Please Wait
6729
أحد مصاديق السيرة العملية لنبي الإسلام (ص) كان الإهداء و قبول الهدية. و لكن على أساس ما روي عنه (ص) لا ينبغي أن يستلزم المشقة و الكلفة للنفس و للآخرين؛ إذ أن الهدف من هذا العمل هو تحقيق الأنس و الألفة، فإن لم يعتن بآدابه و شرائطه لن يحقق النتيجة المطلوبة.
من جملة التعاليم الدينية التي أكد الإسلام عليها هو الإهداء إلى الآخرين؛ طبعا لابد من الإشارة إلى هذه المسألة و هي أن مفهوم الهدية في النصوص الدينية أوسع من الهدايا المادية و تشمل الهدايا المعنوية أيضا.
لقد نقلت روايات كثيرة في هذا المجال عن النبي الأعظم (ص) فنشير إلى بعضها:
1. من تكرمة الرجل لأخيه المسلم أن يقبل تحفته و يتحفه بما عنده و لا يتكلف له شيئا و قال لا أحب المتكلفين.[1]
إن النبي (ص) في هذه الرواية قد اعتبر الإهداء كرامة الإنسان المسلم. و النقطة اللطيفة التي أشير إليها هي أنه لا ينبغي أن تكون الهدية بالمشقة و الكلفة، فلابد من مراعاة الظروف الاقتصادية في اختيار الهدية و إلا فيصدق عليها مصداق "التكلف" الذي يختلف مضمونا عن ما يراد من الهدية.
2. قال الإمام الباقر (ع): كان رسول الله (ص) يأكل الهدية و لا يأكل الصدقة و يقول تهادوا فإن الهدية تسل السخائم و تخلي ضغائن العداوة و الأحقاد.[2]
3. و قد روى الإمام الرضا (ع) عن أبيه عن جده أنه قال: إن النبي (ص) يحب الهدية يستحليها و يستدعيها و يكافئ عليها أهلها.[3]
4. و قال رسول الله (ص): الْهَدِيَّةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ هَدِيَّةُ مُكَافَأَةٍ و هَدِيَّةُ مُصَانَعَةٍ و هَدِيَّةٌ لِلَّهِ عَزَّ و جَل.[4]
5. و كذلك قال رسول الله (ص): لَوْ دُعِيتُ إِلَى كُرَاعٍ لَأَجَبْتُ و لَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ.[5]
و إنما ذكر النبي الكراع مثالا و لعل المقصود هو أن لو أهدي لي شيء غير ثمين لقبلته.
6. و كذلك قال رسول الله (ص): عَجِّلُوا رَدَّ ظُرُوفِ الْهَدَايَا فَإِنَّهُ أَسْرَعُ لِتَوَاتُرِهَ.[6]
7. و قد روى الإمام الرضا (ع) عن أجداده عن رسول الله (ص) أنه قال: نعم الشيء الهدية و هي مفتاح الحوائج.[7]
يتضح من خلال الروايات التي نقلناها في باب الهدية هو أن الهدية و إن كانت تحظى بأهمية بالغة و قد أوصى رسول الله (ص) بها، و لكن لابد من الإهتمام بخصائصها و آدابها و شرائطها التي ذكرت في هذه النصوص؛ إذ أن الهدف الرئيس من الإهداء هو إيجاد الألفة و المحبة و إزالة الضغائن بين القلوب.
[1] الطبرسي، علی بن حسن، مشکاة الآنوار، ص 219، المكتبة الحيدرية، النجف، 1385ق.
[2] المصدر نفسه.
[3] المصدر نفسه.
[4] الكليني، محمد بن یعقوب، الکافی، ج 5، ص 141، ح 1، دار الکتب الإسلامیة، طهران، 1365ش.
[5] الصدوق، محمد بن علی، من لا یحضره الفقیه، ج 3، ص 299، نشر جماعة المدرسين، قم، 1413 ق.
[6] المصدر نفسه، ص 300.
[7] الصدوق، محمد بن علی، عیون أخبار الرضا (ع)، ج 2، ص 74، ح 342، دار نشر جهان، 1378ق.