بحث متقدم
الزيارة
6142
محدثة عن: 2011/10/17
خلاصة السؤال
ما هی مکانة الانسان و الانسانیة لدى العارفین؟ و ما هی منزلة الانسان فی عالم الوجود خاصة؟
السؤال
ما هی مکانة الانسان و الانسانیة لدى العارفین؟ و ما هی منزلة الانسان فی عالم الوجود خاصة؟
الجواب الإجمالي

لاریب أن الدراسة العرفانیة للانسان تعد من بین الدراسات الدینیة و المعرفة الالهیة، من أکمل الدراسات و أعمق الابحاث فی هذا الخصوص، فهو یدرس شخصیة الانسان و المکانة و المنزلة التی یحتلها بین سائر مکونات عالم الوجود، کما یدرس السبل التی تأخذ بید الانسان الى الکمال..

فللانسان فی العرفان منزلة و مقام سام بنحو یستطیع من خلال السیر و السلوک الرجوع الى ذلک الاصل الذی صدر منه حتى یصل الى مرحلة الفناء التی لا یرى فیها الا الله تعالى، فیکون حینئذ مظهراً لأسماء و صفات الله تعالى و مرآةً للحق تعالى.

ثم ان الحقیقة الالهیة الجامعة بین تمام افراد الانسان هی کلّی "الانسانیة"؛ و الانسانیة، هی الحقیقة التی لا تتعدد و لا تتکثر بتعدد الافراد.

الجواب التفصيلي

تعد الزاویة العرفانیة من الزوایا و الاتجاهات التی درس الانسان فیها، فقد وقع البحث حول مکانة الانسان فی الاتجاه العرفانی، و لاریب أن الدراسة العرفانیة للانسان تعد من بین الدراسات الدینیة و المعرفة الالهیة، من أکمل الدراسات و أعمق الابحاث فی هذا الخصوص، و أن دور العرفان الربانی فی هذا المجال مهم و فاعل جداً؛ و ذلک لان العرفان یسلک طریق الشهود و العلم الحضوری فی ابحاثه، و من خلال هذه الطریق ینطلق لمطالعة و دراسة الامور و القضایا التی یروم الخوض فیها، و منها دراسة شخصیة الانسان و المکانة و المنزلة التی یحتلها بین سائر مکونات عالم الوجود.

هذا النوع من المعرفة یعنى بمعرفة الانسان بنحو مطلق و الانسان الکامل بنحو خاص بالاضافة الى دراسة السبل الموصلة الى الکمال؛ من هنا، لم یبحث العرفاء مفردة "الانسان" بعنوان کونها موضوعاً عرفانیاً، بل انصب البحث عندهم على معرفة حقیقة الانسان و معناه، و الذی هو اشرف المخلوقات و أفضلها الممثل لعصارة الخلق، و صاحب تلک المنزلة السامة التی نال فیها مقام خلافة الله فی الارض کما أشار القرآن الى تلک الحقیقة بقوله "انی جاعل فی الارض خلیفة".

للانسان فی العرفان منزلة و مقام سام بنحو یستطیع من خلال السیر و السلوک الرجوع الى ذلک الاصل الذی صدر منه حتى یصل الى مرحلة الفناء التی لا یرى فیها الا الله تعالى، فیکون حینئذ مظهراً لأسماء و صفات الله تعالى و مرآةً للحق تعالى؛ وذلک لان الانسان فی الاساس و بالذات کان خلیفة و مظهراً لاسماء الله تعالى؛ کما ورد ذلک فی القرآن الکریم: ( وَ إِذْ قالَ رَبُّکَ لِلْمَلائِکَة إِنِّی جاعِلٌ فِی الْأَرْضِ خَلیفَة... ) [1] و لاریب أن الانسان الکامل المتمثل فی الانبیاء و الائمة الاطهار (ع) هو النموذج البارز و الأتم لاسماء الله و صفاته.

