بحث متقدم
الزيارة
6523
محدثة عن: 2012/02/14
خلاصة السؤال
ما الدلیل على الالتفات و التکبیر صوب الیمین و الشمال بعد التسلیم فی آخر الصلاة؟
السؤال
ما الدلیل على الالتفات و التکبیر صوب الیمین و الشمال بعد التسلیم فی آخر الصلاة؟
الجواب الإجمالي

صحیح أنه لم ترد روایة – او على اقل تقدیر نحن لم نعثر على هکذا روایة- بوجوب او استحباب الالتفات یمینا و شمالا بعد الانتهاء من الصلاة، و لکن یمکن تبریر ما هو متعارف بین المصلین من خلال الخطوات التالیة:

1. عندما تنتهی الصلاة المفروضة أو المستحبة بالتسلیم یکون المصلی حراً فی التکلم و الحرکة بأی اتجاه شاء.

2. ان التکبیر فی حد ذاته أمر محبذ " وَ کَبِّرْهُ تَکْبیرا".

3. إن السلام على الملائکة من الامور التی جاءت بها الروایات و کتب الادعیة و الزیارات، فقد ورد فی زیارة الامام الحسین (ع): "...ِ وَ قُلْ حِینَ تَدْخُلُهُ السَّلَامُ عَلَى مَلَائِکَةِ اللَّهِ الْمُنْزَلِینَ ‏".

4. نحن نؤمن و کما ورد فی الروایات بوجود ملکین مکلفین بتدوین ما یصدر من العبد، کما فی الروایة التالیة، عن رسول الله (ص) انه قال: للمریض أربع خصال یرفع عنه القلم.....و یوحی الله تعالى إلى ملک الشمال ألا تکتب على عبدی شیئا ما دام فی وثاقی و إلى ملک الیمین أن اجعل أنین عبدی حسنات. و غیر ذلک من الروایات.

5.لا یوجد مانع من أن یلتفت المکلف بعد الانتهاء من صلاته و یکبر الله تعالى ثم یسلم على الملکین الموکلین به، خاصة اذا أخذنا بنظر الاعتبار و جود روایة تقول بان السلام فی الصلاة یقع على الملکین الموکلین، ففی روایة الهاشمی قال: سألت أبا عبد اللّه (ع) عن التسلیم فی الصلاة؟ قال علیه السّلام: ... و السّلام اسم من أسماء اللّه تعالى واقع على الملکین الموکلین به.

اتضح من خلال هذه النقاط الخمس ان القضیة لو لم تدخل فی دائرة المستحبات فعلى أقل تقدیر تقع فی دائرة المباحات التی لا مانع منها انشاء الله تعالى.

الجواب التفصيلي

یعد الالتفات صوب الیمین و الشمال و التکبیر بعد الانتهاء من الصلاة من الامور المتعارفة بین المصلین خصوصا فی هذه الاعصار، و هنا یقع السؤال عن الدلیل الشرعی على هذا العمل، و هل یدخل ذلک العمل فی ضمن الواجبات او المستحاب او لا؟ أو هل یدخل فی المحرمات التی لا یجوز فعلها؟

أولا: فی خصوص التسلیم و الانتهاء من الصلاة هناک روایة شریفة رواها الشیخ الصدوق (ره)، بالنحو التالی:

1. ثُمَّ تُسَلِّمُ وَ أَنْتَ مُسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةِ وَ تَمِیلُ بِعَیْنِکَ إِلَى یَمِینِکَ إِنْ کُنْتَ إِمَاماً.

2. وَ إِنْ صَلَّیْتَ وَحْدَکَ قُلْتَ السَّلَامُ عَلَیْکُمْ مَرَّةً وَاحِدَةً وَ أَنْتَ مُسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةِ وَ تَمِیلُ بِأَنْفِکَ إِلَى یَمِینِکَ.

3. وَ إِنْ کُنْتَ خَلْفَ إِمَامٍ تَأْتَمُّ بِهِ فَسَلِّمْ تُجَاهَ الْقِبْلَةِ وَاحِدَةً رَدّاً على الإِمَامِ و تُسَلِّمُ على یمینِکَ وَاحِدَةً وَ عَلَى یَسَارِکَ وَاحِدَةً، إِلا أَنْ لا یَکُونَ على یَسَارِکَ إِنْسَانٌ فَلا تُسَلِّمْ عَلَى یَسَارِکَ إِلَّا أَنْ تَکُونَ بِجَنْبِ الْحَائِطِ فَتُسَلِّمَ عَلَى یَسَارِکَ وَ لا تَدَعِ التَّسْلِیمَ عَلَى یَمِینِکَ کَانَ عَلَى یَمِینِکَ أَحَدٌ أَوْ لَمْ یَکُن.[1]

یتضح من هذا المقطع من الروایة الشریفة أنها بصدد تحدید کیفیة التسلیم للمصلی أماماً کان او مأموماً او منفرداً. و لکن هذه الروایة لم یعتمد علیها الفقهاء و مراجع التقلید المعاصرون لانهم یرون أن الصلاة تنتهی بتسلیم واحد یکون المصلی  فیه باتجاه القبلة إماماً کان او مأموما او منفرداً، کذلک لا یکتشف من هذه الروایة استحباب او وجوب الالتفات بعد الصلاة نحو الیمین و نحو الشمال و التکبیر و ذلک لانها تتحدث عن التسلیم فلا یمکن التعدی منه الى اثبات استحباب او وجوب الالتفات و التکبیر. و من هنا قال بعض مراجع الدین فی جواب السؤال التالی:

سؤال: هل أن التلفت یمینا و شمالا بعد الانتهاء من الصلاة، و قول «السلام علیکم و رحمة اللَّه و برکاته» عند کل تلفّت منهما جائز أم لا؟

(التبریزی:) الالتفات یمینا و شمالا بعد الانتهاء من الصلاة غیر مشروع، فلا یؤتى به بقصد المطلوبیّة الشرعیّة، و اللَّه العالم.[2]

ثانیا: إذن لا یصح للمکلف أن یلتفت یمینا و شمالا و یکبر بقصد المطلوبیة بمعنى الاعتقاد بانها مطلوبة شرعا و أنّ الله أمر بها على نحو الوجوب او الاستحباب؛ لان ذلک یدخل فی دائرة البدعة المحرمة و الافتاء بلا دلیل.

