بحث متقدم
الزيارة
6697
محدثة عن: 2008/03/16
خلاصة السؤال
من این نبدأ لتزکیة النفس و بنائها؟
السؤال
من این نبدأ لتزکیة النفس و بنائها؟
الجواب الإجمالي

التزکیة تعنی تطهیر النفس من الرذائل، و قد وردت آیات فی القرآن الکریم أیضاً حول أهمیة تزکیة النفس، لکن یجب أن نعلم بأن نقطة البدایة فی تزکیة النفس و بنائها تختلف باختلاف الاشخاص فمن هو لیس مسلماً تکون نقطة البدایة و أول الطریق بالنسبة الیه أعتناق الأسلام، و المرحلة الاولی بالنسبة للمؤمنین هی التنبه لضرورة تطهیر النفس، و بالطبع فان التفکر فی قضایا من قبیل فلسفة الخلقة و الهدف منها و علة بعثة لانبیاء و ... تؤدی الی زیادة هذا التنبه و الوعی و المرحلة اللاحقة هی مرحلة التوبة من ما مضی من أعمال و العزم علی التلافی، تلافی ما أتلفناه من حقوق الاشخاص و تلافی حقوق الله االمتبقیة فی رقابنا. و المرحلة الاخری السعی لأداء الامور الواجبة و ترک المحرمات الالهیة بقمدار ما نعلم و الاستمرار و الاستقامة فی هذا الطریق و هو الذی یؤدی الی أن یزودنا الله بعلوم جدیدة تؤدی الی تقدمنا فی سیرنا و سلوکنا. و الله نفسه بشر فی بعض آیات القرآن بحمایة و أسناد عباده المجاهدون فی سبیله.

الجواب التفصيلي

تناول القرآن الکریم قضیة بناء الذات تحت عنوان التزکیة و التزکی، و معناها اللغوی عبارة عن التطهیر من الرذائل[1]، و قد أکدت العدید من آیات القرآن المجید علی أهمیة هذا التطهیر، فمثلاً نقرأ فی سورة الشمس: «قد افلح من زکاها و قد خاب من دساها».[2] و کذلک فی الآیة 19 من سورة فاطر و الآیات 14 و 15 من سورة الاعلی ورد التأکید علی هذه المسألة. إذن فبناء النفس و تزکیتها أمر مقبول و مرضی من قبل الشرع المقدس. لکن ینبغی القول ان نقطة البدایة فی عملیة بناء الذات و تزکیة النفس تختلف باختلاف الاشخاص فالشخص غیر المسلم تکون نقطة البدء بالنسبة له هی الاسلام. و قد قسم عدد من علماء الاخلاق هذا المطلب الی درجات فقالوا: الاسلام أولاً ثم الایمان و فی المرحلة الثالثة الهجرة و بعدها الجهاد فی سبیل الله.[3]

او بالنسبة للذین دخلوا قلعة الاسلام و الایمان و صاروا مورداً لخطاب الآیات القرآنیة: «یا ایها الذین آمنوا علیکم انفسکم»،[4] و «یا ایها الذین آمنوا آمنوا»[5]، فینبغی القول ان اول مرحلة لبناء الذات هو الیقظة و التنبه، الاّ أنه یجب علینا أن نبدأ و نطهر أنفسنا من الرذائل، و بعد هذا الانتباه و الیقظة یطرح هذا السؤال نفسه: من أین نبدأ؟

و یمکننا أن نقول بان السائل قد أمضی المرحلة الاولی لأنه وصل بفکره و عقله إلی هذه النتیجة و هی: ان هذا العالم لیس محلاً للبقاء، فکل هذه الامکانیات و بعثة الأنبیاء لیست من أجل الحیاة الحیوانیة.[6]

و بعد هذه المرحلة (التفکر و الیقظة) یصل الدور الی مرحلة "التوبة"؛ یعنی جبران مافات و جبران ما أتلفناه من حقوق الآخرین و جبران حقوق الله المتبقیة فی أعناقنا. و بالطبع فانه یجب أن یصحب هذه التوبة العزم، التوبة مما فعلناه و العزم علی ما نرید أن نفعله، و لأجل هذا فقد ذکر بعض علماء الاخلاق: ان التوبة هی المنزل الثانی[7] و بعضهم ذکر العزم.[8]

یقول الامام الخمینی (ره) حول العزم بمایناسب هذا المقام: أن تصمم علی ترک المعاصی و فعل الواجبات و جبران مافات و تعزم علی ان تجعل ظاهرک و صورتک انسانا عقلیاً و شرعیاً.[9]

و جاء فی دعاء یوم المبعث: «و قد علمت ان افضل زاد الراحل الیک عزم ارادة یختارک بها».[10]

و المرحلة اللاحقة هی ترک المعاصی و اداء الواجبات.

قال آیة الله بهجت فی جواب سؤال و هو: لدی عزم علی السیر و السلوک فماذا افعل؟ فقال: ان ترک المعصیة کاف و واف لکل العمر حتی لو کان الف سنة.[11] إذن فیجب فی هذه المرحلة أداء الواجبات الالهیة بالمقدار الذی نعلم و ان نتجنب المحرمات الالهیة بمقدار علمنا أیضاً، ان هذا یؤدی الى ان یهبنا الله علوماً جدیدة و بواسطتها نتقدم فی سیرنا و سلوکنا، فنحن نعمل بکل ما علمنا و الله یهبنا علم ما لم نعلم و مادمنا نعمل بتکلیفنا فان هذه الدورة مستمرة، قال النبی (ص): «من عمل بما علم ورثه الله علم ما لا یعلم».[12] و هذه الروایة مطابقة للآیة القرآنیة التی تقول: «و الذین جاهدوا فینا لنهدینهم سبلنا».[13] و اضافة الی هذا فینبغی أن نعلم بان الانسان مادام حیاً فهو لیس ساکناً، بل اما ان یکون متحرکاً نحو النور (الهدایة) او باتجاه الظلمة (الضلالة)، فالمهم هو قیادة هذه الحرکة باتجاه النور.[14]

و فی الختام ینبغی التنبیه بان هذا الجواب قد اعد علی مستوی الفهم العام.



[1] (التزکیة: التطهیر من الاخلاق الذمیمة)، مجمع البحرین، ج 1، ص 203.

[2] الشمس، 8 ـ 10.

[3] السید محمد حسین، حسینی الطهرانی، رسالة لب اللباب، ص 55.

[4] المائدة، 105.

[5] النساء، 136.

[6] الاربعون حدیثاً، الامام الخمینی، ص 76.

[7] رسالة لقاء الله، المیرزا جواد ملکی التبریزی، ص 52.

[8] الاربعون حدیثاً، ص 7.

[9] نفس المصدر.

[10] مفاتیح الجنان دعاء یوم المبعث، الاقبال بالاعمال الحسنة، ص 277.

[11] به سوی محبوب (باتجاه المحبوب) (تعلیمات و ارشادات ایة الله بهجت) ص 58.

[12] المحجة البیضاء، ج 6، 24؛ بحار الانوار، ج 89، 172؛ و الخرائج، ج 3، 1058.

[13] العنکبوت، 99.

[14] و للاطلاع اکثر یمکنکم مراجعة رسالة لب اللباب، ا السید محمد حسین حسینی الطهرانی، ج 1، 87.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280329 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258942 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129731 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115915 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89625 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61176 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60456 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57420 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51840 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    47778 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...