بحث متقدم
الزيارة
5476
محدثة عن: 2011/05/09
خلاصة السؤال
جاء فی الکتب الفقهیة الاستدلالیة" "ضعف السند ینجبر بعمل الاصحاب" أو "الشهرة جابرة لضعفها" فهل الشهرة حجة او مجرد مرجح؟
السؤال
جاء فی الکتب الفقهیة الاستدلالیة "ضعف السند ینجبر بعمل الاصحاب" أو "الشهرة جابرة لضعفها". و هنا نطرح الاسئلة التالیة: 1. هل الشهرة حجة أو مرجح فقط؟. 2. هل المراد من الشهرة هنا الشهرة الروائیة او الفتوائیة او الشهرة العملیة؟. 3. هل تختص الشهرة بما اشتهر لدى المتقدمین او یشمل المشهور بین المتأخرین أیضاً؟
الجواب الإجمالي

جاء التعبیر فی الکتب الفقهیة الاستدلالیة بعبارات من قبیل انجبار ضعف الخبر بعمل الاصحاب او "الشهرة جابرة" و المراد هنا الشهرة العملیة، و هذه الشهرة هی التی ذهب المشهور الى انها توجب انجبار الضعف السندی للروایة. و اما الشهرة الفتوائیة فقد اختلف العلماء فی شأنها فمنهم من ذهب الى حجیتها بشرط کونها حاصلة بین قدماء الفقهاء.

الجواب التفصيلي

الشهرة لغة تعنی الظهور و البروز[1]. و المعروف ان الشهرة تنقسم الى ثلاثة انواع:

الاول: الشهرة الروائیة: و مؤداها انتشار روایة ما تم تداولها بین الرّواة على نحو مستوعب فی الجملة و مقابلها الندرة و الشذوذ. و قد اعتبروها من مرجحات باب التعارض بین الروایات‏.[2]

الثانی: الشهرة العملیة او الشهرة فی الاسناد: و المقصود منها اشتهار العمل بالروایة، أی الاستناد إلیها فی مقام التعرف على الحکم الشرعی.[3]

الثالث: الشهرة الفتوائیة: و المقصود منها اشتهار الفتوى بحکم من الاحکام دون ان یکون ثمّة مستند لهذه الفتوى و لو کان ضعیفا إلا انه یحتمل اعتمادهم علیه، و حینئذ لا تکون الشهرة فتوائیة. فضابطة الشهرة الفتوائیة هو عدم وجدان مدرک یحتمل اعتماد المشهور علیه.[4] و ذهب بعض الفقهاء کالسید البروجردی الى حجیة خصوص "المشهور عند القدماء"، کالمقنع لوالد الشیخ الصدوق، الهدایة للشیخ الصدوق، المقنعة للشیخ المفید، الکافی لأبی الصلاح الحلبی، النهایة للشیخ الطوسی، المراسم لسلار و المهذب لابن البراج.[5] و ذهب الامام الخمینی (ره) الى حجیة الشهرة بین القدماء الى عصر الشیخ الطوسی و اما الشهرة بین المتاخرین فلیست بحجة، حیث قال: اعلم أنّ الشهرة فی الفتوى قد تکون من قدماء الأصحاب إلى زمن الشیخ أبی جعفر الطوسی - رحمه اللَّه - و قد تکون من المتأخّرین عن زمانه:

أمّا الشهرة المتأخّرة فإنّما هی فی التفریعات الفقهیّة، و لیست، بحجّة، و لا دلیل على حجّیتها. و ما استدلّ لها - من فحوى أدلّة حجّیة خبر الواحد، أو تنقیح المناط، أو تعلیل آیة النبأ، أو دلالة المقبولة أو تعلیلها علیها - مخدوش کلّه.

و أمّا الشهرة المتقدّمة - و هی التی بین أصحابنا الذین کان دیدنهم ضبط الأصول المتلقّاة من الأئمّة فی کتبهم بلا تبدیل و تغییر، و کان بناؤهم على ضبط الفتاوى المأثورة خلفا عن سلف إلى زمن الأئمّة الهادین، و کانت طریقتهم فی الفقه غیر طریقة المتأخّرین، فهی حجّة، فإذا اشتهر حکم بین هؤلاء الأقدمین و تلقّی بالقبول یکشف ذلک عن دلیل معتبر.[6]

و قد یأتی التعبیر فی الکتب الفقهیة الاستدلالیة بعبارات من قبیل انجبار ضعف الخبر بعمل الاصحاب او "الشهرة جابرة"[7] و المراد هنا الشهرة العملیة، و هذه الشهرة هی التی ذهب المشهور الى انها توجب انجبار الضعف السندی للروایة و لکن بشرطین:

الاول: ان تکون الشهرة العملیة واقعة بین قدماء الاصحاب کالسید المرتضى و الصدوقیین و المفید و سلار و الشیخ الطوسی (رحمهم الله).

