمالي

کل العبادات و منها الصلاة و الصوم و الحج لها آثار فردیة و اجتماعیة کثیرة. فمن أفضل آثار الصلاة هو التقرب إلى الله و النهی عن الفحشاء و المنکر. و کذلک الصوم له آثار کثیرة، من قبیل صحة الجسم و إثارة شعور المواساة و التقوى. و کذلک إن أدى الإنسان مناسک الحج أی هذا السفر الروحانی و المعنوی مع مراعاة آدابه و شروطه و اهتم بأبعاده الباطنیة و المعنویة مضافا إلى اهتمامه بآدابه و مناسکه الظاهریة، عند ذلک سیترک الحج فی الإنسان آثاراً مبارکة و عمیقة قد تبقى فی وجود الإنسان إلى آخر عمره. إن التزین بزینة العبودیة و صفاتها و تمثل صفة التسلیم و العبودیة أمام الله سبحانه و تعالى فی وجود الإنسان و مرافقته و مواکبته مع قافلة أنبیاء الله العظام و خاصة أولیاء الله و عباده الصالحین فی تلک الأراضی المقدسة فی مکة و المدینة و تلک المواقف العظیمة فی عرفات و المشعر و منى و ارتداء تلک الخلعة البیضاء النی تذکر الإنسان بخلعة الموت، کل ذلک یترک آثارا عمیقة فی وجود الإنسان. أما لو کانت أعمالنا خالیة من آثارها الخاصة بها و ما کان لها تأثیر على سلوکنا و أخلاقنا فیجب أن نفتش عن سبب هذا النقص فی أعمالنا و نیاتنا و نبادر فی رفع هذه العوامل.

الجواب التفصيلي

إن تأثیر الأعمال و العبادات فی أخلاق الإنسان و سلوکه، مرتبط کاملا بالخلفیات الروحیة و المعنویة لأداء العبادات و حفظ جمیع آدابها و شروطها. فإن لم تؤثر عباداتنا فی أخلاقنا و سلوکنا، فیجب أن نفتش عن سبب هذا النقص فی أعمالنا و نیاتنا و نبادر فی رفع هذه العوامل. لکن على أی حال إن لهذه الفرائض آثاراً و نتائج عدیدة على الفرد و المجتمع یقر بها أی إنسان منصف.

 

آثار الصلاة

و إن کانت الصلاة الکاملة لها آثار عمیقة على روح الإنسان و شخصیته و کل ما ابتعدنا عن هذه الصلاة تنقص آثارها بالطبع، لکن هنا یطرح السؤال التالی: إن ترک الإنسان المذنب و الفاقد للنیة الخالصة صلاته فهل سیتحسن حال هذا الإنسان؟ هل سیصفو و یتنور قلبه؟ لا شک فی أن الصلاة لها آثارها فی هذا الإنسان الفاسد و المذنب أیضا؛ تأثیراً بحسب حاله، بحیث لو تترک هذه الصلاة، لکثرت و توسعت ذنوبه و فساده؛ یعنی یتجلى أثر الصلاة الذی هو النهی عن الفحشاء و المنکر [1] فی هذا الإنسان بشکل خفیف و ضئیل و یمنعه بحسبه عن التورط الأکثر فی المفاسد و السیئات. وهل هناک منصف یمکنه أن ینکر مثل هذه الآثار الواضحة؟!

 روِی أَنَّ فتى من الانصارِ کان یُصلِّی الصَّلَاةَ مع رسول اللَّهِ (ص) و یرتکِب الفواحشَ فوُصفَ ذلک لرسُولِ اللَّهِ (ص) فقال: إِنَّ صلاتهُ تنْهَاهُ یوْماً ما فلمْ یلْبَثْ أَنْ تَابَ. [2]

و هنا نطرح السؤال الثانی: إن الإنسان الذی هو تارک للصلاة و له نیة صافیة و قلب طاهر، لو کان من المصلین العابدین و من اهل الدعاء و التوسل و المناجاة مع الله سبحانه، أما کان قلبه أکثر نقاءً وطهارة؟ أما کان قلبه أکثر نورا و صفاء؟

إن تأثیر الصلاة فی أی أحد تابع لمدى معرفته وعلمه وإخلاصه فی نیته وحضور قلبه وغیر ذلک من الشروط والآداب التی یراعیها. وبما أن هذه الأمور تختلف من فرد إلى فرد فتختلف صلوات الناس وآثارها أیضا ولکن على أی حال لا تخلو أی صلاة من أثر حتى لو اختلفت مدى هذه الآثار بشکل کامل. [3]  

آثار الصوم

لقد أحصیت آثار و فوائد روحیة و جسمیة و اجتماعیة کثیرة للصوم [4] نشیر إلى بعضها:

1ـ إن الصوم یلطف روح الإنسان و یشد من عزمه و إرادته و یصلح عرائزه. [5]

2ـ من أهداف الصوم تحقیق المساواة بین الفقیر و الغنی، لیشعر الناس بالجوع و یذکروا الفقراء و المساکین و یؤدوا حقوقهم.

