بحث متقدم
الزيارة
10935
محدثة عن: 2008/09/14
خلاصة السؤال
ما هی أبعاد شخصیة السیدة الزهراء (س)؟
السؤال
أرجو ان تشرحوا لی الأبعاد الشخصیة لسیدة نساء العالمین (السیدة الزهراء سلام الله علیها)
الجواب الإجمالي

ان أبعاد شخصیة السیدة الزهراء (س) کثیرة جداً و عمیقة. بحیث یمکننا من خلال التأمل العمیق التوصل فقط الی کثرة تلک الجوانب. ان المطالعة و التحقیق حول المحاور المعنویة و الالهیة لعلم الزهرا (س) و معرفتها و نشاطها السیاسی و الاجتماعی یعیننا فی الوصول الی المراد.

و فیما یلی بعض الخصائص الاخلاقیة و الانسانیة البارزة لسیدة النساء (س) (بشهادة مختلف الکتب، الشیعیة و السنیة):

1. الورع و القناعة بالقلیل و الامکانات السبیطة مع التمکن من الحصول علی افضل الامکانات.

2. الانفاق و الایثار الکبیر فی الاشیاء التی تحبها و تحتاجها.

3. کثرة العبادة الخالصة و مناجاة الباری تعالی.

4. تجسید الحیاء و العفاف.

5. نموذج کامل للستر و الحجاب الاسلامی.

6. العلم و المعرفة الواسعة لسیدة نساء العالمین و الذی یکشف جانباً منه: التعرف علی مضمون کتاب "الصحیفة الفاطمیة".

7. النشاط السیاسی و الاجتماعی للزهراء (س)، بعد ارتحال النبی (ص) فی الدفاع عن مقام الولایة لامیر المؤمنین علی (ع).

الجواب التفصيلي

کتبت الکثیر من الکتب و قیلت الکثیر من الکلمات حول شخصیة السیدة فاطمة الزهراء (س) و مقامها المعنوی و لکن لو أضیف إلیها الآف أضعافها مما یتصول الیه الفکر و الذهن البشری و یظهر بصورة أقوال أو کتابات، فانه سیکون أیضاً قطرة من محیط فضائلها اللامتناهی.[1] و نحن فی هذا المقال مع اعترافنا بعجزنا فی هذا المجال، نتعرّض لذکر قطرة من ذلک البحر الخضّم؛ لانه و کما قیل: "ما لا یدرک کله لا یترک جله".

فی سماء معرفة السیدة الزهراء (س) تتحیر الأفکار البشریة و تضلّ العقول، و للوصول الی ساحل بحر معرفتها یحب اللجوء الی احادیث المعصومین (ع).

انه و بناء علی روایات متعددة و معتبرة نقلت عن الأئمة الطاهرین (ع) فان حقیقة لیلة القدر فسّرت بالوجود المقدس لفاطمة الزهرا (س)، ذلک أن لیلة القدر ظرف نزول القرآن الصامت و فاطمة (س) ظرف نزول أحد عشر قرآنا ناطقا و انسانا و اصلا الی التکامل و الفعلیة أی الائمة الاطهار (ع).[2]

ان مقام الصدیقة الکبری (س) عظیم الی الدرجة التی صار رضاها و غضبها معیاراً لرضا و غضب نبی الاسلام الاکرم (ص) و رضا و غضب الجبار تعالی، حیث ورد فی حدیث عن النبی (ص) انه قال: "فاطمة بضعة منی من سرها فقد سرنی، و من ساءها فقد ساءنی، فاطمة أعز البریة علی".[3] و کذلک فقد قال النبی الاکرم (ص) فی حدیث: فقیل یا رسول الله أهی سیدة نساء عالمها؟ فقال (ص): ذلک لمریم بنت عمران، فاما ابنتی فاطمة فهی سیدة نساء العالمین من الاولین و الآخرین".[4]

و قال (ص) فی حدیث آخر ما مضمونه "بط علی ملک یبشرنی ان فاطمة (س) سیدة نساء اهل الجنة و سیدة نساء العالمین".[5]

و بهذا تثبت أفضلیة و سیادة فاطمة الزهراء (س) علی مریم و علی نساء صالحات کآسیة. نعم مقام الزهراء (س) و منزلتها لیست فقط أرفع من مقام آسیة و مریم بل أنهما تفتخران حینما قامتا بخدمة السیدة خدیجة الکبری (س) حین ولدت فاطمة الزهراء (س).[6]

و من الأبعاد القدسیة للسیدة الزهراء (س) یمکننا الاشارة الی الورع و القناعة بالقلیل و الامکانات البسیطة مع التمکن من الحصول علی‌ أفضل الامکانات؛ فهی بنت نبی الاسلام (ص) و هو قد وهب لها مزرعة قیمة هی (مزرعة فدک)[7] و کان لها حاصل جید، و کان لزوجها أمیر المؤمنین علی (ع) وارد کثیر من عمله و کدّ یمینه، فکان یمکنه (ع) ان یعیش عیشة مرفهة هو و زوجته و أبناؤه، لکنه کان ینفق کل أمواله علی الفقراء و یکتفی لنفسه بحیاة صعبة شاقة.

و البعد الآخر لشخصیة الزهراء (س) هو بعد الانفاق و الایثار، و قصة تصدّقها بلباس عرسها لیلة زفافها معروفة مشهورة، و کذلک إیثار المسکین و الیتیم و الأسیر فی الطعام لثلاث لیال متوالیات و المذکور فی القرآن الکریم فی سورة الدهور (الانسان).

