بحث متقدم
الزيارة
8270
محدثة عن: 2012/05/17
خلاصة السؤال
هل يحب الشيطان الإمام علياً (ع)؟
السؤال
هناك رواية تبين محبة الشيطان لأمير المؤمنين (ع) بهذا المضمون: قال الإمام علي (ع) يوماً للشيطان: يا أبا الحارث! هل أدخرت شيئاً ليوم القيامة؟ قال الشيطان: يا علي! محبتك. و روايات أخرى بهذا المضمون. فهل لحب الشيطان لأمير المؤمنين (ع) من صحة؟
الجواب الإجمالي

لم نعثر بعد البحث و التحقيق في المصادر الروائية، بل و حتى الكتب العرفانية للعرفاء الكبار، في البحوث المتعلّقة بالحب و العشق، على رواية تبين حبّ الشيطان للإمام علي (ع) بهذه التعابير المذكورة في السؤال. نعم، هناك روايات من هذا القبيل لكن فيها تصريح بضلالة الشيطان، كما و هناك رواية عن الإمام الباقر (ع). تبيّن أن ايمان أبليس و حبّه للإمام علي (ع) ظاهري فقد كان قلبه كافراً.

ثم کیف يحب الشيطان الامام (ع) حبا حقيقا و يرتب اثار ذلك الحب في نفسه و في الواقع وهو يعلم بان الامام (ع) من اشد المحاربين لنهجه و المناوئين لطريقته الاضلالية، بعد رسول الله (ص)؟!

الجواب التفصيلي

1ـ لم نعثر بعد البحث و التحقيق في المصادر الروائية، بل و حتى الكتب العرفانية للعرفاء الكبار، في البحوث المتعلقة بالحبّ و العشق، على رواية تبين حبّ الشيطان للإمام علي (ع) بهذه التعابير المذكورة في السؤال.

2ـ توجد رواية في بعض الكتب الروائية، تنصّ على إخبار الشيطان بعظمة الإمام علي (ع) قبل خلقة آدم (ع) و تبين إيمانه و حبه له (ع)،[1] لكن فيها تصريح بضلالة الشيطان، كما و هناك رواية عن الإمام الباقر (ع). تبين أن ايمان أبليس و حبه للإمام علي (ع) ظاهري فقد و كان قلبه كافراً.[2]

3ـ يجب علينا قبول هذه الحقيقة، فطبقاً لما يصرّح به القرآن الكريم إن إبليس كان من الملائكة المقرّبين من الله سبحانه لكنّه عصاه في مسألة السجود لآدم، فطرده من رحمته و عاتبه و لعنه لعناً أبدياً، و قد قسم بأن يُغوي كل إنسان إلّا ـ المخلصين ـ .[3] و هذا الترك و اللعن من المسلمات التي لا ريب و لا شك في ذلك عند أهل الشريعة و سالكي طريق الحقيقة.

4ـ للمحبّة مراتب و الشيطان قد عبد الله مدة طويلة قبل خلق الإنسان، و من الطبيعي يكون عندها محبوباً من قبل الله تعالى، لكنه خسّر في الإمتحان الذي جعله الله سبحانه على محبته و لم يحصل عندها إلا على اللعنة و الطردة من رحمة الله تعالى، مع إن المحب و العاشق الواقعي يحب و يعشق كل ما يحبه و يريده محبوبة و معشوقة.

فكما إن الشيطان كان في قلبه نسبة من حب الله سبحانه قبل خلق الإنسان كذلك يمكن القول بأنه بعد طرده أيضاً بقيت في قلبه درجة من الحب لله و لمحبيه أقل من السابقة، و هذا المقدار من الحب لا ينافي عمله و عصيانه، لأن كبره و حسده أدّى إلى عدم إطاعة الله سبحانه، و كمثال على ما نقول، كثيراً ما نرى أن الأنانية و التكبّر قد تلجئ الإنسان إلى محاربة أهل العدل، مع أنه يكنّ في قرارة نفسه إعجاباً بصفات عدوه و يثني عليها، بل و يكنّ لهم شيئا من الحب في اعماق قلبه لكن، و بما أن هذا الحب لا تتبعه نتيجة و ثمرة عملية، فلا يمكن اعتباره واقعياً.

و على فرض قبولنا للروايات التي تتضمن حب الشيطان للإمام علي (ع)، يمكن التدقيق فيها في نفس هذا الإطار.

أخيراً نحب أن نلفت إنتباهكم إلى أن معاوية الذي كان يعتبر من أعدى أعداء الإمام علي(ع) طلب يوماً من أحد محبي أمير المؤمنين (ع) و شيعته باسم ضرار بن ضمرة أن يصف له الحالات العبادية للإمام (ع)، فبعد سماعة بعض فضائل أمير المؤمنين (ع) إنفجر باكياً.[4]

لمزيد من الإطلاع راجعوا المواضيع التالية:

"فلسفة خلقة الشيطان"، السؤال 1143 (الموقع: ar1753).

"أهداف الشيطان و منهجه"، السؤال 1144 (الموقع: ar1777).

"الشيطان و عصيانه و توبته"، السؤال 7270 (الموقع: 7430).

 

 


[1]  كهذا الحديث: عن علي بن أبي طالب (ع) قال: كنت جالسا عند الكعبة و إذا شيخ محدودب قد سقط حاجباه على عينيه من شدة الكبر و في يده عكازة و على رأسه برنس أحمر و عليه مدرعة من الشعر فدنا إلى النبي (ص) و هو مسند ظهره إلى الكعبة فقال: يا رسول الله ادع لي بالمغفرة! فقال النبي (ص): خاب سعيك يا شيخ و ضل عملك. فلما تولى الشيخ قال: يا أبا الحسن أ تعرفه؟ قلت: اللهم لا. قال: ذلك اللعين إبليس. قال علي (ع): فعدوت خلفه حتى لحقته و صرعته إلى الأرض و جلست على صدره و وضعت يدي في حلقه لأخنقه، فقال لي: لا تفعل يا أبا الحسن فإني من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم، و و الله يا علي إني لأحبك جدا. (الشيخ الصدوق، عيون اخبار الرضا، ج2، ص72، نشر جهان، طهران، الطعبة الاولى، 1378هـ؛ المجلسي محمد باقر، بحارالانوار، ج27، ص148 و149 و ج60، ص244و 245، مؤسسة الوفاء بيروت، 1404هـ)

[2]  المازندراني، إبن شهر آشوب، المناقب، ج 2، ص 251 و 252، مؤسسة انتشارات العلامة، قم، 1379 ق.

[3]  راجعوا: السور الآتية البقرة، 34 ـ 36، الأعراف، 11 ـ16، الكهف، 50، الأسراء، 62 ـ 65، الحجر، 30 ـ 42.

[4] الشيخ الصدوق، الأمالي، ص 625 ـ 624، الإسلامية، طهران، 1362 ش.

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280322 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258935 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129725 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115895 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89620 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61168 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60446 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57414 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51821 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47768 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...