Please Wait
6323
نظریة وحدة الوجود و الموجود هی النظریة المشهورة للعرفاء حیث ذهب العرفاء استنادا الى هذه النظریة الى انحصار الواقع فی الحق تعالى و صفاته و افعاله التی تمثل تجلیات له، و اما ما سوى ذلک فیمثل تجلیات و مظاهر للحق تعالى و تعینات افعالیة التی هی محض الربط الیه.
اما القائلون بنظریة وحدة الوجود و کثرة الموجود فیقولون: اصالة الله تعالى فی الوجود و اصالة غیره فی الماهیة؛ و الوجود فی العالم واحد و هو الله تعالى؛ و لکن الموجود فی العالم کثیر.
یتضح من خلال ما مر ان النظریة الاولى ذهبت الى وحدة الوجود و الموجود دون النظریة الثانیة حیث ذهب الى انحصار وحدة الوجود فی الله تعالى و کثرة الموجود.
اعتبرت "وحدة الوجود" و "وحدة الموجود" فی متن السؤال نظریتین احداهما قسیم الاخرى، و لکن الصحیح ان عنوان "وحدة الوجود" عنوان کلی یشتمل على قولین أو نظریتین:
1. وحدة الوجود و الموجود.
2. وحدة الوجود و کثرة الموجود.
و یظهر ان السؤال ناظر الى نظریة "وحدة الوجود و کثرة الموجود". و العنوان الثانی من السؤال "وحدة الموجود" اشارة الى وحدة "الوجود و الموجود".
تفصیل النظریتین:
1. و حدة الوجود و الموجود (نظریة العرفاء)
تمثل هذه النظریة فی واقع الامر التفسیر العرفانی "للتوحید" و ذلک لان التوحید عندهم لا یعنی نفی مطلق الشریک فی ذات الله تعالى و نفی أی معادل فی صفاته سبحانه و نفی کل عون او مساعد فی الافعال فقط، بل التوحید عندهم یستلزم نفی أی وجود غیر وجود الحق تعالى.
بطبیعة الحال من نتائج هذه النظریة انحصار کل الافعال فی فعل الحق تعالى و کل صفة و کمال فی اسمائه و صفاته تعالى، تبعا لانحصار الوجود فی الحق تعالى. و قد یعبر عن هذه النظریة بوحدة الوجود تارة و بالوحدة الشخصیة للوجود اخرى و وحدة الوجود و الموجود ثالثة. [1]
بنا ءً على هذه النظریة لا وجود لغیر ذات الحق تعالى و صفاته و افعاله التی هی تجلیات و ظهور له تعالى. و لا واقع لما سوى ذلک، و الموجودات تمثل تجلیات للحق تعالى و تعینات افعالیة له و انها محض اضافة اشراقیة. [2]
و ذهب العرفاء الى ان نظریتهم هذه "وحدة الوجود" مستلة من المعارف القرآنیة و ظهور الاحادیث و الروایات الواردة عن النبی الاکرم (ص) و الائمة المعصومین (ع) بالاضافة الى انها تمثل نتیجة للتجربة الشهودیة و العلم الحضوری لدیهم [3] .
2. نظریة وحدة الوجود و کثرة الموجود (نظریة ذوق المتألهین)
ذهب البعض کالعلامة الدوانی الى القول بان اصالة الله تعالى فی الوجود و اصالة غیره فی الماهیة؛ و الوجود فی العالم واحد و هو الله تعالى؛ و لکن الموجود فی العالم کثیر. من هنا قالوا بوحدة الوجود و کثرة الموجود المشهورة بنظریة ذوق المتألهین.
یرى هؤلاء الاعلام ان الوجود فی دائرة الباری تعالى و الماهیات فی دائرة الممکنات. و حقیقة الوجود قائم بذاته (و هو واجب الوجود) الذی لا تکثر فیه، و ان التکثر فی الماهیات المنسوبة الى الوجود. اضافة الى ان الوجود غیر قائم بالماهیات و لا عارض علیها. و اطلاق الوجود على هذه الحقیقة الواحدة "الله" بمعنى انه نفس الوجود، و اطلاقه على الماهیات بمعنى المنسوب الى الوجود [4] .
