Please Wait
21006
السبب الرئيسي لترديدنا هذين الذكرين و هما "سبحان ربّي العظيم و بحمده" و "سبحان ربّي الأعلى و بحمده" في الركوع و السجود، هو الأمر الإلهي، فقد أكدت الروايات على الأمر بهذا الفعل. لكن و مع كونها أمراً إلهياً، من الممكن أن نعثر لها على حكم ما.
الركوع في الصلاة هو تعظيم لله تعالى، فنحن نعظم الله سبحانه في كل ركوع في الصلاة. و التعظيم للشيء یعني أعتقادنا بعظمته و في مقابل هذه العظمة نحني إجلالاً و تعظيماً له. فنحن نعظم الله سبحانه، فذكر صفة "العظيم" و نسبتها له عزّ شأنه بمثابة الأذعان بعظمته، لذلك يتحتم علينا أن نلتفت إلى معاني هذه الألفاظ في الصلاة و نتوجه إليها بقلوبنا. و السجود أمام الله سبحانه هو أيضاً بهذا المعنى فنحن نعفّر أنوفنا و جباهنا في التراب لأجله و نقرّ بصغرنا أمامه. فإذا ذكرنا صفة الأعلى في هذه الحالة بكل خضوع و خشوع و أذعنّا بعلو مرتبة الله سبحانه و أقررنا في حال السجود بأن الله أعلى من كل شيء و نخاطبه بهذه الصفة، عندئذ ترتفع عند الإنسان حالة العبودية و يمكن القول حقاً بأن هذه الحالة من أفضل حالات الإنسان لعبودية الله سبحانه.
ذكر "سبحان ربي العظيم و بحمده" في الركوع و ذكر "سبحان ربي الأعلى و بحمده" في السجود، من الأمور التي ورد الأمر بها في روايات أهل البيت (ع)،[1] و إن أمكن إبدالها بذكر آخر في الصلاة.
فالسبب الرئيسي لهذين الذكرين في الركوع و السجود هو الأمر الإلهي و نحن في قبال هذا الأمر لا سبیل أمامنا إلا الامتثال و الطاعة.
لكنّ هذه الطاعة للأمر الإلهي لا تعني خلو هذين الذكرين من حكمة، و ان ترديدنا لها صرف تعبّد، بل قد ذكرت لهما حكم كثيرة لا بأس بأن يضعها المصلي في الحسبان.
لبيان حكمة هذين الذكرين يلزم أولاً أن نذكر معناهما إبتداءً. فمعنى ذكر الركوع: انزه ربّي العظيم من كل عيب و نقص و احمده على كل حال". و معنى ذكر السجود هو: "ربّي أعلى من كل شيء و منزه من كل عيب و نقص و احمده على كل حال".
أما في الجواب عن السبب في ذكر صفة "العظيم" في الركوع و صفة "الأعلى" في السجود؟ فيجب القول في الجواب، أن الركوع في الصلاة بمثابة تعظيم لله سبحانه و نحن نعظم الله سبحانه في كل ركوع في الصلاة. و التعظيم للشيء یعني أعتقادنا بعظمته و في مقابل هذه العظمة نحني إجلالاً و تعظيماً له. فنحن في الركوع نعظّم الله سبحانه و نذعن بعظمته و هذا الأذعان يتم بذكر صفة العظيم لله سبحانه و هذا ما يدل على التناسب بين ذكر الركوع و أصله.
و السجود كذلك يدل على أفضل حالة و أحسنها للشخص في عبادته لله سبحانه، و لها فلسفة مهمة. فنحن في حال السجود نضع سبعة من أعضائنا المهمة على الأرض و نعفر جباهنا في التراب أمامه و نقر بصغرنا بین یدیه . فإذا ذكرنا صفة الأعلى في هذه الحالة بكل خضوع و خشوع و أذعنّا بعلو مرتبة الله سبحانه و أقررنا في حال السجود بأن الله أعلى من كل شيء و نخاطبه بهذه الصفة، فعندئذ ترتفع عند الإنسان حالة العبودية و يمكن القول حقاً بأن هذه الحالة من أفضل حالات الإنسان لعبودية الله سبحانه.
فالصلاة هي وسيلة للحوار مع الله سبحانه و تعالى، يجب أن تتم بكل توجه و إقبال، كما و يفترض علينا لأعلاء صلاتنا أن نتوجه بقلوبنا في ذكر الركوع و السجود كما في الأذكار الأخرى و نعلم بأننا في الركوع في حال تعظيم لله سبحانه و إذعان منا لهذه العظمة، و في حال السجود على الأرض نقرّ بأنه الأعلى من كل شيء.
[1] " لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ قَالَ النَّبِيُّ (ص): اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ. فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى قال النَّبِيُّ (ص): اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ". (من لا يحضره الفقيه ج : 1 ص : 315، نشر جماعة مدرسي الحوزة العلمية، قم، 1413هـ)