بحث متقدم
الزيارة
8811
محدثة عن: 2008/11/29
خلاصة السؤال
من خلال الروایات کیف یجب معاملة أتباع الدیانات الاخری؟
السؤال
من خلال الروایات الاسلامیة کیف یکون تعامل المسلمین مع أتباع الدیانات الاخری؟
الجواب الإجمالي

الاسلام هو دین الفطرة الانسانیة الطاهرة و دین الرأفة و قد جاء من أجل هدایة و إسعاد جمیع البشر. و حیث ان اختیار الدین أمر اختیاری فقد وجد دائماً فی کل المجتمعات الاسلامیة أشخاص غیر مسلمین، من هنا شرع الاسلام مجموعة من التعالیم فی مجال رعایة الحقوق و حسن التعامل و التعایش السلمی مع جمیع الناس و خصوصاً اتباع الأدیان الاخری سواء منهم الذین یعیشون فی المجتمع الاسلامی و تحت الحکومة الاسلامیة (أهل الذمة) أم الذین یعیشون فی مجتمعات غیر اسلامیة، و الکفار من أهل الذمة أیضاً یجب علیهم مراعاة شروط (الذمة)، فاذا لم یراعوا شروط الذمة او صدرت منهم خیانة فانهم یعاقبون طبقاً للقانون الاسلامی.

الجواب التفصيلي

الاسلام هو دین الفطرة الانسانیة الطاهرة و دین الرأفة و قد جاء من أجل هدایة و إسعاد جمیع البشر، و قد أکدت الروایات و الاحادیث علی التعایش السلمی و رعایة الحقوق الانسانیة لغیر المسلمین، و قد أوصی أئمة الاسلام المسلمین دوماً برعایة الانصاف و أداء الحقوق و تجنب الاذی و الاضرار باتباع الدیانات الاخری، و نشیر هنا الی بعض النماذج من ذلک:

یقول النبی الاکرم (ص): "من ظلم معاهداً و کلفه فوق طاقته فانا خصمه یوم القیامة".[1]

و یقول (ص) أیضاً: "من آذی ذمیاً فقد آذانی".[2]

و قال أمیر المؤمنین (ع) أیضاً: "من آذی ذمیاً آذانی".[3]

و قد جعل قادة الاسلام العظام أنفسهم مسؤولین تجاه الوضع المعاشی لغیر المسلمین أیضاً: فقد نقل ابن عباس عن النبی الاکرم (ص) أنه قال: "تصدقوا علی أهل الادیان کلها".[4]

و یقول أمیر المؤمنین (ع) فی جانب من کتابه الی مالک الاشتر: "اشعر قلبک الرحمة للرعیة و المحبة لهم و اللطف بهم و لا تکونن علیهم سبعاً ضاریاً تغتنم اکلهم، فانهم صنفان اما أخ لک فی الدین أو نظیر لک فی الخلق...".[5]

و یجب الالتفات الی ان عهد أمیر المؤمنین (ع) الی مالک الاشتر کان قد صدر فی زمان کان عدد المسلمین فیه فی مصر قلیلاً و لم یمض الا بضع سنوات علی فتح مصر علی ید الجیش الاسلامی و بالطبع فانه فی خلال هذه السنوات القلیلة یکون القلیل منهم فقط قد قبل الاسلام و الاکثریة باقیة علی المسیحیة.[6]

یقول الامام الصادق (ع) عن حقوق أهل الذمة: "و حق أهل الذمة ان تقبل ما قبل الله عز و جل و لا تظلمهم ما وفوا لله عز و جل بعهده "[7].

و قد وردت کذلک وصایا مؤکدة عن النبی (ص) و أئمة الهدی (ع) حول التعایش السلمی للمسلمین مع أتباع الادیان الذین یعیشون فی باقی البلدان و الدول (الحکومات غیر الاسلامیة)، و هی فی الواقع نفس روح التعایش السلمی التی أوصی بها القرآن أیضاً و هی تدل علی أن الاسلام أولاً و بالذات لیس لدیه مشکلة و مواجهة مع أی شخص من غیر المسلمین.

یقول أمیر المؤمنین علی (ع) فی جانب من عهده لمالک الاشتر: "ان عقدت بینک و بین عدوک عقدة او البسته منک ذمة فحط عهدک بالوفاء و ارع ذمتک بالامانة و اجعل نفسک جنة دون ما أعطیت فانه لیس من فرائض الله شیء الناس اشد علیه اجتماعاً مع تفرق أهوائهم و تشتت آرائهم من تعظیم الوفاء بالعهود، و قد لزم ذلک المشرکون فیما بینهم دون المسلمین لما استوبلوا عن عواقب الغدر فلا تغدرّّن بذمتک و لا تخیسن بعهدک و لا تختلن عدوک، فانه لا یجترئ علی الله الا جاهل شقی، و قد جعل الله عهده و ذمته أمنا أفضاة بین العباد برحمته و حریماً یسکنون الی منعته و یستفیضون الی‌ جواره فلا ادغال و لا مدالسة و لاخداع فیه".[8]

و النتیجة هی أن وصایا قادة الاسلام فی العلاقة مع غیر المسلمین هی مراعاة العدل و الانصاف و أداء الحقوق و الاحتراز عن الأذی و الإضرار بأتباع الدیانات الاخری إلاّ إذا صدر منهم خیانة أو نقض للعهد ففی هذه الحالة فان الاسلام قد أصدر حکمه القاطع بمواجهة الفتنة و إطفائها و قال: "قل یا أهل الکتاب لم تصدون عن سبیل الله من آمن تبغونها عوجاً و انتم شهداء و ما الله بغافل عما تعملون".[9]



[1] لا حظ: صدر الدین البلاغی، العدالة و القضاء فی الاسلام، ص 57؛ زین العابدین القربانی، الاسلام و حقوق البشر، ص 397.

[2] صدر الدین البلاغی، نفس المصدر، ص 57.

[3] ابن ابی الحدید، شرح نهج البلاغة، ج 20، ص 253، الحدیث 578.

[4] عفیف عبد الفتاح طبارة، روح الدین الاسلامی، ص 276.

[5] نهج البلاغة، کتاب رقم، 53.

[6] مجلة مدرسة الاسلام (مکتب الاسلام) السنة 8، العدد، 5، ص 49.

[7] وسائل الشیعة، ج 15، ص 177، الباب الثالث.

[8] نهج البلاغة، الکتاب 53.

[9] آل عمران، 99.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280255 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258831 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129627 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115643 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89557 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61038 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60364 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57374 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51615 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47713 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...