Please Wait
5796
ان الایرانیین مثلهم مثل غیرهم من المسلمین یرفعون شعار " قل هو الله احد" و " اشهد الا اله الا الله و ان محمدا رسول الله" و غیرها من الشعارات التی تشیر الى التوحید و النبوة.
و اما شعار علی(ع) ولی الله الذی یردده الشیعة عموماً و الإیرانیون على وجه الخصوص فیاتی فی ضمن الشعارین السابقین و امتدادا لهما لأنه مأخوذ من الآیات القرآنیة و أحادیث الرسول (ص) و روایات أهل البیت (ع).
و لفظة (ولی) شائعة بین الناس و العرف الاجتماعی، و معناها القیادة و تدبیر الأمور. مثل ولی المرأة أو ولی أمر الطالب أو ولی الطفل الذی تکون بیده کل الأمور الشخصیة و التربویة و الأخلاقیة.
و هذا مأخوذ من الآیة الشریفة فی قوله تعالى: «إِنَّمَا وَلِیُّکُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِینَ آمَنُوا الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ وَ یُؤْتُونَ الزَّکَاةَ وَهُمْ رَاکِعُونَ».[1]
إن إدارة شؤون الخلق بید الله تعالى أصالةً، سواء على مستوى الولایة التکوینیة (الخلق – الرزق – الأماتة و ...) أو الولایة التشریعیة و وضع القوانین، و إن الله سبحانه أعطى الولایة للرسول(ص) و أعطاها رسول الله(ص) لعلی(ع).
و حیث إن جمیع المفسرین من السنة و الشیعة متفقون على نزول الآیة بعلی(ع)[2] و طبقاً للروایة المعروفة «من کنت مولاه فهذا علی مولاه»[3] فإن رسول الله (ص) قدّم علیاً (ع) کولی کما أن رسول الله(ص) ولی، و بما أن هذه الآیة و الروایة تؤکدان أن الولایة معطاة من الله الولی المطلق، فحقیقة الأمر أن ولایة علی (ع) من عند الله، و أن معنى الولایة فی الآیة الشریفة إدارة جمیع الشؤون المتعلقة بالمجتمع.
ان الایرانیین مثلهم مثل غیرهم من المسلمین یرفعون شعار " قل هو الله احد" و " اشهد الا اله الا الله و ان محمدا رسول الله" و غیرها من الشعارات التی تشیر الى التوحید و النبوة.
لکن تعتقد الشیعة أن شجرة الوجود الطیبة لم تثمر ثمرةً أطیب و أبهى من الولایة، و لا توجد منظومة أکثر تلألؤاً و إشراقاً من منظومة الولایة فی سماء عالم الوجود.إن شعار الولایة فی نظر الشیعة یستند إلى الآیات و الروایات.
و من الأدلة على إعلان هذا الشعار، و الاعتقاد القلبی به الآیة الشریفة فی قوله تعالى: «إِنَّمَا وَلِیُّکُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِینَ آمَنُوا الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ وَ یُؤْتُونَ الزَّکَاةَ وَ هُمْ رَاکِعُونَ».[1]
و شعار الولایة فی هذه الآیة من الشعائر الإلهیة، و من دونه سوف یبقى المجتمع الإسلامی و البشری فی حیرة و التباس، و تبقى حیاته على مستوى الفرد و الجماعة و فی کل المیادین السیاسیة و الاقتصادیة و الثقافیة و الحکومیة و کل شؤونه الدنیویة و الأخرویة فی تیه و ضلال.[2] ینتسبون لزمرة المغضوب علیهم و الضالین، و لا یمکن أن یصلوا إلى طریق الهدایة. و لذلک فإن من اللازم تعظیم شعائر الله و إنها من تقوى القلوب.
و فی آیة الولایة جاءت الولایة مطلقةً سواء على مستوى التکوین أو التشریع و أنها لله وحده، و إن الله سبحانه أفاض هذه الولایة و أعطاها لرسول الله(ص) و قال: «إِنَّمَا وَلِیُّکُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ».
