بحث متقدم
الزيارة
6561
محدثة عن: 2010/04/13
خلاصة السؤال
ما الفرق بین المفهوم و الماهیة في المنطق؟
السؤال
ما الفرق بین المفهوم و الماهیة في المنطق؟ و لماذا یقولون لا یمکن تعریف المفاهیم بالحد، لکن یمکن ذلک بالنسبة للماهیة؟
الجواب الإجمالي

المفهوم بشکل عام یشمل المفاهیم الحقیقیة و الإعتباریة، و المراد من الماهیة هو المفهوم الحقیقي الذي یسمی أیضاً بالمعقول الأولي. و المفاهیم غیر الحقیقیة هي مفاهیم اعتباریة و غیر ماهویة و لیس لها قابلیة الوجود في الذهن و في الخارج معاً، و الجدير بالذكر هناأن هذه المفاهيم لیس لها عینیة بین المفهوم و المصداق، أما الماهیات فتتطابق مع أفرادها تطابقاً ذاتیاً. من هنا  لا یمکن الوصول إلی حقیقة المصداق عن طریق المفهوم.

الجواب التفصيلي

نرى من الضروري الاجابة عن السؤال المطروح من خلال تتبّع الملاحظات المدرجة أدناه:

1- إن المفهوم أعم من الماهیة. و المفهوم الحقیقي الذي یطلق علی المعقول الأولي، هو نفس الماهیة، طبعاً الماهیة بالحمل الشائع مثل مفاهیم السواد و البیاض و الحجر و الخشب و نظرائها، لا الماهیة بالحمل الأولي التي هي من المفاهیم الاعتباریة التي تکون في عداد المعقولات الثانویة.[1] و المعقولات الثانویة علی خلاف المفاهیم الحقیقیة، حیث تکون اعتباریة و غیر ماهویة و لیس لها قابلیة الحضور في الذهن و الوجود في الخارج معاً، و لابد من القول أن هذه المفاهیم لیس لها عینیة بین المفهوم و المصداق، و حملها علی مصادیقها لیس کحمل الماهیة علی أفرادها التي بینهما تطابق ذاتي. فلا يمكن الوصول إلی حقیقة المصداق عن طریق المفهوم.

تنقسم هذه المفاهیم إلی قسمین: معقولات ثانویة فلسفیة و معقولات ثانویة منطقیة. المعقولات الثانویة الفلسفیة هي علی خلاف الماهیة التي تکون نسبتها للخارجیة والمنشأیة للآثار لا بشرط و لا اقتضاء، بل هي عین الواقعیة و ترتب الآثار فهي مفاهیم تکون حیثیة مصداقها حیثیة الوجود في الخارج و منشأ الآثار الخارجیة کالوحدة و الفعلیة و الوجوب و غیر ذلک. أما المعقولات الثانویة المنطقیة، فهي مفاهیم تختلف عن ماهیتها من حیث أن حیثیة مصداقها الوجود في الذهن لذلک من المستحیل أن تتحقق في الخارج.[2]

2- إن الماهیة مصدر جعلي مشتق من «ماهو» و هو بمعنی إسم مصدري. و المفاهیم الماهویة هي مفاهیم تعکس ذات و ذاتيات مصادیقها و تبیّن حقیقة الأشیاء الخارجیة.

3- تتحقق الماهیة و تنوجد تارة بالوجود الخارجي و أخرى بالوجود الذهني، و خارجیتها و ذهنیتها لیسا عین ذاتها بل هما مفهوم في مقابل الماهیة، و من المستحیل أن تتحقق في الخارج. و بعبارة أخری إن الماهیة لها قابلیة التبدّل إلی الوجود مع حفظ أصل الذات بخلاف المفهوم الذي لیس له قابلیة التبدّل إلی الوجود. لذلک یطلق علی ما یحکی عن الماهیة بالفرد و یطلق علی ما یحکی عن المفهوم بالمصداق، و هذا یعني ان في الخارج؛ للمفهوم مصداق و للماهیة فرد. و من خصوصیات المفهوم انه یحمل علی مصادیقه لکن لا کحمل الجنس و النوع علی أفراده، لذلک فالمفهوم بالنسبة لمصادیقه من قبیل العرض للذات، أما الماهیة فتحمل علی أفرادها بعنوانها واحدة من الکلیات الخمسة، و بعبارة أخری إن المفهوم انتزاعي أما الماهیة هي نفس ذات الشيء.[3]