إن مکانة الانسان الکامل فی الکون کمکانة الشذرة (العقیق) فی الخاتم التی ینقش فیها ختم السلطان فیختم بها خزائنه لیمنع الآخرین من التصرف فیها. [2] فالانسان الکامل یمثل واسطة الفیض بین الله تعالى و سائر المخلوقات و مع عدم وجود الانسان الکامل لا تستطیع سائر المخلوقات تلقی الفیض الالهی مباشرة. [3]

الحقیقة الالهیة الجامعة بین تمام افراد الانسان هی کلّی "الانسانیة" [4] ؛ و الانسانیة، هی الحقیقة التی لا تتعدد و لا تتکثر بتعدد الافراد. [5]

بعبارة أخرى، الانسانیة کلی الطبیعی التی تصدق على کل فرد من افراد النوع الانسانی فلا تفاضل بین الافراد من هذه الجهة، و اما طبیعة الانسانیة فلا تتعدد بتعدد الافراد و الاشخاص. [6]

فمن وجهة العرفان و العرفاء لایصل الانسان الى مراتب الانسانیة العالیة، الا اذا تمکن من تحویل کل ما فی القوة الى الفعلیة حتى یتمکن من التحول الى الانسان الکامل. فمن أهمل مکانته الانسانیة و لم یتمکن من السیطرة على نفسه و التحکم بغرائزه، و یخضع لضغوط الاهواء و المیول فیترکها حرة تفعل ما تشاء و لم یروض نفسه و میوله النفسیة ولم یجعلها تابعة لأوامر العقل و الوجدان الصحیح، فلاریب أنه سیبتعد عن ساحل الانسانیة حتى یتسافل الى درجات یتحول فیها الى مرتبة أدنى من الحیوان و یسقط فی الحضیض مبتعداً فی ذلک عن أصله و حقیقته.

إذن، لابد من الالتفات الى کون الانسان متوفراً بالقوّة على جمیع الاستعدادات و الکمالات التی ینبغی له تفعیلها و إخراجها من الفعلیة الى القوّة، و من هنا یکون الانسان معمار نفسه و مصصم مکانته التى یروم الحصول علیها.

ولمعرفة مکانة الانسان و منزلته فی عالم الوجود انظر المواضیع التالیة:

1. «الانسان و الکرامة»، السؤال 1923 (الرقم فی الموقع: 374

2. « کرامة الانسان و مکانته عند الله تعالی»، السؤال 16607 (الرقم فی الموقع: 16383 ) ؛

3. « الانسان و مقام الخلیفة»، السؤال 2058 (الرقم فی الموقع: 2370)؛

4. « الخلافة الالهیة و تغییر مکانة الانسان »، السؤال 3524 (الرقم فی الموقع: 3750) .



[1] البقرة، 30.

[2] حسن زاده آملی، حسن، ممد الهمم در شرح فصوص الحکم، ص 22، نشر: وزار ة الثقافة و الارشاد الاسلامی ، طهران، الطبعة الاولی، 1378 ش.

[4] پارسا، خواجه محمد، شرح فصوص الحکم، ص 47، مرکز نشر الجامعة، طهران، الطبعة الاولی، 1366 ش .

[5] پارسا، خواجه محمد، شرح فصوص الحکم، ص 208.

[6] پارسا، خواجه محمد، شرح فصوص الحکم، ص 208.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

