بحث متقدم
الزيارة
10614
محدثة عن: 2008/11/27
خلاصة السؤال
اذا کانت الصلاة عمود الدین فلماذا هی من فروع الدین؟
السؤال
اذا کانت الصلاة عمود الدین فلماذا هی من فروع الدین؟
الجواب الإجمالي

اصول الدین تطلق علی‌ الامور الاعتقادیة التی یؤمن بها الانسان بعقله و ادراکه فیصیر مسلماً، و بعد دخوله فی الاسلام تتوجه الیه مجموعة من الوظائف و التکالیف الفردیة و الاجتماعیة و التی من أهمها الصلاة، و علی هذا فالصلاة لکونها ذات اهمیة کبیرة من بین الاحکام فانه یعبر عنها بعمود الدین، و لکن لعدم کونها من الاسس الاعتقادیة فلا یمکن اعتبارها من اصول الدین.

الجواب التفصيلي

"الدین" کلمة عربیة و تستعمل اصطلاحاً بمعنی: الاعتقاد بوجود خالق للکون و الانسان و التعالیم العملیة المناسبة مع هذه العقائد.[1] و بملاحظة هذا التعریف و بیان المعنی الاصطلاحی للدین یتضح ان کل دین یتکون من قسمین:

1. العقیدة او العقائد التی هی بحکم الاساس و القاعدة له.

2. التعالیم العملیة التی تتناسب مع تلک القاعدة أو القواعد الاعتقادیة و التی تنشأ عنها.[2] و تطلق کلمة (اصول الدین) علی القسم الاول (العقائد)، و کلمة (فروع الدین) علی القسم الثانی (الاحکام العملیة).[3]

و قد سمیت اصول الدین بالأصل لکونها فی دائرة الفکر و العقیدة، أی ما یکون قاعدة و أساساً و أصلاً للدین، و ان کیفیة و کمیة اهتمام کل انسان بفروع الدین تتوقف علی درجة اعتقاده باصول الدین.[4]

و لاصول الدین اصطلاحان، عام و خاص، فیقال لاصول الدین التی هی فی قبال احکام الدین: اصول الدین بالمعنی العام، و یقال لاصول الدین المشتملة علی أصل أو عدة اصول اعتقادیة و التی تتضمن خصائص مذهب خاص (إضافة الی أصول الدین بالمعنی‌ العام) اصول الدین بالمعنی الخاص.[5]

و اصول الدین الاسلامی (بالمعنی العام) تشمل التوحید و النبوة و المعاد. و اصول الدین بالمعنی الخاص (اصول المذهب) فهی اضافة للتوحید و النبوة و المعاد تشمل العدل و الامامة أیضاً. و بهذه المقدمة اتضح أن اصول الدین بأی معنی تستعمل و علی أی الامور تطلق. و کذلک اتضح أن المقصود بفروع الدین هو الاحکام العملیة للاسلام. و ان رتبة اصول الدین - لکونها من باب العلم – مقدمة علی رتبة فروع الدین التی هی من باب العمل. أی انه ما لم یکن هناک علم و اعتقاد لا معنی للعمل. بالطبع فلیس العلم فی اصول الاعتقادات مجرد العلم، بل العلم المقرون بالیقین أو هو علم الیقین.

یقول المرحوم الفیض الکاشانی فی هذا الصدد: و الاشرف من هذین (العلم و العمل) هو العلم، فالعلم هو بمنزلة الشجرة و العبادة ثمرتها.[6]

و یقول أیضاً فی النسبة بین العلم و الایمان (الیقین): مرجع الایمان الی العلم أیضاً، لان الایمان هو التصدیق بشیء، و بالضرورة هو یستلزم تصور الشیء و هو نفس العلم. و الایمان بالقدر هو علم ایضاً.[7]

اذن فالمراد باصول الدین هی الاصول التی یجب علی الانسان العلم و الیقین بها أولاً لکی یدخل فی الاسلام و حینئذ یری ان التعالیم العملیة للاسلام قد شملته.[8]

و حیث إن (تحصیل العلم مقدم علی‌ العبادة)،[9] و شرف العلم متقدم علی‌ العمل، فانه یعبر عن هذه الامور بالاصل. و الانسان بعد دخوله فی الاسلام یواجه مجموعة من العبادات (العبادت الظاهریة مثل الصلاة و الزکاة و الصوم و ... و الباطنیة مثل التوکل و التقوی و الشکر و ...)،[10]و التی تسمّی بالفروع، و لکن و کما أوضحنا فان اصطلاح الفروع لا یتنافی ابداً مع کون عبادة ما او عبادات هی عمود الدین الاسلامی، فاذا شبهنا الاسلام ببیت، فهذه الاصول هی بمنزلة مفاتیح الدخول الی هذا البیت،‌ و لکن من المسلم ان لهذا البیت اعمدة یقوم علیها، و قد ورد مثل هذا التعبیر عن أهل البیت (ع) بالنسبة الی‌ بعض العبادات. یقول الامام الباقر (ع): "بنی الاسلام علی‌ خمسة أشیاء: الصلاة و الزکاة و الصوم و الحج و الولایة. قال زرارة:‌ فقلت: و أی شیء من ذلک أفضل؟ قال: الولایة افضل لانها مفتاحهن".[11]

ان هذه الامور الخمسة و باقی العبادات انما یکون لها معنی اذا کان الانسان قد دخل الاسلام و قد أشار الامام الصادق (ع) أیضاً‌ فی روایة الی‌ منزلة العلم و المعرفة ثم الی‌ العمل فقال (ع) ما مضمونه: "افضل ما یقرب العبد الی‌ الله هو المعرفة ثم الصلاه".[12]

نعم ان للصلاة اهمیة کبیرة بحیث یعبر عنها بعمود الدین،[13]‌ یقول الامام الباقر (ع) ما مضمونه: " الصلاة إن قبلت قبل ما سواها[14] و ان ردت رد ما سواها".[15]



[1] تعلیم العقائد، آیة الله مصباح الیزدی، ص 11.

[2] نفس المصدر، ص 12.

[3] نفس المصدر.

[4] اصول الاعتقادات، علی‌ اصغر القائمی، ص‌ 5.

[5] تعلیم العقائد بتصرف و تلخیص.

[6] علم الیقین فی اصول الدین،‌ الملا محسن الفیض الکاشانی، ج ‌1، ص 4 – 5.

[7] نفس المصدر، ص ‌7- 8 .

[8] مسلک الامامیة فی اصول العقائد، السید محمد المرعشی الشوشتری، ص‌ 11.

[9] علم الیقین فی اصول الدین، ص 12.

[10] نفس المصدر.

[11] سفینة البحار، الشیخ عباس القمی، ج 3، ص‌ 109.

[12] نفس المصدر.

[13] وسائل الشیعة، ج 4، ص‌ 27 عن أبی جعفر (ع) قال: الصلاة عمود الدین.

[14] و بدیهی انه مع عدم قبول اسس الاسلام التی اشیر الیها فی الروایات‌ فانه یشکل قبول الصلاة فمثلاً اعتبر الروایات ان قبول الصلاة مشروط بقبول الولایة: (شرط قبول الاعمال: الولایة )، لاحظ: المناقب للخوارزمی، ص 19، 252.

[15] سفینه البحار، الشیخ عباس القمی، ج 3، ص 109.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279435 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257246 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128142 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113244 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88997 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59835 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59551 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56855 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49735 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47165 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...