بحث متقدم
الزيارة
6925
محدثة عن: 2012/09/10
خلاصة السؤال
هل کانت الکتب السماویة مثل التوراة و الانجیل تعتبر معاجز للانبیاء السابقین؟
السؤال
هل کانت الکتب السماویة مثل التوراة و الانجیل تعتبر معاجز للانبیاء السابقین؟
الجواب الإجمالي

إن کتب الانبیاء الالهیین کالتوراة و الانجیل هي من الکتب السماویة القیمة و المقدسة عندنا ایضاً. و مع ذلک فلا یوجد دلیل قاطع علی کونها معاجز، بل یمکن الاستفادة من بعض المصادر علی انها لم تکن معاجز. و بالطبع فان عدم کون هذه الکتب معاجز لا یتنافی مع اهمیتها و قداستها؛ و ذلک لان اصل هذه الکتب منزل من قبل الله فهي مقدسة و مهمة قطعاً.

وکذلک فانه حتی لو اثبتنا کون هذه الکتب معاجز، فان هذا الاعجاز أقل أهمیة بالقیاس الی باقي معاجز الانبیاء، علی العکس من الأمر في نبینا حیث کان القرآن معجزته الاساسیة التي غطت علی باقي معاجزه.

الجواب التفصيلي

المعجزة هي الوسیلة المهمة و الاساسیة لمعرفة أحقية الانبیاء الالهیین و صدقيتهم، و قد دونت فيها الكثير من الابحاث المفصلة.[1] و انسجام الاعجاز مع الظروف الزمانیة و المکانیة يعد من أهم عوامل الایمان بالمعجزة، و هو ما یرتبط ببحثنا ایضاً و سنتعرض له لاحقاً. و لکن قبل التطرق لاعجاز الکتب السماویة نذکر بعض الملاحظات:

  1. ان بحثنا حول اعجاز الکتب السماویة لا یشمل القرآن الكريم، و ذلک لان جمیع المسلمین یعتبرون القرآن معجزة نبي الاسلام (ص) و قد دلت علی ذلک أدلة کثیرة لا مجال للحديث عنها هنا. و بناء علی هذا فان الکلام الآتي سیکون حول الکتب السماویة الاخری.
  2.  ان مثل النبي موسی (ع) و عیسی (ع) و...من اصحاب الكتب السماوية، کانوا قد جاءوا اقوامهم بمعاجز کثیرة و اشتهروا بتلک المعاجز. و کمثال علی ذلک فان النبي موسی اوقف ماء البحر و جاوز ببني اسرائیل على قاع البحر، و ان النبي عیسی أحیا الموتی، و النبي داوود ألان الحدید و....
  3.  ان التوراة و الانجیل یعتبران من الکتب السماویة المقدسة والمهمة عند اتباع الدیانة الیهودیة و المسیحیة، فانهم یطالعون هذه الکتب طوال الیوم و یقرأون قسماً منها في صلواتهم و یقومون بدراستها و تفسیرها و الاستفادة منها کثیراً في مباحث العلوم الدینیة و..
  4.  نعتقد نحن المسلمین أن جمیع الکتب السماویة باستثناء القرآن الكريم قد اصابها التحریف و قد وقعت علی مدی الزمان مورداً للحذف و الاضافة. و بالطبع فان الاسلام یوافق علی الکثیر من مطالب النجیل و التوراة، بل قد ورد ذکر الکثیر منها في المصادر الاسلامیة ایضاً.

ولکن هل کانت الکتب السماویة للانبیاء من جملة معاجزهم أم لا؟ ینبغي ان نقول أننا لم نعثر علی دلیل قاطع یثبت کونها معاجز، بل یستفاد من بعض المصادر عدم کونها معاجز:

  •   قال ابنُ السِّكِّيتِ لأَبِي الحسن (ع): لماذَا بعثَ اللَّهُ مُوسى بن عمرانَ (ع) بالعصَا و يدهِ البيضَاءِ و آلةِ السِّحر، و بعثَ عيسى بِآلَةِ الطِّبِّ و بعثَ محمَّداً صلَّى اللَّهُ عليه و آلِهِ و على جمِيع الأَنبياءِ بالكلامِ و الْخطبِ؟ فقال أَبو الحسنِ (ع): إِنَّ اللَّهَ لَمَّا بَعَثَ موسى (ع) كان الغالِبُ على أَهلِ عصره السِّحْرَ فأَتاهُمْ من عند اللَّهِ بما لمْ يكنْ في وسعهمْ مثلهُ و ما أَبطَلَ بِهِ سحرهُمْ و أَثبت به الحجَّةَ عليهمْ و إِنَّ اللَّهَ بعثَ عيسى (ع) في وقتٍ قد ظهرتْ فيهِ الزَّمَانَاتُ و احتاجَ النَّاسُ إِلَى الطِّبِّ فَأَتَاهُمْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ بِمَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ مِثْلُهُ وَ بِمَا أَحْيَا لَهُمُ الْمَوْتَى وَ أَبْرَأَ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ أَثْبَتَ بِهِ الْحُجَّةَ عَلَيْهِمْ، وَ إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّداً (ص) فِي وَقْتٍ كَانَ الْغَالِبُ عَلَى أَهْلِ عَصْرِهِ الْخُطَبَ وَ الْكَلَامَ‏ - وَ أَظُنُّهُ قَالَ الشِّعْرَ- فَأَتَاهُمْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مِنْ مَوَاعِظِهِ وَ حِكَمِهِ مَا أَبْطَلَ بِهِ قَوْلَهُمْ وَ أَثْبَتَ بِهِ الْحُجَّةَ عَلَيْهِمْ[2].

 وقد ورد في هذه الروایة التأکید علی تطابق المعجزة مع مقتضیات الزمان و یستفاد من مضمونها أن الکتب المقدسة لم تکن علی الاقل هي المعجزة الکبری للانبیاء السابقین.

  • ورد فی مناظرة الامام الرضا (ع) مع علماء الادیان الاخری أنه قال لرأس الجالوت وهو کبیر الیهود – و کان یقول انه لم یر معاجز عیسی وعلیه، فانه لا یؤمن بنبوة عیسی (ع)-: قال الرضا (ع) أ رأيت ما جاء به موسى من الآيات شاهدته‏؟[3]. و في هذه الروایة یضطر الامام رأس الجالوت الی الاقرار بعدم رؤیة معجزات موسی، مع ان التوراة کانت موجودة في ذلک الوقت، فلو کانت هذه التوراة معجزة لکان لرأس الجالوت ان یجیب الامام، و الحال أنه بقي عاجزاً أمام سؤال الامام.

وبالطبع فان عدم کون هذه الکتب معاجز لا یتنافی مع أهمیتها و قداستها، و ذلک لان أصل هذه الکتب قد انزل من قبل الله فهي مهمة مقدسة قطعاً.

ونذکّر في الختام بانه حتی لو اثبتنا کون هذه الکتب معاجز فان هذا الاعجاز کان اقل اهمیة من باقي معاجز الانبیاء، علی العکس من الامر في نبینا حیث کان القرآن معجزته الاساسیة التي غطت علی باقي معاجزه.

 


[2] الکلیني، محمد بن یعقوب، الکافي، ج1، ص24، دار الکتب الاسلامیة، طهران، الطبعة الرابعة، 1407ق.

[3] ابن بابویه، محمد بن علي، عیون أخبار الرضا علیه السلام، ج1، ص167، نشر جهان، البعة الاولی، 1378ق.

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280300 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258899 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129701 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115823 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89600 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61143 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60417 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57401 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51759 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47752 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...