Please Wait
7369
ان الادیان السماویة عامة و الدین الاسلامی خاصة تحث على الحوار و تبادل الافکار، لان الهدف منها هو هدایة البشریة و هذا الهدف لا یتم الا من خلال التعامل مع العقول و اخضاعها للمنطق الرصین و الدلیل الواضح، و نحن اذا رجعنا الى القرآن الکریم نجده، قد أشار الى نماذج کثیرة من الحوار تتوزع على اکثر من ساحة، منها الحوار مع ابلیس و الحوار مع المشرکین و المعاندین مرورا بالحوار مع الطواغیت و المتجبرین و هکذا الحوار مع اهل الکتاب و....
کما ان المطالع لسیرة الانبیاء عامة و لسیرة النبی الاکرم (ص) خاصة و کذلک ائمة الهدى (ع) یجدها ملیئة بالحوار و الجدال بالتی هی احسن و اعتماد اسلوب الاقناع بالکلمة و البرهان: "ادْعُ إِلى سَبیلِ رَبِّکَ بِالْحِکْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ جادِلْهُمْ بِالَّتی هِیَ أَحْسَن"، و لم تتوقف عملیة الحوار و المناظرة بل نجدها مستمرة بصورة و اضحة فی حیاة اصحاب النبی (ص) و الائمة (ع) و العلماء و قد دونت مصنفات جمعت فیها تلک الحوار و المناظرات.
و من الواضح ان للحوار فوائد کثیرة و منافع جلیلة تعود على المسلمین خاصة و على البشریة عامة، منها: تحقیق الاقناع و الهدایة بعیدا عن الظلم و التعسف و باسهل الطرق المتوفرة فلم ترق قطرة دم فی تحقیق الهدف المنشود. ثانیاً: بیان قدرة الفکر الاسلامی على الاقناع و الارشاد و هیمنته على سائر النظریات او هیمنة مدرسة ما على سائر المدارس الاسلامیة. ثالثاً: تحقیق التکاتف الاجتماعی و الاستفادة من اکثر الطاقات من خلال التعاون بین افراد المجتمع مما یساعد فی حل الکثیر من الازمات المستعصیة، کما ان من ثمار الحوار الاطمئنان الى ان القضیة المتحاور فیها قد بحثت من جمیع الابعاد و الزوایا و ان جمیع الفروض قد ذکرت فیها مما یولد درجة عالیة من الثقة بالافکار و النظریات المطروحة، بل ان اهم فائدة هی تقارب المسلمین و توحید صفوفهم و الانتباه الى مخططات الاعداء التی تحاول استغلال المسائل الخلافیة لاثارة الفرقة بین المسلمین. الا ان الحوار فی بعض الاحیان قد یعطی ثمرة سلبیة فلابد من التوقف من الحوار او عدم الدخول فیه اساسا.
یتضح من ذلک ان الحوار أمر جید اذا توفرت فیه شروط الحوار الناجح و سلم من بعض المحاذیر التی اشرنا الیها فی الجواب التفصیلی.
