Please Wait
7787
قد طرحت حول قضیة نفخ الروح فی بدن الانسان فرضیتان.
الاولى: انفصال جزء من الباری تعالى و انتقاله الى بدن الانسان.
الثانیة: ان الله تعالى کان قد خلق شیئا عظیما اسمه الروح ثم نفخ ذلک المخلوق فی بدن الانسان، لا أنه تعالى اقتطع شیئا من وجوده ثم نفخه فی الانسان، و اما وجه نسبته واضافته الى الله تعالى فهو من قبیل الاضافة التشریفیة کما نقول "بیت الله" مثلاً.
و لاریب فی بطلان الفرض الاول؛ و ذلک لان الله تعالى -و کما جاء فی متن السؤال ایضاً- بسیط الذات لا مجال للترکیب فی ذاته المقدسة، و من هنا لا یمکن تصور الاقتطاع و التجزء فی الذات البسیطة حتى ینتقل منها شیء الى البدن الانسانی. اذن البساطة و عدم الترکب یؤکدان بطلان هذا الفرض بالضرورة.
و مع الاخذ بنظر الاعتبار برهان السبر و التقسیم یکون الفرض الثانی هو الصحیح.
مع وجود الکثیر من الابحاث و التحقیقات حول معنى بساطة الباری تعالى و عدم ترکبه من اجزاء بالاضافة الى معنى الروح و ما یدور حولها من ابحاث،[1] من هنا لا نخوض فی تلک المفاهیم اعتماداً على ما مرّ من ابحاث فی هذا الخصوص، و نرکز البحث على ما ورد فی الآیتین المبارکتین و کیفیة نفخ الروح فی البدن.
و قد طرحت حول قضیة نفخ الروح فی بدن الانسان فرضیتان.
الاولى: انفصال جزء من الباری تعالى و انتقاله الى جسد الانسان.
الثانیة: أن الله تعالى کان قد خلق شیئا عظیما اسمه الروح ثم نفخ ذلک المخلوق فی بدن الانسان، لا أنه تعالى اقتطع شیئا من وجوده ثم نفخه فی الانسان، و أما وجه نسبته و اضافته الى الله تعالى فهو من قبیل الاضافة التشریفیة کما نقول "بیت الله" مثلاً.
و لاریب فی بطلان الفرض الاول؛ و ذلک لان الله تعالى -و کما جاء فی متن السؤال ایضاً- بسیط الذات لا مجال للترکیب فی ذاته المقدسة، و من هنا لا یمکن تصور الاقتطاع و التجزء فی الذات البسیطة حتى ینتقل منها شیء الى الجسد الانسانی. اذن البساطة و عدم الترکب یؤکدان بطلان هذا الفرض بالضرورة.
و مع الاخذ بنظر الاعتبار برهان السبر و التقسیم یکون الفرض الثانی هو الصحیح.
أما لماذا نسب الله تعالى الروح الیه و اضافها الى ذاته المقدسة حینما قال: "فَإِذا سَوَّیْتُهُ وَ نَفَخْتُ فیهِ مِنْ رُوحی فَقَعُوا لَهُ ساجِدینَ"[2] فهو بسبب أهمیة الروح و عظمتها.
و قد تعرض العلامة الطباطبائی فی تفسیر للآیة المذکورة الى بیان المراد من "نفخت فیه من روحی"، قائلا: النفخ إدخال الهواء فی داخل الأجسام بفم أو غیره و یکنى به عن إلقاء أثر أو أمر غیر محسوس فی شیء، و یعنی به فی الآیة إیجاده تعالى الروح الإنسانی بما له من الرابطة و التعلق بالبدن، و لیس بداخل فیه دخول الهواء فی الجسم المنفوخ فیه کما یشیر إلیه قوله سبحانه: «ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِی قَرارٍ مَکِینٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَکَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ»[3]، و قوله تعالى: «قُلْ یَتَوَفَّاکُمْ مَلَکُ الْمَوْتِ الَّذِی وُکِّلَ بِکُمْ».[4]
فالآیة الأولى- کما ترى- تبین أن الروح الإنسانی هو البدن منشأ خلقا آخر و البدن على حاله من غیر أن یزاد فیه شیء، و الآیة الثانیة تبین أن الروح عند الموت مأخوذ من البدن و البدن على حاله من غیر أن ینقص منه شیء.
