بحث متقدم
الزيارة
6112
محدثة عن: 2011/04/18
خلاصة السؤال
ماهو دلیل القائلین بمنع النساء من زیارة القبور؟
السؤال
ما نقول فی منع زیارة النساء فی مصادر اهل السنة. هل ان الاحادیث ضعیفة او فیها تفصیل و کلام؟ ارجو ان تجیبوا بشکل کامل بالنظر لوجود رأی معارضی الزیارة. اننی ابحث عن اثبات الزیارة من وجهة نظر القرآن و الاحادیث الشیعیة و السنیة ورد شبهة الوهابیة. وارجو منکم مساعدتی فی الوصول الی الجواب.ِ
الجواب الإجمالي

هناک روایات فی کتب أهل السنة یمکن ان یفهم منها کراهة أو حرمة زیارة القبور علی النساء، و لکن وجود روایات اقوی تجیز الزیارة. و وجود الضعف فی سند و مضمون روایات الطائفة الاولی قد أدی بکثیر من علماء أهل السنة الی القول بجواز الزیارة للنساء کالرجال فیحق لهن الحضور فی المقابر مع مراعاة الشروط و الضوابط الشرعیة. و الشیعة ایضاً و نظراً لاختلاف المعاییر فی الاخذ بالاحادیث و تحلیلها فانهم لم یجدوا دلیلاً علی المنع الکامل لمثل هذا الحضور، و ان وجب تجنب المفاسد المحتملة الناتجة عن مثل هذا الحضور.

الجواب التفصيلي

هناک احادیث فی المصادر الروائیة لاهل السنة قد یفهم منها المنع من زیارة القبور للنساء. و مضمون احدی هذه الروایات و التی نقلت عن عبد الله بن عمرو بن العاص انه قال: بینما نحن نمشی مع رسول(ص) اذ بصر بامرأة لانظن أنه عرفها فلما توجهنا الطریق وقف حتى انتهت الیه فاذا فاطمة بنت رسول الله (ص) فقال من اخرجک من بیتک یا فاطمة؟ قالت: أتیت أهل هذا البیت فرحمت الیهم میتهم و عزیتهم. فقال: لعلک بلغت معهم الکدی! قالت: معاذ الله ان اکون بلغتها معهم وقد سمعتک تذکر فی ذلک ما تذکر. قال: لو بلغتها معهم ما رأیت الجنة [1] .و ورد فی روایة آخری عن ابی هریرة قول النبی (ص):لعن الله زوارات[2] القبور[3].

و فی المذهب الشیعی و نظراً للاصول العامة الحاکمة علی معرفة مفهوم الحدیث (الدرایة) و رواته (الرجال) فان الروایات المذکورة غیر مقبولة من کلا جهتی الرجال و الدرایة.

وکلذلک الامر عند أهل السنة ایضاً فان الترمذی وهو احد مؤلفی الصحاح الستة، قد اوضح فی ذیل الحدیث الثانی ان بعض العلماء یری ان النبی(ص) قد اجاز زیارة القبور بعد ذلک، و ان اجازته تشمل الرجال و النساء.[4] و الحدیث الاول ایضاً ضعیف من وجهة نظر کثیر من الفقهاء و علماء اهل السنة.[5] و هناک روایات آخری فی کتبهم حول منع النساء من زیارة القبور ولکن لیس اعتبارها من ناحیة السند بافضل من هاتین الروایتین.

و فی هذا المجال نستحضر بعض المباحث المطروحة من قبل الشوکانی و هو من علماء الزیدیة القریبین من أهل السنة، فانه من خلال دراسته للاحادیث الواردة فی کتب أهل السنة

و فیما یرتبط بزیارة القبور من قبل النساء یقول: ان أکثر العلماء قد أفتوا بجواز زیارة النساء للقبور إذا امن من الفتنة، و ذلک لوجود روایة فی صحیح مسلم نقلاً عن عائشة حیث سألت النبی (ص) عن الدعاء الذی یقرأ عند زیارة القبور، فعلمها النبی (ص) دعاءً (ولم یمنعها من زیارة القبور).[6]

و فی مورد آخر نقلاً عن صحیح البخاری فان النبی (ص) کلم امرأة کانت جالسة تبکی علی قبر، و اوصاها بالصبر و التقوی، من دون ان ینهاها عن اصل زیارة القبور.[7]

و بالاضافة الی ذلک فان الحاکم النیشابوری قد نقل ان فاطمة الزهراء(س) کانت تذهب کل اسبوع لزیارة قبر عمها الحمزة فکانت تصلی هناک و تبکی و..[8]

ثم ینقل کلاماً عن القرطبی و هو المفسر المعروف فی الاوساط السنیة و مضمونه انه نظراً لهذه الروایات وایضاً بسبب ان زیارة القبور تذکر بالموت، ولا فرق فی ذلک بین الرجل و المرأة، ففی حالة فقدان الموانع و المفاسد، فانه لا مانع من زیارة القبور للنساء. و قد وصف الشوکانی فی ختام کلامه هذا الرأی بانه اقوی الآراء من ناحیة الدلیل، و وافق علیه.[9] و عند مراجعتنا لکتب علماء أهل السنة ایضاً نری ان کثیراً منهم ایضاً یمیلون الی هذه الرأی الموجود فی کتاب الشوکانی[10]

و فی مقابل ذلک هناک فریق من أهل السنة و منهم الوهابیون لهم آراء اخری فی المنع من زیارة القبور للنساء، و هی ناشئة من الاستناد الی الاحادیث التی عرضنا نموذجاً منها فی اول الجواب، و هی المبتلاة بضعف السند و المحتوی و التی تعارضها روایات اقوی منها.

