Please Wait
7088
ان الملاحظ فی الدراسات التی تصدر حول الشیعة من قبل بعض الاتجاهات الفکریة انها تتسم بکونها بعیدة عن الموضوعیة من جهة و انها تعتمد اسلوب الصاق التهم و الافتراء من جهة اخری، و من جهة ثالثة انّها لا تعتمد على مصادر الشیعة أنفسهم فی البحث بل تعتمد علی ما کتبه خصومهم عنهم.
و من هذه القضایا مسالة سب الصحابة و اتهام الشیعة بانها تکفر الصحابة واهل السنة.
و نحن فی مجال ردّ هذه الشبهة نرکز البحث علی مجموعة من النقاط، هی:
1 - ان الانسان الذی یسلک مسلک السب و الشتم انّما یسلکه لضعف حجته و برهانه فی الحوار فیلجأ حینها الی السب و الشتم.
2 ـ انعدام الوازع الاخلاقی لدیه.
3 ـ جهله بتاریخه و عدم معرفة به.
والشیعة ولله الحمد غنیة عن کل ذلک، فلاحاجة لها للسب والشتم بل هی تدرس الامور بصورة موضوعیة وتلتزم بالنتیجة التی یوصلها الیها البحث.
کما ان الشیعة لا تکفر أهل السنة و تعتبرهم اخواناً فی الدین، نعم، نحن نکفر النواصب و الغلاة، و نعنی بالنواصب الذین نصبوا العداء لأهل البیت علیهم السلام و حاربوهم سواءً بالید او اللسان او القلب، و نحن نعتقد ان اهل السنة لا ینصبون العداء لاهل البیت و انما لم یؤمنوا بکونهم منصوبین من قبل الرسول الاکرم صلى الله علیه و آله للامامة، و هذا الأمر لا یخرج الانسان من الدین ما لم یکن عن عناد و لجاح و تکذیب الرسول الاکرم صلى الله علیه وآله وسلم؛ و کذلک نکفّر الغلاة و هم الذین نسبوا الى اهل البیت صفة الهیة او جعلوهم آلهة . و هذین الامرین-الموقف من النواصب والغلاة- یوافقنا فیهما اخواننا علماء أهل السنة فهم یکفرون المعادی لاهل بیت الرسول صلى الله علیه و آله و المغالی.
ان الملاحظ فی الدراسات التی تصدر حول الشیعة من قبل بعض الاتجاهات الفکریة انها تتسم بکونها بعیدة عن الموضوعیة من جهة و انها تعتمد اسلوب الصاق التهم و الافتراء من جهة اخری، و من جهة ثالثة انّها لا تعتمد على مصادر الشیعة أنفسهم فی البحث بل تعتمد علی ما کتبه خصومهم عنهم.
و من هذه القضایا مسالة سب الصحابة و اتهام الشیعة بانها تکفر الصحابة واهل السنة.
و نحن فی مجال ردّ هذه الشبهة نرکز البحث علی مجموعة من النقاط، هی:
1 ان الانسان الذی یسلک مسلک السب و الشتم انّما یسلکه لضعف حجته و برهانه فی الحوار فیلجأ حینها الی السب و الشتم.
2 ـ انعدام الوازع الاخلاقی لدیه.
3 ـ جهله بتاریخه و عدم معرفته بتاریخ وسیرة الرجال الذین حفظوا الدین وساندوا الرسول الاکرم صلى الله علیه واله وسلم فی جهاده.
و نحن اذا نظرنا الی المذهب الشیعی نراه لا یعانی أیاً من هذه المشاکل فی فکره.
فهو من ناحیة الحجة و البرهان یمتلک ـ و لله الحمد ـ الکثیر من الادلة التی تثبت احقیته سواء کانت عقلیة ام نقلیة، قرآناً کانت ام سنة، و نحن هنا لسنا بصدد عرض تلک الادلة لان المجال لایسع لذلک.
و اما القضیة الثانیة ای انعدام الوازع الاخلاقی. فحقیقة الأمر ان الذی له معرفة و لو یسیرة بعلماء الشیعة و رجالاتها یدرک بوضوح مدی الورع و التقوى و الخلق الحسن الذی یتحلون به، مما یدعوهم الی عدم الاعتداء على الآخرین و انتهاک حرماتهم حتى لو کانوا خصوماً للشیعة و یکفینا قوله تعالی: ( و لا یجرمنکم شنآن قوم على الآ تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى)[1]، و قول الرسول الاکرم صلى الله علیه و آله و سلم "انما بعثت لاتمم مکارم الاخلاق".[2] و الذی ینبغی لکل انسان ینتهج نهجه ان یقتدی به لانه الاسوة و القدوة لنا لقوله تعالى: (لقد کان لکم فی رسول الله اسوة حسنة)[3] و التزامنا بالمنهج الاخلاقی فی الحوار بالجدال بالتی هی احسن (وجادلهم بالتی هی احسن).[4]
اما بالنسبة الی النقطة الثالثة: الجهل بالتاریخ الاسلامی و عدم تمییز الرجال الصالحین من الطالحین، فهذه النقطة هی الاخرى بعیدة عن الفکر الشیعی لاننا نعرف رجالنا و قد درسنا التاریخ دراسة موضوعیة و میزنا بین من بقی على المنهج النبوی السلیم و بین من انحرف عن الصراط المستقیم، و الواقع ان هذا الموقف الموضوعی من الشیعة هو الذی اصبح ذریعة بید البعض لیحرف القضیة عن مسارها الصحیح(اعنی الدراسة الموضوعیة) و یضعها فی خانة السب و الشتم و اصفا الشیعة بانهم أناس یسبون و یشتمون من دون أیة مبررات موضوعیة و بصورة عشوائیة، و الحال ان دیننا لایسمح لنا بذلک ابداً.
