Please Wait
4419
معنی کربلاء، و کربلاء عبر التاریخ
قد اختلف اللغويون والمؤرخون الإسلاميون في الأصل اللغوي لكلمة "كربلاء" وكذلك في اشتقاقها ومعناها:
أ) "كربلاء" مشتقة من کلمة «الکربلة»، بمعنی الرخاوة في القدمين، يقال: «جاء یمشي مُکَربلا» فيجوز على هذا أن تكون أرض کربلاء رخوة فسمّيت بذلك.[1]
ب) كربلاء مشتقة من کلمة «الکربلة» بمعنی التنظيف والتهذیب والغربلة. فیجوز علی هذا أن تکون أرضها منقاة من الحصى والدغل.[2]
ج) كربلاء في الأصل مشتقة من کلمة "کور بابل" و هي بمعني "مجموعة من القرى البابلية".[3]
د) كربلاء عبارة عن مزيج من كلمتين آراميتين؛ وتعني "كرب" بمعنى "المعبد" أو "الحرم" و "إيلا" بمعنی "الالهة". لذلك فعلی هذا النقل فان لفظ كربلاء یکون بمعنی "حرم الآلهة".
إذا رجعنا إلى تاريخ هذه المدينة في زمن البابليين، سوف نجد أثرا لهذا الاسم؛ لأن كربلاء، بحسب قول ماسينيون، المستشرق الفرنسي، كانت في الماضي البعيد معبد الكلدانيین القاطنین في مدينة نينوى وقصر بابل، وكانت هاتان المدينتان تقعان بالقرب من منطقة كربلاء.[4]
كربلاء من وجهة نظر الاحاديث
قد استخدمت کلمة كربلاء في الاحادیث مع كلمتي "الكرب" و "البلا" بمعنی الألم والبلاء والحزن والمصیبة. بالطبع لا يمكن القول بأن مراد هذه المجموعة من الروايات هو تبیین المعنى اللغوي لکلمة كربلاء. بل ربما تكون مرافقة هذه الكلمات ناتجة فقط عن المحسنات البديعیة؛ مثل السجع و الجناس:
- إنّ جبرائيل قال للنبي الاکرم(ص): إن سبطک هذا واومأ بیده الی الحسین(ع)- مقتول في عصابة من ذرّيتك وأهل بيتك وأخيار من أمّتك بضفّة الفرات، بأرض یقال لها كربلا، من أجلها يكثر الكرب والبلاء على أعدائك وأعداء ذرّيتك، في اليوم الذي لا ينقضي كربه ولا تفنى حسرته، وهي أطیب بقاع الأرض وأعظمها حرمة، ... وإنّها لمن بطحاء الجنّة.[5]
- إنّ عليا(ع) أتی كربلاء فوقف بها، فقيل له: يا أمير المؤمنين! هذه كربلاء. قال: «ذَاتُ كَرْبٍ وَ بَلَاءٍ». ثم أومأ بیده إلى مكان فقال: «ههنا موضع رحالهم و مناخ رکابهم»، وأومأ بیده إلى موضع آخر فقال: «هاهنا مُهراق دمائهم».[6]
- عندما قيل للإمام الحسين(ع) أنّ اسم هذه الأرض كربلاء، قال: "صدق رسول الله(ص): انها أرض کرب وبلاء"».[7]
وأيضا لما وصل الإمام الحسين(ع) إلى کربلاء سأل: ما اسم هذه الأرض؟ قالوا: كربلاء فامتلأت عينا(ع) بالدموع و قال: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَرْبِ وَ الْبَلَاء». واستیقن أن هذه الارض هي موضع استشهاده وأصحابه فقال: «هذا مَوْضِعُ كَرْبٍ وَ بَلَاءٍ! انْزِلُوا هَاهُنا مَحَطُّ رِحالِنا وَ مَسْفَكُ دِمائِنا وَ هُنا مَحَلُّ قُبُورِنا».[8]
الأسماء الأخری لکربلاء
لقد اطلقت عدة أسماء علی أرض كربلاء عبر التاريخ. بعض هذه الاسماء هي في الحقیقة أسماء القرى المجاورة لكربلاء والتي قد تم إطلاقها أيضا على هذه الارض، وبعضها قد أطلق على كربلاء مع مرور الزمن. من جملة هذه الاسماء: نينوى،[9] الغاضریه،[10] عمورا،[11] والطفّ.[12] لكن اسم "كربلاء" قد غلب تدريجيًا ومع مرور الزمن من حيث شیوعه وانتشاره بين الناس وغلبته في التاريخ على سائر الأسماء الاخرى واليوم هو الاسم الوحيد المتبقّی من الأسماء الأخرى لهذه الأرض، حتى أن هذه المنطقة حاليًا تُعرف فقط باسم كربلاء.