فالروح أمر موجود فی نفسه له نوع اتحاد بالبدن بتعلقه به و له استقلال عن البدن إذا انقطع تعلقه به و فارقه.[5]
و کذلک ورد هذا المعنى فی الروایات الشریفة، منها:
1. روى الاحول عن الامام الصادق (ع) قال: سأَلْتُ أَبا عبد اللَّه (ع) عنِ الرُّوحِ التی فی آدم (ع) قولهُ (فَإِذا سَوَّیْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِیهِ مِنْ رُوحِی)[6]؟ قال: "ذه روحٌ مخلوقَةٌ و الرُّوحُ الَّتی فی عیسى مخلوقَة".[7]
2 عن محمَّد بن مسلمٍ قال: سأَلتُ أَبا جعفر (ع) عن قول اللَّه عزَّ و جلَّ (وَ نَفَخْتُ فِیهِ مِنْ رُوحِی)؟ قال: "رُوحٌ اختارَهُ اللَّهُ و اصطفاهُ و خلقَهُ و أَضافَهُ إِلى نَفْسِهِ و فضَّلَهُ على جمیع الأَرواح فأَمَرَ فَنُفِخَ مِنْهُ فِی آدَمَ –ع-".[8]
3. ٍ عن عبد الکریم بن عمرو عن أَبِی عبد اللَّه (ع) فی قوله عزَّ و جلَّ (فإِذا سوَّیتُهُ و نَفَخْتُ فِیهِ مِنْ رُوحِی) قال: "إِنَّ اللَّهَ عَزَّ و جلَّ خلق خلقاً و خلق روحاً ثمَّ أَمرَ ملکاً فنفَخَ فیه و لیستْ بِالَّتِی نَقَصَتْ مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ شَیْئاً هی منْ قُدْرَتِه".[9]
4. عن محمد بن مسلم أیضا قال: سألت أبا جعفر (ع): عما روی أن الله خلق آدم على صورته؟ فقال: "ی صورة محدثة مخلوقة اصطفاها الله و اختارها على أساس الصور المختلفة فأضافها إلى نفسه کما أضاف الکعبة إلى نفسه و الروح فقال بیتی و قال (وَ نَفَخْتُ فِیهِ مِنْ رُوحِی)".[10]
5.و جاء فی تفسیر العیاشی عن محمد بن مسلم، عن أبی جعفر (ع) قال: سألته عن قول الله: (وَ نَفَخْتُ فِیهِ مِنْ رُوحِی فَقَعُوا لَهُ ساجِدِینَ)؟، قال: «روح خلقها الله فنفخ فی آدم منها».[11]
[1] انظر فی هذا الخصوص العناوین التالیة: "نفی التشبیه و النفخ فی الروح" رقم 4431، " الروح فی القرآن و العلة فی عدم التفصیل فی ماهیتها کثیراً" الرقم 5973، " العلم و الجهل و تصور البساطة و الترکیب" رقم 2249 و " العلاقة بین الروح و البدن" رقم 2250.
[2] حجر، 29؛ ص 72.
[3]المؤمنون،14.
[4] الم السجدة: 11.
[5]الطباطبائی، محمد حسین، المیزان فی تفسیر القرآن، ج12، ص: 154، مکتب النشر الاسلامی التابع لجماعة مدرسی الحوزة، قم، الطبعة الخامسة، 1417هـ.
[6] الحجر، 29؛ ص 72.
[7] الکلینی، الکافی، ج 1، ص 133، دارالکتب الاسلامیة، طهران، 1365 هـ ش.
[8] المجلسی، محمد باقر، بحارالأنوار، ج 4، ص 11، نشر مؤسسه الوفاء، بیروت، لبنان، 1404 هـ ق.
[9] بحارالأنوار، ج 4، ص 12، ح 7.
[10] الطبرسی، فضل بن حسن، الاحتجاج، ج 2، ص 323، نشر المرتضی، مشهد المقدسة، 1403 هـ ق.
[11] العیاشی، محمد بن مسعود، کتاب تفسیر العیاشی، ج 2، ص 241، نشر المطبعة العلمیة، طهران، سال 1380 هـ. ق، تحقیق: السید هاشم رسولی محلاتی.