من ابرز ملامح الدین الاسلامی خاصة و الادیان السماویة عامة هی دعوتها للحوار و تبادل الافکار و ذلک لان الغایة التی تنشدها تلک الدیانات هی هدایة البشریة الى الطریق القویم و هذا الامر لا یتحقق الا من خلال الاذعان العقلی و ارجاع الانسان الى فطرته النقیة: "فَبَعَثَ فِیهِمْ رُسُلَهُ وَ وَاتَرَ إِلَیْهِمْ أَنْبِیَاءَهُ لِیَسْتَأْدُوهُمْ مِیثَاقَ فِطْرَتِهِ وَ یُذَکِّرُوهُمْ مَنْسِیَّ نِعْمَتِهِ وَ یَحْتَجُّوا عَلَیْهِمْ بِالتَّبْلِیغِ وَ یُثِیرُوا لَهُمْ دَفَائِنَ الْعُقُولِ وَ یُرُوهُمْ آیَاتِ الْمَقْدِرَة".[1] هذا اولاً، و ثانیاً: ان القرآن و الکتب السماویة الحقة تهدف الى اقامة الحجة على الناس: "وَ ما کُنَّا مُعَذِّبینَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا".[2] و قوله تعالى: "قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداکُمْ أَجْمَعین".[3]
على العکس تماما من الاحزاب السیاسیة الدنیویة و الافکار التی تهدف الى تحقیق مآرب اصحابها من خلال کمّ الافواه و وضع الاغلال و القیود و اخضاع الانسان بقوة السیف: "الَّذینَ یَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِیَّ الْأُمِّیَّ الَّذی یَجِدُونَهُ مَکْتُوباً عِنْدَهُمْ فِی التَّوْراةِ وَ الْإِنْجیلِ یَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَ یَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْکَرِ وَ یُحِلُّ لَهُمُ الطَّیِّباتِ وَ یُحَرِّمُ عَلَیْهِمُ الْخَبائِثَ وَ یَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَ الْأَغْلالَ الَّتی کانَتْ عَلَیْهِمْ فَالَّذینَ آمَنُوا بِهِ وَ عَزَّرُوهُ وَ نَصَرُوهُ وَ اتَّبَعُوا النُّورَ الَّذی أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُون".[4] لاننا نعلم علم الیقین ان الهیمنة على جوارح الانسان لا تجدی نفعاً ما لم یخضع العقل و الروح للفکر المطروح، و ان المنهج الفرعونی الذی یعتمد اسلوب القهر و الصلب و کم الافواه: "قالَ فِرْعَوْنُ ما أُریکُمْ إِلاَّ ما أَرى وَ ما أَهْدیکُمْ إِلاَّ سَبیلَ الرَّشادِ".[5] و "قالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَکُمْ إِنَّ هذا لَمَکْرٌ مَکَرْتُمُوهُ فِی الْمَدینَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ * لَأُقَطِّعَنَّ أَیْدِیَکُمْ وَ أَرْجُلَکُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّکُمْ أَجْمَعینَ"[6]، قد رفضه القرآن الکریم بشدة و اعتبره یمثل الاستکبار و الاستعلاء فی الارض: "وَ اسْتَکْبَرَ هُوَ وَ جُنُودُهُ فِی الْأَرْضِ بِغَیْرِ الْحَقِّ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَیْنا لا یُرْجَعُون".[7]
من هنا نرى ان القرآن الکریم کتاب حوار و کلمة و دعوة الى الحق و جدال بالتی هی احسن، و لذلک یجب ان ندرس هذا الکتاب دراسة واعیة، لنجد فیه الوثیقة الرائعة من وثائق الحوار الدینی الذی یتعلق بکل قضایا العقیدة ابتداء من فکرة وجود الله تعالى و وحدانیته الى الاحکام الشرعیة، و لقد کان القرآن الکریم- فی حیاة المسلمین- یمثل المدرسة التی انطلق منها النبی الاکرم (ص) و اصحابه فی الاسالیب المتنوعة للحوار و الاطار العام للخط الاسلامی فی ذلک".[8]
و نحن اذا رجعنا الى القرآن الکریم نراه قد اشار الى الکثیر من نماذج الحوار و مصادیقه، نشیر الى بعضها:
الحوار مع الشیطان
من الملاحظ ان شخصیة الشیطان (ابلیس) کانت شخصیة مغرورة و حسودة و معاندة، و انها لاتمثل شیئاً فی مقابل الحق تعالى، و مع ذلک نرى الباری تعالى یحاوره بذلک الحوار الطویل، و یکفی فی هذا المجال الرجوع الى قصة آدم (ع): "قالَ یا إِبْلیسُ ما مَنَعَکَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِیَدَیَّ أَسْتَکْبَرْتَ أَمْ کُنْتَ مِنَ الْعالینَ".[9] و عشرات الآیات التی لایسع المجال لذکرها هنا.
