بحث متقدم
الزيارة
6245
محدثة عن: 2010/05/20
خلاصة السؤال
حیث إن الله قد أمهل الشیطان الی یوم القیامة، فهل یکون الشیطان فی الأزلیة و الأبدیة مثل الله؟
السؤال
إن الشیطان فی کونه أزلیاً و أبدیاً یکون شریکا لله، حیث إنه طلب المهلة الی یوم القیامة و وافق الله علی ذلک؟
الجواب الإجمالي

معنی الأبدیّة هو عدم الانعدام فی المستقبل، و حیث إن الشیطان مخلوق من مخلوقات الله، و کل مخلوق هو تحت إرادة خالقه، فلا یمکنه أن یجعل نفسه باختیاره شریکا لله فی أمر من الأمور، بل کان ما لدیه –کمثل باقی المخلوقات- هو من الله.

و لم تکن المهلة التی أعطاها الله للشیطان هی الی یوم القیامة، و علی فرض تفسیر "الوقت المعلوم" بـ "یوم القیامة" فإن البقاء الی یوم القیامة بإذن الله لیس معناه الأبدیة.

الجواب التفصيلي

الأزلیة هی بمعنی "عدم سبق حالة العدم فی الماضی"[1] أی إنه لا یمکن فرض زمان فی الماضی لم یکن فیه الشیء موجوداً. و الأبدیة هی بمعنی عدم الانعدام فی المستقبل.[2]

إذن فحینما نتحدّث عن الأزلیة أو الأبدیة فیجب أن ننتبه الی معانی هذه الاصطلاحات. و بالتأمل قلیلاً فی هذه الاصطلاحات سیتّضح أن طلب الشیطان للمهلة للبقاء الی یوم القیامة لیس معناه الأزلیة و الأبدیة.

طلب إمهال الشیطان:

و حیث إن الشیطان مخلوق من مخلوقات الله، و کل مخلوق فهو تحت إرادة خالقه، فلا یمکنه أن یجعل نفسه شریکاً لله فی أمر من الأمور. بل کلّ ما لدیه –کمثل باقی المخلوقات- هو من الله. فإن الشیطان بعد أن طرد من الحضرة الإلهیة بسبب عصیانه و تکبّره، طلب المهلة لیتمکّن من إخراج ذریّة آدم –الذین یحسدهم- عن الصراط المستقیم و قد أجابه الله تعالی الی طلبه هذا، و ذلک من أجل ابتلاء البشر.

و قد وردت قصة إخراج الشیطان من الحضرة الإلهیة فی آیات متعدّدة من القرآن الکریم نشیر فیما یلی الی مورد واحد منها لتتضّح حقیقة الأمر.

ففی الآیات 38 الی 42 من سورة الحجر وردت الاشارة الی هذه الامور، فإن الله قال للشیطان بعد إخراجه: "و إن علیک اللعنة الی یوم الدین"[3] و هنا یذکر الشیطان عدة امور یسیء فیها الأدب فی حضرة الله فلا یوافق الله علیها بشکل مطلق:

1- یقول: أنظرنی و أمهلنی الی یوم القیامة (یوم یبعثون)".[4]

2- إن إبلیس حصر عباد الله بالمخلصین، و نفی سلطنته علیهم و اعتبر ما تبقی من أفراد البشر المتسلّط علیهم لیسوا عبیداً لله.[5]

3- إن ذلک الملعون ادعی استقلاله فی اغواء البشر (کما یستفاد من ظاهر جملة "لأغوینّهم" الواقعة فی سیاق المخاصمة مع الله و الانتقام) و قد ردّه الله سبحانه فی هذه الدعوی و اعتبر ظنه باطلاً.[6]

ردّ الله علی طلبه الأول: أمهله الله و لکن لیس الی الوقت الذی طلبه هو بل یقول تعالی: "فإنک من المنظرین (و لکن لیس الی یوم القیامة بل) الی یوم الوقت المعلوم".[7]

یقول العلامة الطباطبائی فی هذا الصدد: "ذه الآیة جواب منه سبحانه لإبلیس و فیه إجابة و ردّ، أما الإجابة فبالنسبة الی أصل الإنظار الذی سأله، و أما الردّ فبالنسبة الی القید و هو أن یکون الانظار الی یوم یبعثون فإن من الواضح اللائح بالنظر الی سیاق الآیتین إن یوم الوقت المعلوم غیر یوم یبعثون، فلم یسمح له بانظاره الی یوم یبعثون بل الی یوم هو غیره و لا محالة هو قبل یوم البعث".[8]

و قد ورد فی بعض الروایات تفسیر "الوقت المعلوم" بزمان ظهور الإمام المهدی(عج).[9]

و فی قبال ادعائه الثانی، اعتبر الله تعالی فی جوابه أن جمیع أفراد البشر هم عباده، و کل ما فی الأمر إنه نفی سلطنة إبلیس عن بعض عباده و أثبتها لبعضهم الآخرین.[10]

و فی قبال الادّعاء الثالث، قال بأن عداوته و انتقامه أیضاً ناشئ من قضاء الله، و إن تسلّطه علی البشر ناشئ من تسلیطه تعالی حیث سلطه علی اغواء الذین یتبعونه بسوء اختیارهم.

و النتیجة هی أن المهلة المعطاه من قبل الله للشیطان لیست الی یوم القیامة، و علی فرض تفسیر "الوقت المعلوم" بیوم القیامة، فلیس معنی بقائه حیاً الی یوم القیامة بإذن الله و ارادته هو کونه أبدیاً.[11]



[1] مصباح الیزدی، محمد تقی، تعلیم العقائد، ص66، المنشورات الدولیة.

[2] نفس المصدر، ص66.

[3] الحجر، 35.

[4] الحجر، 36.

[5] الحجر، 39 و 40، لاحظ: المیزان فی تفسیر القرآن، ج ‏12، ص 166، منشورات جامعة المدرسین، قم 1374 هـ.ش.

[6] المیزان، ج12، ص245.

[7] الحجر، 37 و38.

[8] الطباطبائی، محمد حسین، المیزان فی تفسیر القرآن، ج ‏12، 158.

[9] البحرانی، السید هاشم، البرهان فی تفسیر القرآن، ج 3، ص 366، منشورات البعثة، طهران 1416 ق.

[10] الحجر، 42.

[11] الحجر، 42.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280465 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    259118 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129816 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    116202 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89697 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61314 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60564 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57472 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    52091 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    48156 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...