لماذا یقال: المفهوم لا یعرف بالحد؟

بما ان السؤال عن الماهیة هو سؤال عن حقیقة و هویة الشيء، لذلک یجب الجواب في مقام السؤال عن الماهیة والجواب هو تعریف حدّ هذا الشيء –حسب الاصطلاح- کما قیل: "إن الحد عبارة عن القول الذي یبیّن ماهیة الشيء". [4] و من المعلوم أن تعریف الشيء بالحد في علم المنطق هو: التعریف بالفصل القریب (وجه التمایز الأصلي للشيء)، سواءً أ کان حدّاً تاماً الذي یجب ذکر جنسه و فصله القریبین، أم حدا ناقصاً الذي یشتمل على الجنس البعید و الفصل القریب، أو يعرف بالفصل القریب خاصة.

لذا فالماهیة قابلة للتعریف بالحد من حیث أنها تشیر إلی الحدود الحقیقیة للأشیاء و تمیّزها عن سائر الحدود الوجودیة، أما المفهوم (غیر المفاهیم الحقیقیة التي هي نفس الماهیة) فلا یحظی بهذا الإتحاد و التطابق الذاتي مع الشيء أو المصداق الخارجي؛ لذلک فهو غیر قابل للتعریف بالحد. إلا إذا أردنا تعریف المفهوم بشکل عام مع قطع النظر عن کونه لشيء ما فعندئذٍ یکون قابلاً للتعریف بعنوانه کیفاً نفسانیاً.

 


[1]  شرح المصطلحات الفلسفیة بدایة الحکمة و نهایة الحکمة، علي الشیرواني، ص 160 – الاصطلاحات الفلسفیة واختلافها فیما بینها، علي الکرجي، ص 237.

[2]  شرح المصطلحات الفلسفیة بدایة الحکمة و نهایة الحکمة، علي الشیرواني، ص 157 – 158.

[3]  الاصطلاحات الفلسفیة واختلافها فیما بینها، علي الکرجي، ص 220 – 221 – موسوعة العلوم العقلیة، سید جعفر السجادي، ص 513 و 567، (جزء واحد) الشرح المبسوط للمنظومة، ج 1، الشهید المطهري، ص 32 (أربعة أجزاء).

[4]  نفس المصدر، ج 1، ص 301.