الحوار مع المشرکین
لقد واجه الاسلام ظاهرة الشرک و المشرکین فحاول معالجتها على اکثر من صعید ففی الوقت الذی نراه یشیر الى الدوافع النفسیة لهم و انهم یعیشون حالة نفسیة مضطربة و ان التوحید و الدعوة الى إله واحد تمثل حالة تستحق العجب بنظرهم؛ "فلم تکن القضیة – فی تفکیرهم- امراً یستوجب الرد و المناقشة، بل هو مما یبعث على العجب لیس الاّ... و لذا فان الموقف یصیبهم بما یشبه الذعر المفاجئ الذی یقتضی منهم الصمود و الصبر، کرد فعل على ذلک الذی لم یسمعوا به فی الملة الآخرة لیقرروا - بعد ذلک - انه مجرد اختلاق".[10] و لقد اشار القرآن الى هذه الحقیقة بقوله: "وَ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَ قالَ الْکافِرُونَ هذا ساحِرٌ کَذَّابٌ * أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَیْءٌ عُجابٌ * وَ انْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَ اصْبِرُوا عَلى آلِهَتِکُمْ إِنَّ هذا لَشَیْءٌ یُرادُ * ما سَمِعْنا بِهذا فِی الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلاَّ اخْتِلاقٌ".[11]
و بعد ان بین القرآن حالتهم النفسیة و موقفهم الذی لا یقوم الا على الاستبعاد النفسی نراه ینطلق لیحاورهم فی بیان الادلة و البراهین و فی اکثر من موضع نشیر الى بعض منها: "قُلْ أَ رَأَیْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونی ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْکٌ فِی السَّماواتِ ائْتُونی بِکِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ کُنْتُمْ صادِقینَ "[12] و قوله تعالى: "... قُلْ هَلْ عِنْدَکُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ".[13] و قوله تعالى: "قُلْ لَوْ کانَ مَعَهُ آلِهَةٌ کَما یَقُولُونَ إِذاً لاَبْتَغَوْا إِلى ذِی الْعَرْشِ سَبیلا".[14] و غیر ذلک العشرات من الآیات فی هذا المجال.
و کذلک حاور القرآن الکریم الملحدین و المنکرین للمعاد، و اهل الکتاب، و المنکرین للنبوة، و لا یسع المجال لذکر تلک النماذج هنا. کما اشار القرآن الکریم الى حوار الانبیاء مع اقوامهم سواء على مستوى الطواغیت ام الجماهیر.[15]
و لم تقتصر القضیة على القرآن الکریم، بل تعدى الامر الى السنة النبویة الشریفة فنجد النبی الاکرم (ص) و اهل بیته الکرام قد حاوروا جمیع الاصناف التی واجهتهم، و یکفی ان یراجع فی هذا المجال کتاب الاحتجاج للطبرسی (ره) لنرى حوارات الائمة (ع) مع الزنادقة و الملاحدة کابن المقفع و ابن ابی العوجاء و ابی شاکر الدیصانی، و لقد کان منهجهم (ع) فی الحوار بقدر من الدقة و العمق و التسمک بالخلق الاسلامی و البرهان القاطع و الکلمة الطیبة الحلوة حتى لا یترک مجالا للخصوم فی الجدل، بحیث اعترف الخصوم انفسهم بهذه الحقیقة، و لقد اشار المفضل بن عمر مع جلالة قدره و عظم منزلته الى ما وقع بینه و بین ابن ابی العوجاء و کیف ان المفضل لم یطق سماع کلام ابن ابی العوجاء فقال: "کنت ذات یوم بعد العصر جالسا فی الروضة بین القبر و المنبر و أنا مفکر فیما خص الله تعالى به سیدنا محمداً (ص) من الشرف و الفضائل و ما منحه و أعطاه و شرفه و حباه مما لا یعرفه الجمهور من الأمة و ما جهلوه من فضله و عظیم منزلته و خطیر مرتبته، فإنی لکذلک إذ أقبل ابن أبی العوجاء فجلس بحیث أسمع ...".
