بحث متقدم
الزيارة
5207
محدثة عن: 2011/12/18
خلاصة السؤال
هل تصح الروایة التی مفادها أن النبی الأکرم (ص) قد أوصی الفلاحین بوصیة غیر تخصّصیة، بحیث کانت نتیجة العمل بها الخسارة لهم؟!
السؤال
سمعت روایة عن النبی الأکرم (ص) بهذا المضمون: "کان مجموعة من الأصحاب ینشرون بذور التلقیح علی النخل لتلقیحها، فسألهم النبی الأکرم (ص) ماذا تفعلون؟ فضنّوا أن قصد النبی هو لا تفعلوا هذا الفعل، و لم یفعلوا. و فی النتیجة قل محصول النخل فی تلک السنة، و عندما ذکروا ذلک للنبی (ص) قال: لیس قصدی ذلک بل سألت لأعلم، أنتم أعلم بأمور دنیاکم". ما هو أصل هذه الروایة؟ و فی أی کتاب و مصدر ذکرت؟ و إلی أیّ حد یعتبر سنده قابل للوثاقة؟
الجواب الإجمالي

هذا الموضوع موجود فی بعض روایات أهل السنة، کصحیح مسلم و سنن إبن ماجه، لکن محتواها ینافی عقیدة الشیعة و تعالیمهم و لا یُمکن القبول بأن النبی محمداً (ص) یمکن أن یوقع خسارة عظیمة بالناس بسبب حدسه و ظنّه بأمور لیس له تخصص فیها حسب الظاهر. علماً ان قضیة التأبیر و تلقیح النخل یعرفها ابسط ابناء مکة و المدینة فکیف تغیب عنه (ص)؟!

الجواب التفصيلي

یوجد فی مصادر أهل السنة أحادیث بهذا المضمون، منها:

الحدیث الأول: حدثنا علی بن محمد، حدثنا عبید الله بن موسی، عن إسرائیل عن سماک أنه سمع موسی بن طلحة بن عبید الله یحدث عن أبیه، قال: "مررت مع رسول الله (ص) فی نخل فرأی قوماً یلحقون النخل فقال: ما یصنع هؤلاء؟ قالوا: یأخذون من الذکر و یجعلون فی الأنثی. قال: ما أظن ذلک یغنی شیئاً!! فبلّغهم، فترکوه و نزلوا عنها. فبلغ النبی (ص) فقال: إنما هو الظن إن کان یغنی شیئاً فأصنعوه فإنما أنا بشر مثلکم و إن الظن یخطئ و یصیب و لکن ما قلت لکم، قال الله فلن أکذب علی الله".[1]

الحدیث الثانی: "حدثنا محمد بن یحیی، حدثنا عفان، حدثنا حماد، حدثنا ثابت عن أنس بن مالک، و هشام إبن عروة عن أبیه عن عائشة أن النبی (ص) سمع أصواتاً، فقال: ما هذا الصوت؟ قالوا: النخل یؤبّرونها. فقال: لو لم یفعلوا لصلح فلم یؤبروا عامئذٍ فصار شیصاً. فذکروا للنبی (ص) فقال: إن کان شیئاً من أمر دنیاکم، فشأنکم به و إن کان من أمور دینکم، فإلیَّ". [2]

ما یجب قوله فی هذه الأحادیث، أن المصدر الأصلی لهذه الروایات هو کتب أهل السنة و إذا شوهدت واحدة من هذه الروایات فی إحدی المصادر الشیعیة فهی مأخوذة من نفس تلک المصادر. إضافة إلی ذلک أن هذا العمل لا یُمکن أن ینسجم مع المعاییر الکلامیة للشیعة الإمامیة. و حتی لو قبلنا بأن النبی (ص) یُوکل کل أمر إلی المتخصّصین فیه، و إنه یمکن أن یتطرّق إلیه السهو و النسیان فی تصرّفاته الشخصیة الخاصة –و هذا مما یرفضه أکثر العلماء و المفکّرین- لا یمکن أبداً القبول بأنه (ص) یمکن أن یوقع الضرر الفادح بالمسلمین علی أساس حدسه و ظنّه ثم لا یتحمّل مسؤولیة هذه الخسارة بنفسه و ینسی هذه الآیة المبارکة " إِنَّ الظَّنَّ لَا یُغْنىِ مِنَ الحْقّ‏ِ شَیْاً".[3]

علماً ان قضیة التأبیر و تلقیح النخل یعرفها ابسط ابناء مکة و المدینة فکیف تغیب عنه (ص)؟!

 

إذن هذه الآیة و بالطریقة التی ذکرت برأینا لا یمکن أن تکون معتبرة.



[1]  سنن أبن ماجه، ج2، ص825، باب 15، تلقیح النخل، ح2470، دار الفکر، بیروت.

[2]  نفس المصدر، ح2471، و شبیه هذه الروایة موجودة أیضاً فی صحیح مسلم، ج7، ص95، دار الفکر، بیروت.