کیف نشتم الصحابة و نحن نقرأ وصیة امامنا امیر المؤمنین لجیشه بعدما ردوا على سب الشامیین حینما تواجه الجیشان بمثله فقال علیه السلام لاصحابه: " انی اکره لکم ان تکونوا سبابین و لکنکم لو وصفتم اعمالهم و ذکرتم حالهم کان اصوب فی القول و ابلغ فی العذر».[5]
و کیف نشتم الصحابة و نحن نقرأ قوله صلى الله علیه و آله و سلم " أمرت أن اقاتل الناس حتى یقولوا لا اله الا الله فاذا قالوها عصموا منی دماءهم و اموالهم الاّ بحقها و حسابهم على الله".[6]
و کیف نشتم عماراً الذی وصفه القرآن الکریم بان قلبه مطمئن بالایمان (من کفر بالله من بعد ایمانه الا من اکره و قلبه مطمئن بالایمان)[7].
حیث ذکر المفسرون انها نزلت فی عمار بن یاسر، و هو الذی کان معیاراً لمعرفة الفئة الباغیة کما اخبره بذلک الرسول الاکرم صلى الله علیه و آله و سلم «یا عمار تقتلک الفئة الباغیة»[8]
و کیف نشتم خزیمة بن ثابت الذی منحه الرسول الاکرم وسام "ذو الشهادتین"[9]
و کیف نشتم حمزة سید الشهداء و جعفراً الطیار، و ابا ذر الغفاری و سلمان الفارسی الذی وصف بانه من أهل بیت النبی صلى الله علیه و آله و سلم حیث قال: «سلمان منّا اهل البیت»[10]
و کیف نشتم من کان امامنا امیر المؤمنین علیه السلام یبکی علیهم حیث قال: «این اخوانی الذین رکبوا الطریق و مضوا على الحق؟ این عمار؟ و این ابن التیهان؟ و این ذو الشهادتین؟ و این نظراؤهم من اخوانهم الذین تعاقدوا على المنیة و أبرد برؤوسهم الى الفجرة ـ ثم ضرب بیده على لحیته الشریفة الکریمة فاطال البکاء ـ ثم قال: أوه على اخوانی الذین تلوا القرآن فاحکموه، و تدبروا الفرض فاقاموه...»[11] و غیرهم الکثیر ممن شهدوا مع علی علیه السلام حروبه الثلاثة ودافعوا عن حقه وساندوه فی جمیع تحرکاته.
نعم المنهج الشیعی یفرّق بین هؤلاء العظام و بین من خرج عن الطریق، و لا نقبل بالنظریة التی تقول بان «الصحابی من رأى النبی و لو ساعة من نهار» و لا یحق لاحد ان یناقش فی مواقفه و آرائه.
فکیف نسوی بین علی علیه السلام و بین معاویة الذی نصب له العداء و سن سنة سب الامام ثمانین عاماً.؟!
و کیف نسوی بین عمّار و قاتله ابی الغادیة؟!!
و کیف یسمح لنا المنهج العقلی و الاخلاقی ان نبرر لخالد بن الولید قتله الصحابی مالک بن نویرة و الدخول بزوجته فی نفس اللیلة التی قتل فیها زوجها.[12] و نبرر للولید بن عقبة شربه الخمر و امامته المسلمین ثملاً!!
فلو ان انساناً من غیر المسلمین وجه الی القائلین بعدالة الصحابة السؤال التالی:
انتم تقولون بعدالة الصحابة، و التاریخ یثبت ان علیا علیه السلام و معاویة قد وقعت بینهما معارک طاحنة راح ضحیتها الآلاف من الدماء المسلمة، فیاتری هل الحق مع علی ام مع معاویة؟
فاذا قالوا: ان الحق معهما، فلا ریب ان هذا الجواب تضحک منه الثکلی! فکیف یکون «عمار بن یاسر» الذی هو من کبار الصحابة و الذی قال له الرسول (ص): «یا عمار تقتلکم الفئة الباغیة» على حق و یکون فی نفس الوقت قاتله ایضاً علی الحق؟!