و قد نقل العلامة الطباطبائی هذه النظریة و نقضها فی کتابه نهایة الحکمة [5] .
اتضح من خلال ما مر ان الن ظریة الاولى ذهبت الى وحدة الوجود و الموجود دون النظریة الثانیة حیث ذهب الى انحصار وحدة الوجود فی الله تعالى و کثرة الموجود.
القول الصحیح بالنسبة الى سند المقطع الاخیر من دعاء عرفة
یشتمل هذه المقطع من الدعاء على مضامین عرفانیة عالیة فی باب معرفة الله تعالى وتوحیده و التی حظیت باهتمام الکثیر من العلماء و العارفین الکبار. و قد احتوى هذا المقطع على عدة صفحات انفرد بذکرها السید ابن طاوس فی کتابه [6] . و لم یرد هذه المقطع فی سائر کتب الادعیة [7] . و لما کانت مضامین ذلک المقطع مضامین عرفانیة و انها ظاهرة فی نظریة وحدة الوجود، ذهب بعض العلماء -حدسا- الى القول بان هذه المضامین لا تتطابق مع کلام الائمة (ع) و قد تکون من کلام العرفاء و المتصوفة التی الحقت بالدعاء. لکن فی المقابل یمکن القول بان تشابه هذه الکلمات مع کلمات العرفاء و المتصوفة هی التی دعت سائر العلماء الى حذف هذا المقطع عندما نقلوا الدعاء. و الله العالم.
و على کل حال، ان البلاغة و الفصاحة العالیة و المعانی الرفعیة التی تتوفر فی هذا المقطع تجعل من البعید جدا صدورها من غیر الامام المعصوم.
یقول الامام الخمینی (ره) فی خصوص هذا القسم فی کتابه مصباح الهدایة بعد نقل عبارات منه: " قال مولانا ابو عبد الله الحسین علیه الصلاة و السلام فی دعا عرفة: أ لغیر ک من الظهور ما لیس ل ک ؟. صدق ولی الله، و روحی له الفداء " [8] و هذه العبارة صریحة فی عدم تردد السید الخمینی فی نسبة الکلام الى الامام المعصوم.
و من الواضح ان سبب الریب ة و الشک فی هذه المقطع شبهه بکلام العرفاء و المتصوفة، و لا یمکن بحال من الاحوال عد هذه القضیة لوحدها کافیة فی التضعیف، کیف و نحن نرى الکثیر من الکلمات الواردة عنهم علیهم السلام تشبه فی ظاهرها کلمات المتصوفة و العرفاء، فمن غیر الصحیح اعتبار صرف الشبه دلیلا قاطعا فی اثبات عدم صدور المقطع المذکور عن الائمة علیهم السلام، فلا بد من دلیل قوی على نفی النسبة.
لمزید الاطلاع فی نظریة وحدة الوجود انظر الاسئلة التالیة: 761 (الموقع: 801)، 6715 (الموقع: 7373)، 4642 (الموقع: 5211)، 8808 (الموقع: 8789)، 9786 (الموقع: 9813) .
[1] کاشف الغطاء، محمد حسین ، ترجمة رحیمیان، سعید. کیهان اندیشه، مرداد و شهریور 1373 - العدد 55.
[2] نفس المصدر.
[3] نفس المصدر.
[4] آیة الله حسن زاده آملی، شرح المنظومة، ج2، ص 115، نشر ناب، 1369، طهران.
[5] الطباطبائی، سید محمد حسین، نهایة الحکمة، ص 11-13 ، موسسة النشر الاسلامی.
[6] سید ابن طاوس، اقبال الاعمال، ص347-348، دار الکتب الاسلامیة 1367.
[7] ابراهیم بن علی العاملی الکفعمی، البلد الامین، ص259. الطبعة الحجریة.
[8] «مصباح الهدایة الی الخلافة و الولایة» ص66، موسسة تنظیم و نشر آثار الامام الخمینی ره ، طهران، الطبعة الثالثة 1376.