Please Wait
5984
یمکن تفاوت الافراد فی درجة القرب المعنوی من الله و علی درجات مختلفة. لکنهم متساوون فی الحقوق التی بعهدة بیت المال الا اذا کان البعض منهم یشغل موقعا او و وظیفة أو منصبا فعلی بیت المال هنا ان یدفع لهم ما یقابل جهودهم و یؤمن حیاتهم بالحد المتعارف و ان یجبر خسائرهم و أضرارهم خلال عملهم هذا بما یراه مناسباً و أن یثمن جهودهم ، کما فی صدر الاسلام، فبعد إخراج خمس الغنائم کان یقسم باقی المال علی المجاهدین الحاضرین فی الحرب. أما فی الوقت الحاضر فالغنائم تختلف عما کانت علیه فی صدر الاسلام فأداء حقوقهم لابد أن یتم بشکل آخر کی یؤدی حقهم من جهة و من جهة اخری یؤدی الی نشر روح التضحیة و بالتالی الی سلامة و أمن المجتمع.
لا شک ان لافراد المجتمع درجات متفاوتة عند الله و لیس کلهم بمستوی واحد و قد توجب احیاناً مزایا خاصة لبعض الأفراد.
المزایا و الحقوق قسمان: مادیة و معنویة.
الحقوق و المزایا المعنویة تعنی الثواب و الأجر الأخروی و درجات القرب الالهی حیث یقول الله: "إن الله لا یضیع اجر المحسنین".[1]
اما المزایا و الحقوق المادیة فهی علی نوعین:
1. الحقوق العامة لکل أفراد المجتمع .
2. الحقوق التی تمتاز بها فئة خاصة من المجتمع بسبب قیامها بعمل خاص و لها أولویة لأخذ أجرة عملها هذا من بیت المال.
فالاسلام قائم علی هذا الاعتبار فی الحقوق و المزایا المادیة بالنسبة للمجاهدین الأوائل و الشهداء و عوائلهم. فکل أفراد المجتمع متساوون فی الحقوق بالنسبة للنوع الأول من الحقوق فلا تفاضل بینهم و بیت المال هو للجمیع بالتساوی و کانت سیرة النبی الاکرم (ص) و سیرة الامام علی (ع) قائمة علی هذا المنوال حیث یقسم بیت المال علی الجمیع بالتساوی. و جاء فی الروایات أن بعض الخیرین ذهب الی الامام علی (ع) و طلب منه ان یزید فی عطاء الرؤساء و الاشراف من بیت المال لحین استتباب الأمر و الحکم ثم بعدها توزع بینهم بالعدل فردّ الامام (ع) قائلاً: لا و الله لا أفعل ما طلعت شمس- و ما لاح فی السماء نجم- و الله لو کان المال لی لواسیت بینهم- فکیف و إنما هی أموالهم[2]
و عَنْ حَفْصِ بْنِ غِیَاثٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (ع) یَقُولُ و سُئِلَ عَنْ قَسْمِ بَیْتِ الْمَالِ؟ فَقَالَ: أَهْلُ الْإِسْلَامِ هُمْ أَبْنَاءُ الْإِسْلَامِ أُسَوِّی بَیْنَهُمْ فِی الْعَطَاءِ وَ فَضَائِلُهُمْ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ اللَّهِ أُجْمِلُهُمْ کَبَنِی رَجُلٍ وَاحِدٍ لا نُفَضِّلُ أَحَداً مِنْهُمْ لِفَضْلِهِ وَ صَلَاحِهِ فِی الْمِیرَاثِ عَلَى آخَرَ ضَعِیفٍ مَنْقُوصٍ. وَ قَالَ: هَذَا هُوَ فِعْلُ رَسُولِ اللَّهِ (ص) فِی بَدْوِ أَمْرِهِ وَ قَدْ قَالَ غَیْرُنَا أُقَدِّمُهُمْ فِی الْعَطَاءِ بِمَا قَدْ فَضَّلَهُمُ اللَّهُ بِسَوَابِقِهِمْ فِی الإِسْلامِ إِذَا کَانُوا فِی الاِسْلامِ أَصَابُوا ذَلِکَ فَأُنْزِلُهُمْ عَلَى مَوَارِیثِ ذَوِی الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَقْرَبُ مِنْ بَعْضٍ وَ أَوْفَرُ نَصِیباً لِقُرْبِهِ مِنَ الْمَیِّتِ وَ إِنَّمَا وُرِّثُوا بِرَحِمِهِمْ وَ کَذَلِکَ کَانَ عُمَرُ یَفْعَلُه".[3]
و هناک احادیث أخری فی هذا المضمار تؤید ذلک نعرض عنها روما للاختصار.
فیستفاد من مجموع الروایات الواردة عن النبی (ص) و الأئمة علی ان کل افراد المجتمع متساوون فیما یأخذونه من بیت المال سواء کانوا من اهل التقوی و السبق الی الدین او النشاط فی الاسلام أو من غیرهم. نعم هناک فئة فی المجتمع الاسلامی ذات مواقع حکومیة و مناصب أداریة لابد لبیت المال ان یؤمن حیاتهم المادیة و حقوقهم کما هو الحال فی صدر الاسلام عند ما کانت تقسم غنائم الحرب علی المجاهدین الموجودین فی الحرب بعد استخراج الخمس منها.[4]
و نظراً لعدم أمکانیة تقسیم الغنائم فی عصرنا الراهن فمن الجدیر أن یعطی المجاهدون ما یعوض عن غنائم الحرب من هدیة او شیء آخر مساو لها و فی حالة اصابة هؤلاء المجاهدین باضرار و خسائر أثناء واجبهم فلا بد من تعویضهم من بیت المال کما لو خلف الشهداء أولاداً او نساءً أرامل بلا معیل فیجب علی الحکومة و بیت المال ان یتکفل هؤلاء ویؤمن لهم حیاة کریمة تلیق بشأنهم و الا کان ظلما خلافاً للعدل.
یقول الشیخ الطوسی (ره) الذی هو من متقدمی الفقهاء و استاذ الفقهاء الکبار ان هذا من المسلمات حیث قال: اذا مات او قتل احد المجاهدین و خلف اولادا و أرمله فعلی بیت المال أن یضمن عیشهم لا من الغنائم. [5]
و یفهم من ذلک ان خسائر و أضرار المجاهدین فی سبیل الله تکون علی عاتق بیت المال.
فی عهد الجمهوریة الاسلامیة خصصت حقوق خاصة للمتضررین خلال سنوات الجهاد ضد النظام الشاهنشاهی و اثناء الجهاد ضد عملاء الاستکبار العالمی (صدام و المنافقون و ...) و هو جزء من حقهم. اضافة الی ان تشجیع و تشویق المجاهدین یعود لصالح کل المجتمع اضافة الی صالح هؤلاء لان تشجیعهم یکون عاملاً لنشر روح التضحیة و الفداء و الخدمة و بالتالی نشر الأمن و السلام فی المجتمع و خلاف ذلک هو فی الحقیقة ظلم لکل المجتمع.