بحث متقدم
الزيارة
5594
محدثة عن: 2009/08/09
خلاصة السؤال
هل ان الاغنیاء یحصلون على الثروة بسبب سعیهم و مثابرتهم أم بسبب اللطف الالهی؟
السؤال
هل ان الاغنیاء یحصلون على الثروة بسبب سعیهم و مثابرتهم أم بسبب اللطف الالهی؟
الجواب الإجمالي

الرزق و الثروة بنحو کلی هما لطف الهی عام و انه لایتنافى مع السعی لتحصیلهما؛ نعم ان الله تعالى اولى عباده المؤمنین عنایة خاصة، منها منحهم الثروة و المال الحلال. و لکن لابد من الالتفات الى انه لاتلازم بین الثروة و اللطف فلیس کل ثروة لطفا من الله تعالى، بل قد تکون الثروة علامة على العذاب؛ کما انه لاتلازم بین الایمان و بین الغنى المادی فلیس کل انسان صالح لابد ان یکون غنیا و یتمتع بالامکانات المادیة.

الجواب التفصيلي

هناک سؤال یشابه هذا السؤال قد تمت الاجابة عنه فی موقعنا وهو: هل ان الذهاب الى الحج و السفر الى العتبات المقدسة تابعان لارادة الانسان أم هما لطف الهی و توفیق من الله تعالى؟ فمن المناسب مراجعة الاجابة عسى ان تکون نافعة فی هذا المجال.[1]

لکن هنا یمکن الاشارة الى بعض الامور بصورة مختصرة:

1- ان الله تعالى و وفقا لحکمته قد قرر التفاوت بین البشر فی الرزق و الثروة سواء کانوا مؤمنین أم کافرین، و بهذا یکون فی ذلک اختبار و امتحان لهم.

2- قسم الله تعالى رزقه بین عباده الشاکر منهم و الجاحد و اعتبر ذلک من اللطف العام بهم، و قد خاطب الله تعالى رسوله الکریم (ص) بالقول " کُلاًّ نُمِدُّ هؤُلاءِ وَ هَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّکَ وَ ما کانَ عَطاءُ رَبِّکَ مَحْظُوراً"[2] و بعبارة اخرى: ان اصل الثروة بغض النظر عن مقدارها او کیفیة تحصیلها و صرفها تعد لطفا الهیا عاما ینتفع الکل منها.

3- ان تقدیر الثروة و الرزق و اللطف الالهی لایتنافی مع سعی الانسان و مثابرته فی تحصیلهما، بل قد ورد فی المصادر الدینیة الحث على السعی لتحصیل المال الحلال و الثروة و عدم الاکتفاء بالدعاء.[3]

4- ان ثروة بعض الافراد المؤمنین تزداد من خلال اللطف الالهی الخاص حتى انه فی بعض الاحیان یاتی الرزق للانسان المؤمن من غیر أن یحتسب، و لقد اشارت الآیتان الثانیة و الثالثة من سورة الطلاق الى ذلک و کذلک الروایات التی فسرتهما.

5- ان التفاوت بین المؤمنین فی مقدار الرزق و الثروة لایعنی أن الفقراء من المؤمنین محرومون من اللطف الالهی الخاص، بل انه - و بمقتضى الحکمة الالهیة- یشمل جمیع المؤمنین بلطفه تعالى و لکن بعضهم یتجلى له اللطف فی الثروة و فی المقامات الدنیویة الظاهریة کما حصل ذلک لکل من سلیمان (ع) و یوسف (ع)، و تارة یتجلى ذلک بالفقر و تحمل الصعاب الدنیویة کما حصل ذلک لایوب (ع)؛ فعلى المؤمن ان یسلم لله تعالى فی الغنى و الفقر على السواء " وَ بَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَ السَّیِّئاتِ لَعَلَّهُمْ یَرْجِعُون‏".[4]

 6- ینبغی الالتفات الى انه لیس کل ثروة تعد لطفا الهیاً خاصا من قبل الله تعالى، بل الثروة التی تعد لطفا خاصا هی الثروة التی تکتسب عن طریق الحلال و التی تصرف وفقا لما اراده الباری تعالى، و اما فی غیر هذه الحالة فلا تعد تلک الثروة لطفا بل تکون وبالا و بلاء على صاحبها و قد عبر القرآن الکریم عنها بالاستدراج" وَ الَّذینَ کَذَّبُوا بِآیاتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَیْثُ لا یَعْلَمُون‏"[5] و " فَذَرْنی‏ وَ مَنْ یُکَذِّبُ بِهذَا الْحَدیثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَیْثُ لا یَعْلَمُونَ"[6] بل قد ورد فی القران الکریم ما هو اشد من ذلک حیث قال تعالى " فَلَمَّا نَسُوا ما ذُکِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَیْهِمْ أَبْوابَ کُلِّ شَیْ‏ءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُون‏"[7] و قوله تعالى " وَ لا یَحْسَبَنَّ الَّذینَ کَفَرُوا أَنَّما نُمْلی‏ لَهُمْ خَیْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلی‏ لَهُمْ لِیَزْدادُوا إِثْماً وَ لَهُمْ عَذابٌ مُهینٌ"[8].



[1]انظر: السؤال رقم3411.

[2]الاسراء، 20.

[3] انظر السؤال رقم4007.

[4]الاعراف، 168. و انظر السؤال رقم 3040.

[5]الاعراف، 182.

[6]القلم،44.

[7]الانعام،44.

[8]آل عمران،178.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279435 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257247 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128143 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113244 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88997 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59838 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59551 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56856 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49740 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47165 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...