ثم لو سأل أیضاً: انتم تقولون الخروج علی الامام الشرعی لایجوز. و لذلک کفرتم الذین خرجوا علی الخلیفة الثالث و ابحتم دماءهم و اموالهم، فلماذا تؤیدون الذین خرجوا علی الخلیفة الرابع علی بن ابی طالب و تحاولون تبریر ما ارتکبوه؟ فماذا یکون جوابهم امام هذا التساؤل المنطقی!!
ثم لو سأل ثالثاً: لو ظفر معاویة بعلی یوم صفین و تمکن من قتله فلاشک انه سیقتله؟ و هکذا الأمر بالنسبة الی علی علیه السلام، و حینئذ یطرح السؤال التالی نفسه: کیف جاز لصحابی ان یقتل صحابیا مثله؟؟!!وهکذا الامر امام الکثیر من التساؤلات المشروعة فی هذا المجال.
ثم اننا اذا رجعنا الى القرآن الکریم نجده یصنف الصحابة الى اصناف یمدح بعضهم و یذم البعض الآخر، فهو یتکلم عن السابقین الاولین، و المبایعین تحت الشجرة، و المهاجرین عن دیارهم و اموالهم، و اصحاب الفتح الى غیر ذلک من النماذج المثالیة الذین یثنی علیهم و یذکرهم بالفضل و الفضیلة، و فی مقابل ذلک یذکر اصنافاً اخرى و هی:
1 ـ المنافقون المعروفون[13].
2 ـ المنافقون المتسترون الذین لایعرفهم النبی[14] .
3 ـ ضعفاء الایمان و مرضى القلوب [15] .
4 ـ السماعون لاهل الفتنة[16].
5 ـ خلطوا عملاً صالحاً و آخر سیئاً [17].
6 ـ المشرفون على الارتداد [18].
7 ـ الفاسق او الفساق الذین لا یصدّق قولهم و لا فعلهم[19].
8 ـ المسلمون الذین لم یدخل الایمان فی قلوبهم[20].
9 ـ المؤلفة قلوبهم [21] .
10 ـ المولون امام الکفار[22] .
هذا هو الموقف القرآنی و لایقل عنه موقف السنة الشریفة والذی من نماذجه الواضحة احادیث الحوض، و نحن اقتداءً بالقرآن الکریم و السنة النبویة المطهرة، نجلّ صحابة رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم الذین التزموا الخط الاسلامی و ثبتوا على النهج القویم و هم الاکثر و الاغلب بین الصحابة، و نقف موقف الذام لمن ذمه القرآن الکریم و السنة النبویة و هم قلیلون جداًً.
الخلاصة: ان موقف الشیعة هو موقف الدارس و الباحث لحیاة الصحابة دراسة موضوعیة تستند الى القرآن الکریم و السنة المطهرة و التاریخ الصحیح لا موقف الساب و الشاتم بلا دلیل او برهان.
اما بالنسبة الی تکفیر أهل السنة، فجوابه:
ان الشیعة لا تکفر أهل السنة و تعتبرهم اخواناً فی الدین، نعم، نحن نکفر النواصب و الغلاة، و نعنی بالنواصب الذین نصبوا العداء لأهل البیت علیهم السلام و حاربوهم سواءً بالید او اللسان او القلب، و نحن نعتقد ان اهل السنة لا ینصبون العداء لاهل البیت و انما لم یؤمنوا بکونهم منصوبین من قبل الرسول الاکرم صلى الله علیه و آله للامامة، و هذا الأمر لا یخرج الانسان من الدین ما لم یکن عن عناد و لجاح و تکذیب الرسول الاکرم صلى الله علیه وآله وسلم؛ و کذلک نکفّر الغلاة و هم الذین نسبوا الى اهل البیت صفة الهیة او جعلوهم آلهة . و هذین الامرین-الموقف من النواصب والغلاة- یوافقنا فیهما اخواننا علماء أهل السنة فهم یکفرون المعادی لاهل بیت الرسول صلى الله علیه و آله و المغالی فیهم.[23]
[1] سورة المائدة: الایة2.
[2] ـ مواقف الشیعة للمیناجی: ج 3 ص 452.
[3] ـ سورة الاحزاب: الآیة 21.
[4] ـ سورة النحل: الایة 135.
[5] ـ نهج البلاغة: الخطبة رقم 206.
[6] ـ مستدرک الوسائل: 8/209، باب تحریم القتل ظلماً.
[7] ـ النحل: 107.
[8] ـ طبقات ابن سعد: 3/180، سیرة ابن هشام 2/114، مستدرک الحاکم 3/386، الاستیعاب 2/436.
[9] ـ الاستیعاب: 12/179.
[10] ـ مستدرک الحاکم: 3/598، شرح مختصر صحیح البخاری لابی محمد الازدی: 2/46.
[11] ـ نهج البلاغة: الخطبة 182.
[12] ـ النص و الاجتهاد: 136، تاریخ الاسلام: الخلفاء الراشدون 34 ـ 37، الکامل فی التاریخ 2/357؛ تاریخ الطبری: 3/276 ـ 280، سیر اعلام النبلاء : 1/377 وغیر ذلک من الکتب .