Please Wait
6106
الشکر من الموضوعات التی أکدت علیها المصادر الدینیة قرآنا و سنة، و قد حظی الشکر باهتمام کبیر فی روایات المعصومین (ع).[1] و الانسان المؤمن الموحد لما کان ینطلق من معرفة حقة و صحیحة لله تعالى و الخلق، من هنا یرى کل ما یصدر من الله تعالى یستحق الشکر، فهو شکور صبور فی السراء و الضراء؛ و ذلک لانه یؤمن باحقیة ما یفعله الله تعالى و ان النور لایصدر منه الا النور، هذا من جهة، و من جهة اخرى یرى نفسه ملزما بالتسلیم و الطاعة لله تعالى – فی العسر و الیسر و السراء و الضراء- و ان کل ما یفعله الباری یضع الانسان فی مسیره التکاملی.
و کنموذج على ذلک نرى الامام الحسین (ع) یقول فی عصر عاشوراء بعد ان خطب فی اصحابه: " احمده على السرّاء والضرّاء"؛[2] و قد وقف اصحابه نفس الموقف من الحمد و الثناء على الباری تعالى: " الحمد للّه الذی أکرمنا بنصرک وشرّفنا بالقتل معک"؛[3]
اذا اتضح هذا نقول: صحیح ان ثورة الامام الحسین (ع) و الموقف یوم عاشوراء کان یحمل الکثیر من المصائب و الآلام و المحن و... و لکن اذا نظرنا الى القضیة من زاویة أخرى نرى القضیة نعمة کبرى على الاسلام و المسلمین؛ و ذلک لان ببرکة دماء الامام الحسین (ع) و أهل بیته الاطهار و صحبه الابرار، تجذرت شجرة الدین الاسلامی و حفظ الدین من مسیرة الانحراف التی رسم الامویون و السفیانیون خطوطها، و جندوا لها کل ما یمکلون من قدرات و طاقات، حیث حاول ضرب الدین باسم الدین و حرف الدین من خلال الدین، فکانت ثورة الامام الصرخة التی نبهت الامة الى الخطر و حذرت الجمیع من الانحراف و سلبت الشریعیة من بنی أمیة.
إذن، مثل هکذا نعمة، حفظ بها الدین و تمسکت الامة بهویتها و لم تضع الجهود التی بذلها الرسول الاکرم (ص) و اصحابه البررة سدى، لاریب انها تستحق الشکر و الثناء من قبل المسلمین کافة و اتباع مدرسة اهل البیت خاص، على الله تعالى الذی وفق ثلة من اولیائه و على رأسهم سبط رسول الله (ص) للقیام بهذا العمل الجبار و رد کید الظالمین و المنافقین و المنحرفین.
اضف الى اننا نشکر الباری تعالى مع هذه المصیبة العظمى لا من باب الشماتة کما یفعل بعض المنحرفین عن خط اهل البیت(ع) الذین اتخذوا من یوم عاشورا عیدا لهم، وانما نشکره و لسان حالنا یقول: ربنا انک تستحق الشکر فی السراء و الضراء، و نحن مع عظیم رزیتنا نشکرک و نثنی علیک ، وهذا ما نصرح به فی نفس المقطع من الزیارة " اَلْحَمْدُ لِلّهِ عَلى عَظیمِ رَزِیَّتی" فهی رزیة و مصیبه و لکنها بعین الله و لله فله الحمد علیها.[4]