3ـ إن للصوم آثاراً صحیة کثیرة تؤدی إلى سلامة الجسم و صحته. [6] الکسی سوفورین (العالم الروسی) یعتبر الصیام طریقاً لعلاج الکثیر من الأمراض مثل فقر الدم و ضعف الأمعاء و داء المفاصل و النقرس و أمراض العین و السکر و أمراض الکلى و الکبد. [7]

4ـ طبقا للإحصائیات الرسمیة یقل عدد الجرائم و الذنوب فی شهر رمضان إلى حد کبیر.

آثار الحج:

إن أدى الإنسان مناسک الحج أی هذا السفر الروحانی و المعنوی مع مراعاة آدابه و شروطه و اهتم بأبعاده الباطنیة و المعنویة مضافا إلى اهتمامه بآدابه و مناسکه الظاهریة، عند ذلک سیترک الحج فی الإنسان آثارا مبارکة و عمیقة قد تبقى فی وجود الإنسان إلى آخر عمره. إن التزین بزینة العبودیة و صفاتها و تمثل صفة التسلیم و العبودیة أمام الله سبحانه و تعالى فی وجود الإنسان و مرافقته و مواکبته مع قافلة أنبیاء الله العظام و خاصة أولیاء الله و عباده الصالحین فی هذه الأراضی المقدسة فی مکة و المدینة و تلک المواقف العظیمة فی عرفات و المشعر و منى و ارتداء تلک الخلعة البیضاء النی تذکر الإنسان بخلعة الموت و مغادرة الدنیا، و الطواف حول بیت الله و مرکز التوحید، و التآلف و الاتحاد مع عباد الله المطیعین الذین جردوا أنفسهم من کل زینة و تعلق، کل ذلک یدفع الحاجّ إلى تحول عمیق و جذری. و کذلک آثاره الاجتماعیة کثیرة جدا. إن اجتماع الملایین من المسلمین فی زمن واحد و مکان خاص مثل مکة المکرمة یمثل اتحاد العالم الإسلامی و قدرته.

مع کل الآثار و الفوائد التی ذکرتها النصوص الدینیة للعبادات، أما لو کانت أعمالنا خالیة من آثارها الخاصة بها و ما کان لها تأثیر على سلوکنا و أخلاقنا فیجب أن نفتش عن سبب هذا النقص فی أعمالنا و نیاتنا و نبادر فی رفع هذه العوامل. کما اذا رأینا أن صلاتنا لا تنهانا عن الفحشاء و المنکر و لا تقربنا إلى الله، یجب أن نعلم بأن هذه الصلاة لا تحتوی على شروط و مواصفات الصلاة الکاملة و لیس لها إلا قالب العبادة و ظاهرها، و بالتالی تفقد الآثار الحقیقیة للعبادة أی التقرب إلى الله و الابتعاد عن المنکرات، و هکذا الأمر فی سائر العبادات.



[1] عنکبوت، 49.  

[2] بحار الأنوار، ج79، ص198.

[3] لرؤیة الآثار الأخرى للصلاة راجع سؤال 5394 (الموقع: 5664) (معنى الصلاة وآثارها)

[4] راجع ال کلینی، أصول الکافی، ج 4، ص 62، باب فضل الصوم و الصائم، دار الکتب الاسلامیة، قم، 1365.

[5] یقول القرآن: "کتب علیکم الصیام ...، لعلکم تتقون. (البقرة، 183).

[6] المجلسی، محمد باقر، بحار الأنوار، ج 59، ص 267، موسسة الوفاء، بیروت، 1404.

[7] اقتباسا من برنامج پرسمان (قرص کامبوتری یحتوی على عدد کبیر من الاجابات).

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280465 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    259118 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129816 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    116202 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89697 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61314 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60564 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57472 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    52091 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    48156 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...