Please Wait
6580
إن أمير المؤمنين (ع) بصفته الإمام المطلق و صاحب الولاية الكلية الإلهية هو المثل الأعلى للإنسان الكامل في عالم الوجود، و إن هذه الروايات في المرحلة الأولى تبين أن الإنسان الكامل هو حقيقة القيامة و ظرف وقوعها، إذ بناء على النظرية العرفانية، إن الإنسان متحد مع العالم، و قيامة العالم و الإنسان الكامل كلاهما أمر واحد بمظهرين. من أجل اتضاح البحث راجع الجواب التفصيلي.
إن أمير المؤمنين (ع) بصفته الإمام المطلق و صاحب الولاية الكلية الإلهية هو المثل الأعلى للإنسان الكامل في عالم الوجود، و إن هذه الروايات في المرحلة الأولى تبين أن الإنسان الكامل هو حقيقة القيامة و ظرف وقوعها، إذ بناء على النظرية العرفانية، إن الإنسان متحد مع العالم، و قيامة العالم و الإنسان الكامل كلاهما أمر واحد بمظهرين.
توضيح هذه الحقيقة بالنسبة إلى وقوع القيامة بصفتها حقيقة مسلمة هي أن القيامة تتمثل بمظاهر و مراتب مختلفة و قد أحصى العرفاء لها أنواع و مراتب مختلفة.[1] إن القيامة الكبرى مرتبطة بكل عالم الوجود، و لكن نفس هذه الواقعة قد تقع لبعض الناس قبل زمانها التفصيلي؛ يعني بعض الناس و بسبب تحررهم عن حدود الزمان ستنجلي عنهم حجب الغيب و تقام لهم القيامة. إن هؤلاء هم رواد القيامة و مقيموها. فعلى سبيل المثال إن الظهور في آخر الزمان نوع من أنواع القيامة و سيقام على يد الإمام الحجة (عج) و القائم بهذه القيامة هو إمام العصر (عج). لهذا من خلال التفاسير الروائية نجد أن كثيرا من آيات القرآن تصدق على يوم القيامة و في نفس الوقت تصدق على الرجعة و الظهور.[2]
روي حديث عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال: لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا.[3] و من جانب آخر و بمقتضى مضمون الآيات القرآنية إن الجنة و النار بالإضافة إلى الجنة و النار البرزخيتين موجودتان فعلا،[4] و لکن موجودتان لمن قامت قيامته و اجتاز مرحلة البرزخ، إذ أن شهود الجنة و النار الموعودتين في القرآن لا يمكن إلا بعد العبور من يوم القيامة، و لا تظهر الجنة للمتقين إلا بعد و اقعة القيامة.[5]
إذن اتضح على أساس المعارف القرآنية أنه يمكن أن تقع القيامة الآن لبعض الناس، حتى و إن كان قبل وقوع القيامة الكبرى. و أمير المؤمنين (ع) هو أولى من قامت له هذه الواقعة بل هو قيام القيامة. في كثير من التفاسير الروائية قد ذكر أمير المؤمنين (ع) مصداقا للنبأ العظيم أي يوم القيامة كما عرّف الإمام نفسه في روايات كثيرة بأسماء و ألقاب يوم القيامة.[6]
قلنا أن في كلام العرفاء نجد تقسيمات مختلفة ليوم القيامة. من جملة هذه التقسيمات هو التقسيم الذي ينطبق على أربعة عوالم و أربعة نشآت كلية في العالم و هي عبارة عن 1. عالم الجبروت، 2. عالم الملكوت (عالم الأوراح و العقول المفارقة)[7] 3. عالم المثال، 4. عالم الملك. إذن قيامة كل عالم التي تنطبق على ذاك العالم هي: القيامة العظمى، القيامة الكبرى، القيامة الوسطى، القيامة الصغرى. و بما أن النشأة الخامسة هي مرتبة الإنسان الكامل التي تشمل جميع المراتب و أكثرها جامعية، فقيامة الإنسان الكامل تمثل القيامة الجامعة لجميع القيامات الأخرى.[8]
أما بعض آخر من العرفاء قد فسروا مراتب القيامة على نمط آخر و قالوا إن القيامة الكبرى مرتبطة بمقام فناء الإنسان و بقائه بالله.
إن القيامة (الساعة) لها خمسة انواع على عدد الحضرات الخمس:
1. القيامة التي قائمة في كل آن. 2. الموت الطبيعي، كما قالوا: من مات قامت قيامته. 3.بإزاء الموت الطبيعي يقع الموت الإرادي الذي يسمى القيامة الصغرى. 4. قيامة الموعود المنتظر الذي ينتظره الجميع. 5. القيامة الكبرى التي هي بإزاء قيامة الموعود المنتظر و هي نفس القيامة التي تحصل للعرفاء الموحدين.[9]
بهذا البيان أيضا نجد أن الإنسان الكامل هو محل ظهور القيامة الكبرى.
