بحث متقدم
الزيارة
5613
محدثة عن: 2011/10/24
خلاصة السؤال
هل أن سائر الناس قادرون کالأئمة المعصومین (ع) على التصرف فی عالم الخلق؟
السؤال
کیف یمکننا أن نکون کالأئمة المعصومین فیما یخص التصرف بعالم الخلق؟
الجواب الإجمالي

إن للإنسان مکانة ممتازة بین موجودات هذا العالم، و إنه یمتلک قوى و استعدادات هائلة فإذا ما أحسن تنمیة هذه القوى و إخراجها إلى عالم الفعلیة ـ و هذا ما یحصل بالتقرب إلى الله و عبادته و إطاعته ـ فإنه من الممکن أن یکون له قدر من الولایة و التصرف فی عالم الخلق بقدر سعیه وحجم عمله.

و على هذا الأساس یقول الإمام الحسن المجتبى (ع): «من عبد الله عبّد الله له کل شیء».

الجواب التفصيلي

فی البدایة نقول: إن البحث فی التصرف فی عالم الخلق یندرج ضمن البحث عن الولایة التکوینیة، و معنى الولایة التکوینیة إدارة الموجودات فی العالم و التصرف العینی فیها، و هو أمر منحصر أولاً و بالذات فی ذات المولى المقدسة (الله) و ثانیاً و بالعرض بالنبی (ص) و الأئمة المعصومین (ع) و الإنسان الکامل. و هذه القاعدة یمکن ملاحظتها بصورة برنامج تنویری فی الکثیر من موضوعات القرآن الکریم من قبیل العزة و القوة و الشفاعة [1] .

و ببیان آخر فإن الولایة التکوینیة تعنی القوة و الاقتدار على التصرف فی مادة الکائنات بإذن الله التکوینی. و على هذا الأساس فإن جمیع المعجزات و الکرامات التی یظهرها الأولیاء تکون بواسطة هذه الولایة التکوینیة.

و علیه یمکن القول أن معجزات مثل (شق القمر) و (انقلاع الشجرة من مکانها و تحرکها نحو الرسول) من قبل نبی الإسلام (ص) و (شق الأرض) و (شق البحر) من قبل موسى (ع) فی قصة قارون و فرعون. و إحیاء الموتى من قبل عیسى (ع) و قلع باب قلعة خیبر من قبل الإمام علی(ع) کل هذه الأمور لیست إلا من قبیل تصرف الإنسان الکامل فی الکائنات، بواسطة الولایة التکوینیة [2] .

إذن فالأنبیاء و الأئمة المعصومون (ع) یمتلکون مثل هذه الولایة و القدرة على التصرف.

و الآن و قد اتضح معنى الولایة التکوینیة فمن اللازم معرفة مسألة مهمة و هی أن للإنسان مرتبة و موقعیة ممتازة و عالیة بین موجودات هذا العلم، فإذا استطاع أن یسیطر على نفسه و ینمی قدراته و استعداداته و تحویلها إلى عالم الفعل و هذا لا یتم إلا بالتقرب إلى الله و فی دائرة طاعته و عبادته، فإنه سوف یصل إلى مرتبة و مقام الولایة و التصرف فی عالم الخلق و ذلک بمقدار سعیه و عمله و جهاد نفسه.

و على هذا الأساس جاء قول الإمام الحسن المجتبى (ع): «من عبد الله عبّد الله له کل شیء» [3] . و عبارة الإمام هذه تعنی أن منشأ الولایة التکوینیة هو عبادة الله، و العبادة وحدها التی تجعل من الإنسان إنساناً إلهیاً و إن لم یکن إلهاً.

و قد جاء فی الأحادیث القدسیة أن الله قال: «عبدی أطعنی تکن مثلی» [4] .

و کذلک قال: "ابن آدم أنا غنی لا أفتقر أطعنی فیما أمرتک أجعلک غنیاً لا تفتقر یا ابن آدم أنا حی لا أموت أطعنی فیما أمرتک أجعلک حیاً لا تموت، یا ابن آدم أنا أقول للشیء کن فیکون، أطعنی فیما أمرتک أجعلک تقول لشیء کن فیکون" [5] .

لمزید الاطلاع تراجع المواضیع التالیة:

1ـ الإمام علی (ع) و علم الغیب و خالق الأرض و الرعد و البرق (السؤال 7474 الموقع: 8022).

2ـ وجه الله تعنی الإمام علی (ع) السؤال 8683 (الموقع: 10616).

3ـ (سعادة و کمال الإنسان) السؤال 704 (الموقع: 753).

4ـ (الإنسان و مقام خلیفة الله)، السؤال 2058 (الموقع: 2370).



[2] ترخان قاسم،.نگرشی عرفانی ، فلسفی و کلامی به: شخصیت و قیام امام حسین (ع)= شخصیة الامام الحسین نظرة عرفانیة فلسفیة کلامیة، ص 109 – 110، نشر چلچراغ، قم، ، الطبعة الاولی، 1388ش.

[3] المجلسی، محمد باقر، بحار الأنوار، ج68، ص184، مؤسسة الوفاء بیروت ـ لبنان، 1404 ق.

[4] آملی، سید حیدر، جامع الأسرار و منبع الأنوار، ص 363.

[5]   بحار الأنوار، ج90، ص376؛ الحلی، ابن فهد، عدة الداعی، ص310، دار الکتاب الإسلامی، 1407 ق.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280465 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    259118 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129816 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    116202 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89697 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61314 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60564 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57472 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    52091 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    48156 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...