[3]  یونس، 36.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

  • من هی ثانی زوجات الرسول الأکرم (ص)؟
    3930 زندگی خصوصی 2017/12/31
    علی أساس ما ورد فی بعض المصادر الروائیة و التأریخیة؛ أن ثانی زوجات النبی الأکرم (ص) هی «سودة بنت زمعة» حیث تزوّج بها النبی (ص) بعد سنة من وفاة زوجته الأولی خدیجة (س). [1]
  • هل بإمکان المنافقین أن یؤذوا إیران بواسطة تحضیر الأرواح؟
    4952 الکلام القدیم 2008/07/01
    تحضیر الأرواح و الاتصال بها أمرٌ ممکن أی أنه لیس محالاً بنظر العقل، و من الممکن أن یوجد شخص له القدرة على الاتصال بروح شخصٍ ما. و لکن الظاهر أن هذا الأمر لا یتم إلا لأولیاء الله و فی بعض الأحیان یکون ممکناً بالنسبة للذین یمارسون الریاضات ...
  • هل أن الهندوس نجسون فی نظر الإسلام و یجب اجتناب رطوبتهم؟
    5700 الحقوق والاحکام 2009/04/16
    بناءً على فتوى جمیع مراجع التقلید فإن الکافر نجس، و یجب اجتناب رطوبته، و قد قال الإمام الخمینی (ره) بهذا الخصوص: «الکافر هو المنکر لله تعالى و من یجعل لله تعالى شریکاً، أو أن ینکر نبوّة محمد بن عبد الله(ص)، فهو نجس».[1]و کذلک رأی ...
  • ما هو تعريف و دليل حجية كل من قاعدة: اليد، سوق المسلمين و أرض المسلمين؟
    10098 الحقوق والاحکام 2012/07/07
    1. قاعدة اليد أو ذي اليد: و هي من القواعد الفقهية المتسالم عليها بين فقهاء المسلمين، بل تسالم عليها جميع العقلاء، و المقصود منها في المقام: كون الاستيلاء و السلطنة على الشي‏ء خارجاً يعد أمارة على ملكية صاحب اليد لذلك الشيء، و انما تعد قرينة على الملكية ...
  • هل العلة فی انکار وجود الله عجز البراهین الدالة على وجوده سبحانه؟
    6122 الفلسفة الاسلامیة 2012/02/15
    الاشکالات التی أثارها المنکرون لوجود الله تعالى و الشاکون فیه سبحانه لا تمتلک الرصید العلمی و لا تقوم على اساس محکم من الادلة و البراهین، و إنما هی فی الغالب تنطلق من حالات نفسیه و عناد لارید الانصیاع للحقیقة، و من هنا نجد الانبیاء مع کل ما توفروا علیه من ...
  • ما حکم فعل المقاربة مع الزوجة فی شهر رمضان المبارک؟
    6212 الحقوق والاحکام 2009/07/11
    1. ان العملیة الجنسیة و المقاربة مع الزوجة فی نهار شهر رمضان المبارک حرام علی الصائم و توجب بطلان صیامهما.[1] اما مثل المسافر و المریض الذی لا یجب علیه الصوم شرعاً فلا بأس فیه و کذلک لا یحرم هذا العمل فی أی لیلة من لیالی شهر رمضان المبارک ...
  • هل أن القول أن کل إنسان یولد معه توأمه صحیح؟
    7141 درایة الحدیث 2011/10/27
    لدینا عدة روایات تتحدث عن وجود توأم یولد مع الإنسان، فقد جاء فی الروایات أن الله قال لإبلیس: «لا أخلق لآدم ذریة إلا ذرأت لک مثلها فلیس أحد من ولد آدم إلا و له شیطان قد قرن به»[1]. و فی روایة اخرى أن ...
  • کم مرة تکررت کلمة القرآن فی المصحف الشریف؟
    6216 علوم القرآن 2010/10/18
    جاءت کلمة القرآن فی المصحف الشریف 48 مرة و 18 مرة بصورة مختلفة منها "قرآن، قرآنا، قرآنه، وجاءت کلمة بالقرآن مرتین، و مرة کلمة " بقرانٍ" و مرة "لقرآن". الجدیر بالذکر أن الکلمة لم ترد فی جمیع الموارد المذکورة کاسم للمصحف الشریف، فعلى سبیل المثال تکررت الکلمة ...
  • لماذا خلق الله الانسان و هو یعلم أنه یذهب إلى النار؟
    6935 الکلام القدیم 2007/11/21
    1- إن العذاب الإلهی یکون على أنعکاسا لأعمال الإنسان الاختیاریة فی حال عدم استفادته من أسباب الهدایة و إعراضه عن نداء الرسول الباطنی و الرسول الخارجی.2- إن علم الله بمصیر الموجودات و طریقة تعاملها و کیفیة سلوکها لا یوجب إجبارها على ارتکاب الأخطاء و الذنوب، و إنّ واقع الأمر ...
  • هل يوجد تعارض بين نظرية الفلاسفة في قدم العالم و بين حديث العماء المروي عن النبي الاكرم (ص)؟
    8413 الفلسفة العرفان 2012/05/17
    ينبغي وضع حديث العماء الى جانب حديث " كان الله و لم يكن شيء معه" الذي يستند الى اصل الوجود و يبين الحدوث الذاتي للعالم. و هذان الحديثان يشيران الى حقيقة واحدة مضمونها: كان الله و لم يكن شيء غيره معه، و ان الله كان في عماء ...

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    277733 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    252134 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    125740 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    110787 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    87603 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    58178 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    56767 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56105 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    46697 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    46130 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...