Please Wait
10020
لاشك أن المذهب الشيعي يمثل حقيقة الاسلام الناصعة التي أشاد أسسها و قواعدها الرسول الاكرم (ص) و التي ختمت بوصيته الرائعة في التمسك بالكتاب و العترة و الأخذ باذيال علي (ع) لدخول الباب التي ينبغي على المسلم الاهتمام بها و توفير الارضية المناسبة لدخولها على الوجه الصحيح.
نعم، توفر في عصر الامام الصادق (ع) من الشروط الموضوعية المناسبة التي أتاحت له (ع) بنشر الفكر و المعارف الدينية بحرية أكبر و بطريقة أشمل ما لم يتوفر لمن سبقه من الائمة (ع)، و المؤشر على ذلك التحول الكبير في الحركة التبليغية في عصره أن ما يقرب من سبعين بالمئة من الروايات الفقهية رويت عن طريقه (ع)، و لم يقتصر الأمر على المذهب الشيعي في استغلاله لهذه الفرصة الذهبية بل نجد المذاهب الاخرى قد أرست قواعدها في تلك الفترة. من هنا يمكن القول بان ذلك العصر مثل عصر تأسيس المذاهب الفقهية في الاسلام.
من هنا عندما يوصف المذهب الشيعي بالمذهب الجعفري فانما تنطلق التسمية من هذه الحيثية فقط و أنها ناظرة الى الجانب الفقهي في مقابل المذاهب الفقهية الاخرى، و الا فان قواعد المذهب و اصوله الكبرى عامة و أصل الإمامة خاصة تمد بجذورها الى عصر النبي الاكرم (ص) من جهة، و من جهة أخرى لم يكن التشيع يوما ما في عرض المذاهب الاسلامية الاخرى؛ لاننا نعتقد بان المذهب الشيعي نسخة متطابقة مع ما جاء به الرسول الاكرم (ص) من تعاليم و مفاهيم دينية.
اتضح أن مصطلح المذهب الجعفري لا يعني بحال من الاحوال كون الانطلاق الاولى للمذهب الشيعي تعود الى عصره (ع) كما يؤرخ لسائر المذاهب الأخرى التي تتبع أول مؤسس لها، بل حقيقة الأمر أن التشيع و كما هو ثابت في محله، ينطلق من عصر النبي (ص) الذي رسم الخطوط الاساسية له و التي تتمثل بخطوط الاسلام، فلا يوجد عندنا ثنائة إسلام و تشيع قطعاً، غاية ما في الأمر توسع الجانب الفقهي و انتشاره و كثرة الطلاب الناهلين من نمير منبع الاسلام العذب، قد توسع في عصر الامام الصادق (ع). و نحن اذا تأملنا في التسمية نراها تسمية توصيفة لا أنها بصدد تثبيت كون الامام الصادق (ع) هو المؤسس الاول للمذهب الشيعي كأبي حنيفة او مالك. و إن كنا نعتقد جازمين بانه لو كان الامام الصادق (ع) هو المؤسس للمذهب الشيعي، يكون ذلك حجة علينا و لا تختلف القضية قيد أنمله عما هي عليه الآن؛ لانهم عليهم السلام حجج الله على العباد و ما يصدر عنهم حجة على المسلمين جزماً.