بحث متقدم
الزيارة
6001
محدثة عن: 2011/11/17
خلاصة السؤال
هل ورد فی الروایات أن شهر رمضان لا ینقص عن ثلاثین یوما؟ و ما مدى اعتبار تلک الروایات؟
السؤال
قال بعض أهل العلم بأنه قد ورد فی الروایات بان شهر رمضان لا ینقص عن ثلاثین یوما. فهل توجد حقا روایات بهذا المعنى؟ و ما مدى اعتبارها؟
الجواب الإجمالي

إن السنة القمریة تتألف من اثنی عشر شهرا هلالیا، و أن الاشهر الهلالیة القمریة تختلف عن الشمسیة لان الشمسیة ثابتة على طول السنة و معروفة البدایة و النهایة، و أما الاشهر القمریة فتابعة لرؤیة الهلال. و لا فرق بین کافة الاشهر بما فیها شهر رمضان من هذه الجهة، و هذا ما اشارت الیه الروایات الواردة عن أهل البیت (ع): "یُصِیبُ شَهْرَ رَمَضَانَ مَا یُصِیبُ سَائِرَ الشُّهُورِ مِنَ الزِّیَادَةِ وَ النُّقْصَانِ".

نعم، هناک روایات تشیر الى أن شهر رمضان لا ینقص عن الثلاثین یوما دائما، و قد عمل بها بعض فقهاء الشیعة الاوائل لکنها مرسلة تارة و شاذة اخرى، بالاضافة الى کونها معارضة بروایات أخرى کثیرة تامة السند و الدلالة، و مع التعارض تقدم الروایات التامة السند على المرسلة و الشاذة، و بهذا یکون الحق مع الرأی المشهور القائل بان شهر رمضان شأنه شأن سائر الشهور قد یتم ثلاثین یوما و قد ینقص فیکون تسعة و عشرین یوما.

الجواب التفصيلي

علم الفقه شأنه شأن سائر العلوم فی الحاجة الى طی مقدمات خاصة و الحاجة الى مختصین بهذا الشأن قد بذلوا جهودا کبیرة فی الوصول الى درجة التخصص فی استنباط الاحکام الشرعیة و خاضوا فی الکثیر من العلوم المقدمیة للاستنباط من قبیل: علوم اللغة العربیة، الرجال، الدرایة، اصول الفقه، و...

و بما أن الفقه یستند فی الغالب على الآیات و الروایات و لکن بعد تمحیص الروایات و دراستها من ناحیة السند و الدلالة. و لیس من الصحیح اتخاذ صرف وجود الروایة دلیلا على الحکم الشرعی، بل لا بد من دراستها و مقارنتها مع الآیات و الروایات الاخرى التی قد تختلف معها فی المضمون.

و هنا ینبغی القول بان السنة القمریة تتکون من اثنی عشر شهرا هلالیا[1]، و أن الاشهر الهلالیة القمریة تختلف عن الشمسیة لان الشمسیة ثابتة على طول السنة و معروفة البدایة و النهایة، و اما الاشهر القمریة فتابعة لرؤیة الهلال.[2] و لا فرق بین کافة الاشهر بما فیها شهر رمضان من هذه الجهة و هذا ما اشارت الیه الروایات الواردة عن أهل البیت (ع): "رُوِیَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ (ع) أَنَّهُ قَالَ: یُصِیبُ شَهْرَ رَمَضَانَ مَا یُصِیبُ سَائِرَ الشُّهُورِ مِنَ الزِّیَادَةِ وَ النُّقْصَانِ".[3]و انطلاقا من هذا الأمر جاءت الروایات لتحدد الملاک فی تعیین الشهر و هو الرؤیة فقالت: "صُمْ لِلرُّؤْیَةِ وَ أَفْطِرْ لِلرُّؤْیَةِ".[4]

نعم، هناک روایات تشیر الى ما ورد فی متن السؤال و ان رمضان لا ینقص عن الثلاثین یوما دائما، نشیر الى بعضها ثم نحاول دراستها و تحلیلها:

1. احتجوا بما رواه حذیفة بن منصور، عن أبی عبد اللّه- علیه السلام- قال: "شهر رمضان ثلاثون یوما لا ینقص أبدا".[5]

و الجواب: انّه خبر واحد رواه حذیفة بن منصور. قال الشیخ: و لم یوجد فی شی‏ء من الأصول، و انّما روی فی الشواذ من الأخبار. و کتاب حذیفة عری منه، و الکتاب معروف مشهور، ثمَّ انّ حذیفة تارة رواه عن معاذ بن کثیر، عن الصادق- علیه السلام. و تارة رواه عن الصادق- علیه السلام- بلا واسطة. و تارة یفتی به من قبل نفسه و لا یسنده الى غیره، و مع ذلک فهو خبر واحد یعارض القرآن و الأخبار المتواترة.[6] و [7]

2. "عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عن سهل، عن محمد بن إسماعیل، عن بعض أصحابه، عن أبی عبد الله (ع) قال: «ان الله عز و جل خلق الدنیا فی ستة أیام ثم اختزلها عن أیام السنة و السنة ثلاثمائة و أربعة و خمسون یوما، شعبان لا یتم أبدا و شهر رمضان لا ینقص و الله أبدا و لا تکون فریضة ناقصة‏".[8]

و الظاهر أن هذا الحدیث یعد أهم دلیل استند الیه القائلون بتمامیة شهر رمضان دائما، و قد روی الحدیث فی کتاب الکافی الذی یعد من المصادر الاساسیة عندنا، و عنه نقلت المصادر الحدیثیة الاخرى الحدیث المذکور. لکن یرد على الحدیث بعض الاشکالات التی تمنع من الأخذ به و الاستناد الیه:

الف: الروایة مرسلة، لان محمد بن إسماعیل، یرویها عن "بعض أصحابه" و هذا البعض الذی یعد الروای المباشر عن الامام الصادق (ع) لا نعلم من هو لنحکم على الروایة بالصحة او عدمها؟ و من هنا تکون الروایة ضعیفة سندا لا یمکن الاستناد الیها.

ب: تلک الروایات معارضة بروایات أخرى کثیرة تامة السند، و مع التعارض تقدم الروایات التامة السند على المرسلة و الشاذة.

تحصل: صحیح أنه توجد روایات فی هذا الباب و قد افتى بها بعض الفقهاء الشیعة القدامى، و لکن ما تواجهه تلک الروایات من اشکلات سندیة و دلالیة یمنع من اعتبارها الدلیل و المستند فی الحکم، و بهذا یکون الحق مع الرأی المشهور القائل بان شهر رمضان شأنه شأن سائر الشهور قد یتم ثلاثین یوما و قد ینقص فیکون تسعة و عشرین یوما.



[1] التوبة، 36، "إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً".

[2] البقرة، 189، "یَسْئَلُونَکَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِیَ مَواقیتُ لِلنَّاس"‏.

[3] مجلسی، محمد باقر، بحارالأنوار، ج 55، ص 356، مؤسسة الوفاء، بیروت، 1404ق.

[4] الشیخ الطوسی، تهذیب‏الأحکام، ج 4، ص 159، دار الکتب الإسلامیة طهران، 1365 هـ ش.

[5] تهذیب الأحکام: ج 4 ص 168 ح 479. وسائل الشیعة: ب 5 من أبواب أحکام شهر رمضان ح 26 ج 7 ص 195.

[6]  تهذیب الأحکام: ج 4 ص 169- 170 ذیل الحدیث 482.

[7] الحلی، حسن بن یوسف بن مطهر‏، مختلف الشیعة فی أحکام الشریعة، ج ‏3، ص 501، مؤسسة النشر الاسلامی التابعة لجماعة المدرسین‏، الطبعة الثانیة، قم، 1413 هـ ق‏.

[8]  الکافی، ج 4، ص 78، بَابٌ نَادِرٌ ، ح 2.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280300 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258899 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129701 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115823 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89600 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61143 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60417 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57401 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51759 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47752 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...