بحث متقدم
الزيارة
5422
محدثة عن: 2012/01/21
خلاصة السؤال
کیف استدل الفقهاء على حرمة الرشوة بقوله تعالى: "سماعون للکذب اکالون للسّحت"؟
السؤال
کیف استدل الفقهاء على حرمة الرشوة بقوله تعالى: "سماعون للکذب اکالون للسّحت"؟
الجواب الإجمالي

من الآیات التی استدل بها الفقهاء و المفسرون على حرمة الرشوة قوله تعالى: " سَمَّاعُونَ لِلْکَذِبِ أَکَّالُونَ لِلسُّحْت"؛ وذلک لان:

1. ان کلمة " سُحت " بضم السین مشقتة من "سَحت" بفتح السین، و سحت وجه الأرض محاه و أسحت: أفسده و أهلکه و استأصله. و یسمى الحرام به لأنه یعقب عذاب الاستیصال. و قیل لأنه لا برکة فیه، و قیل إنه یسحت مروءة الإنسان.

2. الروایات الکثیرة الواردة فی تفسیر الآیة المبارکة حیث ذکرت مجموعة من المصادیق المختلفة لها، من أهمها الرشوة، فعن الامام الصادق (ع) أنه سئل عن السحت، فقال: " الرِّشَا فِی الْحُکْمِ ". و فی روایة أخرى قال: فَأَمَّا الرِّشَا فِی الْحُکْمِ فَهُوَ الْکُفْرُ بِاللَّهِ الْعَظِیمِ.

3. استناد الفقهاء و المفسرون – انطلاقا مما مرّ- الى الآیة المبارکة فی اثبات حرمة الرشوة.

الجواب التفصيلي

من المسلم به فی الفقه الاسلامی حرمة الرشوة اجمالا.

و من الآیات التی استدل بها الفقهاء و المفسرون على حرمة الرشوة قوله تعالى: " سَمَّاعُونَ لِلْکَذِبِ أَکَّالُونَ لِلسُّحْت". [1]

و الآیة المبارکة کما یقول العلامة الطباطبائی نازلة فی وصف علماء الیهود و ان من احدى خواصهم الارتشاء و أکل السحت و المراد من أکل السحت الارتشاء لتغییر أحکام الله تعالى. [2]

و کلمة " سُحت " بضم السین مشقتة من "سَحت" بفتح السین، و سحت وجه الأرض محاه و أسحت: أفسده و أهلکه و استأصله. [3] و یسمى الحرام به لأنه یعقب عذاب الاستیصال. و قیل لأنه لا برکة فیه، و قیل إنه یسحت مروءة الإنسان. [4]

فمعنى السحت إذن: کل ما لا یحل کسبه. [5] أی یحرم کسبه.

و قد ذکرت الروایات الکثیرة الواردة فی تفسیر الآیة المبارکة مجموعة من المصادیق المختلفة لها [6] ، من أهمها الرشوة.

و عن الامام الصادق (ع) أنه سئل عن السحت، فقال: " الرِّشَا فِی الْحُکْمِ ". [7] و فی روایة أخرى قال: فَأَمَّا الرِّشَا فِی الْحُکْمِ فَهُوَ الْکُفْرُ بِاللَّهِ الْعَظِیمِ. [8]

و لمّا کان الرشا فی الحکم یجمع عدّة قبائح فإنّه یأخذه بقصد إبطال الحقّ فیستلزم ذلک الکذب على اللَّه و على رسوله، و العمل بشهادة الزور، و أخذ المال من مستحقّه و إعطاؤه غیر مستحقّه، و سماع شهادة الفسّاق، و الخیانة للّه و لرسوله و عدم المروّة، و مخالفة حسن الظنّ ممّن احتکم إلیه، و غیر ذلک فلذلک فسّر علیه السلام السحت بالرّشوة. [9]

و فی الآیة دلالة على تحریم أکل السحت و الاکتساب به، لأن الکلام فی ذمهم و أن هذه الصفات القبیحة صفاتهم. [10] و لاریب أن من أبرز مصادیق ذلک هو الرشوة و هی محرمة قطعا.

