Please Wait
5137
بالنسبة الى القضیة المطروحة، لابد من التذکیر بان قوانین العمل شأنها شأن سائر القوانین الاخرى المصوبة قد خضعت بنحو کلی لاشراف مجلس صیانة الدستور فی عدم مخالفتها للشرع و لدستور الجمهوریة الاسلامیة. نعم، فی انطباق تلک القوانین على المصادیق و فی إجرائها تحدث احیانا بعض المعوقات و المشاکل، و نحتمل بان سؤالکم یدور حول هذه القضیة، فعلى سبیل المثال جاء فی المادة 27من قانون العمل: " کلما قصر العامل فی القیام بالمهام الموکلةالیه او لم یراع قوانین الانضباط المقررة یحق لصاحب العمل فسخ العقد بعد التحذیر الکتبی. و التعامل معه و فقا لمقررات لجنة العمل شریطة ان یمنحه ما یعادل آخر راتب شهری یتقاضاه بعدد سنوات الخدمة فی المصنع".
و من الواضح انه لایوجد فی القانون مخالفة شرعیة، لکن تقع المشکلة فی تفسیر حدود التقصیر التی جاءت فی نص القانون، و من هنا حاول القانون معالجة هذه القضیة من خلال الزام اللجنة الانضباطیة بالتذکیر الکتبی و .... و لکن هنا تکمن الخطورة حیث قد یقع الزلزل هنا فیجعل من الصعب اتخاذ القرار فیها.
على هذا الاساس، ان کنت غیر قادر بنحو مطلق عن اتخاذ القرار الصحیح و الحکم السلیم و کانت المقررات التی تتخذها تسبب فی الغالب ضیاع حقوق الآخرین، یجب علیک حینئذ الاستقالة عن مثل هذه المهمة و اعلم ان الله تعالى سیکون لک عونا و انه سیعوضک عما خسرته من مال فی الدنیا و الآخرة. نعم، لو کانت مواقفک فی اکثر الحالات منصفة و حافظة لحقوق الآخرین و لکن قد یقع احیانا خطا غیر مقصود و غیر ارادی، هنا علیک ان تقارن بین مقدار الصحیح فی عملک و بین الخطأ، لتعرف أیهما ارجح، مقدار الخدمة التی انجزتها او الخطأ الذی وقعت فیه؟ و على فرض الاستقالة هل یأتی من هو احرص منک على العمل و حفظ حقوق العاملین و اصحاب العمل معاً، أم لا؟ فاذن علیک المقارنة بین الاهم و المهم و لا ینبغی التفریط فی الاهم و ترک العمل من أجل بعض الاخطاء الجزئیة التی قد تصدر بصورة غیر مقصودة.
و نحن اذا رجعنا الى الآیات و الروایات تجدها تضع أمامک حلا مناسبا لمعالجة مثل هذه القضیة و هی ان تجعل نفسک میزانا بینک و بین غیرک، فاذا اردت ان تتخذ القرار ضع نفسک مکان من ترید الحکم ضده و ان تنظر الى القضیة نظرة عادلة و منصفة و تسأل نفسک لو کان هذا الخطا صدر منّی او ممن هو قریب منّی ما هو الموقف یاترى؟ ثم علیک عدم الغفلة عن الرقیب الالهی و انه و ان کان یعذرک عن الخطا السهوی و غیرالمقصود و لکنه لایعذرک عن الخسارة العمدیة التی تسببها للاخرین، و لا تکن مصداقا لقوله تعالى: "وَیْلٌ لِلْمُطَفِّفینَ*الَّذینَ إِذَا اکْتالُوا عَلَى النَّاسِ یَسْتَوْفُونَ*وَ إِذا کالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ یُخْسِرُونَ".[1]"
یقول أمیر المؤمنین (ع) فی وصیته للولاة و الامراء: "و لا تقض فی أمر واحد بقضاءین فیختلف علیک أمرک و تزل عن الحق و أحبب لعامة رعیتک ما تحب لنفسک و...."[2].
و فی الختام: نقول بما ان عملک یقتضی مراعاة حقوق العامل و رب العمل على السواء، من هنا یمکن ان تعتمد اسلوب المصالحة بینهما و بهذا تکون قد حفظت حقوق الطرفین فی آن واحد.