بحث متقدم
الزيارة
7421
محدثة عن: 2008/03/16
خلاصة السؤال
من این نبدأ لتزکیة النفس و بنائها؟
السؤال
من این نبدأ لتزکیة النفس و بنائها؟
الجواب الإجمالي

التزکیة تعنی تطهیر النفس من الرذائل، و قد وردت آیات فی القرآن الکریم أیضاً حول أهمیة تزکیة النفس، لکن یجب أن نعلم بأن نقطة البدایة فی تزکیة النفس و بنائها تختلف باختلاف الاشخاص فمن هو لیس مسلماً تکون نقطة البدایة و أول الطریق بالنسبة الیه أعتناق الأسلام، و المرحلة الاولی بالنسبة للمؤمنین هی التنبه لضرورة تطهیر النفس، و بالطبع فان التفکر فی قضایا من قبیل فلسفة الخلقة و الهدف منها و علة بعثة لانبیاء و ... تؤدی الی زیادة هذا التنبه و الوعی و المرحلة اللاحقة هی مرحلة التوبة من ما مضی من أعمال و العزم علی التلافی، تلافی ما أتلفناه من حقوق الاشخاص و تلافی حقوق الله االمتبقیة فی رقابنا. و المرحلة الاخری السعی لأداء الامور الواجبة و ترک المحرمات الالهیة بقمدار ما نعلم و الاستمرار و الاستقامة فی هذا الطریق و هو الذی یؤدی الی أن یزودنا الله بعلوم جدیدة تؤدی الی تقدمنا فی سیرنا و سلوکنا. و الله نفسه بشر فی بعض آیات القرآن بحمایة و أسناد عباده المجاهدون فی سبیله.

الجواب التفصيلي

تناول القرآن الکریم قضیة بناء الذات تحت عنوان التزکیة و التزکی، و معناها اللغوی عبارة عن التطهیر من الرذائل[1]، و قد أکدت العدید من آیات القرآن المجید علی أهمیة هذا التطهیر، فمثلاً نقرأ فی سورة الشمس: «قد افلح من زکاها و قد خاب من دساها».[2] و کذلک فی الآیة 19 من سورة فاطر و الآیات 14 و 15 من سورة الاعلی ورد التأکید علی هذه المسألة. إذن فبناء النفس و تزکیتها أمر مقبول و مرضی من قبل الشرع المقدس. لکن ینبغی القول ان نقطة البدایة فی عملیة بناء الذات و تزکیة النفس تختلف باختلاف الاشخاص فالشخص غیر المسلم تکون نقطة البدء بالنسبة له هی الاسلام. و قد قسم عدد من علماء الاخلاق هذا المطلب الی درجات فقالوا: الاسلام أولاً ثم الایمان و فی المرحلة الثالثة الهجرة و بعدها الجهاد فی سبیل الله.[3]

او بالنسبة للذین دخلوا قلعة الاسلام و الایمان و صاروا مورداً لخطاب الآیات القرآنیة: «یا ایها الذین آمنوا علیکم انفسکم»،[4] و «یا ایها الذین آمنوا آمنوا»[5]، فینبغی القول ان اول مرحلة لبناء الذات هو الیقظة و التنبه، الاّ أنه یجب علینا أن نبدأ و نطهر أنفسنا من الرذائل، و بعد هذا الانتباه و الیقظة یطرح هذا السؤال نفسه: من أین نبدأ؟

و یمکننا أن نقول بان السائل قد أمضی المرحلة الاولی لأنه وصل بفکره و عقله إلی هذه النتیجة و هی: ان هذا العالم لیس محلاً للبقاء، فکل هذه الامکانیات و بعثة الأنبیاء لیست من أجل الحیاة الحیوانیة.[6]

و بعد هذه المرحلة (التفکر و الیقظة) یصل الدور الی مرحلة "التوبة"؛ یعنی جبران مافات و جبران ما أتلفناه من حقوق الآخرین و جبران حقوق الله المتبقیة فی أعناقنا. و بالطبع فانه یجب أن یصحب هذه التوبة العزم، التوبة مما فعلناه و العزم علی ما نرید أن نفعله، و لأجل هذا فقد ذکر بعض علماء الاخلاق: ان التوبة هی المنزل الثانی[7] و بعضهم ذکر العزم.[8]

یقول الامام الخمینی (ره) حول العزم بمایناسب هذا المقام: أن تصمم علی ترک المعاصی و فعل الواجبات و جبران مافات و تعزم علی ان تجعل ظاهرک و صورتک انسانا عقلیاً و شرعیاً.[9]

و جاء فی دعاء یوم المبعث: «و قد علمت ان افضل زاد الراحل الیک عزم ارادة یختارک بها».[10]

و المرحلة اللاحقة هی ترک المعاصی و اداء الواجبات.