و کلمة الولایة تعبیر قرآنی ورد فی عدة صیغ و هیئات منها ولی، أولیاء، مولى، و ولاء و قد وردت فی عدة مواضع، و لها معانٍ مختلفة منها: المحبة، النصرة، تدبیر الأمور و إدارة سائر شؤون المسلمین، و المعنى المراد فی القرآن هو تدبیر الأمور و إدارة الشؤون، و لیس صرف المحبة و النصرة، و إن کان المفهوم یشمل هذه المعانی فی مرتبته النازلة، فالرسول (ص) منصور و محبوب عند الله، و کذلک کان الرسول (ص) ناصراً لدین الله و محباً لله، و لذلک أوکل الله سبحانه أمر إدارة المسلمین و البشریة جمعاء إلى الرسول (ص) حیث کان یملک اللیاقة و القابلیة لإدارتها. و أمر بإبلاغ أحکام الله من الحلال و الحرام و کل التکالیف الموجهة إلى الأمة، کما أنه الوحید الذی یتکفل بیان و تفسیر الآیات الإلهیة و إیضاح جزئیاتها و الإشارة إلى دقائقها، و قد نصب الرسول (ص) علیاً (ع) ولیاً من بعده بأمر من الله سبحانه، حتى یکون تفسیر الآیات و بیان الأحکام و إیضاح التکالیف فی الحلال و الحرام بید ولی الله إلى یوم القیامة، و بذلک یتم انتشال المجتمع الإسلامی من الفوضى و الحیرة و التخبط، و یدار أمر الولایة و الحکومة الإسلامیة بشکل صحیح و محکم، و هذا النوع من الولایة یختاره الله وحده، و إن الله یختار شخصاً لهذا المقام بمستوى شخصیة النبی (ص) لیکون مناسباً و کفوءاً فی إدارة شؤون المسلمین. و الولایة أمر إلهی، لا یمکن لغیر المعصوم أن یضع یده فی اختیارها و تشخیصها، لأنه عاجز عن إدراک ذلک، و تاریخ الإسلام شاهد على أن تدخل البشر العادیین و مساهمتهم فی اختیار الولی و الحاکم تسبب فی الکثیر من المشاکل و العقبات للأمة الإسلامیة.
و باتفاق المفسرین من السنة[3] و الشیعة، أن الفاتح الأوحد الذی یتربع على قمة هرم الولایة، و بحر الولایة الذی لا ساحل له، و الطائر المحلق منفرداً فی سماء الولایة من دون منازع لیس هو إلا قالع باب خیبر أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب (ع)، فهو الذی تصدق بالخاتم بکل صدق و إخلاص حین الصلاة و عند الرکوع ، فنزلت بحقه هذه الآیة.
و لو أن معنى الولایة المراد منه النصرة و المحبة فإن الکثیر من الصحابة یحضون بنصرة الرسول(ص) و محبته، و هم أنصار و محبون له أیضاً، و لکنهم لم یشرفوا بالخطاب الإلهی «إِنَّمَا وَلِیُّکُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِینَ آمَنُوا الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ» و لذلک فإن عمر بن الخطاب خاطب علیاً (ع) فی غدیر خم بلفظ (مولای) و قال: «بخ بخ لک یا ابن أبی طالب، أصبحت مولای و مولى کل مسلم..».[4]
إن لإمامة علی (ع) و ولایته نصا جلیا فی الآیات و الروایات و من أبرزها آیةالولایة و آیة «أَطِیعُوا اللَّهَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِی الأَمْرِ مِنْکُمْ»[5]، و حدیث الغدیر الشریف «من کنت مولاه فهذا علی مولاه» الذی نقل بالتواتر، و فی کل ذلک دلالة واضحة و صریحة على ولایة الإمام علی (ع).
إن وجود الولی و الإمام (ع) بعد النبی (ص) واجب بالنقل و العقل و بحسب عقیدة الشیعة، فإن وجود الإمام (ع) لطف واجب على الله تعالى بلحاظ هدایة الخلق؛ و إن تصرفه فی الوجود بأمر الله و تدبیر الأمور لطف آخر.
و الإمام لا بد أن یکون معصوماً کالنبی من الکبائر و الصغائر، و إلا فالرعیة لا تنقاد إلى النبی و الولی غیر المعصوم، و إن عدم العصمة یتنافى مع البعثة و الإمامة. و الإمام کالنبی لا بد و أن یکون مبرئاً و منزهاً عن جمیع الرذائل الأخلاقیة و السهو و الغلط و دناءة الآباء و عهر الأمهات و ...، و لا بد أن یکون فی الدرجة الأکمل بلحاظ الذکاء و العقل و الفطنة و حضور الجواب، و لا یتردد فی الإجابة عن أی مسألة.
و بما أن وقوع الأمة و الرعیة فی الخطأ محتمل لا بد و أن یکون الإمام معصوماً و الأعلم بین أفراد المجتمع لیهدیهم إلى طریق الرشد و الصواب.