و فی الختام و مع الالتفات الی هذه الملاحظة الضروریة و هی انه علی اساس الروایات الشیعیة فان حضور النساء فی تشییع الجنائز و عیادة المرضی و.. اذا کان لاجل اداء الوظیفة الانسانیة لافراد المجتمع، فلیس فقط هو أمر لا بأس به، بل قد ورد التأکید علیه من قبل الائمة المعصومین(ع) ایضاً ،فلا حظوا الروایة التالیة:

عن عَبْدِ اللَّهِ الْکَاهِلِیِّ قَالَ: قُلْتُ لأَبِی الْحَسَنِ (ع): إِنَّ امْرَأَتِی وَ امْرَأَةَ ابْنِ مَارِدٍ تَخْرُجَانِ فِی الْمَأْتَمِ فَأَنْهَاهُمَا فَتَقُولُ لِیَ امْرَأَتِی إِنْ کَانَ حَرَاماً فَانْهَنَا عَنْهُ حَتَّى نَتْرُکَهُ وَ إِنْ لَمْ یَکُنْ حَرَاماً فَلأَیِّ شَیْ‏ءٍ تَمْنَعُنَاهُ فَإِذَا مَاتَ لَنَا مَیِّتٌ لَمْ یَجِئْنَا أَحَدٌ؟ قال: فَقَال أَبُو الْحسنِ (ع): عَنِ الْحُقُوقِ تَسْأَلُنِی کَانَ أَبِی (ع) یَبْعَثُ أُمِّی وَ أُمَّ فَرْوَةَ تَقْضِیَانِ حُقُوقَ أَهْلِ الْمَدِینَة.[11]

و بالطبع فان علی النساء ان یحرصن علی ان یکون حضورهن فی هذه الامکنة و المراسم بوقار و اتزان و ان یتجنبن التصرفات التی لا تنسجم مع الممارسات الاجتماعیة الصحیحة.

و فی هذا المجال ینبغی ان یعلم انه قد وردت فی الکتب الروائیة الشیعیة ایضاً  کما فی المجامع الروائیة لاهل السنة روایات تمنع النساء من الاشتراک فی تشییع الجنائز و الحضور فی المقابر و..[12] و لکن بالالتفات الی السیرة العملیة لشخصیات عظیمة  مثل السیدة فاطمة الزهراء (س) و ایضاً الروایات التی تجیز مثل هذه الامور، فانه ینبغی اعتبار الروایات المانعة ناظرة الی الموارد التی لاتراعی فیها بعض النساء الشؤون الاسلامیة، او یجعلن من المقابر محلاً لاقامتهن.[13]

و علی هذا الاساس فان الرأی المشترک للشیعة و کثیر من اهل السنة هو انه لا ینبغی للنساء الغفلة عن مراعاة الحدود الشرعیة عند تشییع الجنائز و عند زیارة القبور ایضاً، او یبتعدن عن الحیاة الطبیعیة و یقمن فی المقابر. و اما الفوائد الایجابیة فی زیارة القبور فهی تشمل النساء ایضاً و لهذا السبب فلا ینبغی منعهن من هذا العمل.



[1] مسند أحمد بن حنبل، ج2، ص169- 168، دار صادر، بیروت.

[2] استعمال لفظ ( زوارات) بدلاً من(زائرات) یشیر الی الحضور الدائم فی القبور لا زیارة القبور بالطریقة المتعارفة.

[3] سنن الترمذی، ج2،ص259، دار الفکر، بیروت1403ه.ق.

[4] نفس المصدر.

[5] محیی الدین النووی، المجموع فی شرح المهذب، ج5، ص278، دار الفکر.

[6] هذه الروایة موجودة فی صفحة 64 الجلد الثالث لصحیح مسلم، دار الفکر، بیروت، 1406 هق.

[7] هذه الروایة موجودة فی صفحة 73 ،الجلد الثانی من صحیح البخاری، دار الفکر بیروت.

[8] هذه الروایة موجودة فی صفحة 377 الجلد الاول مستدرک الحاکم النیشابوری، دار المعرفة، بیروت 1406 هق

[9] الشوکانی ،محمد بن علی بن محمد،نیل الاوطار من احادیث سید الاخیار، ج4،ص166-165، دار الجلیل بیروت.

[10] القاضی ابی الفضل عیاض الیحصبی، الشفاء بتعریف حقوق المصطفی، ج3،ص84، دار الفکر بیروت. و کذلک الالبانی، محمد ناصر الدین، احکام الجنائز ،ص187-186 ،المکتب الاسلامی بیروت .

   -[11]الکلینی محمد بن یعقوب، الکافی ج3 ،ص217، ح5 دار الکتب الاسلامیة، طهران، 1365 ه ش.

[12] الحر العاملی، وسائل الشیعة، ج3، ص240-239، ح3513،3513،3514 مؤسسة آل البیت، قم، 1409 ه ق

[13] نفس المصدر، ج20 ص210، ح25452.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280329 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258942 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129731 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115915 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89625 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61176 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60456 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57420 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51840 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    47778 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...