Please Wait
9661
یمکن تقسیم الناس الذین لم یعتنقوا الاسلام الى طائفتین:
1 - طائفة یطلق علیها اصطلاحا عنوان الجاهل المقصر والکافر، ویقصد بهذه الطائفة الناس الذین قد وصلت لهم کلمة الحق ورسالة السماء المتمثلة فی الدین الاسلامی وعرفوا الحق و ادرکوا الواقع والقیت علیهم الحجة على أکمل وجه واتمه، الا انّهم لم یذعنوا للحق ومالوا الى الباطل واصرّوا علیه عنادا وتکبّرا، ولا شک ان هذه الطائفة تستحق العذاب الالهی والخلود فی النار.
2- الطائفة الثانیة یطلق علیها مصطلح الجاهل القاصر، ویقصد بها الناس الذین لم تصل الیهم رسالة السماء ونداء الحق الالهی، وان ما وصل الیهم لا یختلف فی جوهره کثیراعما هم علیه من الدیانات، بل قد یکون الدین الذی هم علیه اکثر وضوحا ونصاعة بالنسبة الیهم مما وصل الیهم حتى لوکانت تلک الدیانات على مستوى الدیانات الهندیة اوالصینیة، وعلى ابعد التقادیر وصل الیهم الاسلام المرادف للمسیحیة او الیهودیة.
فهؤلاء الافراد لصدقهم وحسن اخلاقهم والتزامهم بتعالیم دینهم یختلفون عن الطائفة الاولى ویکون عملهم وحسن خلقهم نافعا فی خلاصهم ونجاتهم.
لا ریب ان الاسلام دین الحق وقد جاء بمفاهیم ومعتقدات أیدها العقل الانسانی کما اتصفت الشریعة الاسلامیة بالسماحة والیسر وسهولة المنال بحیث یتسنى للجمیع اعتناقها والدخول تحت مظلتها.
کما وفر الاسلام - ولاعتناق هذه الدیانة- للانسان حجتین، الحجة الظاهرة والحجة الباطنة یعنی الانبیاء والاولیاء من جهة والعقل من جهة اخرى، وهذا ما قد وردت الاشارة الیه فی المصادر الاسلامیة، بل جاء التصریح بهاتین الحجّتین فی کتاب الکافی.[1]
ثم ان الاسلام یضاد البلورالیزم الدینی "التعددیة الدینیة" تضادا کاملا، لان البلورالیزم الدینی یبتنی على ان جمیع المعتقدات متساویة وان المسلم والیهودی والمسیحی والهندو... کلهم متساوون فی المنزلة والشأن، ولا یوجد دلیل على بطلان ایّ واحد من تلک المعتقدات، وذلک لان الوصول الى الحقیقة امرٌ مستحیل التحقق وصعب المنال هذا من جهة، ومن جهة اخرى الدین امرٌ نسبی وذوطبیعة شخصیة بحتة، من هنا تکون حقیقة کل دین هو ما یدرکه الشخص نفسه. وبما ان الادراکات متعددة، اذا الحقائق متعددة هی الاخرى. وبالنتیجة تتعدد السبل الصحیحة للوصول الى النجاة والسعادة والخلود الاخرویین.
ان هذه النظریة تضاد الدین الاسلامی ولا تنسجم معه کمجموعة من الاصول والمعتقدات والفروع العملیة والشرعیة والاخلاقیة.[2]
من هنا نجد الاسلام الحنیف قد تحدّث عن نوع آخر من التعددیة وهی التعددیة المتمثلة فی العمل او السلوک یعنی المداراة وحسن الاخلاق والتعامل مع الناس البعیدین عن حقیقة الاسلام والتفریق بین من لم تصل الیهم کلمة الحق او وصلت الیهم ناقصة ومشوهة، وبین المعاندین والمخاصمین للحق، من هنا قسّم اتباع الدیانات الاخرى الى طائفتین.
الاولى: الطائفة التی یطلق علیها اصطلاحا عنوان الجاهل المقصّر والکافر، ویقصد بتلک الطائفة الناس الذین وصل الیهم صوت الحق ونداء الاسلام و الحقیقة ورسالة السماء، وانّهم ادرکوا ذلک الحق الا انهم لجوا فی عتو ونفور وامتنعوا عن دخول الدین الاسلامی واعتناق الاسلام عنادا ولجاجا، ومن الواضح ان هؤلاء الکافرین معاندون ویستحقون عذاب النار، وذلک لانهم ادرکوا الحق والحقیقة وعرفوها ولکنهم بسوء اختیارهم اختاروا العمى على الهدى والضلال على الاستقامة، ان هؤلاء کان بامکانهم ان یختاروا طریق النجاة ویکونوا من اهلها الا انهم اختاروا طواعیة طریق الهلاک والضلال واخفاء الحقیقة وعناد الحق، ولذلک تکون ثمرة اختیارهم هذا هو النار و عذاب الجحیم وان کانوا یتصفون بالصفات الحسنة ظاهریا.
