بحث متقدم
الزيارة
5678
محدثة عن: 2012/06/19
خلاصة السؤال
هل ان الغسل باکثر من صاع من الماء یعد إسرافاً؟
السؤال
هل ان الغسل باکثر من صاع من الماء یعد إسرافاً؟
الجواب الإجمالي

فی الغسل الترتیبی یجب علی المکلف غسل جمیع أعضاء الغسل بالترتیب. و هنا ربما امکن شخص ان یغتسل بمقدار صاع من الماء (3 کیلو غرام) بینما یغتسل شخص آخر باکثر من هذا المقدار. فذلک یتوقف إذن علی یقین المکلف بغسل جمیع أعضاء الغسل، اذا لم یستتبع ذلک الوسواس و الاسراف طبعاً- و یبدو ان السبب و المعیار فی تعیین هذا المقدار للغسل و الوضوء هو التجنب عن الاسراف.

الجواب التفصيلي

ورد فی کتاب شرائع الاسلام أن من السنن الغسل (‏.. و الغسل بصاع)[1] و مستند هذه الفتوی [2] روایة عن الامام الباقر (ع) یقول فیها: "کان رسول اللَّه (ص) یتوضَّأُ بمُدٍّ و یغتسل بصاع"[3]. و کما یلاحظ فان صاحب شرائع الاسلام و باقی الفقهاء قد افتوا باستحباب الغسل بهذا المقدار و لیس بوجوب الغسل او الوضوء بهذا المقدار.

و توضیح المسألة المطروحة نذکره ضمن الموارد التالیة:

ان الصاع هو تقریباً 3 کیلو غرام، و المد هو ربع الصاع أی 750 غرام، و ان الکیلو غرام من الماء یساوی لتراً واحداً. فی الغسل الترتیبی یجب علی المکلف غسل جمیع أعضاء الغسل ترتیباً.[4] و لهذا فانه ربما اغتسل مکلف بثلاثة لترات من الماء بینما یغتسل آخر باکثر من هذا المقدار. إذن فذلک یتوقف علی یقین المکلف بغسل جمیع أعضاء الغسل، اذا لم یستتبع ذلک الوسواس و الاسراف طبعاً. و یبدو أن السبب و المعیار فی تعیین هذا المقدار للغسل والوضوء هو التجنب عن الاسراف. یستحب أن یکون ماء الاغتسال بمقدار صاع واحد (3 لترات). و هذا المقدار من الماء هو لاداء جمیع مستحبات و واجبات الغسل؛ أی انه یغسل بهذا المقدار من الماء یدیه أولاً ثلاث مرات الی المرفق أو علی الاقل الی الزند، و ان یتمضمض و یستنشق بالماء ثلاث مرات فی الفم و الانف، ثم یقذف الماء، ثم یؤدی واجبات الغسل بما تبقی من الماء. و بناء علی هذا فان استعمال ما یزید علی هذا المقدار من الماء للغسل هو علی خلاف السیرة العملیة للنبی الاکرم (ص) و هو مکروه، واذا وصل الی حد الاسراف فهو حرام.[5] و کذلک یستحب الوضوء بمقدار مد (750 غرام) من الماء.[6] و یکره بما زاد علی ذلک المقدار،[7] و اذا وصل الی حد الاسراف فهو حرام. و قد ورد فی روایة فی هذا المجال " إِنَّ للَّه ملکاً یکتبُ سرف الوضوءِ کما یکتبُ عدْوانه".[8] بناء علی هذا فان استعمال الماء بالمقدار المذکور کاف للغسل و الوضوء، و لا ینبغی الشک و الوسواس فی قلة ذلک المقدار المحدد فی الروایات. یقول الرسول الاکرم (ص) فی هذا المجال: "الوضوءُ مُدٌّ و الغسل صاعٌ و سیأْتی أَقوامٌ بعدی یستقِلُّونَ ذلک فأُولئک على خلافِ سُنَّتِی و الثابتُ على سُنَّتِی معی فی حظیرةِ القدس‏".[9] یتضح من خلال ما مر أن المقدار المذکور هو الحد الادنی و انه یمکن الاغتسال بهذا المقدار و کیفیته هو ان یسکب مقدار من الماء علی الرأس بحیث یمر الماء علی جمیع بشرة الرأس بنحو یصدق  عرفاً أنه غسله، ثم یغسل الجانب الایمن و من بعده الجانب الایسر.

و أما فی عصرنا الحاضر حیث یوجد ماء الإسالة فی أغلب البیوت، فلا یغتسل هکذا عادة، و لکن ینبغی الحذر من الخروج عن المستوی الطبیعی، لکی لا یکون ذلک من مصادیق الاسراف.

 

[1] المحقق الحلی، نجم الدین، جعفر بن الحسن، شرائع الاسلام فی مسائل الحلال و الحرام، ج1، ص20، الطبعة الثانیة، مؤسسة اسماعیلیان، قم، 1414ق.

[2] لاحظ: المحقق الحلی، نجم الدین، جعفر بن الحسن، المعتبر فی شرح المختصر، تحقیق و تصحیح: الحیدری، محمد علی، شمس الدین، السید مهدی، المرتضوی، السید ابو محمد، الموسوی، السید علی، ج1، ص168، مؤسسة سید الشهداء علیه السلام، قم، الطبعة الاولی، 1407ق، العلامة الحلی، الحسن بن یوسف بن مطهر الاسدی، منتهی المطلب فی تحقیق المذهب، ج1، ص309و310، مجمع البحوث الاسلامیة، مشهد، الطبعة الاولی، 1412ق، الحکیم، السید محمد سعید الطباطبائی، مصباح المنهاج، کتاب الطهارة، ج3، ص277و278، مؤسسة المنار، قم،

[3]  الشیخ الحر العاملی، محمد بن الحسن، وسائل الشیعة، ج1، ص481، مؤسسة آل البیت علیهم السلام، قم، الطبعة الاولی، 1409ق.

[4] لاحظ: الامام الخمینی، توضیح المسائل المحشی، تحقیق و تصحیح: بنی هاشمی الخمینی، السید محمد حسین، ج1، ص215، م:361وص221، م:374، مکتب الاعلام الاسلامی، قم، الطبعة الثامنة، 1423ق.

[5] فاضل اللنکرانی، محمد، جامع المسائل، ج2، ص101، منشورات امیر القلم، قم، الطبعة الحادیة عشرة،

[6] الطباطبائی الیزدی، السید محمد کاظم، العروة الوثقی فیما تعم به البلوی، ج1، ص 198، مؤسسة الاعلمی للمطبوعات، بیروت، الطبعة الثانیة، 1409ق.

[7] الشیخ الانصاری، مرتضی، کتاب الطهارة، ج2، ص439، المؤتمر العالمی للشیخ الاعظم الانصاری، قم، ایران، الطبعة الاولی، 1415ق.

[8] وسائل الشیعة، ج1، ص485.

[9] نفس المصدر، ص483.

 

التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279421 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257169 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128118 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113185 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88976 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59796 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59519 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56843 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49697 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47148 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...