الثانی: هو إحراز استناد الفقهاء الیها فی مقام الافتاء و انه لا مدرک آخر لهم غیر هذه الروایة الضعیفة و الا فمع احتمال وجود مستند آخر و انّ ذکر هذه الروایة فی مقام الاستدلال انما هو من باب التأیید فان الشهرة لا تکون جابرة، اذ لا نحرز حینئذ ان هذه الروایة مشتهرة عملا و انما نحتمل ذلک، فالتعبیر بانها مشهورة عملا تسامحی.[8]

و الشهرة تارة: یتکلّم عنها فی بحث المرجحات لأحد الخبرین المتعارضین على الآخر، و أُخرى: فی انجبار الخبر الضعیف بها. و کلا البحثین خارجان عن محل الکلام و انَّما البحث عن حجیة الشهرة الفتوائیة فی نفسها.[9]

لأن الشهرة الروائیة تکون من المرجحات عند تعارض الخبرین، و الشهرة العملیة تکون مؤیدة؛ نعم، البحث فی حجیة الشهرة فی الشهرة الفتوائیة.[10]

علما انه – قد اتضح- أن أهم الادلة على حجیة الشهرة الفتوائیة یکمن فی دیدن العلماء بضبط الأصول المتلقّاة من الأئمّة فی کتبهم بلا تبدیل و تغییر، حیث کان بناؤهم على ضبط الفتاوى المأثورة خلفا عن سلف إلى زمن الأئمّة الهادین.[11]‏ فإذا اشتهر حکم بین هؤلاء الأقدمین و تلقّی بالقبول یکشف ذلک عن دلیل معتبر عندهم استندوا الیه فی الفتوى و لکنه لم یصل الینا. و بهذا البیان اتضح ان الشهرة الفتوائیة بذاتها لیست حجة و انما اصل حجیتها کالاجماع[12] یتعلق بالحدس برأی المعصوم (ع).



[1] ولایی،عسیی،فرهنگ تشریحی اصطلاحات اصول،ص 225،نشر نی، طهران، 1374هـ ش.

[2] انظر: الحکیم، محمد تقی، الاصول العامة، ص 213،انتشارات المجمع العالمی لأهل البیت (ع)، النجف الاشرف، 1418. علما ان بعض الفقهاء کالسید الخوئی لایتبنى هذا الرأی فلا یرى الشهرة جابرة لضعف السند عند التعارض. انظر: صنقور، الشیخ محمد، المعجم الاصولی، حرف الشین، الشهرة الروائیة.

[3] محمد صنقور، المعجم الاصولی؛ فرهنگ تشریحی اصطلاحات أصول،ص 225.

[4] محمد صنقور، المعجم الاصولی.

[5] فرهنگ تشریحی اصطلاحات أصول،ص 225.

[6] الخمینی، سید روح الله، انوار الهدایة، ج1، ص 261، موسسة تنظیم و نشر آثار حضرت الامام الخمینی، طهران، 1415هـ.

[7] انظر: النجفی، محمد حسن، جواهر الکلام، ج43، ص 273، دار احیاء الثراث العربی،بیروت، بدون تاریخ.

[8] محمد صنقور، المعجم الاصولی، الشهرة العملیة.

[9] انظر: الصدر، السید محمد باقر، بحوث‏فی ‏علم ‏الأصول، ج 4، ص 321،موسسة دائرة معارف الفقه الاسلامی،قم، 1417هـ.

[10] انظر: الموسوی، سید حسن، منتهى‏الأصول، ج 2، ص 91 ، بصیرتی، قم.

[11] انوار الهدایة، ج1، ص 261.

[12]  لا یعد الاجماع عند الشیعة دلیلا مستقلا بل حجبته تکمن فی کشفه عن رأی المعصوم (ع). انظر: انوار الهدایة،ج1، ص 255.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280465 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    259118 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129816 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    116202 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89697 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61314 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60564 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57472 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    52091 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    48156 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...