و من أبعاد شخصیة الزهراء (س): عبادتها، و عبادتها من حیث الکّم، کثیره الی الحد الذی تکون ظاهرة و حاضرة فی کل لحظة من لحظات حیاتها، فقولها و فعلها و نظرتها و سعیها و تنفسّها فی کل لحظة من اللیل و النهار کان عبادة.[8] کانت تقف علی سجّادة عبادتها کل لیلة للصلاة - بعد ان ینام الاطفال و فراغها من أشغال البیت الاخری – الی ان تتورم قدماها.[9] و کانت عبادتها متفرّدة بحیث کان تلألؤها یثیر الدهشة و اللذة عند الملائکة المقربین، فکان یسلّم علیها سبعون ألف ملک من الملائکة المقربین.[10]

ان من مفاخر الشیعة هی "الصحیفة الفاطمیة"، حیث تعتقد الشیعة ان هذا الکتاب الشریف إلهام من الله تعالی للزهراء (س).[11]

الحیاء و العفاف و حجاب الزهراء (س): رویت مظاهر جمیلة جداً من سیرة الزهراء (س) و منطقها فی مجال الحجاب و العفاف. و ینبغی ان تکون اسوة لنسائنا و بناتنا فی الحیاة. فقد سأل النبی الاکرم (ص) یوماً المسلمین الحاضرین فی المسجد فقال: "اخبرونی أی شیء خیر للنساء فعیینا بذلک لکنا حتی تفرقنا. فرجعت الی فاطمة فأخبرتها الذی قال لنا رسول الله (ص) و لیس أحد منا علمه و لاعرفه فقالت: و لکنی أعرفه: خیر للنساء أن لا یرین الرجال و لا یراهن الرجال".[12]

و فی الختام نشیر الی أحد المجالات المهمة التی یجب الاقتداء فیها بفاطمة الزهراء (س) و هو مجال الدفاع عن حریم الامامة و الولایة، حیث رسمت أجمل صورة للدفاع عن الولایة فی فترة حیاتها القصیرة بعد ارتحال الرسول (ص).[13] لقد کانت الزهراء (س) تعرف أهل زمانها جیّدا و تعلم انهم غیر لائقین بأخذ العبرة من کلامها (س) و لیس لهم جرأة فی الوقوف معها، لکنها کانت ترید الإصحار بالحق و إتمام الحجة للاجیال القادمة. حیث قالت: ألا و قد قلت ما قلت هذا علی معرفة منی بالجذلة التی خامرتکم و الغدرة التی استشعرتها قلوبکم و لکنها فیضة النفس و نفثة الغیط و فور القناة و بثة الصدر و تقدمة الحجة.[14]

لم تهدأ فاطمة (س) فی ثورتها الثقافیة العارمة للحظة عن الأفصاح بالحقیقة و فضح الباطل و ذلک من أجل ان تعلم جمیع المسلمین علی طول التاریخ انه لا یجوز السکوت أمام الهجمة الثقافیة، فلم تسکت و تقر بل نهضت و ثارت و أوضحت و بینت، لانها تعلم عن طریق الالهام الالهی و تحدیث جبرئیل ما سیحدث فی المستقبل و تعلم أن هذه الجهود و الایضاحات و البیانات ستجد لها أخیراً قلوباً مستعدة و سیکون لها دورً فریدً فی تثبیت الامامة و تحقیق الهدف من الخلقة.[15]

للاطلاع اکثر نرجو مراجعة المصادر التالیة:

1. کأس من زلال الکوثر، المصباح الیزدی، محمد تقی.

2. فاطمة الزهرا من المهد الی اللحد، القزوینی،‌ السید محمد کاظم.

3. الحماسة الکوثریة، زجاجی الکاشانی، مجید.



[1] کأس من زلال الکوثر، مصباح الیزدی، محمد تقی، ص 21.

[2] نفس المصدر، ص 17.

[3] الشیخ الطوسی، امالی، ج 1، ص‌ 24.

[4] بحار الانوار، ج 43، ص 24، الروایة 20.

[5] امالی، ج 1، ص 457؛ دلائل الامامة، ص 8؛ غایة المرام، ص 177؛ بحار الانوار، ج 43، ص 2.

[6] نفس المصدر.

[7] الکافی، ج 1، ص 538؛ باب النفی و الأنفال و تفسیر الخمس و حدوده و ما یجب فیه.

[8] احقاق الحق، ج 4، ص 481.

[9] بحار الانوار، ج 42، ص 117.

[10] نفس المصدر، ج 43، ص 12، حدیث 6.

[11] من الوصیة السیاسیة الالهیة للامام الخمینی (صحیفة النور، ج 21، ص 171)، نحن نعتز بان الأدعیة التربویة و التی یطلق علیها (القرآن الصاعد) هی عن ائمتنا المعصومین، نحن نفتخر ان لنا (المناجاة الشعبانیة) للائمة و (دعاء عرفة) للامام الحسین بن علی (ع) (و الصحیفة السجادیة) زبور آل محمد (و الصحیفة الفاطمیة) و هو کتاب الهم الی الزهراء (س) من الله تعالی... .

[12] وسائل الشیعة، ج 14، ص 43 و 172؛ بحار الانوار، ج 43، ص 54.

[13] کاس من زلال الکوثر، ص 145.

[14] کشف الغمة، ج 1، ص ‌491؛ الاحتجاج، ص 102، دلائل الامامة، ص 27.

[15] کأس من زلال الکوثر، ص 149.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280395 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    259024 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129774 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    116038 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89662 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61237 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60504 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57438 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51966 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    47965 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...