بحث متقدم
الزيارة
5406
محدثة عن: 2011/06/20
خلاصة السؤال
ما الدلیل على حجیة خبر الآحاد فی الاحکام العملیة؟ ما المراد بالظن الخاص؟
السؤال
الف. لماذا تختلف الاحکام العلمیة مع الامور الاعتقادیة فی باب حجیة خبر الآحاد حیث یکون خبر الآحاد فیها حجة و لا یحتاج الى القطع و الاطمئنان؟ ب. ما المراد بالظن الخاص؟
الجواب الإجمالي

تقسم التکالیف الشرعیة الى قسمین أساسیین:

الاول: اصول الدین، المتعلقة بالامور القلبیة و الاعتقادیة و کل شخص مکلف – وفقا لحالاته العلمیة و الفکریة- بالاعتقاد بها و تحصیل الایمان بها.

الثانی: فروع الدین أو الاحکام العملیة، فبعد الایمان بالاصول الاعتقادیة تصل النوبة الى العمل بالتشریعات التی قررتها الشریعة الاسلامیة و یصطلح على هذه التکالیف عنوان الامور الجوارحیة، و على القسم الاول عنوان الامور الجوانحیة.

فی قسم الاعتقادات یکون الملاک و المعیار الایمان و الاعتقاد الشخصی و لابد ان یصل الانسان الى الیقین حتى لو کان عن طریق خبر الواحد.

اما بالنسبة الى القسم الثانی المتعلق بالجانب العملی و السلوکی فقد ذهب بعض الاعلام الى حجیة بعض الظنون و منها خبر الواحد، سواء افاد القطع أم لا.

والمراد من الظنون الخاصة، الظنون التی قام الدلیل القطعی على حجیتها، و من هنا یمکن الاستناد الیها فی اثبات الاحکام الشرعیة کخبر الواحد.

الجواب التفصيلي

تقسم التکالیف الشرعیة الى قسمین أساسیین:

الاول: اصول الدین، المتعلقة بالامور القلبیة و الاعتقادیة و کل شخص مکلف – وفقا لحالاته العلمیة و الفکریة- بالاعتقاد بها و تحصیل الایمان بها.

الثانی: فروع الدین أو الاحکام العملیة، فبعد الایمان بالاصول الاعتقادیة تصل النوبة الى العمل بالتشریعات التی قررتها الشریعة الاسلامیة و یصطلح على هذه التکالیف عنوان الامور الجوارحیة، و على القسم الاول عنوان الامور الجوانحیة.

فی قسم الاعتقادات یکون الملاک و المعیار الایمان و الاعتقاد الشخصی و لابد ان یصل الانسان الى الیقین حتى لو کان عن طریق خبر الواحد؛ فعلى سبیل المثال لو صدق الانسان بکلام نبی الاسلام الاکرم (ص) الامین کما وصفه مشرکوا مکة[1] و حصل له الیقین منه کفاه ذلک.[2]

یقول العلامة الطباطبائی فی تفسیره: و لا معنى لجعل حجیة أخبار الآحاد فی غیر الأحکام الشرعیة فإن حقیقة الجعل التشریعی إیجاب ترتیب أثر الواقع على الحجة الظاهریة و هو متوقف على وجود أثر عملی للحجة کما فی الأحکام، و أما غیرها فلا أثر فیه حتى یترتب على جعل الحجیة مثلا إذا وردت الروایة بکون البسملة جزءا من السورة کان معنى جعل حجیتها وجوب الإتیان بالبسملة فی القراءة فی الصلاة و أما إذا ورد مثلا أن السامری کان رجلا من کرمان و هو خبر واحد ظنی کان معنى جعل حجیته أن یجعل الظن بمضمونه قطعا و هو حکم تکوینی ممتنع و لیس من التشریع فی شی‏ء و تمام الکلام فی علم الأصول.[3]

اما بالنسبة الى القسم الثانی المتعلق بالجانب العملی و السلوکی فقد ذهب بعض الاعلام الى حجیة بعض الظنون و منها خبر الواحد، سواء افاد القطع أم لا؛ و هذا بالاضافة الى الادلة الخاصة الواردة فی حجیته هو أمر عقلائی فصل البحث فیه علماء الاصول بما فیه الکفایة، و یمکن الاشارة هنا الى ذلک بصورة مختصرة:

            1. المراد من الظنون الخاصة، الظنون التی قام الدلیل القطعی على حجیتها، و من هنا یمکن الاستناد الیها فی اثبات الاحکام الشرعیة کخبر الواحد.

            2. استدل الاصولیون على حجیة خبر الواحد بالادلة الاربعة (الکتاب، السنة، العقل، الاجماع) و من الآیات التی استدلوا بها آیة النفر، النبأ و...[4]

و بما ان الموضوع یدخل تحت مظلة المباحث الاصولیة من هنا نرى الاصولیین قد بسطوا البحث فی حجیة خبر الواحد، نشیر الى عناوینها:

ادلة القائلین بالحجیة:

القائلون بالحجیة استندوا الى الآیات و الروایات و الادلة الاخرى.

