بحث متقدم
الزيارة
5080
محدثة عن: 2011/12/13
خلاصة السؤال
ما هی الطریقة التی ینبغی التعامل بها مع الناس المادحین و المثنین علینا؟
السؤال
انا من الناس الذین منّ الله تعالى علیهم بخدمة أهل البیت (ع) فی المناسبات الدینیة عن طریق الرثاء و المدح، و من هنا أواجه احیانا من یکیل لی المدح و الثناء بما لست أهلا له، و من جهة اخرى اعلم بان الارشادات الاخلاقیة تؤکد على تهذیب المؤمن لنفسه و الابتعاد بها عن مواطن المدح و الثناء، و فی المقابل من غیر الصحیح مواجهة هذا السیل من اللطف و الاحترام بوجه مقفهر مثلا و عدم الاعتناء بما یبدیه الناس من حب و احترام، الرجاء ارشادی الى الطریق التی من خلالها اتمکن من الموازنة بین الامرین من دون انحراف و تجاوز للخط.
الجواب الإجمالي

المادحون صنفان، صنف ینطلق من قناعة حقیقیة و نیّة خالصة لا یرومون شیئا من وراء مدحهم، فلا شک ان هؤلاء یستحقون الاحترام و مقابلتهم بوجه طلق، لکن ینبغی الطلب منهم - و باسلوب امثل- اجتناب الثناء و المدح و الاستعاضة عنه بالدعاء بحسن العاقبة، اضافة الى الحذر من الاثار السلبیة للمدح و الثناء و تطهیر النفس من العجب و الخیلاء و....، و اما الصنف الثانی فیتمثل فی المتملقین و النفعیین. فهؤلاء لابد من مواجهتم بعدة طرق منها منعهم من التملق الزائف و الظهور أمامهم بمظهر غیر المکترث بمدحهم و ثنائهم. فان لم ینفع معهم ذلک، ننتقل الى اسلوب اکثر حدّة معهم و کما قال النبی الاکرم (ص) " احْثُوا فِی وُجُوهِ الْمَدَّاحِینَ التُّرَاب‏".

الجواب التفصيلي

ما تؤکد علیه الکتب الاخلاقیة و الارشادات و مواعظ المعصومین (ع) هو الحذر من ان یصاب الانسان بالعجب بسبب ما یکال له من ثناء و مدیح، بحیث یصل الى حالة یتصور فیها أنه افضل من الناس و بالنحو الذی یخرجه عن مسیر العبودیة لله تعالى.

و من کلمات الرسول الاکرم (ص) التی اوصى بها أمیر المؤمنین (ع) أنه قال: "یا علی إذا أثنی علیک فی وجهک فقل اللهم اجعلنی خیرا مما یظنون و اغفر لی ما لا یعلمون و لا تؤاخذنی بما یقولون".[1]

و من هنا ننطلق لبیان الموقف من المادحین و المثنین علینا، و ما هو الموقف منهم؟

و من الضروری تصنیف المادحین و المثنین الى صنفین، و لکل صنف موقف خاصة یواجه به:

الصنف الاوّل الذین ینطلقون فی مدحهم و ثنائهم من قناعة حقیقیة و نیّة خالصة لا یرومون من وراء ذلک تملقا او التقرب من الشخص للحظوة عنده و نیل المکاسب المادیة او المعنویة منه. فلا شک ان هؤلاء یستحقون الاحترام و مقابلتهم بوجه طلق، لکن ینبغی الطلب منهم - و باسلوب امثل- اجتناب الثناء و المدح و الاستعاضة عنه بالدعاء للشخص الممدوح بحسن العاقبة، اضافة الى ذلک على الانسان الممدوح ان یتذکر نقاط الضعف و الخلل عنده لاجل صیانة النفس من الاثار السلبیة للمدح و الثناء و تطهیر النفس من العجب و الخیلاء و....

اما الصنف الثانی، فیتمثل فی المتملقین و النفعیین بل قد یکونوا من الکاذبین أیضا، الساعین وراء تحقیق مآرب و منافع دنیویة، و النفخ فی شخصیة الممدوح للقضاء على القیم المعنویة و الاخلاص القلبی الذی یتحلى به. فهؤلاء لابد من مواجهتم بعدة طرق منها منعهم من التملق الزائف و الظهور أمامهم بمظهر غیر المکترث بمدحهم و ثنائهم لیعرفوا مدى دناءة هذا الاسلوب و خسته. فان لم ینفع معهم ذلک، ننتقل معهم الى اسلوب اکثر حدّة و بحسب تعبیر النبی الاکرم (ص) " احْثُوا فِی وُجُوهِ الْمَدَّاحِینَ التُّرَاب‏".[2]

یحدثنا التأریخ و کتب الحدیث أن أمیر المؤمنین (ع) مدحهُ قومٌ فی وجهه، فقال: اللَّهُمَّ إِنَّکَ أَعْلَمُ بِی مِنْ نَفْسِی وَ أَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسِی مِنْهُمْ اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا خَیْراً مِمَّا یَظُنُّونَ وَ اغْفِرْ لَنَا مَا لا یَعْلَمُون.[3]



[1] الحرانی، الحسن بن شعبة، تحف العقول، ص 12، نشر جماعة المدرسین، قم، 1404 هـ ق.

[2] الشیخ الصدوق، من لا یحضره الفقیه، ج 4، ص 11، نشر جماعة المدرسین، قم، 1413 هـ ق.

[3] نهج البلاغة، ص 485، الکلمات القصار،رقم 100، نشر دار الهجرة، قم، بدون تاریخ.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280302 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258903 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129708 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115833 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89601 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61150 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60423 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57402 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51776 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47754 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...