کذلک طبّق المفسرون السحت على الرشوة؛ فعلى سبیل المثال تعرض العلامة الطباطبائی فی ذیل الآیة الشریفة لبحث مفصل فی هذا المجال قال فیه: «أَکَّالُونَ لِلسُّحْتِ» أی لما یسحت دینهم، و قال (ص): "کل لحم نبت من سحت فالنار أولى به، و سمی الرشوة سحتا". فکل مال اکتسب من حرام فهو سحت، و السیاق یدل على أن المراد بالسحت فی الآیة هو الرشا. [11]

و الجدیر بالذکر أن دافع الرشوة إن توصّل بها إلى باطل فهو کآخذها فی فعل الحرام و إن توصّل بها إلى حقّ لا یمکنه تحصیله إلّا به فلیس فاعلا للحرام و أمّا آخذها فهو فاعل حرام سواء حکم بحقّ أو بباطل للدافع أو علیه. [12]

لمزید الاطلاع انظر:

«حکم اعطاء الرشوة»، السؤال 4667 (الموقع: 6006).

«حکم الرشوة»، سؤال 6688 (الموقع: 6959).



[1] . مائده، 42.

[2] الطباطبائی، سید محمد حسین، المیزان فی تفسیر القرآن، ج 5، ص 341، مرکز النشر الاسلامی، قم، الطبعة الخامسة، 1417ق.

[3] انظر: درویش یحیى محمد، إعراب القرآن و بیانه، ج‏6، ص: 205، دارالارشاد، سوریة، 1415 ق، الطبعة الرابعة ؛ الجزری، ابن اثیر، مبارک بن محمد،‌النهایة فی غریب الحدیث و الاثر، ج 2، ص 345، مؤسسة اسماعیلیان،قم، الطبعة الاولی.‌

[4] الطریحی، فخر الدین، مجمع البحرین، ج 2، ص 204، تحقیق: سید احمد الحسینی، مکتبة المرتضوی، طهران، الطبعة الثالثة، 1375ش؛ ابن منظور، محمد بن مکرم، لسان العرب، ج 2، ص 41، نشر دار صادر، بیروت، الطبعة الثالثة، 1414ق.

[5] مجمع البحرین، ج 2، ص 204؛ لسان العرب، ج 2، ص 41؛ الحلّی، مقداد بن عبد اللّٰه السیوری‌،کنزالعرفان فی فقه القرآن، ج 2، ص 12، قم، الطبعة الاولی.

[6] روی عن النبی الاکرم (ص) أنه قال: "   مِنَ السُّحْتِ ثَمَنُ الْمَیْتَةِ وَ ثَمَنُ الْکَلْبِ وَ ثَمَنُ الْخَمْرِ وَ مَهْرُ الزَّانِیَةِ وَ الرِّشْوَةُ فِی الْحُکْمِ وَ أَجْرُ الْکَاهِن‏ ". (الشیخ الصدوق، من لایحضره الفقیه، ج 4، ص 363، انتشارات جماعة المدرسین، قم، 1413ق).

[7] الکلینی، محمد بن یعقوب، الکافی، ج 5، ص 127، دار الکتب الاسلامیة، طهران، 1365ش.

[8] الکافی، ج 5، ص 127.

[9] کنزالعرفان فی فقه القرآن، ج 2، ص 12.

[10] الکاظمی، فاضل، جواد بن سعد الاسدی‌،مسالک الافهام الی آیات الاحکام، ج 3، ص 9.

[11] المیزان فی تفسیر القرآن، ج 5، ص 341.

[12] کنزالعرفان فی فقه القرآن، ج 2، ص 13.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280273 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258850 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129648 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115694 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89575 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61076 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60380 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57382 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51659 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47724 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...