قال آیة الله بهجت فی جواب سؤال و هو: لدی عزم علی السیر و السلوک فماذا افعل؟ فقال: ان ترک المعصیة کاف و واف لکل العمر حتی لو کان الف سنة.[11] إذن فیجب فی هذه المرحلة أداء الواجبات الالهیة بالمقدار الذی نعلم و ان نتجنب المحرمات الالهیة بمقدار علمنا أیضاً، ان هذا یؤدی الى ان یهبنا الله علوماً جدیدة و بواسطتها نتقدم فی سیرنا و سلوکنا، فنحن نعمل بکل ما علمنا و الله یهبنا علم ما لم نعلم و مادمنا نعمل بتکلیفنا فان هذه الدورة مستمرة، قال النبی (ص): «من عمل بما علم ورثه الله علم ما لا یعلم».[12] و هذه الروایة مطابقة للآیة القرآنیة التی تقول: «و الذین جاهدوا فینا لنهدینهم سبلنا».[13] و اضافة الی هذا فینبغی أن نعلم بان الانسان مادام حیاً فهو لیس ساکناً، بل اما ان یکون متحرکاً نحو النور (الهدایة) او باتجاه الظلمة (الضلالة)، فالمهم هو قیادة هذه الحرکة باتجاه النور.[14]

و فی الختام ینبغی التنبیه بان هذا الجواب قد اعد علی مستوی الفهم العام.



[1] (التزکیة: التطهیر من الاخلاق الذمیمة)، مجمع البحرین، ج 1، ص 203.

[2] الشمس، 8 ـ 10.

[3] السید محمد حسین، حسینی الطهرانی، رسالة لب اللباب، ص 55.

[4] المائدة، 105.

[5] النساء، 136.

[6] الاربعون حدیثاً، الامام الخمینی، ص 76.

[7] رسالة لقاء الله، المیرزا جواد ملکی التبریزی، ص 52.

[8] الاربعون حدیثاً، ص 7.

[9] نفس المصدر.

[10] مفاتیح الجنان دعاء یوم المبعث، الاقبال بالاعمال الحسنة، ص 277.

[11] به سوی محبوب (باتجاه المحبوب) (تعلیمات و ارشادات ایة الله بهجت) ص 58.

[12] المحجة البیضاء، ج 6، 24؛ بحار الانوار، ج 89، 172؛ و الخرائج، ج 3، 1058.

[13] العنکبوت، 99.

[14] و للاطلاع اکثر یمکنکم مراجعة رسالة لب اللباب، ا السید محمد حسین حسینی الطهرانی، ج 1، 87.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

