بحث متقدم
الزيارة
7468
محدثة عن: 2007/05/29
خلاصة السؤال
ما سبب وجوب تقليد المراجع؟
السؤال
ما سبب وجوب تقليد المراجع؟
الجواب الإجمالي
إن المراد من «التقليد»: هو رجوع غير المختص للمختص في أمر تخصصي. و أهم دليل على لزوم التقليد في المسائل الدينية، هو النكتة العقلائية المرتكزة التي تنص على لزوم رجوع الانسان غير المتخصص للمتخصصين في المسائل التخصصية.
وبالطبع هناك آيات و روايات تنص على ذلك كآية:«فأسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون».
كما تجدر الإشارة إلى أن جميع أدلة التقليد النقلية ناظرة إلى هذا الأمر المسلّم به لدى العقلاء.
وعليه فإن المراجع العظام، هم المتخصصون في الفقه و من  لهم القدرة على استنباط الحكم الإلهي من المصادر الشرعية و يجب على المسلمين الرجوع اليهم في المسائل الشرعية.
 
الجواب التفصيلي
لقد سنّ الاسلام القوانين و التشريعات لرفع حاجات البشر المادية و المعنوية و الفردية و الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية، و قد دوّنت في مصنفات فقهية متنوّعة شكّلت بمجموعها علم الفقه.
ففي الواقع إن علم الفقه، هو منهج العبودية الأصيل، و الكيفية الصحيحة و الإنسانية للعلاقات الإجتماعية، و أرقى النظم المعيشية الناظرة إلى تمام أبعاد حياة الإنسان، و كما يقول الإمام الخميني – قدس سره – (إن الفقه هو النظرية الإدارية الحقيقية الكاملة للانسان و المجتمع، من المهد إلى اللحد).[1]
و لأهمية الفقه البالغة، أوصى أولياء الإسلام، أتباعهم بدراسته، و حذروا المقصر في ذلك بالعقوبة و العذاب الإلهي.
قال الإمام الباقر (ع):«لو أُتيت بشابّ من شباب الشيعة لا يتفقه لأدّبته».[2]
قد شرع الله سبحانه في الشريعة الإسلامية أحكاما تحتوي على واجبات و محرمات، تهدف الى سعادة الانسان في الدنيا و الآخرة، فلو لم يلتزم بها، لا يصل الى السعادة المنشودة و لا يأمن من عذاب عصيانها.
ويحتاج المرء لمعرفة هذه الأحكام الشرعية إلى إلمامة و اسعة بكثير من الأمور، منها: فهم الآيات و الروايات، و معرفة الحديث صحيحة عن غيره، و كيفية تركيب و جمع الروايات و الأيات. و عشرات المسائل الاخرى. تحتاج دراسة كلّ هذه الأمور الى سعي و مثابرة جادين، و عليه يوجد أمام المكلف في هذه الحالة ثلاث طرق:
الأول: طريق تحصل هذا العلم و هو (الاجتهاد).
الثاني: ان يدرس كلّ الاراء المطروحة من قبل المجتهدين و يعمل بما يعد عمله معه صحيحا عند جميع الفقهاء و هو (الاحتياط).
الثالث: أن يعتمد على رأي الشخص الذي استنبطه من خلال دراسته لهذه العلوم بشكل كامل، و يعتبر من المتخصصين في معرفة الأحكام الشرعية. و بلا شك سيعدُّ حينئذ متخصصا بالاحكام الشرعية فيما لو وصل الى الاجتهاد عبر الطريق الأول، و سوف لا يحتاج الى الطريقين الآخرين؛ لكنه سيضطر الى اتباع احد الطريقين حتى يصل الى مرحلة الاجتهاد.
والطريق الثاني بحاجة الى الإحاطة الكافية بالآراء الموجودة في كل مسألة، و كذلك دراسة طرق الاحتياط، و هو طريق صعب شاق قد يؤدي الى اختلال الحياة المعيشية للمحتاط في كثير من الأحيان. فمثلا لنفرض مهندساً متخصصاً يمرض. فلزوال مرضه عليه إما دراسة علم الطب، أو قراءة و دراسة كل الآراء الطبية و الأخذ باوسطها، أوالرجوع للطبيب المتخصص.
فالطريق الأوّل لا يوصله للشفاء سريعا. و الطريق الثاني شاق جدّا، و قد يمنعه عن ممارسة تخصصه في الهندسة. فلا مجال أمامه إلا الأخذ بالطريق الثالث و هو استمداد العون من الطبيب المتخصص و العمل برأيه.
وبالعمل برأي الطبيب المتخصص، لا ينجو من لومه لنفسه في المستقبل أو النجاة من لوم الآخرين فحسب؛ بل قد يتماثل للشفاء في كثير من الاحيان. و كذلك المكلف، لا ينجو بعمله برأي المجتهد المتخصص من اللوم يوم القيامة و العذاب الإلهي فحسب؛ بل يصل كذلك الى مصالح الأحكام الشرعية.[3]
إذن المراد من «التقليد»، رجوع غير المختص، الى المختصين في أمر تخصصي. و أهم دليل على لزوم التقليد في المسائل الدينية، هو النكتة العقلائية المرتكزة التي تنص على لزوم رجوع الانسان غير المختص للمتخصصين في المسائل التخصصية.
وبالطبع هناك آيات و روايات تنص على ذلك كآية:«فأسئلوا اهل الذكر إن كنتم لا تعلمون».[4]
أو رواية:«... و أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا فإنهم حجّتي عليكم و أنا حجّة الله ...» الواردة في التوقيع الشريف عن الإمام الحجّة (عج).[5]
يقول المحقق الكركي في كتاب (رسائل الكركي): اتفق أصحابنا على أن الفقيه العادل الأمين الجامع لشرائط الفتوى المعبّر عنه بالمجتهد في الأحكام الشرعية نائب من قِبل أئمة الهدى (ع) في حال الغيبة في جميع ما للنيابة من مدخل.
لكن تجدر الإشارة إلى أن جميع أدلى التقليد النقلية ناظرة لهذا الأمر المسلّم به لدى العقلاء و ليس فيها أيّ إضافة.
وعليه فإن المراجع العظام، هم المتخصصون في الفقه و من  لهم القدرة على استنباط الحكم الإلهي من المصادر الشرعية و يجب على المسلمين الرجوع اليهم في المسائل الشرعية.

[1]  صحيفه النور، ج21، ص98.
[2]  بحار الانوار، ج1، ص214.
[3]  راجع: الرسالة الجامعية، الطبعة الخامسة، حسيني، سيد مجتبى، ص46-45.
[4]  النحل،43.
[5]  وسائل الشيعة، ج27، ص140.
س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280465 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    259118 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129816 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    116202 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89697 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61314 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60564 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57472 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    52091 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    48156 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...