بحث متقدم

ان اول ملاحظة یجب الانتباه لها هی ان علی کل مسلم ان یفکر فی التعرف و الاداء لوظیفته أمام الله تعالی، و یوکل النتائج الخارجیة الیه سبحانه. فاذا احرزت الوظیفة فیجب التوکل علی قدرة الله غیر المتناهیة و بذل جمیع الطاقات من أجل أداء الوظیفة، و فی هذه الصورة فمهما کانت النتیجة فهی ستکون خیراً بالنسبة لعباد الله الصالحین. و لکن حیث ان تتحق کثیر من اهداف الاسلام الرفعیة و وصول المجتمع الی الحسنات و الخیرات و اجراء کثیر من أحکام الشرع یعتمد علی اقامة الحکومة الاسلامیة، فقد سعی الائمة الاطهار (ع) دوماً الی اقامة الحکومة الاسلامیة و الأخذ بزمام المجتمع و اعتبروا ذلک من وظائفهم الاساسیة، و اذا لم یسعوا فی فترة من الفترات فی ذلک الاتجاه فذلک لأجل عدم تهیؤ الظروف الخارجیة للمجتمع و عدم استعداد الناس. و الا فالحکومة بحد ذاتها لیس لها أیة قیمة عند اولیاء الله و الائمة الاطهار (ع) حیث انهم لم یکونوا یهتمون بظواهر الدنیا، بل ان الحکومة کانت مهمة بالنسبة لهم من جهة ان تنفیذ کثیر من احکام الدین و الشریعة السماویة یعتمد علی وجود دولة صالحة و مقتدرة، و ذلک لان المتصدین للحکومة اذا کانوا هم انفسهم مطلعین و ملتزمین بالعمل بالقانون فان المجتمع سیکون محوره العدالة و یسیر نحو التقدم و ان وجدت بعض المشاکل و الازمات فی کل عصر بسبب وجود بعض المفسدین و الفساق و النفعیین او بعض السذج الذین یجهلون وظائفهم و لکن الحرکة العامة للمجتمع ستکون ایجابیة. و من ناحیة اخری فان المجتمع الذی تکون فیه السلطة و الحکومة بید اشخاص غیر صالحین، فان المجال فیه سیکون مفتوحاً أمام کل انواع الفساد و الانحراف و الامة التی تطیع مثل هؤلاء القادة لا تتذوق طعم السعادة أبداً.

و هذه هی رسالة الامام الحسین (ع) حیث انه قال: "انی لم اخرج اثرا و لا بطرا و لا مفسداً و لا ظالماً و انما خرجت لطلب الاصلاح فی أمة جدی، ارید ان آمر بالمعروف و انهی عن المنکر و أسیر بسیرة جدی و أبی".[1][1] و ببیان آخر: ان العلة الاساسیة لحرکة و ثورة الامام الحسین (ع) هی احیاء فریضة الامر بالمعروف و النهی عن المنکر و التصدی للحاکم الظالم و بقصد القضاء علی الفکرة الباطلة السائدة بین المسلمین حینذاک، اذ کانوا یعتقدون بان الخلیفة و الحاکم الاسلامی أیاً ما کان و مهما ارتکب من جرائم فهو أیضاً خلیفة الله و واجب الاطاعة. فثورته من هذه الناحیة قد انتصرت و وصلت الی هدفها، لان الامام الحسین (ع) بثورته الخالدة نجح فی ازالة سلطة الخلیفة الذی کان منحرفاً فی أفکاره و سلوکه، و علم عموم المسلمین بان الخلیفة لیس له أی حق فی التشریع أو فی الحکومة، و ان التشریع منحصر بکتاب الله و سنة النبی و بما ینتهی الی هذین الاثنین. و لولا ثورة الحسین (ع) لتغیر الکثیر من احکام الاسلام و وصلت الینا و هی محرفة کما نشاهد فی زماننا الحاضر ما جری علی المسیحیة و دیانتها.

و لذلک فقد نهض الامام الحسین (ع) لیقف مانعاً عن التلاعب باحکام الدین الاسلامی من قبل الکذابین و الاشرار، فثورته المبارکة قد انتصرت من هذه الناحیة و قد أوصل صورة الاسلام النقیة لمن اراد التعرف علی الحقیقة.


[1].  بحار الانوار، ج 4،  ص 329.

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280465 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    259118 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129816 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    116202 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89697 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61314 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60564 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57472 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    52091 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    48156 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...