بحث متقدم
الزيارة
6267
محدثة عن: 2012/01/16
خلاصة السؤال
ورد فی تفسیر التسنیم اشارة الی ان الله لم یخلق المواد الخام من ( شیء) و (لا شیء) بل کانت خلقة هذه المواد ( لا من شیء). فاولاً ما معنی (لا شیء)؟ و ثانیاً: أ لیس هذا القول مخالفاً لصریح القرآن الذی یقول ( و قد خلقتک من قبل و لم تک شیئآً) مریم/ 9
السؤال
ورد فی تفسیر التسنیم قوله (حیث ان الله ابدع المواد الخام اولاً، فان انشاء المواد الخام لم یکن من شیء و کذلک لم یکن من لا شیء ایضاً. لانه فی الفرض الاول یلزم قدم ذلک الشیء، و فی الفرض الثانی یلزم کون اللاشیء مبدأ قابلاً. و الحال ان قدم غیر الله محال و کذلک کون العدم مبدأ قابلاً. و لیس نقیض (من شیء) هو (من لا شیء) بل نقیضه هو ( لا من شیء) ( ج4 ص451)
آ-ان معنی (من شیء) و ( لا من لا شیء) واضح، و لکن ما هو معنی (لا من شیء) ؟ فحین نقول ان الله خلق الاشیاء ( لا من شیء) فما معنی ذلک؟ و ما الفرق بینه وبین قولنا (من لا شیء)؟
ب- أ لیس هذا القول مخالفاً لصریح القرآن الذی یقول (و قد خلقتک من قبل و لم تک شیئاً) ( مریم/9) انه یقول فی هذه الآیة انک لم تکن شیئاً أی کنت لا شیء و انا خلقتک حال کونک لا شیء (لم تک شیئآً).
الجواب الإجمالي

الخلق من دون استخدام شیء (لا من شیء) عبارة اکثر توحیداً من الخلق (من لا شیء). حیث انها تنفی حتی العنوان الفرضی و الخیالی ایضاً و هو (اللاشیء) الذی کان مفروضاً منذ الازل و لکن لم تکن له فعلیة. علماً بان هذا الموضوع یرتبط بالمادة الاولیة الخام لعالم الخلقة و لا یتعلق بالانسان، حیث اننا نعلم ان الانسان خلق من مادة أخری و هی التراب .

الجواب التفصيلي

ینبغی ان نقول فی الجواب ان من المؤکد ان صاحب التفسیر القیم لم یذهب الی ان العالم المادی قدیم و ازلی. بل انه قد طرح ثلاثة فروض فی کیفیة ظهوره، و عرض رأیه النهائی مستدلاً علیه کما یلی:

1- ان یکون الله قد خلق المادة الاولیة الخام من شیء آخر. و علی هذا، فبالرغم من ان المادة الاولیة لم تکن قدیمة و ازلیة، و لکن ذلک الشیء الذی کان اصلاً لخلقة المادة الاولیة سیکون ازلیاً. و هذه الفرضیة تثبت وجود شیء ازلی غیر الله. و هذا مالا یرتضیه الموحدون.

2- ان یکون خلق المادة الاولیة من (لاشیء) . وفی هذه الفرضیة نکون قد تصورنا عنواناً عدمیاً و منا قضاً ل(الشیء) و هو ( اللاشیء) و جعلناه هو مبدأ الخلقة.

و هذا المفکر الاسلامی یری حتی مثل هذه الفرضیة لا تنسجم مع التوحید الخالص، و ان وجود عنوان فرضی و هو (اللاشیء) و الذی یحتوی فی داخله علی قابلیة التحول الی (الشیء)، یستلزم ازلیة مثل هذا العنوان او مبدأه القابل، و یری ان مثل هذا الحد للوجود الفرضی یتنافی ایضاً مع التوحید.

3- ورأیه النهائی هو ان المادة الاولیة لم تخلق لا من (الشیء) الواقعی ولا من (اللاشیء) الافتراضی، بل التعبیر الافضل هو ان یقال ان المادة الخام لم تخلق من شیء (لا من شیء)، و ذلک لئلا نبتلی بعنوان خیالی و فرضی یکون متصفاً بالقدم الاعتباری.

ثم انه ینبغی الالتفات الی ان الآیة المذکورة فی السؤال لا تدل علی الخلق من (اللاشیء)، بل هی تقول انک ایها الانسان لم تکن شیئاً و لا تقول انک کنت (لا شیء). و ثانیاً: فان هذه الآیة لا علاقة لها بهذا الجانب من التفسیر، لان التفسیر یتعرض لبیان کیفیة خلقة اول مادة خام و هی التی خلق منها بقیة المواد الاخری. و أما الآیة فهی تتحدث عن خلقة الانسان و الذی خلق عنصره المادی من مواد خام أخری مثل التراب و الطین، و قد ورد ذلک فی القرآن مراراً بتعابیر مثل (فانا خلقناکم من تراب)[1] (و لقد خلقنا الانسان من سلالة من طین)[2] و... و اذا ورد فی الآیة التی ذکرتها ان الانسان لم یکن شیئاً فمعنی ذلک انه لم یکن قبل تصوره فی صورته الفعلیة شیئاً ذا قیمة و قابلاً للذکر کما ذکر الله تعالی ذلک صریحاً فی آیة آخری حیث یقول.(هل أتی علی الانسان حین من الدهر لم یکن َشیئاً مذکوراً).[3]



[1]الحج، 5.

[2]المؤمنون، 12.

[3]الانسان، 1.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280465 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    259118 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129816 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    116202 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89697 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61314 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60564 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57472 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    52091 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    48156 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...