إنّ أقدم شعر جاء فيه اسم كربلاء هو قصیدة لمعن بن أوس المازني الذي ادرک عصر الجاهلیة. انه عاش طويلا حتى ادرک زمن عبد الله بن الزبير ورافقه! ثم أصبح أعمى في نهاية حياته. إنه أنشد في بداية قصيدته:
«إذا هي حلّت کربلاء فَلَعْلَعاً فَجَوْزَ العُذَیب دونَها فالنّوابِحا».[13]
الخلفیة التاریخیة لکربلاء
لا يُوجد سوی القلیل من المعلومات عن كربلاء قبل الإسلام، لكن علی أساس اشتقاق كلمة كربلاء من كور بابل (أي قرى بابل) فيمکن هذا الاستنتاج أن تاريخ الاستيطان في كربلاء يعود إلى العصر البابلي.
[1]. الحموی، یاقوت، معجم البلدان، ج ۴، ص ۴۴۵، بیروت، دار صادر، چاپ دوم، 1995م.
[2]. نک: الواسطی الزبیدی، محب الدین سید محمد مرتضی، تاج العروس من جواهر القاموس، محقق، الشیری، علی، ج 15، ص 653 – 654، بیروت، دار الفکر للطباعة و النشر و التوزیع، الطبعة الاولی، 1414ق؛ معجم البلدان، ج ۴، ص ۴۴۵.
[3]. الشهرستانی، هبة الدین الحسینی، نهضة الحسین(ع)، ص 89، بیروت، دارالکتاب العربی، بدونتاریخ.
[4]. المدرس بستان آبادی، محمد باقر، شهر حسین(ع)، ص ۱۰، طهران، جهان، الطبعة الاولی، 1353ش.
[5]. ابن قولویه، جعفر بن محمد، کامل الزیارات، محقق، الامینی، عبد الحسین، ص 263 – 264، النجف الاشرف، دار المرتضویة، الطبعة الاولی، 1356ش.
[6]. نصر بن مزاحم، وقعة صفین، محقق، هارون، عبدالسلام محمد، ص 142، قم، مکتبة آیة الله المرعشی النجفی، الطبعة الثانیة، 1404ق.
[7]. أبو القاسم الطبرانی، سلیمان بن أحمد، المعجم الكبیر، ج 3، ص 106، القاهره، مكتبة ابن تیمیة، الطبعة الثانیة، 1415ق؛ محب الدین الطبرى، أحمد بن عبدالله، ذخائر العقبى، ص 149، القاهره، مكتبة القدسى، 1356ق.
[8]. السید بن طاووس، على بن موسى، اللهوف فی قتلی الطفوف، ص 81، طهران، منشورات جهان، الطبعة الاولی 1348ش.
[9]. الدینورى، ابو حنیفه احمد بن داود، الأخبار الطوال، ص ۲۵۱، قم، منشورات الرضى، 1368ش؛ الطبری، أبو جعفر محمد بن جریر، تاریخ الامم و الملوک(تاریخ الطبری)، تحقیق، ابراهیم، محمد أبو الفضل، ج ۴، ص ۳۰۸، بیروت، دار التراث، الطبعة الثانیة، 1387ق.
[10]. الأخبار الطوال، ص 252.
[11]. قطب الدین الراوندی، سعید بن عبدالله، الخرائج و الجرائح، ج 2، ص 848، قم، مؤسسه الامام المهدی(عج)، الطبعة الاولی، 1409ق.
[12]. المفید، محمد بن محمد بن النعمان، الارشاد فی معرفة حجج الله علی العباد، ج 2، ص 25، قم، مؤتمر الشیخ المفید، الطبعة الاولی، 1413ق؛ الطریحى، فخر الدین بن محمد، مجمع البحرین، ج 5، ص 90، طهران، مرتضوی، الطبعة الثالثة، 1375ش.
[13]. ابو الفرج الاصفهانى، على بن الحسین، الأغانی، ج 12، ص 309، بیروت، دار إحیاء التراث العربی، الطبعة الاولی، 1415ق.