  • ما هو حکم الاستمناء؟
    6839 الحقوق والاحکام 2008/09/14
    هذه المسألة ینظر لها من اکثر من زاویة، ان هذا الفعل فی نفسه محرم شرعاً و لاینغبی للانسان المسلم القیام به لما فیه من الاضرار الروحیة و النفسیة. هذا اولاً. و ثانیاً: ان مجرد تنظیف القضیب لایکفی لاداء الصلاة او الصیام، بل ینبغی على الانسان اذا مارس العادة السریة لیل ...
  • بأیة کیفیة تؤدّی الصلوات المستحبة؟
    7532 الحقوق والاحکام 2009/07/23
    تؤدی الصلوات المستحبّة بصورة رکعتین رکعتین، و لکل رکعتین تشهّد و سلام، الا أن یرد دلیل خاص فی مورد صلاة خاصة بأن لها کیفیة اخری مثل صلاة الوتر التی هی رکعة واحدة، و صلاة لیلة عید الغدیر و هی اثنتاعشرة رکعة فی کل رکعتین ...
  • هل یجوز للمسلم أن یرکن إلى الأحکام القضائیة الأمریکیة؟
    5746 الحقوق والاحکام 2008/02/24
    جواب مکتب آیة الله العظمى الخامنئی (دام ظله):إذا کان استیفاء الحق متوقفاً على الرجوع إلى المحاکم غیر الشرعیة فلا مانع من ذلک، خصوصاً إذا کان ترک الرجوع موجباً للعسر و الحرج بالنسبة إلى المرأة.جواب مکتب آیة الله مکارم الشیرازی (مد ظله العالی):فی حال عدم وجود طریق آخر ...
  • هل هناك ما يشير الى وجود العرفانين النظري و العملي في نهج البلاغة؟
    9160 العملی 2012/06/09
    لا يصح تقسيم العرفان الى العملي و النظري بالنسبة الى الائمة (ع)؛ لانه لا فرق عندهم بين العرفانين؛ لان سيرتهم تكشف عن عدم الفصل بين العرفانين، فما توصلوا اليه من الحقائق و انكشف لهم عرفانياً وضعوه تحت متناول الناس، هذا أولا. و ثانياً: ان الجذور التاريخية للتقسيم ...
  • هل النوم فی مکان نجس ینجس البدن؟
    5343 الحقوق والاحکام 2011/06/20
    إذا حصل تماس بین جسمین أحدهما نجس و الآخر طاهر و کان أحدهما رطباً إلى حد أن رطوبته تنتقل إلى الجسم الآخر فإن الجسم الطاهر یتنجس فی مثل هذه الحالة، و إذا کانت الرطوبة قلیلة بحیث لا تنتقل من جسم لآخر، فإن الجسم الطاهر لا یتنجس فی مثل هذه الحالة
  • تعریف العلم و العقل و الدین، وصحة ما یقال من أن اصول العلوم کلها موجودة فی القرآن؟
    13626 الکلام الجدید 2007/01/09
    ـ للعلم معان ثلاثة، و له اصطلاحان:فهو یاتی احیانا بمعنی وجود العلم و حصوله، و اخری یطلق علی نفس العلم، و ثالثة بمعنی المعلوم. فالاوّل هو المعنی المصدری، و الثانی بمعنی اسم المصدر، و الثالث بمعنی الوصف المفعولی.و العلم (knowledge) له اصطلاحان، فیراد منه تارة مطلق العلم و ...
  • ما المراد بإقامة الصلاة؟
    9251 التفسیر 2010/08/07
    لقد جاءت عبارات القرآن متعددة و مختلفة بشأن أداء الصلاة منها القضاء، القیام، الإتیان، الإقامة، و بالتوجه إلى عبارة إقامة الصلاة یمکن استنباط معنىً أعلى و أدق من أدائها و الإتیان بها، و معنى الإقامة یوحی بإحیائها، و الحفاظ على حیاتها، و بمعنى آخر إضفاء العزة و ...
  • هل یمکن الارتباط بالله تعالى بلا واسطة؟
    8468 الکلام القدیم 2010/12/04
    التوسل لغة یعنی التقرب الى شیء الوَسِیلة ما یُتَقَرَّب به إلى الغَیْر .و الملاحظ فی التوسل بأولیاء هو إتخاذهم وسیلة للتقرب الى الله تعالى، و التوسل الى الله تعالى یتم من خلال طریقین أحدهما التوسل بالمعصومین (ع) و الآخر التوسل الیه ...
  • هل يعدّ صبغ الأظافر من زينة النساء؟
    6688 الحقوق والاحکام 2012/06/10
    إن جواب المراجع العظام عن هذا السؤال كالتالي:[1] ولی أمر المسلمين الإمام الخامنئي (دام ظله): على أي حال إن عد زينة بحسب العرف فيجب ستره عن غير المحارم، و تشخيص الموضوع (تشخيص كونه زينة أم لا) بعهدة المكلف نفسه.
  • بالرغم من کثرة الاحادیث المرویة عن الامامین الباقر و الصادق (ع) مع ذلک لم تدوّن فی کتاب مستقل؟
    7400 درایة الحدیث 2009/11/14
    إذا اخذنا بنظر الاعتبار الظروف التی عاشها فیها الامامان الباقر و الصادق (ع) یکون من الطبیعی عدم تدوین احادیثهما فی کتاب مستقل، لکن هذا لایعنی ان القضیة بقیت مستمرة الى الوقت الحاضر بل جمعت هذه الاحادیث و بوّبت فی کتب کانت تسمى الاصول الاربعمائة ثم جمعت فی المصادر الاساسیة الاربعة( ...

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    282307 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    264310 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    131169 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    120568 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    91155 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    62859 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    62779 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    58408 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    54460 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    50911 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...