قال المفضل فلم أملک نفسی غضبا و غیظا و حنقا فقلت: یا عدو الله أ لحدت فی دین الله و أنکرت الباری جل قدسه الذی خلقک فی أحسن تقویم و صورک فی أتم صورة و نقلک فی أحوالک حتى بلغ إلى حیث انتهیت فلو تفکرت فی نفسک و صدقک لطیف حسک لوجدت دلائل الربوبیة و آثار الصنعة فیک قائمة و شواهده جل و تقدس فی خلقک واضحة و براهینه لک لائحة!
فقال: یا هذا إن کنت من أهل الکلام کلمناک فإن ثبتت لک حجة تبعناک و إن لم تکن منهم فلا کلام لک، و إن کنت من أصحاب جعفر بن محمد الصادق.[16] فما هکذا یخاطبنا و لا بمثل دلیلک یجادلنا، و لقد سمع من کلامنا أکثر مما سمعت فما أفحش فی خطابنا و لا تعدى فی جوابنا و إنه الحلیم الرزین العاقل الرصین لا یعتریه خرق و لا طیش و لا نزق یسمع کلامنا و یصغى إلینا و یتعرف حجتنا حتى إذا استفرغنا ما عندنا و ظنننا إنا قطعناه دحض حجتنا بکلام یسیر و خطاب قصیر یلزمنا به الحجة و یقطع العذر و لا نستطیع لجوابه ردا، فإن کنت من أصحابه فخاطبنا بمثل خطابه".[17]
و لم ینته الامر عند الانبیاء (ص) و الائمة (ع) و السیدة فاطمة الزهراء (ع)[18] بل تعدى ذلک المنهج القویم الى اصحابهم الکرام، و لقد کان الکثیر من الشخصیات الاسلامیة معروفة بدقة الحوار و جودة الجدال، منهم:
*ابن عباس المعروف بحواراته مع معاویة و غیره من خصوم أهل البیت (ع).[19]
* الصحابی الجلیل سلمان الفارسی (رض) و احتجاجاته الکثیر.[20]
* احتجاج أم سلمة (رض) زوجة رسول الله (ص) على عائشة فی الإنکار علیها بخروجها على علی أمیر المؤمنین (ع)[21]
* هشام بن الحکم، صاحب المناظرة المعروفة مع امام المعتزلة عمرو بن عبید.[22] و غیر هؤلاء العشرات بل المئات.
نکتفی بهذا المقدار لان المجال لایسع لذکرها، بل ان القضیة بحد من السعة بحیث الفت فیها مصنفات کثیرة کالاحتجاج للطبرسی، و کتاب مناظرات علمیة بین الشیعة و السنة للسید علی الحسینی القمی، و... .
ثم الامر لم ینتهی عند هذا الحد، بل مازال الامر مستمرا و یکفی ان نذکر نموذجین من تلک الحوارات:
1- کتاب المراجعات، للسید شرف الدین و هو عملیة حواریة بینه و بین المرحوم سلیم البشری امام الازهر.
2- لیالی بیشاور.