و الشیعة الإمامیة و المسلمون الإیرانیون یفتخرون على مدى التأریخ بأنهم کانوا أمة الولایة و لا یزالون، و إنهم یعتقدون أن علیاً (ع) و أولاده المعصومین هم الأولیاء على هذه الأمة.
إن علیاً و أبناءه المعصومین (ع) یحتلون موقعاً عظیماً فی قلوب الشیعة إن جمیع فروع الدین إنما تکتمل عن طریق الولایة و بتفسیر هؤلاء الأئمة (ع) و إن قیمة العبادات و مفاتیح حل المجملات و المتشابهات من الآیات و بطونها من مختصات الولایة و شؤونها.
الولایة تمثل قلب الوجود و الوسیلة التی تبین التکالیف و المعارف.
و من دلائل کون علی( ع) ولی الله ما ظهر على یدیه من معجزات باهرات، لأن المعجزة لا تصدر إلا عن النبی و المعصوم و الولی و الإمام. و من معجزاته، رد الشمس و التحدث مع الحیوانات، و نزول المطر بدعائه، و منع وقوع الزلازل بدعائه، و الإخبار عن الماضی و الحاضر و المستقبل بالنسبة للأفراد و الأمم. الإخبار عن تسلط غلام ثقیف، و تسلط بنی أمیة، و إخبار میثم التمار بکل جزئیات شهادته، و الإخبار عن شهادته و شهادة أولاده، و ظهور إمام العصر (عج) و اقتلاع باب خیبر بیده و غیر ذلک من المعجزات.[6]
و تشرفه بنداء جبرئیل «لا فتى إلا علی لا سیف إلا ذو الفقار»[7] و افتخاره بالوسام «ضربة علی یوم الخندق أفضل من عبادة الثقلین»[8] و کل هذا لا یمکن أن یتأتى لغیر الولی.
و العلم اللدنی اللامتناهی لعلی (ع) و ادعاؤه بکل فخر دون منازع فی قوله «سلونی قبل أن تفقدونی»[9] و کل من ادعى مثل هذا و لم یکن نبیاً أو إماماً فقد باء بالخزی و الفضیحة.
و الدلیل الآخر على ولایة علی (ع) رؤیة نور الوحی و استنشاق عطر النبوة و سماع رنة الشیطان حین نزول الوحی، و ذلک لأنه یمتلک عیناً ملکوتیة و أذناً سماویة، و شامة باطنیة معنویة لا تتیسر إلا للنبی و الولی، قال علی(ع): «أرى نور الوحی و الرسالة، و أشم ریح النبوة، و لقد سمعت رنة الشیطان حین نزل الوحی علیه، فقلت یا رسول الله ما هذه الرنة؟ فقال: هذا الشیطان، قد أیس من عبادته، إنک تسمع ما أسمع و ترى ما أرى، إلا أنک لست بنبی و لکنک وزیر، و إنک لعلى خیر».[10]
إن ولایة علی (ع) مصرح بها من قبل الله تعالى، و قد نقل الشیخ الحر العاملی بعدة أسناد عن الإمام الرضا (ع) عن آبائه المعصومین، عن رسول الله (ص) عن جبرئیل عن الله عز و جل قال: «ولایة علی بن أبی طالب حصنی، فمن دخل حصنی أمن من ناری».[11]
إن اختیار الإمام و الولی یتم عن طریق الله وحده، و حتى الأنبیاء إنما یختارون أوصیاءهم بإذن الله تعالى، و ذلک لأن احتمال الانتخاب غیر الصحیح وارد کما فی قصة موسى بن عمران (ع)، و مع کونه نبیاً، إلا أنه اختار سبعین شخصاً من الخبراء و قادة العسکر و کبار القوم من بنی إسرائیل الذی لا یشک فی إیمانهم، و لکن تبین بعد ذلک إن الجمیع منافقون.[12] فخاطبوه: «لَنْ نُؤْمِنَ لَکَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً»[13] فانتخاب الولی من عند الله فقط. لأنه وحده المطلع على ما فی صدور الناس و ما تنطوی علیه من کفر أو نفاق أو إیمان أو شرک.
