بحث متقدم
الزيارة
6079
محدثة عن: 2011/12/18
خلاصة السؤال
ما المراد من التابوت المذکور فی حدیث الغدیر و الذی أمر النبی (ص) باعطائه لامیر المؤمنین (ع)؟
السؤال
ما المراد من التابوت المذکور فی حدیث الغدیر و الذی أمر النبی (ص) باعطائه لامیر المؤمنین (ع)؟ و هل ورد فی القرآن الکریم؟
الجواب الإجمالي

ورد لفظ التابوت فی مقطع من الحدیث الذی رواه صاحب البحار، و کذلک ورد فی قوله تعالى: " إِنَّ آیَةَ مُلْکِهِ أَنْ یَأْتِیَکُمُ التَّابُوتُ فیهِ سَکینَةٌ مِنْ رَبِّکُمْ"، قال بعض المفسرین فی تفسیر کون التابوت آیة: یعنی علامة تملیک الله إیاه و حجة صحة ملکه «أَنْ یَأْتِیَکُمُ التَّابُوتُ» و فی هذا دلیل على أنهم قالوا لرسولهم إن کان ملکه بأمر من الله و من عنده فأتنا بعلامة تدل على ذلک فأجابهم بهذا.

و قال صاحب تفسیر الامثل: فما هو تابوت بنی إسرائیل أو صندوق العهد؟ و من الذی صنعه؟ و ما هی محتویاته؟ فإنّ فی تفاسیرنا و أحادیثنا، و کذلک فی العهد القدیم- التوراة- کلاما کثیرا عنه. إلا أنّ أوضحها هو ما جاءنا فی أحادیث أهل البیت (ع) و أقوال بعض المفسّرین بانّ التابوت هو الصندوق الذی وضعت فیه أمّ موسى ابنها موسى و ألقته فی الیمّ.

و یمکن الربط بین الآیة التی تشیر الى طلب بنی اسرائیل التابوت (الصندوق) من طالوت و بین هذا المقطع من الحدیث الذی أمر فیه الله تعالى نبیّه یوم الغدیر بان یعطی " السِّلاح و التَّابوت و جمیع ما عنده من آیات الأَنبیاء إِلى وصیِّه"،و ذلک لتنتقل تلک الآیات و العلامات من إمام الى آخر لتستقر عند الامام الحجة (عج) حتى لتکون علامة على مصداقیتهم.

الجواب التفصيلي

ورد فی مقطع من الحدیث الذی رواه صاحب البحار أن: "... ِ فَلَمَّا وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) بِالْمَوْقِفِ أَتَاهُ جَبْرَئِیلُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ: یَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یُقْرِئُکَ السَّلَامَ، وَ یَقُولُ لَکَ: إِنَّهُ قَدْ دَنَا أَجَلُکَ وَ مُدَّتُکَ وَ أَنَا مُسْتَقْدِمُکَ عَلَى مَا لا بُدَّ مِنْهُ وَ لا عَنْهُ مَحِیصٌ فَاعْهَدْ عَهْدَکَ وَ قَدِّمْ وَصِیَّتَکَ وَ اعْمِدْ إِلَى مَا عِنْدَکَ مِنَ الْعِلْمِ وَ مِیرَاثِ عُلُومِ الْأَنْبِیَاءِ مِنْ قَبْلِکَ وَ السِّلَاحِ وَ التَّابُوتِ وَ جَمِیعِ مَا عِنْدَکَ مِنْ آیَاتِ الْأَنْبِیَاءِ فَسَلِّمْهَا إِلَى وَصِیِّکَ وَ خَلِیفَتِکَ مِنْ بَعْدِکَ حُجَّتِی الْبَالِغَةِ عَلَى خَلْقِی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ فَأَقِمْهُ لِلنَّاسِ عَلَماً وَ جَدِّدْ عَهْدَهُ وَ مِیثَاقَهُ وَ بَیْعَتَه‏".[1]

و قد وردت لفظة "التابوت" فی قوله تعالى:«وَ قالَ لَهُمْ نَبِیُّهُمْ إِنَّ آیَةَ مُلْکِهِ أَنْ یَأْتِیَکُمُ التَّابُوتُ فیهِ سَکینَةٌ مِنْ رَبِّکُمْ وَ بَقِیَّةٌ مِمَّا تَرَکَ آلُ مُوسى‏ وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِکَةُ إِنَّ فی‏ ذلِکَ لَآیَةً لَکُمْ إِنْ کُنْتُمْ مُؤْمِنینَ».[2]

و فی خصوص معنى التابوت قال المفسرون و اللغویون، إنه من  الفعلوت من التوب بمعنى الرجوع لأن الإنسان یرجع إلى الصندوق رجوعا بعد رجوع.[3] و قال صاحب تفسیر الامثل: فما هو تابوت بنی إسرائیل أو صندوق العهد؟ و من الذی صنعه؟ و ما هی محتویاته؟ فإنّ فی تفاسیرنا و أحادیثنا، و کذلک فی العهد القدیم- التوراة- کلاما کثیرا عنه. إلّا أنّ أوضحها هو ما جاءنا فی أحادیث أهل البیت علیهم السّلام و أقوال بعض المفسّرین من أمثال ابن عبّاس، حیث قالوا: إنّ التابوت هو الصندوق الذی وضعت فیه أمّ موسى ابنها موسى و ألقته فی الیمّ، و بعد أن انتشل أتباع فرعون الصندوق من البحر و أتوا به إلیه و أخرجوا موسى منه، ظلّ الصندوق فی بیت فرعون ثمّ وقع بأیدی بنی إسرائیل، فکانوا یحترمونه و یتبرّکون به.

