بحث متقدم
الزيارة
6531
محدثة عن: 2010/04/13
خلاصة السؤال
ما الفرق بین المفهوم و الماهیة في المنطق؟
السؤال
ما الفرق بین المفهوم و الماهیة في المنطق؟ و لماذا یقولون لا یمکن تعریف المفاهیم بالحد، لکن یمکن ذلک بالنسبة للماهیة؟
الجواب الإجمالي

المفهوم بشکل عام یشمل المفاهیم الحقیقیة و الإعتباریة، و المراد من الماهیة هو المفهوم الحقیقي الذي یسمی أیضاً بالمعقول الأولي. و المفاهیم غیر الحقیقیة هي مفاهیم اعتباریة و غیر ماهویة و لیس لها قابلیة الوجود في الذهن و في الخارج معاً، و الجدير بالذكر هناأن هذه المفاهيم لیس لها عینیة بین المفهوم و المصداق، أما الماهیات فتتطابق مع أفرادها تطابقاً ذاتیاً. من هنا  لا یمکن الوصول إلی حقیقة المصداق عن طریق المفهوم.

الجواب التفصيلي

نرى من الضروري الاجابة عن السؤال المطروح من خلال تتبّع الملاحظات المدرجة أدناه:

1- إن المفهوم أعم من الماهیة. و المفهوم الحقیقي الذي یطلق علی المعقول الأولي، هو نفس الماهیة، طبعاً الماهیة بالحمل الشائع مثل مفاهیم السواد و البیاض و الحجر و الخشب و نظرائها، لا الماهیة بالحمل الأولي التي هي من المفاهیم الاعتباریة التي تکون في عداد المعقولات الثانویة.[1] و المعقولات الثانویة علی خلاف المفاهیم الحقیقیة، حیث تکون اعتباریة و غیر ماهویة و لیس لها قابلیة الحضور في الذهن و الوجود في الخارج معاً، و لابد من القول أن هذه المفاهیم لیس لها عینیة بین المفهوم و المصداق، و حملها علی مصادیقها لیس کحمل الماهیة علی أفرادها التي بینهما تطابق ذاتي. فلا يمكن الوصول إلی حقیقة المصداق عن طریق المفهوم.

تنقسم هذه المفاهیم إلی قسمین: معقولات ثانویة فلسفیة و معقولات ثانویة منطقیة. المعقولات الثانویة الفلسفیة هي علی خلاف الماهیة التي تکون نسبتها للخارجیة والمنشأیة للآثار لا بشرط و لا اقتضاء، بل هي عین الواقعیة و ترتب الآثار فهي مفاهیم تکون حیثیة مصداقها حیثیة الوجود في الخارج و منشأ الآثار الخارجیة کالوحدة و الفعلیة و الوجوب و غیر ذلک. أما المعقولات الثانویة المنطقیة، فهي مفاهیم تختلف عن ماهیتها من حیث أن حیثیة مصداقها الوجود في الذهن لذلک من المستحیل أن تتحقق في الخارج.[2]

2- إن الماهیة مصدر جعلي مشتق من «ماهو» و هو بمعنی إسم مصدري. و المفاهیم الماهویة هي مفاهیم تعکس ذات و ذاتيات مصادیقها و تبیّن حقیقة الأشیاء الخارجیة.

3- تتحقق الماهیة و تنوجد تارة بالوجود الخارجي و أخرى بالوجود الذهني، و خارجیتها و ذهنیتها لیسا عین ذاتها بل هما مفهوم في مقابل الماهیة، و من المستحیل أن تتحقق في الخارج. و بعبارة أخری إن الماهیة لها قابلیة التبدّل إلی الوجود مع حفظ أصل الذات بخلاف المفهوم الذي لیس له قابلیة التبدّل إلی الوجود. لذلک یطلق علی ما یحکی عن الماهیة بالفرد و یطلق علی ما یحکی عن المفهوم بالمصداق، و هذا یعني ان في الخارج؛ للمفهوم مصداق و للماهیة فرد. و من خصوصیات المفهوم انه یحمل علی مصادیقه لکن لا کحمل الجنس و النوع علی أفراده، لذلک فالمفهوم بالنسبة لمصادیقه من قبیل العرض للذات، أما الماهیة فتحمل علی أفرادها بعنوانها واحدة من الکلیات الخمسة، و بعبارة أخری إن المفهوم انتزاعي أما الماهیة هي نفس ذات الشيء.[3]

لماذا یقال: المفهوم لا یعرف بالحد؟

بما ان السؤال عن الماهیة هو سؤال عن حقیقة و هویة الشيء، لذلک یجب الجواب في مقام السؤال عن الماهیة والجواب هو تعریف حدّ هذا الشيء –حسب الاصطلاح- کما قیل: "إن الحد عبارة عن القول الذي یبیّن ماهیة الشيء". [4] و من المعلوم أن تعریف الشيء بالحد في علم المنطق هو: التعریف بالفصل القریب (وجه التمایز الأصلي للشيء)، سواءً أ کان حدّاً تاماً الذي یجب ذکر جنسه و فصله القریبین، أم حدا ناقصاً الذي یشتمل على الجنس البعید و الفصل القریب، أو يعرف بالفصل القریب خاصة.

لذا فالماهیة قابلة للتعریف بالحد من حیث أنها تشیر إلی الحدود الحقیقیة للأشیاء و تمیّزها عن سائر الحدود الوجودیة، أما المفهوم (غیر المفاهیم الحقیقیة التي هي نفس الماهیة) فلا یحظی بهذا الإتحاد و التطابق الذاتي مع الشيء أو المصداق الخارجي؛ لذلک فهو غیر قابل للتعریف بالحد. إلا إذا أردنا تعریف المفهوم بشکل عام مع قطع النظر عن کونه لشيء ما فعندئذٍ یکون قابلاً للتعریف بعنوانه کیفاً نفسانیاً.

 


[1]  شرح المصطلحات الفلسفیة بدایة الحکمة و نهایة الحکمة، علي الشیرواني، ص 160 – الاصطلاحات الفلسفیة واختلافها فیما بینها، علي الکرجي، ص 237.

[2]  شرح المصطلحات الفلسفیة بدایة الحکمة و نهایة الحکمة، علي الشیرواني، ص 157 – 158.

[3]  الاصطلاحات الفلسفیة واختلافها فیما بینها، علي الکرجي، ص 220 – 221 – موسوعة العلوم العقلیة، سید جعفر السجادي، ص 513 و 567، (جزء واحد) الشرح المبسوط للمنظومة، ج 1، الشهید المطهري، ص 32 (أربعة أجزاء).

[4]  نفس المصدر، ج 1، ص 301.

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280300 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258899 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129701 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115823 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89600 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61143 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60417 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57401 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51759 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47752 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...