بحث متقدم
الزيارة
7796
محدثة عن: 2009/10/11
خلاصة السؤال
ما هی العلة فی تحریم لحم الارنب؟
السؤال
لما یحرم لحم الارنب؟ و هل یوجد دلیل خاص على ذلک؟
الجواب الإجمالي

اجمع الفقهاء على حرمة لحم الارنب. و قد وردت روایات فی تحریمه، من هنا یجب الاذعان لحکم الله تعالى و التسلیم به حتى مع عدم معرفة العلة او الحکمة فی التحریم؛ نعم نحن نعلم اجمالا بان الاحکام تنطلق من مصالح أو مفاسد فی متعلقاتها، و ان الله تعالى حکیم و ان جمیع اوامره و نواهیه قائمة على المصالح أو المفاسد العائدة للعباد و ان کنا لم نعلم فعلا على نحو التفصیل فلسفة تلک الحرمة. نعم هناک روایات اشارت الى فلسفة تلک الحرمة باعتبار ان الارنب من الحیوانات الممسوخة و...

الجواب التفصيلي

اجمع الفقهاء على حرمة لحم الارنب[1] و من الواضح ان جمیع الاحکام الالهیة قائمة على المصالح و الحکم العلیا فی متعلقاتها؛ و قد اشارت الروایات الى بعض منها و بعضها ترک الى عهدة المکلف لمعرفتها مستعینا بالعقل و العلم. نعم ان العقل لایدرک فی بعض الاحیان تلک المصالح و الحکم و اسرار تلک الاحکام او انه لم تتوفر فعلا الامکانات اللازمة للوصول الى ذلک، و لعل المستقبل یکشف لنا ذلک؛ من هنا ما زال الکثیر من علل الاحکام و فلسفتها مجهولة لنا، لکن بما انا على یقین من کون الله تعالى حکیما من هنا نحن نذعن لجمیع تلک الاحکام و نسلم بها.

و من الجدیر بالالتفات ان افضل العبادة هی الاذعان للاوامر و النواهی الالهیة انطلاقا من الربوبیة و المولویة و ان خفیت علیها عللها و فلسفتها حیث تتجلى هنا عبودیة الانسان لربه؛ و ذلک لان منکر الله تعالى لو توصل الى مصالح الاحکام و عللها یعمل بها و لافرق هنا بین المؤمن و الکافر من هذه الناحیة.

اما دلیل حرمة لحم الارنب فقد وردت روایات عن الائمة المعصومین (ع) تمنع من تناول لحم الارنب و من هنا افتى فقهاء الشیعة بحرمة اکله.

کذلک اشیر فی بعض الروایات الى علة ذلک التحریم یمکن الاشارة الى ثلاثة منها:

1- اشارت بعض الروایات الى کون الارنب من المسوخ فلا یحل اکله. قال الرسول الاکرم (ص): " َ لَا یَجُوزُ أَکْلُ شَیْ‏ءٍ مِنَ الْمُسُوخِ وَ هِیَ الْقِرَدَةُ وَ الْخِنْزِیرُ وَ الْکَلْبُ وَ الْفِیلُ وَ الذِّئْبُ وَ الْفَأْرَةُ وَ الْأَرْنَبُ وَ الضَّبُّ وَ الطَّاوُسُ وَ النَّعَامَةُ وَ الدُّعْمُوصُ وَ الْجِرِّیُّ وَ السَّرَطَانُ وَ السُّلَحْفَاةُ وَ الْوَطْوَاطُ وَ الْبَقْعَاءُ وَ الثَّعْلَبُ وَ الدُّبُّ وَ الْیَرْبُوعُ وَ الْقُنْفُذُ مُسُوخٌ لَا یَجُوزُ أَکْلُهَا".[2]

و هنا روایات اخرى عن المعصومین (ع) بهذا المضمون. قال الشهید الثانی: إن المسوخ من بنی آدم ثلاثة عشر صنفا..... و المسوخ جمیعها لم تبق أکثر من ثلاثة أیام ثم ماتت و هذه الحیوانات على صورها سمیت مسوخا استعارة.[3]

من هنا لا یکون المراد من الروایات ان هذه الحیوانات الموجودة فعلا هی بقایا الاقوام الممسوخة.

یمکن القول ان مسخ بعض المذنبین على شکل تلک الحیوانات یدل على الخبث الموجود فیها و لماذا یمسخ الله تعالى المذنبین على صورتها و لم یمسخهم على صورة حیوانات اخرى. و لعل تلک الخباثة المادیة او المعنویة هی السبب فی حرمة اکلها.

2- ورد فی روایات اخرى من حکم تحریم الارنب انه من ذوات المخالب و الحیوانات ذات المخلب یحرم اکلها " وَ حَرَّمَ الْأَرْنَبَ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ السِّنَّوْرِ وَ لَهَا مَخَالِیبُ کَمَخَالِیبِ السِّنَّوْرِ وَ سِبَاعِ الْوَحْشِ فَجَرَتْ مَجْرَاهَا مَعَ قَذَرِهَا فِی نَفْسِهَا"[4]

3- روی عن الامام الرضا (علیه السلام) انه قال: " وَ حَرَّمَ الْأَرْنَبَ لِأَنَّ مَا یَکُونُ مِنْهَا مِنَ الدَّمِ کَمَا یَکُونُ مِنَ النِّسَاءِ ".[5]

الخلاصة انه لم تتضح لنا العلة الاساسیة و الواقعیة( العلة التامة) لجمیع الاحکام و ان ما ورد فی بعض الروایات هو الاشارة الى حکمة بعض الاحکام و اما العلة التامة فلا زالت مجهولة لنا، لکن بما انا نؤمن بان الله تعالى حکیم علیم، من هنا نؤمن انه لو امرنا بامر ما او نهانا عنه فلاشک بوجود مصلحة فی الشیء المامور به و مفسدة فی المنهی عنه و علینا الالتزام و الاذعان لتلک الاحکام الالهیة.



[1] نجاة العباد (للإمام الخمینی)، ص 336، مجمع المسائل (للگلپایگانی)، ج ‏1، ص 54، توضیح المسائل (المحشى للإمام الخمینی)، ج ‏2، ص 601، (بهجت ، مسأله 2114 (مکارم).

[2] الشیخ الصدوق، من لا یحضره الفقیه، ج 3، ص 336، انتشارات جامعه مدرسین، قم، 1413 هـ ق.

[3] الشهید الثانی، الروضة البهیة فی شرح اللمعة الدمشقیة (ط-الحدیثة)، ج ‏7، ص 238، الناشر: مکتبة الداوری‏، 1410 هـ ق،الطبعة الأولى، قم المقدسة، تحقیق السید محمد کلانتر.

[4] العاملی، الشیخ الحر، وسائل الشیعة، ج 24، ص 109، مؤسسة آل البیت، قم، 1409 هـ ق.

[5]نفس المصدر.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280145 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258716 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128896 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115334 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89496 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    60904 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60260 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57326 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51358 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47647 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...