ثالثا: هل یمکن الاتیان بها لا بقصد المطلوبیة؟

یمکن الاجابة هنا بعدة وجوه لتبریر ذلک:

1. عندما تنتهی الصلاة المفروضة أو المستحبة بالتسلیم یکون المصلی حراً فی التکلم من جهة، و فی الحرکة من جهة أخرى، شریطة ان یکون الکلام و الحرکة مما لا یغضب الله تعالى. و من هنا نجد السید الخامنئی (مد ظله العالی) یجیب عن السؤال التالی:

ما هو رأیکم الشریف فی تصافح المصلّین بعد فراغهم من الصلاة مباشرة؟ و الجدیر بالذکر أن بعض العلماء الأجلّاء قال: إنه لم یرد حول هذا الموضوع شی‏ء عن الأئمة المعصومین (صلوات الله و سلامه علیهم) فلا داعی للإتیان بالمصافحة، و لکننا نجد فی الوقت نفسه أن المصافحة تزید من أواصر الصداقة و من المحبة بین المصلّین؟

الجواب: لا إشکال فی المصافحة بعد التسلیم و الفراغ من الصلاة، و على العموم فإن مصافحة المؤمن مستحبة.[3]

2. ان التکبیر فی حد ذاته أمر محبذ "وَ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذی لَمْ یَتَّخِذْ وَلَداً وَ لَمْ یَکُنْ لَهُ شَریکٌ فِی الْمُلْکِ وَ لَمْ یَکُنْ لَهُ وَلِیٌّ مِنَ الذُّلِّ وَ کَبِّرْهُ تَکْبیرا"[4].

3. ان السلام على الملائکة من الامور التی جاءت بها الروایات و کتب الادعیة و الزیارات، فقد ورد فی زیارة الامام الحسین (ع): "...ِ وَ قُلْ حِینَ تَدْخُلُهُ السَّلَامُ عَلَى مَلَائِکَةِ اللَّهِ الْمُنْزَلِینَ السَّلَامُ عَلَى مَلَائِکَةِ اللَّهِ الْمُرْدِفِینَ السَّلَامُ عَلَى مَلَائِکَةِ اللَّهِ الْمُسَوِّمِینَ السَّلَامُ عَلَى مَلَائِکَةِ اللَّهِ الَّذِینَ هُمْ فِی هَذَا الْحَرَم‏".[5]

4. نحن نؤمن و کما ورد فی الروایات بوجود ملکین مکلفین بتدوین ما یصدر من العبد، کما فی الروایة التالیة، روی عن رسول الله (ص) انه قال: للمریض أربع خصال یرفع عنه القلم و یأمر الله الملک فیکتب له فضل ما کان یعمله فی صحته .....و یوحی الله تعالى إلى ملک الشمال ألا تکتب على عبدی شیئا ما دام فی وثاقی و إلى ملک الیمین أن اجعل أنین عبدی حسنات.[6] و غیر ذلک من الروایات.

5. ما المانع ان یلتفت المکلف بعد الانتهاء من صلاته و یکبر الله تعالى ثم یسلم على الملکین الموکلین به، خاصة اذا اخذنا بنظر الاعتبار و جود روایة تقول بان السلام فی الصلاة یقع على الملکین الموکلین، ففی روایة عبد اللّه بن الفضل الهاشمی قال: سألت أبا عبد اللّه (ع) عن التسلیم فی الصلاة؟ قال علیه السّلام: التسلیم علامة الا من و تحلیل الصلاة، الى ان قال علیه السّلام: فجعل التسلیم علامة للخروج من الصلاة و تحلیلا للکلام و أمنا من ان یدخل فی الصلاة ما یفسدها، و السّلام اسم من أسماء اللّه تعالى واقع على الملکین الموکلین به.[7]

اتضح من خلال هذه النقاط الخمس ان القضیة لو لم تدخل فی دائرة المستحبات فعلى أقل تقدیر تقع فی دائرة المباحات و لامانع منها انشاء الله تعالى.

و الله العالم.



[1] الشیخ الصدوق، من لا یحضره الفقیه، ج 1، ص 319-320، نشر جماعة المدرسین، قم، 1413 ق.

[2]صراط النجاة ، للخوئی مع حواشی التبریزی، ج‏2، ص: 475، المسالة رقم1481.

[3] أجوبة الاستفتاءات (بالعربیة)، ج‏1، ص: 126، س 729.

[4]الاسراء،111.

[5]الکلینی، الکافی ج : 4 ص : 572، دار الکتب الاسلامیة طهران، 1365هجری شمسی.

[6] حسن بن أبی الحسن الدیلمی، أعلام‏الدین ص : 398، مؤسسة آل البیت (ع)، قم، 1408هـ.

[7] کتاب الصلاة (للحائری)، ص: 276،

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280465 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    259118 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129816 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    116202 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89697 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61314 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60564 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57472 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    52091 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    48156 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...