ووضع فیه موسى (ع) فیه الألواح المقدّسة- التی تحمل على ظهرها أحکام اللّه- و درعه و أشیاء أخرى تخصّه و أودع کلّ ذلک فی أواخر عمره لدى وصیّه یوشع ابن نون.[4]

و قال صاحب التحقیق فی کلمات القرآن الکریم، بعد نقل کلمات اللغة:

و التحقیق أنّ هذه الکلمة مأخوذة من کلمة تباه العبریّة، و معناه قریب من الصندوق، و هی اسم لا اشتقاق لها.

و الهاء فی آخر تباه إذا أضیفت الى کلمة اخرى قلبت تاء، فیقال: تبت مکتابیت صندوق الرسائل.

"أَنِ اقْذِفِیهِ فِی التَّابُوتِ فَاقْذِفِیهِ فِی الْیَمِّ"- 20/ 39.

فی صندوق.

"إِنَّ آیَةَ مُلْکِهِ أَنْ یَأْتِیَکُمُ التَّابُوتُ فِیهِ سَکِینَةٌ"- 2/ 248.

تعریف التابوت فی الموضعین یدلّ على کونه مشخّصا معیّنا.

و یظهر من سفر الخروج 25/ 10- أنّ موسى (ع) صنعه بأمر من اللّه تعالى على کیفیّة مخصوصة و غشیّه بذهب من داخل و خارج.

و یظهر من الرسالة الى العبرانیّین الإصحاح التاسع- أنّ موسى وضع المنّ و عصا هارون و لوحا العهد فیه. و أیضا أمر اللاویّین أن یضعوا کتاب التوراة بجانب عهد الرّب فی التابوت کما فی سفر التثیته- 31/ 25.

و یظهر من بعض الروایات: أنّ التابوت هذا أصله هو التابوت الّذى وضع موسى فیه و قذف فی الیّم.[5]

روى علی بن إبراهیم القمی عن الامام الباقر(ع) أنه قال: " أن التابوت کان الذی أنزله الله على أم موسى فوضعت فیه ابنها و ألقته فی البحر و کان فی بنی إسرائیل معظما یتبرکون به فلما حضر موسى الوفاة وضع فیه الألواح و درعه و ما کان عنده من آثار النبوة و أودعه عند وصیه یوشع بن نون فلم یزل التابوت بینهم و بنو إسرائیل فی عز و شرف ما دام فیهم حتى استخفوا به و ....".[6]

قال الطبرسی فی تفسیر الآیة " إِنَّ آیَةَ مُلْکِهِ أَنْ یَأْتِیَکُمُ التَّابُوتُ فِیهِ سَکِینَةٌ": أی علامة تملیک الله إیاه و حجة صحة ملکه «أَنْ یَأْتِیَکُمُ التَّابُوتُ» و فی هذا دلیل على أنهم قالوا لرسولهم إن کان ملکه بأمر من الله و من عنده فأتنا بعلامة تدل على ذلک فأجابهم بهذا.[7]

و یمکن الربط بین الآیة التی تشیر الى طلب بنی اسرائیل التابوت (الصندوق) من طالوت و بین هذا المقطع من الحدیث الذی أمر فیه الله تعالى نبیّه یوم الغدیر بان یعطی " السِّلاح و التَّابوت و جمیع ما عنده من آیات الأَنبیاء إِلى وصیِّه"،و ذلک لتنتقل تلک الآیات و العلامات من إمام الى آخر لتستقر عند الامام الحجة (عج) حتى لتکون علامة على مصداقیتهم.[8]



[1]  المجلسی، محمد باقر، بحارالانوار، ج 37، ص 202، مؤسسة الوفاء، بیروت، 1404ق؛ الطبرسی، احمد بن علی‏، الاحتجاج علی اهل اللجاج، ج 1، ص 56، مرتضى‏، مشهد، الطبعة الاولى، 1403ق.

[2]بقره، 248.

[3]  القرشی، سید علی اکبر، قاموس القرآن، ج 1، ص 260، دار الکتب الإسلامیة، طهران، الطبعة ا لسادسة، 1371ش؛ الطباطبایی، سید محمد حسین، المیزان فی تفسیر القرآن، ج 2، ص 289، دفتر النشر الاسلامی التابع لجماعة المدرسین قم‏، الطبعة الخامسة، 1417ق.

[4]مکارم الشیرازی، ناصر، الأمثل فی تفسیر کتاب الله المنزل، ج‏2، ص: 222، نشر: مدرسة الامام علی بن ابی طالب (ع)، قم،  1421 ق، الطبعة الاولى.

[5]حسینی همدانی، سید محمد حسین، ‏انوار درخشان، تحقیق: البهبودی، محمد باقر، ج 2، ص 267، مکتبة لطفى‏، طهران، الطبعة الاولى، 1404ق؛ المصطفوی، حسن،‏ التحقیق فی کلمات القرآن الکریم‏، ج 1، ص 372، بنگاه ترجمه و نشر کتاب‏، طهران، 1360ش؛ تفسیر الامثل، ج 2، ص 239 و 240.

[6]الطبرسی، فضل بن حسن، ‏مجمع البیان فی تفسیر القرآن، تقدیم البلاغی، محمد جواد،‏ ج 2، ص 614، انتشارات ناصر خسرو، طهران، الطبعة الثالثة، 1372ش.

[7]انظر: مجمع البیان فی تفسیر القرآن، ‏ج 2، ص 614؛ تفسیر الامثل، ج 2، ص 239.

[8] انظر: بحار الأنوار، ج 53، ص 85.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280273 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258850 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129648 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115694 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89575 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61076 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60380 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57382 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51659 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47724 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...