Please Wait
5268
الوحدة علی قسمین: حقیقیة و غیر حقیقیة.
الوحد الحقیقیة: هی الوحدة التی یتصف واحدها بالوحدة بدون أی واسطة.
أما الوحدة غیر الحقیقیة: فهی الوحدة التی یتصف واحدها بالوحدة بالواسطة. و لتوضیح المطلب راجعوا الجواب التفصیلی.
احدی تقسیمات باب الوجود هو تقسیم الوجود إلی الواحد و الکثیر.
الوحدة الحقیقیة: هو الوحدة التی یتصف واحدها بالوحدة بدون أی واسطة.
أما الوحدة غیر الحقیقیة: فهی الوحدة التی یتصف واحدها بالوحدة بالواسطة کالإنسان و الفرس المتحدین بالحیوانیة، و بواسطة الحیوانیة یتصفان بالوحدة.
ثم ان الواحد الحقیقی أیضاً ینقسم إلی قسمین:
الف: ذاتی هو عین الوحدة، کصرف الشیء الذی لا یُمکن أن یتکرّر أو یثنّی و فی هذا النوع من الوحدة یکون الموضوع و المحمول شیئاً واحداً و ذات الموضوع هو عین الوحدة. مثلاً عندما یُقال الله واحد فالموضوع هو الله و هو عین الوحدة و الوحدة لا تنفک عن الذات، و یعبّر عن هذه الوحدة بالوحدة الحقة الحقیقیة.
ب: ذاتی متصف بالوحدة: مثل الإنسان المتصف بالوحدة، فهنا تصوّر الإنسان لا یلازمه أصلاً إثبات صفة الوحدة له، ففی ذاته لا الوحدة متصوّرة و لا الکثرة. لذا یمکنه أن یکون واحداً و یمکنه أن یکون کثیراً. و یعبّر عن هذه الوحدة بالوحدة غیر الحقة.
و الوحدة الحقیقیة غیر الحقة تنقسم بدورها إلی قسمین:
الف: الواحد الخاص أو بالخصوص الذی بتکراره ینوجد العدد فمثلاً إذا کرّرت الواحد مرّتین صار العدد إثنین و إذا کررته ثلاث مرّات أصبح العدد ثلاثة و هکذا، إذن ثلاثة تعنی واحد باضافة واحد باضافة واحد، و إن کان نفس الواحد لیس عددا بل إنه مبدأ الأعداد و ذلک لأن العدد کمیة قابلة للإنقسام مع أن الواحد لا یقبل القسمة.[1] و یعبّر عن هذه الوحدة بالوحدة العددیة فی مقابل الکثرة.
ب: واحد عام أو بالعموم، فالموصوفات العامة مثل النوع أو الجنس متصفة بالوحدة أیضاً.[2]
و کل واحد من هذه التقسیمات له أقسام أیضاً و لا حاجة لبیانها فی هذا البحث، فالعمدة و الأصل فی هذا التقسیم هو الوحدة الحقة الحقیقیة و الوحدة العددیة و محل و حوزة استعمالاتها.
و البرهان القائم لإثبات الوحدة الحقة (غیر العددیة) لله سبحانه هو: أن الکثرة و التعدّد هو فرع المحدودیة و المحدودیة مساویة للمعلولیة و الإمکان، لذلک فواجب الوجوب مطلق و غیر متناه و ذلک لأن حقیقة الوجود ذاتاً لا تقبل المحدودیة و کل قید و محدودیة للوجود یأتی من خارج ذاته و خارج ذات الوجود لیس إلا العدم.
کذلک اُقیمت براهین متعددة علی إثبات عدم محدودیة واجب الوجوب و انه صرف الوجود و إنه لیس له ماهیة؛[3] و من هذه البراهین ان الامکان لازم الماهیة، فکل ما له ماهیة هو ممکن، فیکون العکس النقیض لهذه القضیة هو هکذا: کل من لیس ممکن الوجود لا تکون له ماهیة، فالنتیجة: واجب الوجوب لیس له ماهیة غیر وجوده.[4] و عندما لا تکون له ماهیة –المبینة ما لیس للشیء- إذن هو صرف الوجود، و صرف الوجود واحد بالوحدة الحقة الحقیقیة.[5]
مثلاً إذا أخذنا الإنسان بنظر الاعتبار فمن حیث إنه إنسان لا یمکن أن نلحظ معه أی شیء إلا حقیقة واحدة لا غیر، و لا یمکن تصوّر إنسان آخر فیه و إذا تصوّرناه فسیکون الإنسان الثانی عین الأول و لکن تصوّرناه مرة اخری لا انه إنسان آخر.
و الإنسان لا یقبل التعدّد و التکثّر إلا إذا صار محدوداً بالمادة و الزمان و المکان و بباقی المحدودیات، فعندئذٍ یکون أحدهم إنسان هذا الزمان و المکان، و الآخر إنسان ذاک الزمان و المکان، فإذا شخّصنا موجوداً مطلقاً غیر متناه لا یُمکن فرض الوجود المطلق لغیره، مثلما نفترض وجود عالم لا متناهی و نعتقد بعدم تناهی أبعاده، فعند ذلک لا معنی لأن نفترض وجود عالم آخر، لأن کل عالم نفترضه، فإما أن یکون هو نفس هذا العالم أو جزء منه.[6]
[1] الملا صدرا الشیرازی، الأسفار الأربعة، ج2، ص98، الطبعة الرابعة، دار احیاء التراث العربی، بیروت، 1410 هـ.ق.
[2] الأسفار الأربعة، ج2، ص82؛ العلامة الطباطبائی، نهایة الحکمة، ص182، الطبعة السادسة عشر، مؤسسة النشر الإسلامی، قم، 1422 هـ.ق.
[3] نفس المصدر، ج1، ص96-113.
[4] نهایة الحکمة، ص66.
[5] نهایة الحکمة، ص338.
[6] مجموعة الآثار، الجلد 16، ص398.