و مع أن رسول الله (ص) یمتلک مقام الأعلمیة و فی کمال و فور العقل و الفطنة، و لکنه عند ما عرض الإسلام على قبیلة بنی عامر بن صعصعة شرطوا علیه شرطاً مقابل الدخول فی الإسلام، و هو أن تکون الأمور بأیدیهم بعد رسول الله (ص) و لکن النبی أجابهم قائلاً: «إن الأمر إلى الله یضعه حیث یشاء».[14]
و عند ما یکل الرسول (ص) أمر الإمامة إلى الله، ثم یأتی القرار و الأمر من عند الله، فلا یبقى معنى للکلام عن اختیار المهاجرین و الأنصار و ما یرونه فی شأن الإمامة و اختیار الإمام.
إذن فمعنى الشعار: «علی ولی الله» أن علیاً (ع) ولی الله و القائد و الإمام، و أمیر المؤمنین المقدم على جمیع الخلق.
ینقل المرحوم البرسی فی مشارق أنوار الیقین عن ابن عباس[15] قوله: مکتوب على باب الجنة: «لا إله إلا الله محمد رسول الله» و ینقل ابن عباس عن رسول الله (ص) قوله: «... من تلاها بعلی ولی الله غفر الله ذنوبه و لو کانت بعدد قطر الماء».[16]
الولایة من أکبر النعم الإلهیة على الخلق، کما قال تعالى إن الولایة إکمال للدین و إتمام للنعمة الإلهیة، کما ورد فی یوم الغدیر: «الْیَوْمَ أَکْمَلْتُ لَکُمْ دِینَکُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَیْکُمْ نِعْمَتِی وَ رَضِیتُ لَکُمُ الإِسْلامَ دِیناً».[17]
عن النبی (ص): یعنی أنعمت علیهم بولایة علی بن أبی طالب (ع) و هذه الروایة عن النبی (ص) جاءت فی مورد مصداق قوله تعالى: «أنعمت علیهم» فی سورة الحمد.[18]
و الذین لا یعرفون ولیهم و إمامهم من (الضالین) و (المغضوب علیهم) کما قال الإمام الصادق (ع): «المغضوب علیهم و الضالین الشکاک الذین لا یعرفون الإمام».[19]
و مع أن إله المسلمین واحد و رسولهم واحد و کتابهم واحد و قبلتهم واحدة، و لکنهم اختلفوا فی کثیر من المسائل العقائدیة و الفکریة و التکالیف الشرعیة و الجزئیات، إنه اختلاف ما کان ینبغی أن یقع فی الأمة الإسلامیة، و نتیجة ذلک نشوء الفرق المختلفة و الآراء المتشتتة حتى حصل ذلک الشرخ الکبیر فی جسم العالم الإسلامی على مستوى العقیدة و العمل.
و لو أن المسلمین بعد النبی (ص) أعطوا زمام الأمور إلى أولیائهم وأصحابها الحقیقیین من المعصومین، و لم یکونوا اتخذوا القرارات من عند أنفسهم، فهل من الممکن أن یحدث هذا الشرخ و التشرذم و الاختلاف بین المسلمین؟ و لیس للمسلمین من طریق نجاة من هذا التشتت و الاختلاف إلا باتباع ولایة علی (ع)، تعالوا أیها المسلمون لنعیش فی ظل ولایة إمام العصر(عج) حیاةً قرآنیة موحدة.
[1]. المائدة، 55.
[2]. الحمد، 7.
[3]. إحقاق الحق، ج 2، ص 399 إلى 410، روایة ابن عباس، عمار بن یاسر، عبد الله بن أبی، جابر بن عبد الله الأنصاری، أبو ذر الغفاری؛ المراجعات، ص 155 روایة علی(ع)؛ القاضی الشوکانی فی تفسیر فتح الغدیر، ج 2، ص 50.
.[4] بحار الأنوار، ج 37، ص 108.
.[5] النساء، 59.
.[7] ابن الجوزی فی تذکر الخواص، ص 30.
.[8] التفتازانی، بشیر، ج 20، ص 230.
.[9] إحقاق الحق، ج 7، ص 579 - 593.
.[10] نهج البلاغة، الخطبة 190.
.[11] کلیات الحدیث القدسی، ترجمة کتاب الجواهر السنیة، الحر العاملی، ص 393.
.[12] کفایة الموحدین، ج 2، ص 29 و 30.
.[13] البقرة، 55.
.[14] سیرة ابن هشام، ج 2، ص 32.
.[15] مشارق الأنوار الیقین، ص 118.
.[16] بحار الأنوار، ج 38، ص 319، ح 7.
.[17] المائدة، 3.
.[18] تفسیر الصافی، ج1 ، ص 74.
.[19] نور الثقلین، ج 1، ص 24.