ولهذا نجد أن ابن العربي أحد كبار العرفاء المسلمين قد نسب النبأ العظيم أي القيامة الكبرى إلى أمير المؤمنين (ع) حيث قال: "النبأ العظيم هو القيامة الكبرى و لذلك قيل في أمير المؤمنين علي (ع).
[1] "العارف القيصري… في آخر الفصل التاسع في كتابه في أقسام القيامة الخمسة التي عبر عنها بالأنواع الخمسة للساعة له تحقيق أنيق و إن القيامة الكبرى و الصغرى هي من تلك الأنواع التي بعدد الحضرات الخمس أو النكاحات الخمسة و ملخصه هو: أن أقسام القيامة خمسة: ما هو فى كل ساعة و آن، و ما هو بالموت الطبيعى، و ما هو بالموت الارادى، و ما هو موعود منتظر، و ما هو بالفناء للعارفين»، حسن زاده الآملی، حسن، هزار و يك نكته، ص 212، نشر رجاء.
[2] «إذا تصفحت و جدت شيئا كثيرا من الآيات و رد تفسيرها عن أئمة أهل البيت تارة بالقيامة و أخرى بالرجعة و ثالثة بالظهور، و ليس ذلك إلا لوحدة و سنخية بين هذه المعاني، و الناس لما لم يبحثوا عن حقيقة يوم القيامة و لم يستفرغوا الوسع في الكشف عما يعطيه القرآن من هوية هذا اليوم العظيم تفرقوا في أمر هذه الروايات»، العلامة الطباطبائي، تفسیر المیزان، ج 2، ص 159، انتشارات جماعة المدرسين، قم. 1417ق.
[3] «لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا»، آمدی، عبد الواحد، غرر الحکم و درر الکلم، ص 119؛ انتشارات مكتب الإعلام الإسلامي، قم ، 1366ش.
[4] «عن عبدالسلام بن صالح الهروى انه قال: قلت لعلى بن موسى الرضا (ع) يابن رسول الله (ص) اخبرنى عن الجنة و النار هما اليوم مخلوقتان؟ فقال: نعم و انّ رسول الله (ص) دخل الجنّة و رأى النار لما عرج به إلى السماء. فقلت له: إن اقواما يقولون أنهما اليوم مقدرتان غير مخلوقتين. فقال: ما أولئك منا و لا نحن منهم من انكر خلق الجنة و النار فقد كذّب النبى و كذّبنا»؛ الصدوق، التوحید، ص 117، انتشارات جماعة المدرسين، قم، 1398ق.
[5] «وَ أُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقينَ غَيْرَ بَعيدٍ»، ق، 31.
[6] «كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَقُولُ مَا لِلَّهِ عَزَّ و جَلَّ آيَةٌ هِيَ أَكْبَرُ مِنِّي و لَا لِلَّهِ مِنْ نَبَإٍ أَعْظَمُ مِنِّي» الكليني، الکافی، ج1، ص 207، دار الکتب الاسلامیة، طهران، 1365ش. «قال حدثني أبي عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضا (ع) في قوله «عَمَّ يَتَساءَلُونَ... إلخ» قال قال أمير المؤمنين (ع) ما لله نبأ أعظم مني و ما لله آية أكبر مني، و قد عرض فضلي على الأمم الماضية على اختلاف ألسنتها فلم تقر بفضلي» علی بن ابراهیم القمی، تفسیر القمی، ج 2، ص 401، دار الکتاب، قم، 1404ق.
«قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله لعليّ عليه السلام يا عليّ انت حجّة اللَّه و أنت باب اللَّه و أنت الطريق إلى اللَّه و أنت النبأ العظيم و أنت الصراط المستقيم و أنت المثل الأعلى» الصدوق، عیون اخبار الرضا،ج2، ص 6، انتشارات جهان، 1378ق.
«إِنِّي النَّبَأُ الْعَظِيمُ و الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ و عَنْ قَلِيلٍ سَتَعْلَمُونَ مَا تُوعَدُون»، الكافي، ج 8، ص 29.
«في رواية الأصبغ أنا النبأ العظيم أقف بين الجنة و النار و أقول هذا لي و هذا لك»، علي بن یونس، الصراط المستقیم، ج 1، ص 279، المكتبة الحيدرية، 1384ق.
[7] إن اصطلاح "ملكوت" هذا، غير المصطلح الذي بمعنى عالم المثال.
[8] راجع مقدمة كتاب العلامة محمد بن محمود دهدار شيرازي، شرح خطبة بيان امام على بن ابى طالب (ع)، بسعي: محمد حسين، اكبرى ساوى. (الكتاب باللغة الفارسية)
[9] القیصري، داود، شرح الفصوص (القيصرى)، مقدمة القيصري، ص 131، شركت انتشارات علمى و فرهنگی، الطبعة الأولى - 1375 ش.