من کل ذلک یتضح ان اسلوب الحوار هو اسلوب قرآنی و ان الدعوة الیه لیست بالامر الجدید، بل نرى ان الشیعة قد مارسوا هذا الاسلوب منذ الایام الاولى بدأ بائمة الهدى مرورا بخیار الاصحاب و العلماء و لا یزال الطریق مفتوحا خاصة مع الاخوة من أهل السنة. الا ان ذلک لایعنی ان الحوار مقبول دائما و فی جمیع الاحیان، بل هناک حالات نرى القرآن لا یحبذ الدخول فیها و ذلک عندما یکون الطرف الثانی للحوار جاهلا معاندا لا یرید التوصل الى الحقیقة، بل کل همه هو الجدل و النقاش الفارغ و قتل الوقت، قال تعالى: "وَ عِبادُ الرَّحْمنِ الَّذینَ یَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَ إِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً".[23] و قوله تعالى: "وَ إِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَ قالُوا لَنا أَعْمالُنا وَ لَکُمْ أَعْمالُکُمْ سَلامٌ عَلَیْکُمْ لا نَبْتَغِی الْجاهِلین".[24] و قوله عزوجل:"وَ الَّذینَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُون".[25] بل یشیر القرآن الکریم ان الحوار لاطائل وراءه: "وَ لَئِنْ أَتَیْتَ الَّذینَ أُوتُوا الْکِتابَ بِکُلِّ آیَةٍ ما تَبِعُوا قِبْلَتَکَ وَ ما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَ ما بَعْضُهُمْ بِتابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ".[26]
فوائد الحوار: و من الواضح ان للحوار فوائد کثیرة و منافع جلیلة تعود على المسلمین خا صة و على البشریة عامة، منها: تحقیق الاقناع و الهدایة بعیدا عن الظلم و التعسف و باسهل الطرق المتوفرة فلم ترق قطرة دم فی تحقیق الهدف المنشود. ثانیاً: بیان قدرة الفکر الاسلامی على الاقناع و الارشاد و هیمنته على سائر النظریات او هیمنة مدرسة ما على سائر المدارس الاسلامیة. ثالثاً: تحقیق التکاتف الاجتماعی و الاستفادة من اکثر الطاقات من خلال التعاون بین افراد المجتمع مما یساعد فی حل الکثیر من الازمات المستعصیة، کما ان من ثمار الحوار الاطمئنان الى ان القضیة المتحاور فیها قد بحثت من جمیع الابعاد و الزوایا و ان جمیع الفروض قد ذکرت فیها مما یولد درجة عالیة من الثقة بالافکار و النظریات المطروحة، بل ان اهم فائدة هی تقارب المسلمین و توحید صفوفهم و الانتباه الى مخططات الاعداء التی تحاول استغلال المسائل الخلافیة لاثارة الفرقة بین المسلمین.[27]
و فی الختام نشیر الى شروط الدخول فی الحوار:
ینبغی للدخول فی الحوار ان تتوفر مجموعة من الشروط، منها:
1- ان یدار الحوار فی جو هادئ بعیدا عن الانفعالات و المهاترات الکلامیة. و ان یشرف على الحوار شخصیات علمیة متوازنة تنشد معرفة الحق و الحقیقة.
2- ان یکون الحوار بعیدا عن الصخب الاعلامی و تدخل الجاهلین و المعاندین و خصوم الاسلام.
3- دراسة القضایا دراسة منهجیة تعتمد الاسلوب العلمی و الترکیز على القضایا الاساسیة ثم بعد الفراغ منها الانتقال لبحث القضایا الاخرى الاقل اهمیة.
4- الابتعاد عن اثارة القضایا الجانبیة مثل الفتوى الفلانیة او الموقف الفلانی، مثلا تجنب الخوض فی الکلام عن بعض الفتاوى الخلافیة.
5- تجنب تحریف النصوص و تقطیعها بما یبعد المحاور عن الوصول الى الحقیقة.
6- تجنب اثارة الآراء الشاذة عند الطرفین.
7- من القضایا المهمة فی الحوار ان یقبل الطرف الثانی اننا - الشیعة- نحاورة و نعلن عن ارائنا کما هی لا عن تقیة، فنحن فی الواقع نجد ان المنهج المتبع من قبل بعض الاتجاهات الفکریة عندما یحاورون الشیعة، فان کانت لهم الغلبة اعتبروا ذلک نصرا فکریا لهم، و ان کانت الغلبة للشیعة ردوا علیهم ان کلامکم تقیة و لا ینبع من الواقع و لایکشف عن الحقیقة، و فی الواقع ان مثل هذا الاسلوب یوصد الطریق امام المحاور الشیعی و یجعله مغلوبا على کل حال، فلا یمکن القبول بمثل هکذا حوار.
8- ان یشخص الطرف المحاور هویته الفکریة باعتبار ان اهل السنة ینقسمون الى اربعة مذاهب فقهیة اساسیة و الى مذاهب کلامیة متعددة کالاشاعرة و المعتزلة و.... حتى یعرف الطرف الشیعی مع ای منهج یتحاور.