  • ما هی الطریقة و الاسلوب التی اعتمتد فی تبلیغ الدین؟
    11088 سیرة المعصومین 2010/12/21
    التبلیغ یعنی إیصال الرسالة الى الجماهیر، و بما أن رسالة الانبیاء عامة و رسالة النبی الأکرم (ص) خاصة، جاءت من أجل هدایة البشریة و اخراجها من الظلمات الى النور، من هنا حظی التبلیغ بأهیمة کبیرة باعتباره وسیلة لایصال صوت الوحی الإلهی الى العباد. و یمکن الاشارة هنا ...
  • إن كان معاوية كافرا فلماذا صالحه الإمام الحسن (ع) و سلمه زمام الخلافة؟
    8249 سیرة المعصومین 2012/06/21
    بشهادة كتب أهل السنة إن معاوية قد تعدّى حدود الشرع مرارا من قبيل شربه للخمر و قد أحدث بدعا كثيرة كابتداع الأذان في صلاة العيدين و إقامة صلاة الجمعة في يوم الأربعاء و … و هذا ما لا يبقي مجالا لأي مماشاة و مسامحة. و ...
  • هل الفارق بين الأمر و النهي كون النهي مفيدا للتكرار دون الأمر حيث يدل على المرة؟
    6191 الفلسفة الاسلامیة 2012/04/22
    من الابحاث التي خاض فيها علماء اصول الفقه بحث الاوامر و النواهي؛ بان الاوامر و النواهي إذا كانت قد وصلت الينا من قبل الشارع المقدس فهل الامر و النهي يدلان بطبيعتما على المرة؟ او هما يدلان على التكرار و الاستمرارية؛ بمعنى تحقق امتثال أمر الشارع و نهية ...
  • ما هو تفسیر آیة النشوز؟
    10289 التفسیر 2008/04/20
    ان للمرأه مکانتها المرموقة فی التعالیم الاسلامیة، حیث وردت الروایات الکثیرة عن النبی الاکرم (ص) و الائمة (ع) فی مدح المرأة و تکریمها، فقد وصفت روایاتنا المرأة الصالحة بانها منشأ للخیر و البرکة، و انها اثمن من اغلی متاع فی الدنیا و أفضله. ...
  • ما هی الادلة التی أقامها الحکیم عبد الرزاق اللاهیجی فی کتابه "گوهر مراد" لاثبات ضرورة النبوة؟
    5439 الکلام القدیم 2012/01/31
    أقام المرحوم اللاهیجی فی کتابه "گوهر مراد" اربعة أدلة لاثبات ضرورة الوحی و بعثة الانبیاء، هی:1. الطریق الذی أقامه الامام الصادق (ع) فی جواب الزندیق: إنّا لمّا أثبتنا أنّ لنا خالقاً صانعاً متعالیاً عنّا و عن جمیع ما خلق، و کان ذلک الصانع حکیماً لم یجز أن ...
  • ماهی الآیات التی تتحدث عن العلم؟
    9967 التفسیر 2007/12/20
    القرآن الکریم باعتباره کتاب هدایة و ارشاد الى الطریق القویم- و ان الهدایة لا تتحق الا بمخاطبة العقل و ترسیخ العلم لدى الانسان-  من هنا أولى العلم أهمیة کبیرة حتى اننا نجد ان هناک کمّاً هائلا من الآیات القرآنیة قد انصب اهتمامها حول العلم و المعرفة و وسائل تحصیلها و ...
  • تقدّم لی عریس وقبل مراسم الخطبة بثلاثة ایام رفضت فهل علیّ ذنب بهذا الموقف؟ وهل یدعو علیّ ویقبل الله دعاءه؟
    5500 الحقوق والاحکام 2006/12/30
    ان قضیة الزواج فی الاساس بید المرأة هی التی تمکن الزوج منها من خلال عقد تجریه معه وفق شروط خاصة.یقول الامام الخمینی (ره):« الاحوط - لو لم یکن الاقوی- ان یکون الایجاب من الزوجة و القبول من الزوج». من هنا یکون من حق المرأة قبل اجراء صیغة العقد ان ...
  • هل أن الله قد جعل لکل نبی شیطاناً یکون مأموراً من قبل الله بالوسوسة؟
    6450 الکلام القدیم 2010/01/31
    علی أساس آیات القرآن الکریم الواردة فی شرح نظام الخلقة و تقابل الخیر و الشرّ فیه، فإن شیاطین الانس و الجن قد اجیزوا بممارسة المکر و الحیلة مع الناس و العداوة مع أولیاء الله و لکن لا یصح أبداً اعتبار هذا الإذن التکوینی تکلیفاً من قبل الله تعالی ...
  • هل یمکن رفع العذاب عن المجتمع المنحرف و العاصی بسبب وجود بعض الصالحین و المحسنین؟
    6213 التفسیر 2012/02/14
    یستفاد من آیات الذکر الحکیم و الروایات الشریفة ان هناک مجموعة من العوامل و الاسباب المساعدة فی رفع العذاب و تأخیره عن المجتمعات المنحرفة، نشیر الى نماذج منها:1. وجود النبی الاکرم، و المستغفرین، و هذا ما اشارت الیه الآیة الکریمة: "وَ ...
  • ما حکم تخیّل ارتکاب العمل المحرَّم فی الذهن ؟
    6035 الکلام الجدید 2010/08/17
    إنّ التفکیر بالذنب و العمل المحرّم یلوث الذهن و الفکر و روح الإنسان، و یسلب توفیقات کثیرة لکنه طالما لم یصل الی مرحلة ارتکاب الحرام فعلا فلا یحرم علی الانسان ، و لکن لو ترتب علیه الحرام کالجنابة، فیعدّ حینئذ من مصادیق الاستمناء المحرم

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    281229 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    260990 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    130341 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    118254 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    90159 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61903 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    61668 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57865 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    53346 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    49705 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...