اولا: الآیات

من الآیات التی استدل بها على حجیة خبر الواحد، قوله تعالى: " یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِنْ جاءَکُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَیَّنُوا أَنْ تُصِیبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى‏ ما فَعَلْتُمْ نادِمِینَ"[5]

ثانیا: الروایات

و من الروایات التی استند الیها الاصولیون فی اثبات حجیة خبر الواحد ما وراه عبد الله بن ابی یعفور قال: قلت لأبی عبد اللَّه (ع): انَّه لیس کلّ ساعة ألقاک یمکن القدوم و یجی‏ء الرّجل من أصحابنا فیسألنی و لیس عندی کلّ ما یسألنی عنه قال: فما یمنعک من محمد بن مسلم الثقفی فانَّه قد سمع أبی و کان عنده مرضیاً وجیها.

و کذلک نرى فی بعض الروایات أن الامام الصادق (ع) ارجع اتباعه و شیعته الى زرارة بن أعین.

و فی روایة أخرى ارجع شعیب العقرقوفی الى ابی بصیر.

و فی حدیث عن الامام الرضا (ع) ارجع علی بن موسى الهمدانی الى زکریا بن آدم القمی، و عبد العزیز بن المهتدی الى یونس بن عبد الرحمن.

و وجه الاستدلال بهذه الروایات على حجیة خبر الواحد بلحاظ انه لو لم یکن خبرالواحد حجة لما ارجع الامام اتباعه لهؤلاء الآحاد، و انه یعکس رأی الائمة فی کفایة خبر الواحد فی معرفة الاحکام الشرعیة.

الثالث: الاجماع

و من الادلة التی استند الیها فی حجیة خبر الواحد هو الاجماع و من الذین استدلوا بالاجماع الشیخ الطوسی و العلامة المجلسی.

الرابع: بناء العقلاء

الدلیل الرابع الذی استدل به على الحجیة هو بناء العقلاء و تقریره: ان جمیع العقلاء فی العالم یرتبون الاثر على خبر الواحد الموثوق به و المعروف صاحبه و کان ممن یطمأن الیه، و لا یلتفتون الى احتمال الخطأ و الخلاف فیه، و أن الشارع المقدس هو سید العقلاء و لو کان له سلوک آخر غیر هذه الطریقة لبینه للناس.

و على کل حال لما کان هذه الطریقة هی السائدة و ان الشارع المقدس لم یردع عنها کشف ذلک عن امضاء الشارع لها.[6]



[1] قال ابن سعد فی الطبقات: " أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنی إبراهیم بن إسماعیل بن أبی حبیبة عن داود بن الحصین عن عکرمة عن ابن عباس قال: لما أنزلت: وأنذر عشیرتک الأقربین؛ صعد رسول الله، صلى الله علیه وسلم، على الصفا فقال: یا معشر قریش! فقالت قریش: محمد على الصفا یهتف، فأقبلوا واجتمعوا فقالوا: مالک یا محمد؟ قال: أرأیتم لو أخبرتکم أن خیلاً بسفح هذا الجبل أکنتم تصدقوننی؟ قالوا: نعم أنت عندنا غیر متهم وما جربنا علیک کذباً قط، قال: فإنی نذیر لکم بین یدی عذابٍ شدیدٍ یا بنی عبد المطلب یا بنی عبد منافٍ یا بینی زهرة، حتى عدد الأفخاذ من قریش، إن الله أمرنی أن أنذر عشیرتی الأقربین وإنی لا أملک لکم من الدنیا منفعة ولا من الآخرة نصیباً إلا أن تقولوا لا إله إلا الله".( الطبقات الکبرى، ج1، ص200، ذکر دعاء النبی (ص))

[2]  قال العلامة الطباطبائی: نعم الخبر المتواتر و المحفوف بالقرائن القطعیة کالمسموع من المعصوم مشافهة حجة و إن کان فی غیر الأحکام لأن الدلیل على العصمة بعینه دلیل على صدقه و هذه کلها مسائل مفروغ عنها فی محلها من شاء الوقوف فلیراجع‏.( المیزان فی تفسیر القرآن، ج‏14، ص: 133).

[3]  المیزان فی تفسیر القرآن، ج‏14، ص: 205- 206، دفتر النشر الاسلامی التابع لجماعة  مدرسی الحوزة العلمیة قم‏،  1417 ق‏، الطبعة الخامسة.

[4]  انظر: کتاب الأصول‏ المهذبة، ص 88، القول فی حجیة الخبر الواحد فی الجملة فی قبال من ینفی حجیته؛ بحوث ‏فی ‏علم ‏الأصول، ج 4، ص 344؛ تهذیب‏الأصول، ج 2، صفحه 177أدلة القائلین بالحجیة.

[5] حجرات، 6.

[6]  جناتی شاهرودی، محمد إبراهیم، منابع اجتهاد از دیدگاه مذاهب اسلامى، ج-1، ص: 107 – 113.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280465 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    259118 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129816 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    116202 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89697 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61314 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60564 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57472 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    52091 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    48156 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...