9- ان یرجع الى کتب الشیعة فی الحوار لا الى کتب خصومهم، فمثلا نرى الکثیر من المحاورین یعتمد على کتب خصوم الشیعة فی ما ینسبه الیهم، و الحال ان المنهج الصحیح ان یعتمد على نفس کتب الشیعة المعتمدة عندهم، و هکذا الامر بالنسبة الى المحاور الشیعی علیه ان یعتمد الکتب السنیة المعتمدة.
10- لیس من الصحیح اعتبار الروایة دلیلا على المعتقد. و بعبارة اوضح، ان صرف وجود الروایة فی کتاب ما لایعنی ان المذهب یؤمن بها و یقول بمؤداها، فمثلا نجد روایات تحریف القران موجودة فی کتب الشیعة و السنة على السواء الا ان المحققین من الشیعة و السنة لا یأخذون بها، من هنا على المحاور ان یعتمد کلام المحققین لا الاتکاء على وجود الروایة فقط فان هذا منهج خاطئ قطعا.
هذه بعض الملاحظات و التحفظات التی یمکن ان تثار فی هذا المجال، و هناک ملاحظات اخرى لایسع المجال لذکرها.
[1] نهج البلاغة، الخطبة 1، ص 43.
[2] الاسراء، 15.
[3] الانعام، 149.
[4] الاعراف، 157.
[5] غافر، 29.
[6] الاعراف، 123- 124.
[7] القصص، 39.
[8] فضل الله، السید محمد حسین، الحوار فی القرآن، ص10، قم مکتبة الشهید الصدر، الطبعة الاولى، 1399هـ ، 1984م.
[9] صاد، 75.
[10] الحوار فی القرآن، ص 69.
[11] صاد، 4- 7.
[12] الاحقاف، 4.
[13] الانعام، 148.
[14] الاسراء، 42.
[15] یراجع: اسالیب القرآن الکریم فی الرد على الحملات الاعلامیة، نعیم رزق الدردساوی، الاردن، دار الفرقان للنشر والتوزیع، الطبعة الاولى،1420هـ..
[16] هذا هو موضع الشاهد من الکلام.
[17] توحیدالمفضل، ص 40- 42، انتشارات مکتبة الداوری، قم، 1969م؛ بحارالأنوار، ج 3 ، ص 58 ، باب 4، مؤسسة الوفاء بیروت ، 1404هـ.
[18] انظر: بحارالأنوار، ج 29، ص 216، فصل نورد فیه خطبة خطبتها سیدة النساء فاطمة الزهراء(س) احتجّ بها على من غصب فدک منها.
[19] انظر: منهج الولایة، على القرنی الکلبایکانی، ص 129- 138. نقلا عن ، اسلوب المناظرة بحوث تطبیقیة، محمد جعفر حسینیان، ترجمة سید علی الهاشمی، ص 62، نشر المدرسة المرعشیة، 1379 هـ- ش.
[20] انظر: الاحتجاج للطبرسی، ج1، ص11-111؛احتجاج سلمان الفارسی فی خطبة خطبها بعد وفاة رسول الله (ص) على القوم لما ترکوا أمیر المؤمنین (ع) و اختاروا غیره و نبذوا العهد المأخوذ علیهم وراء ظهورهم کأنهم لا یعلمون
[21] الاحتجاج، ج 1، ص 166.
[22] السبحانی، جعفر، المذاهب الاسلامیة، طبع مؤسسة الامام الصادق (ع)،ص 101، نقلا عن أمالی المرتضى، ج1، ص 176- 177.
[23] الفرقان، 63.
[24] القصص، 55.
[25] المؤمنون،3. و انظر سورة الکافرون.
[26] البقرة، 145.
[27] انظر: اسلوب المناظرة بحوث تطبیقیة، حسینیان، محمد جعفر، ترجمة، سید علی الهاشمی، ص 6- 8، نشر المدرسة المرعشیة، 1379 هـ- ش.