Please Wait
6531
المفهوم بشکل عام یشمل المفاهیم الحقیقیة و الإعتباریة، و المراد من الماهیة هو المفهوم الحقیقي الذي یسمی أیضاً بالمعقول الأولي. و المفاهیم غیر الحقیقیة هي مفاهیم اعتباریة و غیر ماهویة و لیس لها قابلیة الوجود في الذهن و في الخارج معاً، و الجدير بالذكر هناأن هذه المفاهيم لیس لها عینیة بین المفهوم و المصداق، أما الماهیات فتتطابق مع أفرادها تطابقاً ذاتیاً. من هنا لا یمکن الوصول إلی حقیقة المصداق عن طریق المفهوم.
نرى من الضروري الاجابة عن السؤال المطروح من خلال تتبّع الملاحظات المدرجة أدناه:
1- إن المفهوم أعم من الماهیة. و المفهوم الحقیقي الذي یطلق علی المعقول الأولي، هو نفس الماهیة، طبعاً الماهیة بالحمل الشائع مثل مفاهیم السواد و البیاض و الحجر و الخشب و نظرائها، لا الماهیة بالحمل الأولي التي هي من المفاهیم الاعتباریة التي تکون في عداد المعقولات الثانویة.[1] و المعقولات الثانویة علی خلاف المفاهیم الحقیقیة، حیث تکون اعتباریة و غیر ماهویة و لیس لها قابلیة الحضور في الذهن و الوجود في الخارج معاً، و لابد من القول أن هذه المفاهیم لیس لها عینیة بین المفهوم و المصداق، و حملها علی مصادیقها لیس کحمل الماهیة علی أفرادها التي بینهما تطابق ذاتي. فلا يمكن الوصول إلی حقیقة المصداق عن طریق المفهوم.
تنقسم هذه المفاهیم إلی قسمین: معقولات ثانویة فلسفیة و معقولات ثانویة منطقیة. المعقولات الثانویة الفلسفیة هي علی خلاف الماهیة التي تکون نسبتها للخارجیة والمنشأیة للآثار لا بشرط و لا اقتضاء، بل هي عین الواقعیة و ترتب الآثار فهي مفاهیم تکون حیثیة مصداقها حیثیة الوجود في الخارج و منشأ الآثار الخارجیة کالوحدة و الفعلیة و الوجوب و غیر ذلک. أما المعقولات الثانویة المنطقیة، فهي مفاهیم تختلف عن ماهیتها من حیث أن حیثیة مصداقها الوجود في الذهن لذلک من المستحیل أن تتحقق في الخارج.[2]
2- إن الماهیة مصدر جعلي مشتق من «ماهو» و هو بمعنی إسم مصدري. و المفاهیم الماهویة هي مفاهیم تعکس ذات و ذاتيات مصادیقها و تبیّن حقیقة الأشیاء الخارجیة.
3- تتحقق الماهیة و تنوجد تارة بالوجود الخارجي و أخرى بالوجود الذهني، و خارجیتها و ذهنیتها لیسا عین ذاتها بل هما مفهوم في مقابل الماهیة، و من المستحیل أن تتحقق في الخارج. و بعبارة أخری إن الماهیة لها قابلیة التبدّل إلی الوجود مع حفظ أصل الذات بخلاف المفهوم الذي لیس له قابلیة التبدّل إلی الوجود. لذلک یطلق علی ما یحکی عن الماهیة بالفرد و یطلق علی ما یحکی عن المفهوم بالمصداق، و هذا یعني ان في الخارج؛ للمفهوم مصداق و للماهیة فرد. و من خصوصیات المفهوم انه یحمل علی مصادیقه لکن لا کحمل الجنس و النوع علی أفراده، لذلک فالمفهوم بالنسبة لمصادیقه من قبیل العرض للذات، أما الماهیة فتحمل علی أفرادها بعنوانها واحدة من الکلیات الخمسة، و بعبارة أخری إن المفهوم انتزاعي أما الماهیة هي نفس ذات الشيء.[3]
لماذا یقال: المفهوم لا یعرف بالحد؟
بما ان السؤال عن الماهیة هو سؤال عن حقیقة و هویة الشيء، لذلک یجب الجواب في مقام السؤال عن الماهیة والجواب هو تعریف حدّ هذا الشيء –حسب الاصطلاح- کما قیل: "إن الحد عبارة عن القول الذي یبیّن ماهیة الشيء". [4] و من المعلوم أن تعریف الشيء بالحد في علم المنطق هو: التعریف بالفصل القریب (وجه التمایز الأصلي للشيء)، سواءً أ کان حدّاً تاماً الذي یجب ذکر جنسه و فصله القریبین، أم حدا ناقصاً الذي یشتمل على الجنس البعید و الفصل القریب، أو يعرف بالفصل القریب خاصة.
لذا فالماهیة قابلة للتعریف بالحد من حیث أنها تشیر إلی الحدود الحقیقیة للأشیاء و تمیّزها عن سائر الحدود الوجودیة، أما المفهوم (غیر المفاهیم الحقیقیة التي هي نفس الماهیة) فلا یحظی بهذا الإتحاد و التطابق الذاتي مع الشيء أو المصداق الخارجي؛ لذلک فهو غیر قابل للتعریف بالحد. إلا إذا أردنا تعریف المفهوم بشکل عام مع قطع النظر عن کونه لشيء ما فعندئذٍ یکون قابلاً للتعریف بعنوانه کیفاً نفسانیاً.
[1] شرح المصطلحات الفلسفیة بدایة الحکمة و نهایة الحکمة، علي الشیرواني، ص 160 – الاصطلاحات الفلسفیة واختلافها فیما بینها، علي الکرجي، ص 237.
[2] شرح المصطلحات الفلسفیة بدایة الحکمة و نهایة الحکمة، علي الشیرواني، ص 157 – 158.
[3] الاصطلاحات الفلسفیة واختلافها فیما بینها، علي الکرجي، ص 220 – 221 – موسوعة العلوم العقلیة، سید جعفر السجادي، ص 513 و 567، (جزء واحد) الشرح المبسوط للمنظومة، ج 1، الشهید المطهري، ص 32 (أربعة أجزاء).
[4] نفس المصدر، ج 1، ص 301.