Please Wait
7881
اجمع الفقهاء على حرمة لحم الارنب. و قد وردت روایات فی تحریمه، من هنا یجب الاذعان لحکم الله تعالى و التسلیم به حتى مع عدم معرفة العلة او الحکمة فی التحریم؛ نعم نحن نعلم اجمالا بان الاحکام تنطلق من مصالح أو مفاسد فی متعلقاتها، و ان الله تعالى حکیم و ان جمیع اوامره و نواهیه قائمة على المصالح أو المفاسد العائدة للعباد و ان کنا لم نعلم فعلا على نحو التفصیل فلسفة تلک الحرمة. نعم هناک روایات اشارت الى فلسفة تلک الحرمة باعتبار ان الارنب من الحیوانات الممسوخة و...
اجمع الفقهاء على حرمة لحم الارنب[1] و من الواضح ان جمیع الاحکام الالهیة قائمة على المصالح و الحکم العلیا فی متعلقاتها؛ و قد اشارت الروایات الى بعض منها و بعضها ترک الى عهدة المکلف لمعرفتها مستعینا بالعقل و العلم. نعم ان العقل لایدرک فی بعض الاحیان تلک المصالح و الحکم و اسرار تلک الاحکام او انه لم تتوفر فعلا الامکانات اللازمة للوصول الى ذلک، و لعل المستقبل یکشف لنا ذلک؛ من هنا ما زال الکثیر من علل الاحکام و فلسفتها مجهولة لنا، لکن بما انا على یقین من کون الله تعالى حکیما من هنا نحن نذعن لجمیع تلک الاحکام و نسلم بها.
و من الجدیر بالالتفات ان افضل العبادة هی الاذعان للاوامر و النواهی الالهیة انطلاقا من الربوبیة و المولویة و ان خفیت علیها عللها و فلسفتها حیث تتجلى هنا عبودیة الانسان لربه؛ و ذلک لان منکر الله تعالى لو توصل الى مصالح الاحکام و عللها یعمل بها و لافرق هنا بین المؤمن و الکافر من هذه الناحیة.
اما دلیل حرمة لحم الارنب فقد وردت روایات عن الائمة المعصومین (ع) تمنع من تناول لحم الارنب و من هنا افتى فقهاء الشیعة بحرمة اکله.
کذلک اشیر فی بعض الروایات الى علة ذلک التحریم یمکن الاشارة الى ثلاثة منها:
1- اشارت بعض الروایات الى کون الارنب من المسوخ فلا یحل اکله. قال الرسول الاکرم (ص): " َ لَا یَجُوزُ أَکْلُ شَیْءٍ مِنَ الْمُسُوخِ وَ هِیَ الْقِرَدَةُ وَ الْخِنْزِیرُ وَ الْکَلْبُ وَ الْفِیلُ وَ الذِّئْبُ وَ الْفَأْرَةُ وَ الْأَرْنَبُ وَ الضَّبُّ وَ الطَّاوُسُ وَ النَّعَامَةُ وَ الدُّعْمُوصُ وَ الْجِرِّیُّ وَ السَّرَطَانُ وَ السُّلَحْفَاةُ وَ الْوَطْوَاطُ وَ الْبَقْعَاءُ وَ الثَّعْلَبُ وَ الدُّبُّ وَ الْیَرْبُوعُ وَ الْقُنْفُذُ مُسُوخٌ لَا یَجُوزُ أَکْلُهَا".[2]
و هنا روایات اخرى عن المعصومین (ع) بهذا المضمون. قال الشهید الثانی: إن المسوخ من بنی آدم ثلاثة عشر صنفا..... و المسوخ جمیعها لم تبق أکثر من ثلاثة أیام ثم ماتت و هذه الحیوانات على صورها سمیت مسوخا استعارة.[3]
من هنا لا یکون المراد من الروایات ان هذه الحیوانات الموجودة فعلا هی بقایا الاقوام الممسوخة.
یمکن القول ان مسخ بعض المذنبین على شکل تلک الحیوانات یدل على الخبث الموجود فیها و لماذا یمسخ الله تعالى المذنبین على صورتها و لم یمسخهم على صورة حیوانات اخرى. و لعل تلک الخباثة المادیة او المعنویة هی السبب فی حرمة اکلها.
2- ورد فی روایات اخرى من حکم تحریم الارنب انه من ذوات المخالب و الحیوانات ذات المخلب یحرم اکلها " وَ حَرَّمَ الْأَرْنَبَ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ السِّنَّوْرِ وَ لَهَا مَخَالِیبُ کَمَخَالِیبِ السِّنَّوْرِ وَ سِبَاعِ الْوَحْشِ فَجَرَتْ مَجْرَاهَا مَعَ قَذَرِهَا فِی نَفْسِهَا"[4]
3- روی عن الامام الرضا (علیه السلام) انه قال: " وَ حَرَّمَ الْأَرْنَبَ لِأَنَّ مَا یَکُونُ مِنْهَا مِنَ الدَّمِ کَمَا یَکُونُ مِنَ النِّسَاءِ ".[5]
الخلاصة انه لم تتضح لنا العلة الاساسیة و الواقعیة( العلة التامة) لجمیع الاحکام و ان ما ورد فی بعض الروایات هو الاشارة الى حکمة بعض الاحکام و اما العلة التامة فلا زالت مجهولة لنا، لکن بما انا نؤمن بان الله تعالى حکیم علیم، من هنا نؤمن انه لو امرنا بامر ما او نهانا عنه فلاشک بوجود مصلحة فی الشیء المامور به و مفسدة فی المنهی عنه و علینا الالتزام و الاذعان لتلک الاحکام الالهیة.
[1] نجاة العباد (للإمام الخمینی)، ص 336، مجمع المسائل (للگلپایگانی)، ج 1، ص 54، توضیح المسائل (المحشى للإمام الخمینی)، ج 2، ص 601، (بهجت ، مسأله 2114 (مکارم).
[2] الشیخ الصدوق، من لا یحضره الفقیه، ج 3، ص 336، انتشارات جامعه مدرسین، قم، 1413 هـ ق.
[3] الشهید الثانی، الروضة البهیة فی شرح اللمعة الدمشقیة (ط-الحدیثة)، ج 7، ص 238، الناشر: مکتبة الداوری، 1410 هـ ق،الطبعة الأولى، قم المقدسة، تحقیق السید محمد کلانتر.
[4] العاملی، الشیخ الحر، وسائل الشیعة، ج 24، ص 109، مؤسسة آل البیت، قم، 1409 هـ ق.
[5]نفس المصدر.