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

  • هل ان ابقاء العلکة تحت اللسان فی اثناء الصلاة فیه اشکال؟
    5131 الحقوق والاحکام 2009/11/11
    یقول الإمام الخمینی(قد) و باقی المراجع العظام:ابتلاع اجزاء الطعام المتبقّیة فیما بین الأسنان لایوجب بطلان الصلاة، و لکن إذا بقی القند أو السکّر و ما شابه ذلک فی الفم و ذاب بالتدریج اثناء الصلاة فابتلعه فإن فی صلاته اشکالاً.[1]
  • ما هی الوظائف القانونیة للمرأة تجاه زوجها؟
    11733 الحقوق والاحکام 2008/08/21
    ان الحیاة الزوجیة قوامها و استمراریتها تکمن فی الحب و التفاهم و الاحترام المتبادل بین الزوجین و الاعتراف بحقوق کل من الطرفین. و الدین الاسلامی من أجل تدعیم و تحکیم الاسرة التی هی النواة الاولى للمجتمع حدد لکل من الزوجین مجموعة من الحقوق و الواجبات، لانه تعالى أینما جعل حقا ...
  • ما هو حكم النفساء؟
    6108 الحقوق والاحکام 2012/08/27
    النفاس: هو دم الولادة معها أو بعدها قبل انقضاء عشرة أيام من حينها و لو كان سقط و لم تلج فيه الروح، بل و لو كان مضغة أو علقة إذا علم كونها مبدأ نشوء الولد، و يقال للمرأة نفساء.[1] و من ...
  • ما هی قصة ذبح عبد الله والد النبی (ص)؟
    5824 تاريخ بزرگان 2011/10/16
    الواقعة هی: إن عبد المطلب کان قد دعا الله عز و جل أن یرزقه عشرة بنین و نذر لله عز و جل أن یذبح واحدا منهم متى أجاب الله دعوته فلما بلغوا عشرة أولاد قال: قد وفى الله لی فلأفین لله عز و جل. فأدخل ولده الکعبة و أسهم بینهم ...
  • ما هو حدّ العلاقة الجنسیة فی عقد المحرمیة فی فترة الخطوبة؟
    5774 الحقوق والاحکام 2009/11/24
    أن عقد المحرمیة هو فی الحقیقة نفس العقد المؤقت، فهو مثل العقد الدائم فی جواز الاستمتاعات الجنسیة. و لکن یجوز للطرفین أن یشترطا فی ضمن هذا العقد (الزواج المؤقت) أن لا یکون فیه بعض الاستمتاعات الجنسیة، کأن یشترطا عدم الدخول أو ... ففی مثل ذلک یکون العقد صحیحاً ...
  • من هو عبد الله بن مسعود؟ و هل کان یقول بإمامة أمیر المؤمنین (ع)؟
    6870 تاريخ بزرگان 2009/03/02
    یعد عبد الله بن مسعود من صحابة النبی (ص) و قد اشترک فی الکثیر من المعارک فی صدر الاسلام و کان من المقربین من النبی (ص) و من القراء صاحب المصحف المعروف باسمه. و قد اثنى علیه کل من النبی الاکرم (ص) و الامام علی (ع)؛ و هذا یکشف بنحو ...
  • ما هی حدود العُرف و بعُهدة مَنْ تشخیص هذه الحدود؟ و هل هی قابلة للتغییر؟
    6387 الحقوق والاحکام 2008/03/12
    للعُرف أصلان لغویّان:أ ـ الأمر المقبول أو المرغرب فیه.ب ـ المعرفة و التعرف.و فی إصطلاح الفقهاء یطلق على "العادات و التصرفات و النظرة العامة للناس"، أما تعیین حدوده و سعة و ضیق دائرته منوطة بشکل إستعماله و الموارد التی یستعمل فیها، لأن للعُرف معانی مختلفة حسب موارد ...
  • هل من الثابت تاريخياً تخويف هبّار لزينب بنت النبي (ص) و إهدار النبي الاكرم (ص) لدمه؟
    6208 تاريخ بزرگان 2012/04/17
    وردت الروايات المذكورة في المصادر التاريخية بالنحو التالي: كان رسول الله (ص) بعث الى زينب ابنته من يقدم بها من مكة، فعرض لها نفر من قريش فيهم هبار، فنخس بها، و قرع ظهرها بالرمح، و كانت حاملا فاسقطت فردت الى بيوت بنى عبد مناف و كان هبار ...
  • هل یرفض الملاصدرا عملیة التقلید؟
    5390 الفلسفة الاسلامیة 2011/10/31
    یرى هنری کربن بان الملاصدرا من المخالفین للتقلید سواء على مستوى الفقهی أو العرفانی، و یرى کفایة العقل و الشریعة لنیل المقصود و الوصول الى الغایة، و یعد هذا الموقف منه من العوامل المؤثرة التی أدّت الى إخراجه من اصفهان بأمر من الشاه عباس الأول و فرض الاقامة الجبریة علیه ...
  • کیف نجمع بین معذوریة الحائض عن الصیام و بین الزامها –احیانا- بالصیام مدة شهرین متتابعین فی بعض الکفارات؟
    5486 الحقوق والاحکام 2012/02/15
    یکفی فی حصول التتابع فی الشهرین صوم الشهر الأول و یوم من الشهر الثانی، و یجوز له التفریق فی البقیة و لو اختیارا، و لو أفطر فی أثناء ما یعتبر فیه التتابع لغیر عذر وجب استئنافه، و إن کان للعذر کالمرض و الحیض و النفاس و السفر الاضطراری لم یجب ...

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280423 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    259067 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129789 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    116110 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89677 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61272 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60526 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57450 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    52031 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    48044 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...