الثانیة: الطائفة الثانیة هی الطائفة المعروفة بالجاهل القاصر، ویقصد بهذه الطائفة الناس الذین لم یصل الیهم صوت الاسلام ونداء الحقیقة او وصل الیهم ناقصا او مشوّها وبعیدا عن الواقع، وان ما وصل الیهم لا یختلف فی جوهره کثیراعما هم علیه من الدیانات، بل قد یکون الدین الذی هم علیه اکثر وضوحا ونصاعة بالنسبة الیهم مما وصل الیهم حتى لوکانت تلک الدیانات على مستوى الدیانات الهندیة اوالصینیة، وعلى ابعد التقادیر وصل الیهم الاسلام المرادف للمسیحیة او الیهودیة.
ومن الواضح ان هذه الطائفة سواء کانوا یقطنون فی مجاهیل افریقیا او الغابات الامریکیة او کانوا یقطنون فی البلاد الاوربیة او امریکا وفی بلاد متحضرة ودول راقیة اخرى بما انهم لیسوا مقصّرین فی موقفهم هذا الذی اتخذوه من الاسلام ولم یدخلوا تحت مظلته، بالرغم من ذلک لا یشملهم العذاب، لان العذاب انّما یعم من وصل الیه الحق ولم یعتنقه عنادا وتکبرا، واما من لم یصله الحق او وصل الیه مشوها اوصلت الیهم صورة بعیدة جدا عن الواقع ، فهؤلاء لیسوا مقصرین فی موقفهم هذا حتى یصدق علیهم عنوان المذنبین ثم یترتب على ذلک الدخول فی النار.
ومن المؤسف جدا ان الحملات الاعلامیة المضادة للاسلام بحد من الکثرة کما وکیفا بحیث استطاعت ان تحجب عن الکثیر من الناس نور شمس الهدایة والرشاد، ومن هنا بقی الکثیر من سکان المعمورة - بالرغم من التطوّر التکنولوجی والتقنی الذی وصل الیه العالم- بعیدین عن معرفة الاسلام معرفة واقعیة، کما انهم بالرغم من التطوّر المذکور اخذوا یعیشون حالة من الانحسار المعنوی والابتعاد عن القیم الروحیة.
کما ان من المؤسف ایضا ان هناک طائفة من الناس استطاعت ان تعرض صورة مشوهة عن الاسلام والدین الاسلامی، فهذا الدین الذی ملؤه الرحمة واللطف والاخلاق والقیم والدعوة الى العلم والمعرفة والخیر والسلام وصلاح البشریة، عرضوه بانه اسلام تحجّر ورجعیة وعنف وارهاب وتخلّف وقتل وتعطش للدماء وظلم وسحق للحریات وغیر ذلک من الصفات والخصال التی کان وما زال الاسلام منها بریئا.
من هنا فالاسلام یرى ان هؤلاء اذا التزموا بالامور التی حکمت بها الفطرة السلیمة والتزموا بقیم دینهم الذی هم علیه کالابتعاد عن الظلم والکذب والابتعاد عن کل عمل یؤذی الانسانیة، فانهم سیکونون من الناجین یوم القیامة.
ثم ان هذا الامر یصدق على الموحدین والالهیین من اتباع الدیانات الاخرى الذین لم یصل الیهم الحق کما هو، وکذلک یصدق على غیر الشیعة من اتباع المذاهب الاسلامیة الاخرى الذین لم یصل الیهم صوت الحق الشیعی کما هو.
الخلاصة: کل من لم یعتنق الحق کما هو عن قصور وجهل لاعن عناد وخصومة وتکبر فهو مما لا یستحق العذاب اذا التزم بقیم دینه وما تحکم به الفطرة السلیمة، وکل من عاند الحق ولج فی الخصومة عن علم ودرایة ووعی وتقصیر، فهولاء ممن یصدق علیهم عنوان المذنبین الذین یستحقون العذاب الاخروی.[3]