بحث متقدم

الحقیقة أن الکرامة تخضع لامرین: الامر الاول؛ مایتعلق بنفس الکرامة.الامر الثاني: ما یتعلق بصاحب الکرامة.

اما الامر الاول: لابد ان تکون الکرامة بنحو تحافظ علی قیمتها واثرها في المجتمع فلو كثر وقوعها وتعدد الاشخاص الذين وقعت على ايديهم نفس الكرامة تقل قيمتها و تصبح امراً عادياً ليس له ذلك الاثر.

اما الامر الثاني: ان الكرامة عندما تقع تكشف عن ارتباط صاحبها بالقدرة الالهية ومكانته الايمانية السامية و تكشف  عن المستقبل الايماني الذي ينتظره و مدى المسؤولية التي تقع على عاتقه في المجال الدين و الدنيوي.

من هنا نعرف لماذا خص الباري تعالى الامام علياً (ع) بهذه الكرامة وذلك لكي تبقى تلك الكرامة على قوتها وحيويتها وتأثيرها في الناس هذا من جهة. و من جهة ثانية تكشف عن المنزلة التي انفرد بها الامام (ع) من بين الائمة (ع).

ولذلك نرى الكثير من المحاولات بذلت للتقليل من شأن الولادة في الكعبة حيث قيل بانها لم تكن من مختصات الامام (ع)، بل شاركه فيها غيره مثل حكيم بن حزام بن خويلد حيث قالوا دخلت امه الكعبة فضربها الطلق فولدت حكيماً في بطن الكعبة.[1]

ومن الواضح ان ذلك -إن صح- لايعد كرامة بحال من الاحوال؛ لان الفارق بينه وبين ولادة امير المؤمنين (ع) في الكعبة واضح، كما نقلت لنا المصادر التي تحدثت عن كيفية ولادته (ع): قال ابن شاذان: وحدثني إبراهيم بن عليّ بإسناده عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن آبائه (ع)، قال: وكان العباس بن عبد المطلب ويزيد بن قعنب جالسين ما بين فريق بني هاشم إلى فريق عبد العزى بإزاء البيت الحرام إذ أتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم أمير المؤمنين (ع) وكانت حاملة به لتسعة أشهر وكان يوم التمام، قال فوقفت بإزاء البيت الحرام وقد أخذها الطلق فرمت بطرفها نحو السماء وقالت: أي رب إنيّ مؤمنة بك وبما جاء من عندك الرسول وبكل نبي من أنبيائك وبكل كتاب أنزلته، وإنيّ مصدقة بكلام جدي إبراهيم الخليل (ع) وأنه بنى بيتك العتيق، فأسالك بحق هذا البيت ومن بناه وبهذا المولود الّذي في أحشائي الّذي يكلمني ويؤنسني بحديثه أنا موقنة إنّه إحدى آياتك ودلائلك لمّا يسرت عليّ ولادتي. قال العباس بن عبد المطلب و يزيد بن قعنب: لمّا تكلمت فاطمة بنت أسد ودعت بهذا الدعاء رأينا البيت قد أنفتح من ظهره، ودخلت فاطمة فيه وغابت عن أبصارنا، ثمّ عادت الفتحة والتزقت بإذن الله تعالى، فرمنا أن نفتح الباب ليصل إليها بعض نسائنا، فلم ينفتح الباب فعلمنا إن ذلك أمر من أمر الله تعالى، وبقيت فاطمة في البيت ثلاثة أيام. قال: وأهل مكة يتحدثون بذلك في أفواه السكك وتتحدث المخدرات في خدورهن. قال: فلمّا كان بعد ثلاثة أيام انفتح البيت من الموضع الّذي دخلت فيه فخرجت فاطمة وعلي على يديها.[2]

فاين هذه الصورة من مجرد دخول امرأة بصورة طبيعية الى الكعبة ثم تضع وليدها؟!

 

 


[1] انظر الاستيعاب في معرفة الاصحاب، ج 1، ص 106، باب حكيم.

[2] الدکتور جواد كاظم منشد، فضائل أمير المؤمنين (ع)، ص 161-162.

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280294 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258891 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129695 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115818 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89597 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61136 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60415 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57400 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51750 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47747 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...