Please Wait
7669
واحدة من النعم الإلهیة التی لا تعد و لا تحصى، هو الإثابة على الإیمان بالله و الاعمال الصالحة بالجنة و نعمها.
کما انه لا یوجد هنالک تمییز بین المرأة و الرجل فی الجنة و ان من بین النعم الإلهیة التی یثاب بها المؤمنون فی الجنة و التی اشیرت إلیها فی القرآن و الروایات هی "الحور العین".
و بالاستناد إلى أراء اغلب المفسرین، لا یوجد هنالک زواج فی الجنة و ان المقصود من تزویج حور العین هو بمعنى جعلهنَّ قرینات و إعطائهن من قبل الله عز و جل لعباده الصالحین، کما جاء فی هذه التفاسیر.
و اما بخصوص مسألة تعدد الأزواج للنساء فی الجنة، بالاستناد إلى الآیات و الروایات بشکل عام، انه من الممکن القول، إن النساء المؤمنات اللاتی یدخلن الجنة لا یطلبن هذا الشیء، بالرغم من إنهن یستطعن الحصول علیه إذا رغبن بذلک.
إن واحدة من النعم الإلهیة الکبیرة التی أعدها الله سبحانه و تعالى لعباده المؤمنین و المتقین، هی الجنة و النعم الکثیرة و الغیر زائلة التی فیها، بالطبع فان رضوان الله عن هؤلاء المؤمنین هو من اکبر النعم الإلهیة و ان السبب الوحید لدخول الجنة، هو الإیمان و العمل الصالح فی هذه الدنیا، و کلما کان إیمان الشخص اکبر و کان عمله الصالح أکثر کلما کان مقامه اعلى و درجاته ارفع فی الجنة و لا یوجد هنالک فرق بین الرجل و المرأة فی هذا المجال، حیث یستطیع کل إنسان سواء أ کان رجلاً أم امرأة أن یصل إلى هذه المقامات و هذه الدرجات.
یقول سبحانه فی قرآنه المجید: " .... و من عمل صالحاً من ذکر أو أنثى و هو مؤمن فأولئک یدخلون الجنة یرزقون فیها بغیر حساب".[1]
إن الجنة لیست دار تکلیف، لأنه فی حالة وجود التکلیف و الاختیار یجب أن یکون هنالک جنة و نار أخرى لیجازى الإنسان على أعماله الجدیدة، و بذلک یستمر هذا الأمر على هذه الوتیرة. و الحال ان جمیع النعم الإلهیة التی ینعمها البارئ عز و جل على الإنسان فی الجنة هی اجر و ثواب على الإیمان و العمل الصالح فی هذه الدنیا.
یستفاد من الآیات و الروایات، إن أهل الجنة یحصلون على ایّ شیء یتمنونه[2]، من النعم الإلهیة التی یرزق بها الرجال المؤمنون فی الجنة، هی الحورالعین. و الحور جمع حوراء بمعنى شدیدة سواد العین و بیاضها أو ذات المقلة السوداء کالظباء، و العین جمع عیناء بمعنى عظیمة العینین، و ظاهر کلامه تعالى ان الحورالعین غیر نساء الدنیا الداخلة فی الجنة[3]، قال تعالى: " کذلک و زوجناهم بحور عین".[4] بالاستناد إلى تفسیر اغلب المفسرین، لا یوجد زواج فی الجنة بمعناه الدنیوی، لذلک فان المراد هنا هو، إعطاء حور العین من قبل الله سبحانه إلى عباده الصالحین فی الجنة و جعلهن قرینات لهم، یقول العلامة الطباطبائی (قدس): «کَذلِکَ وَ زَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِینٍ» أی الأمر کذلک أی کما وصفناه و المراد بتزویجهم بالحور جعلهم قرناء لهن من الزوج بمعنى القرین و هو أصل التزویج فی اللغة.[5]
من خلال الصفات المذکورة فی القرآن الکریم و بعض الروایات عن حور العین یمکن القول انه لا یوجد لحور العین أکثر من زوج واحد فی الجنة لان الله سبحانه یذکر فی کتابه العزیز صفات حور العین حیث یقول: " لم یطمثهن انس قبلهم[6] و لا جان".[7]
یقول المرحوم العلامة المجلسی فی تفسیر (قاصرات الطرف) التی أتت فی بدایة هذه الآیة الشریفة: قصرن طرفهن على أزواجهن فلا یردن غیرهم لحبهن إیاهم.[8]
و لکن هنا یأتی سؤال هل ان نساء الدنیا یصبحن على هذه الشاکلة فی الجنة أم لا؟ فی هذه الحالة یمکن القول: إنه بالرغم من ان أهل الجنة یتحقق لهم ای شیء یرغبونه فی الجنة[9]، إلا انه من غیر الممکن لنساء أهل الجنة أن یرغبن بتعدد الأزواج، کما ان النساء الطاهرات لا یرغبن بغیر أزواجهن فی الدنیا، و لان الجنة هی منزلة الطاهرین، فلذلک لایطلبن لأنفسهن أکثر من زوج واحد.
روی عن العیاشی بالاستناد إلى أبی عبد الله (ع)، قال الراوی: " قلت له: جعلت فداک اخبرنی عن المؤمن تکون له امرأة مؤمنة یدخلان الجنة یتزوج احدهما بالأخر؟ فقال: یا أبا محمد إن الله حکم عدل، إن کان هو أفضل منها خیر هو فان اختارها کانت من أزواجه، و ان کانت هی خیر منه خیّرها فان اختارته کان زوجاً لها".[10] و نرى أن المقصود فی الروایة ان المرأة تصبح إحدى زوجات الرجل، و لکن یصبح الزوج الوحید للمرأة و تدل بعض الروایات الأخرى على هذا الأمر، حیث نقل فی روایة عن الرسول الأکرم (ص): قالت أم سلمه (رض) لرسول الله (ص) : بابی أنت و أمی المرأة یکون لها زوجان فیموتان و یدخلون الجنة لأیهما تکون؟ فقال (ص) : "یا أم سلمه تخیّر أحسنهما خلقاً و خیرهما لأهله، یا أم سلمه إن حسن الخلق ذهب بخیر الدنیا و الآخرة".[11]
نرى فی هذه الروایة ان الرسول (ص) لم یقل أنها تستطیع ان تختار کلیهما بل قال (ص): انها تختار أحسنهما خلقاً.
و فی الختام یجدر بنا ذکر هذه الملاحظة، یوجد هنالک (غلمان) یقومون بخدمة أهل الجنة، و لا یوجد فی هذا المجال فرق بین الرجل و المرأة حیث یقوم هؤلاء الغلمان بخدمة کلیهما. یقول القرآن الکریم فی هذا المجال: "و یطوف علیهم غلمان لهم کأنهم لؤلؤ مکنون".[12]
و تدل ظاهر هذه الآیة على أن هنالک غلمان یتصفون بجمال کبیر قد خلقوا لیخدموا أهل الجنة فقط.
2- فصلت،31.
3- المیزان فی تفسیر القرآن، ج 18، ص 149.
4- الدخان، 54.
5- بحار الأنوار، ج 8، ص 99؛ المیزان فی تفسیر القرآن، ج 18، ص 149.
[6] قبل هذا الشخص الذی أصبح من أهل الجنة.
6- الرحمن، 56.
7- بحار الأنوار، ج 8، ص 97.
8- فصلت، 31.
9- بحار الأنوار، ج 8، ص 105.
10- بحار الأنوار، ج 8، ص 119.
11- الطور، 44.